أَيُّها المُنْجَذِبُ بِنَفَحاتِ اللهِ، قَدْ وَصَلَنِي تَحَرِيرُكَ الأَخِيرُ الدَّالُّ عَلَى فَرْطِ مَحَبَّتِكَ لِعَبْدِ البَهَاءِ وَتَوَكُلِكَ عَلَى اللهِ وَحُسْنِ نِيَّتِكَ الصَّادِقَةِ فِي خِدْمَةِ أَمْرِ اللهِ. ونِعْمَ البَيانُ ما كَتَبْتَ فِي ذلكَ التَّحْريرِ الكَرِيمِ بِأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ فِي تِلْكَ الدِّيارِ إلى المَحَبَّةِ والأُلْفَةِ بَيْنَ القُلُوبِ وَالأَرْواحِ. هذا هُوَ الحَقُّ وَما بَعْدَ الحَقِّ إلاَّ الضَّلالُ. اعْلَمْ حَقَّ اليَقِينِ أَنَّ المَحَبَّةَ سِرُّ البَعْثِ الإِلَهِيِّ وَالمَحَبَّةَ هِيَ التَّجَلِّي الرَّحْمَانِيِّ. المَحَبَّةُ هِي الفَيْضُ الرَّوْحَانِيُّ. المَحَبَّةُ هِيَ النُّورُ المَلَكُوتِيُّ. المَحَبَّةُ هِيَ نَفَثَاتُ الرُّوحِ القُدُسِ فِي الرُّوحِ الإِنْسانَيِّ. المَحَبَّةُ هيَ سَبَبُ ظُهُورِ الحَقِّ في العَالَمِ الإِمْكانِيِّ. المَحَبَّةُ هِي الرَّوَابِطُ الضَّرُورِيَّةُ المُنْبَعِثَةُ مِنْ حَقَائِقِ الأَشْياءِ بِإِيجادٍ إِلهِيٍّ. المَحَبَّةُ هِيَ وَسِيلَةُ السَّعَادَةِ الكُبْرى فِي العَالَمِ الرَّوْحانِيِّ وَالجِسْمانِيِّ. المَحَبَّةُ هِيَ نُورٌ يُهْتَدى بِهِ فِي الغَياهِبِ الظَّلْمَانِيِّ. المَحَبَّةُ هي الرَّابِطَةُ بَيْنَ الحَقِّ وَالخَلْقِ فِي العالَمِ الوِجْدَانِيِّ. المَحَبَّةُ هِيَ سَبَبُ التَّرَقِّي لِكُلِّ إِنْسانٍ نَوْرَانِيّ. المَحَبَّةُ هِيَ النَّامُوسُ الأَعْظَمُ فِي هذا الكَوْرِ العَظِيمِ الإِلهِيِّ. المَحَبَّةُ هِيَ النِّظَامُ الوَحيدُ بَيْنَ الجَواهِرِ الفَرْدِيَّةِ بِالتَّرْكِيبِ وَالتَّدْبِيرِ فِي التَّحَقُّقِ المَادِّيِّ. المَحَبَّةُ هِيَ القُوَّةُ الكُلِّيُّةُ المِغْنَاطِيسِيَّةُ بَيْنَ هذِهِ السَّيَّاراتِ وَالنُّجُومِ السَّاطِعَةِ فِي الأَوْجِ العَالِي. المَحَبَّةُ هِيَ سَبُبُ انْكِشَافَاتِ الأَسْرارِ المُودَعَةِ فِي الكَوْنِ بِفِكْرٍ ثَاقِبٍ غَيْرِ مُتَنَاهِي. المَحَبَّةُ هِيَ رُوحُ الحَياةِ لِجَسْمِ الكَوْنِ المُتَباهِي. المَحَبَّةُ هِيَ سَبَبُ تَمَدُّنُ الأُمَمِ فِي هذا الحَياةِ الفانِي. المَحَبَّةُ هِيَ الشَّرَفُ الأَعْلَى لِكُلِّ شَعْبٍ مُتَعَالِي. وإِذا وَفَّقَ اللهُ قَوْمًا بِها يُصَلِّيُنَّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ مَلإِ الأَعْلى وَمَلائِكَةُ السَّمَاءِ وَأَهْلُ مَلَكُوتِ الأَبْهى وَإِذا خَلَتْ قُلُوبُ قَوْمٍ مِنْ هذهِ السُّنُوحاتِ الرَّحْمَانِيَّةِ، المَحَبَّةِ الإِلهِيَّةِ، سَقَطُوا فِي أَسْفَلِ دَرَكٍ مِنْ الهَلاكِ وَتَاهُوا فِي بَيْدَاءِ الضَّلالِ وَوَقَعُوا فِي وَهْدَةِ الخَيْبَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ خِلالٌ. أُولئِكَ كَالحَشَراتِ العَائِشَةِ فِي أَسْفَلِ الطَّبَقَاتِ. يا أَحِبَّاءَ اللهِ كُونُوا مَظَاهِرَ مَحَبَّةِ اللهِ وَمَصَابِيحَ الهُدى فِي الآفَاقِ، مُشْرِقِينَ بِنُورِ المَحَبَّةِ وَالوِفَاقِ، وَنِعْمَ الإِشْراقُ هذا الإِشْراقُ. يا عَزِيزِي عَلَيْكَ بِأَنْ تَطْبَعَ هذا الكِتَابَ وتَنْشُرَهُ بَيْنَ الأَحْبابِ فِي أَمْرِيكا حَتَّى يَتَّحِدُوا وَيتَّفِقُوا وَيُحِبُّوا بَعْضُهُمْ بَعْضًا بَلْ يُحِبُّوا جَمِيعَ البَشَرِ وَيُفادُوا أَرْواحَهُم بَعْضُهُمْ بَعْضًا. هذا سَبِيلُ البَهَاءِ. هذا دِينُ البَهَاءِ وَهذا شَرِيعَةُ البَهاءِ. ومَنْ لَيسَ لَهُ هذا فَلَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ مِنَ البَهاءِ وَعَلَيكُمْ التَّحِيَّةُ والثَّنَاءُ. (ع ع)
-حضرة عبد البهاء