هذَا مَا نُزِّلَ مِنْ جَبَرُوتِ العِزَّةِ بِلِسَانِ القُدْرَةِ وَالقُوَّةِ عَلَى النَّبِيِّينَ مِنْ قَبْلُ. وَإِنَّا أَخَذْنَا جَوَاهِرَهُ وَأَقْمَصْنَاهُ قَمِيصَ الاخْتِصَارِ فَضْلاً عَلَى الأَحْبَارِ لِيُوفُوا بِعَهدِ اللهِ وَيُؤَدُّوا أَمَنَاتِهِ فِي أَنفُسِهِم ولِيَكُونُنَّ بِجَوْهَرِ التُّقَى فِي أَرْضِ الرُّوحِ مِنَ الفَائِزِينَ.
يَا ابْنَ الرُّوحِفِي أَوَّلِ القَولِ امْلِكْ قَلْبًا جَيِّدًا حَسَنًا مُنِيرًا لِتَمْلِكَ مُلْكًا دَائِمًا بَاقِيًا أَزَلاً قَدِيمًا.
يَا ابْنَ الرُّوحِأَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِيَ الإِنْصَافُ، لا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ رَاغِبًا وَلا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِينًا وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْيَاءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبَادِ وَتَعرِفَهَا بِمَعرِفَتِكَ لا بِمَعرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيفَ يَنبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنَايَتِي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمَامَ عَيْنَيْكَ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِكُنْتُ فِي قِدَمِ ذَاتِي وَأَزَلِيَّةِ كَيْنُونَتِي، عَرَفْتُ حُبِّي فِيكَ خَلَقْتُكَ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مِثَالِي وَأَظْهَرْتُ لَكَ جَمَالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَحْبَبْتُ خَلْقَكَ فَخَلَقْتُكَ، فَأَحْبِبْنِي كَيْ أَذْكُرَكَ وَفِي رُوحِ الحَيَاةِ أُثَبِّتُكَ.
يَا ابْنَ الوُجُودِأَحْبِبْنِي لأُحِبَّكَ إِنْ لَمْ تُحِبَّنِي لَنْ أُحِبَّكَ أَبَدًا فَاعْرِفْ يَا عَبْدُ.
يَا ابْنَ الوُجُودِرِضْوَانُكَ حُبِّي وَجَنَّتُكَ وَصْلِي فَادْخُلْ فِيهَا ولا تَصْبِرْ، هذَا مَا قُدِّرَ لَكَ فِي مَلَكوتِنَا الأَعْلَى وَجَبَرُوتِنَا الأَسْنَى.
يَا ابْنَ البَشَرِإِنْ تُحِبَّ نَفْسِي فَأَعْرِضْ عَنْ نَفسِكَ وَإِنْ تُرِدْ رِضَائِي فَأَغْمِضْ عَنْ رِضَائِكَ لِتَكُونَ فِيَّ فَانِيًا وَأَكُونَ فِيكَ بَاقِيًا.
يَا ابْنَ الرُّوحِمَا قُدِّرَ لَكَ الرَّاحَةُ إِلاَّ بِإِعرَاضِكَ عَنْ نَفسِكَ وإِقبَالِكَ بِنَفْسِي لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ افْتِخَارُكَ بِاسْمِي لا بِاسْمِكَ وَاتِّكالُكَ عَلَى وَجْهِي لا عَلَى وَجْهِكَ لأَنِّي وَحْدِي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مَحْبُوبًا فَوْقَ كُلِّ شَيءٍ.
يَا ابْنَ الوُجُودِحُبِّي حِصْنِي مَنْ دَخَلَ فِيهِ نَجَا وَأَمِنَ ومَنْ أَعْرَضَ غَوَى وهَلِكَ.
يَا ابْنَ البَيَانِحِصْنِي أَنْتَ فَادْخُلْ فِيهِ لِتَكُونَ سَالِمًا، حُبِّي فِيكَ فَاعرِفْهُ مِنْكَ لِتَجِدَنِي قَرِيبًا.
يَا ابْنَ الوُجُودِمِشْكاتِي أَنْتَ وَمِصْبَاحِي فِيكَ فَاسْتَنِرْ بِهِ وَلا تَفْحَصْ عَنْ غَيرِي لأَنِّي خَلَقْتُكَ غَنِيًّا وَجَعَلْتُ النِّعْمَةَ عَلَيْكَ بَالِغَةً.
يَا ابْنَ الوُجُودِصَنَعْتُكَ بِأَيَادِي القُوَّةِ وَخَلَقْتُكَ بِأَنَامِلِ القُدْرَةِ وَأَوْدَعْتُ فِيكَ جَوهَرَ نُورِي فَاسْتَغنِ بِهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ صُنْعِي كَامِلٌ وَحُكْمِي نَافِذٌ لا تَشُكَّ فِيهِ وَلا تَكُنْ فِيهِ مُرِيبًا.
يَا ابْنَ الرُّوحِخَلَقْتُكَ غَنِيًّا كَيْفَ تَفْتَقِرُ وَصَنَعتُكَ عَزِيزًا بِمَ تَسْتَذِلُّ وَمِنْ جَوهَرِ العِلْمِ أَظْهَرتُكَ لِمَ تَسْتَعلِمُ عَنْ دُونِي ومِنْ طِينِ الحُبِّ عَجَنْتُكَ كَيفَ تَشْتَغِلُ بِغَيرِي فَأَرْجِعِ البَصَرَ إِلَيكَ لِتَجِدَنِي فِيكَ قَائِمًا قَادِرًا مُقتَدِرًا قَيُّومًا.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَنْتَ مُلْكِي وَمُلْكِي لا يَفْنَى، كَيْفَ تَخَافُ مِنْ فَنَائِكَ، وأَنْتَ نُورِي وَنُورِي لا يُطْفَى، كيفَ تَضْطَرِبُ مِنْ إِطْفَائِكَ، وَأَنْتَ بَهَائِي وَبَهَائِي لا يُغْشَى وَأَنتَ قَمِيصِي وَقَمِيصِي لا يَبْلَى فَاسْتَرِحْ فِي حُبِّكَ إِيَّايَ لِكَي تَجِدَنِي فِي الأُفُقِ الأَعْلَى.
يَا ابْنَ البَيَانِوَجِّهْ بِوَجْهِي وَأَعْرِضْ عَنْ غَيْرِي لأَنَّ سُلْطَانِي بَاقٍ لا يَزُولُ أَبَدًا وَمُلْكِي دَائِمٌ لا يَحُولُ أَبَدًا وَإِنْ تَطْلُبْ سِوَائِيَ لَنْ تَجِدَ لَوْ تَفْحَصُ فِي الوُجُودِ سَرْمَدًا أَزَلاً.
يَا ابْنَ النُّورِانْسَ دُونِي وَآنِسْ بِرُوحُي هذَا مِنْ جَوْهَرِ أَمْرِي فَأَقْبِلْ إِلَيْهِ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِاكْفِ بِنَفْسِي عَنْ دُونِي وَلا تَطْلُبْ مُعِينًا سِوَائِي لأَنَّ مَا دُونِي لَنْ يَكفِيَكِ أَبَدًا.
يَا ابْنَ الرُّوحِلا تَطْلُبْ مِنِّي مَا لا نُحِبُّهُ لِنَفسِكَ ثُمَّ ارْضَ بِمَا قَضَيْنَا لِوَجْهِكَ لأَنَّ مَا يَنفَعُكَ هذَا إِنْ تَكُنْ بِهِ رَ اضِيًا.
يَا ابْنَ المَنْظَرِ الأَعْلَىأَوْدَعْتُ فِيكَ رُوحًا مِنِّي لِتَكُونَ حَبِيبًا لِي لِمَ تَرَكْتَنِي وَطَلَبْتَ مَحْبُوبًا سِوَائِي.
يَا ابْنَ الرُّوحِحَقِّي عَلَيْكَ كَبِيرٌ لا يُنْسَى وَفَضْلِي بِكَ عَظِيمٌ لا يُغْشَى وَحُبِّي فِيكَ مَوْجُودٌ لا يُغَطَّى وَنُورِي لَكَ مَشْهُودٌ لا يُخْفَى.
يَا ابْنَ البَشَرِقَدَّرْتُ لَكَ مِنَ الشَّجَرِ الأَبْهَى الفَوَاكِهَ الأَصْفَى كَيْفَ أَعرَضْتَ عَنهُ وَرَضِيتَ بِالَّذِي هُوَ أَدْنَى. فَارْجِعْ إِلَى مَا هُوَ خَيرٌ لَكَ فِي الأُفُقِ الأَعْلَى.
يَا ابْنَ الرُّوحِخَلَقْتُك عالِيًا جَعَلْتَ نَفْسَكَ دَانِيَةً فَاصْعَدْ إِلَى مَا خُلِقتَ لَهُ.
يَا ابْنَ العَمَاءِأَدْعُوكَ إِلَى البَقَاءِ وَأَنْتَ تَبْتَغِي الفَنَاءَ، بِمَ أَعْرَضْتَ عَمَّا نُحِبُّ وأَقْبَلْتَ إِلَى مَا تُحِبُّ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِلا تَتَعَدَّ عَنْ حَدِّكَ ولا تَدَّعِ مَا لا يَنْبَغِي لِنَفْسِكَ، اسْجُدْ لِطَلْعَةِ رَبِّكَ ذِي القُدْرَةِ وَالاقْتِدَارِ.
يَا ابْنَ الرُّوحِلا تَفَتَخِرْ عَلَى المِسْكينِ بِافْتِخَارِ نَفْسِكَ لأَنِّي أَمْشِي قُدَّامَهُ وَ أرَاكَ فِي سُوءِ حَالِكَ وَ أَلْعَنُ عَلَيْكَ إِلَى الأَبَدِ.
يَا ابْنَ الوُجُودِكَيْفَ نَسِيتَ عُيُوبَ نَفْسِكَ وَاشْتَغَلْتَ بِعُيُوبِ عِبَادِي. مَنْ كانَ عَلَى ذلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةٌ مِنِّي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِلا تَنَفَّسْ بِخَطَإِ أَحَدٍ مَا دُمْتَ خَاطِئًا وإِنْ تَفْعَلْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مَلعُونٌ أَنْتَ وأَنَا شَاهِدٌ بِذَلِكَ.
يَا ابْنَ الرُّوحِأَيْقِنْ بِأَنَّ الَّذي يَأمُرُ النَّاسَ بِالْعَدْلِ وَيَرْتَكِبُ الفَحْشَاءَ فِي نَفْسِهِ إنَّهُ لَيْسَ مِنِّي وَلَوْ كَانَ عَلَى اسْمِي.
يَا ابْنَ الوُجُودِلا تَنْسِبْ إِلَى نَفْسٍ مَا لاَ تُحِبُّهُ لِنَفسِكَ وَلا تَقُلْ مَا لاَ تَفْعَلْ، هذَا أَمْرِي عَلَيْكَ فَاعْمَلْ بِهِ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِلا تَحْرِمْ وَجْهَ عَبْدِي إِذَا سَأَلَكَ فِي شَيْءٍ، لأَنَّ وَجْهَهُ وَجْهِي فَاخْجَلْ مِنِّي.
يَا ابْنَ الوُجُودِحَاسِبْ نَفْسَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُحَاسَبَ لأَنَّ المَوْتَ يَأْتِيكَ بَغْتَةً وَتَقُومُ عَلَى الحِسَابِ فِي نَفْسِكَ.
يَا ابْنَ العَمَاءِجَعَلْتُ لَكَ المَوْتَ بِشَارَةً كَيْفَ تَحْزَنُ مِنْهُ وَجَعَلتُ النُّورَ لَكَ ضِيَاءً كَيفَ تَحْتَجِبُ عَنْهُ.
يَا ابْنَ الرُّوحِبِبِشَارَةِ النُّورِ أُبَشِّرُكَ فَاسْتَبشِرْ بِهِ وَإِلَى مَقَرِّ القُدْسِ أَدْعُوكَ تَحَصَّنْ فِيهِ لِتَستَرِيحَ إِلَى أَبَدِ الأَبَدِ.
يَا ابْنَ الرُّوحُرُوحُ القُدْسِ يُبَشِّرُكَ بِالأُنْسِ كَيفَ تَحْزَنُ وَرُوحُ الأَمْرِ يُؤَيِّدُكَ عَلَى الأَمْرِ كَيفَ تَحْتَجِبُ وَنُورُ الوَجهِ يَمْشِي قُدَّامَكَ كَيفَ تَضِلُّ.
يَا ابْنَ الإِنسَانِلا تَحْزَنْ إِلاَّ فِي بُعْدِكَ عَنَّا وَلا تَفْرَحْ إِلاَّ فِي قُرْبِكَ بِنَا والرُّجُوعِ إِلَيْنَا.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِافْرَحْ بِسُرُورِ قَلْبِكَ لِتَكُونَ قَابِلاً لِلِقَائِي وَمِرآةً لِجَمَالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِلا تُعَرِّ نَفْسَكَ عَنْ جَمِيلِ رِدَائِي وَلا تَحْرِمْ نَصِيبَكَ مِنْ بَدِيِعِ حِيَاضِي لِئَلاَّ يَأخُذَكَ الظَّمَأُ فِي سَرْمَدِيَّةِ ذَاتِي.
يَا ابْنَ الوُجُودِاعْمَلْ حُدُودِي حُبًّا لِي ثُمَّ انْهَ نَفْسَكَ عَمَّا تَهْوَى طَلَبًا لِرِضَائِي.
يَا ابْنَ الإِنسَانِلا تَتْرُكَ أَوَامِري حُبًّا لِجَمَالِي وَلا تَنْسَ وَصَايَايَ ابْتِغَاءً لِرِضَائِي.
يَا ابْنَ الإِنسَانِارْكُضْ فِي بَرِّ العَمَاءِ ثُمَّ أَسْرِعْ فِي مَيدَانِ السَّمَاءِ لَنْ تَجِدَ الرَّاحَةَ إِلاَّ بِالخُضُوعِ لأَمرِنَا وَالتَّواضُعِ لِوَجْهِنَا.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِعَظِّمْ أَمْرِي لأُظْهِرَ عَلَيْكَ مِنْ أَسْرَارِ العِظَمِ وَأُشْرِقَ عَلَيْكَ بِأَنْوَارِ القِدَمِ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِكُنْ لِي خَاضِعًا لأَكُونَ لَكَ مُتَوَاضِعًا وكُنْ لأَمرِي نَاصِرًا لِتَكُونَ فِي المُلْكِ مَنْصُورًا.
يَا ابْنَ الوُجُودِاذْكُرْنِي فِي أَرْضِي لأَذْكُرَكَ فِي سَمَائِي، لِتَقَرَّ بِهِ عَيْنُكَ وتَقَرَّ بِهِ عَينِي.
يَا ابْنَ العَرْشِسَمْعُكَ سَمَعِي فَاسْمَعْ بِهِ وبَصَرُكَ بَصَرِي فَأَبْصِرْ بِهِ لِتَشْهَدَ فِي سِرِّكَ لِي تَقْدِيسًا عَلِيًّا لأَشْهَدَ لَكَ فِي نَفْسِي مَقَامًا رَفِيعًا.
يَا ابْنَ الوُجُودِاسْتَشهِدْ فِي سَبِيِلي رَاضِيًا عَنِّي وَشَاكِرًا لِقَضَائِي فَتَسْتَرِيحَ مَعِي فِي قِبَابِ العَظَمَةِ خَلْفَ سُرَادِقِ العِزَّةِ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِفَكِّر فِي أَمْرِكَ وتَدَبَّرْ فِي فِعْلِكَ، أَتُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ عَلَى الفِرَاشِ أَو تُسْتَشْهِدَ فِي سَبِيلِي عَلَى التُّرَابِ وَتَكُونَ مَطْلِعَ أَمْرِي ومَظْهَرَ نُورِي فِي أَعْلَى الفِرْدَوْسِ، فَأَنْصِفْ يَا عَبدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِوَجَمَالِي، تَخَضُّبُ شَعْرِكَ مِنْ دَمَكَ لَكانَ أَكبَرَ عِنْدِي عَنْ خَلْقِ الكَوْنَينِ وَضِيَاءِ الثَّقَلَيْنِ فَاجْهَدْ فِيهِ يَا عَبدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِلِكُلِّ شَيءٍ عَلامَةٌ وعَلامَةُ الحُبِّ الصَّبْرُ فِي قَضَائِي وَالاصْطِبَارُ فِي بَلائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِألْمُحِبُّ الصَّادِقُ يَرجُو البَلاءَ كرَجَاءِ العَاصِي إِلَى المَغْفِرَةِ وَالمُذْنِبِ إِلَى الرَّحمَةِ .
يَا ابْنَ الإِنْسَانِإِنْ لا يُصِيبُكَ البَلاَءُ فِي سَبِيِلِي كَيْفَ تَسلُكُ سُبُلَ الرَّاضِينَ فِي رِضَائِي وإِنْ لا تَمَسَّكَ المَشَقَّةُ شَوْقًا لِلِقَائِي كَيْفَ يُصِيبُكَ النُّورُ حُبًّا لِجَمَالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِبَلائِي عِنَايَتِي، ظَاهِرُهُ نَارٌ ونَقْمَةٌ وَبَاطِنُهُ نُورٌ وَرَحْمَةٌ فَاسْتَبِقْ إِلَيْهِ لِتَكُونَ نُورًا أَزَلِيًّا وَرُوحًا قِدَمَيًّا وَهُوَ أَمْرِي فَاعْرِفْهُ.
يَا ابْنَ البَشَرِإِنْ أَصَابَتْكَ نِعْمَةٌ لا تَفْرَحْ بِهَا وإِنْ تَمَسَّكَ ذِلَّةٌ لا تَحْزَنْ مِنْهَا لأَنَّ كِلْتَيْهِمَا تَزُولانِ فِي حِينٍ وَ تَبِيدَانِ فِي وَقتٍ.
يَا ابْنَ الوُجُودِإِنْ يَمَسَّكَ الفَقْرُ لا تَحْزَنْ لأَنَّ سُلْطَانَ الغِنَى يَنْزِلُ عَلَيْكَ فِي مَدَى الأَيَّامِ، وَمِنَ الذِّلَّةِ لا تَخَفْ لأَنَّ العِزَّةَ تُصِيبُكَ فِي مَدَى الزَّمَانِ.
يَا ابْنَ الوُجُودِإِنْ تُحِبَّ هذِهِ الدَّوْلَةَ البَاقِيَةَ الأَبَدِيَّةَ وَ هذِهِ الحَيَاةَ القِدَمِيَّةَ الأَزَلِيَّةَ فاتْرُكْ هذِهِ الدَّولَةَ الفَانِيَةَ الزَّائِلَةَ.
يَا ابْنَ الوُجُودِلا تَشْتَغِلْ بِالدُّنْيَا لأَنَّ بِالنَّارِ نَمْتَحِنُ الذَّهَبَ وَبِالذَّهَبِ نَمْتَحِنُ العِبَادَ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَنْتَ تُرِيدُ الذَّهَبَ وَأَنَا أُرِيدُ تَنْزِيهَكَ عَنهُ وَ أَنْتَ عَرَفْتَ غَنَاءَ نَفْسِكَ فِيهِ وَأَنَا عَرَفْتُ الغَنَاءَ فِي تَقدِيسِكَ مِنْهُ، وَعَمْرِي هذَا عِلْمِي وَذلِكَ ظَنُّكَ، كَيفَ يَجْتَمِعُ أَمْرِي مَعَ أَمرِكَ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَنْفِقْ مَالِي عَلَى فُقَرَائِي لِتُنْفِقَ فِي السَّمَاءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنَى وَخَزَائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلَى، وَلكِنْ وَعَمْرِي إِنْفَاقُ الرُّوحِ أَجْمَلُ لَو تُشَاهِدُ بِعَينِي.
يَا ابْنَ البَشَرِهَيكَلُ الوُجُودِ عَرْشِي نَظِّفْهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ لاسْتِوَائِي بِهِ وَاسْتِقْرَارِي عَلَيْهِ.
يَا ابْنَ الوُجُودِفُؤَادُكَ مَنْزِلِي، قَدِّسْهُ لِنُزُولِي، ورُوحُكَ مَنْظَرِي، طَهِّرْهَا لِظُهُورِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِي لأَرْفَعَ رَأْسِي عَنْ جَيْبِكَ مُشْرِقًا مُضِيئًا.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِاصْعَدْ إِلَى سَمَائِي لِكَيْ تَرَى وِصَالِي لِتَشْرَبَ مِنْ زُلالِ خَمْرٍ لا مِثَالَ وَكؤُوسِ مَجْدٍ لا زَوَالَ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِقَدْ مَضَى عَلَيكَ أَيَّامٌ وَاشْتَغَلْتَ فِيهَا بِمَا تَهْوَى بِهِ نَفْسُكَ مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ. إِلَى مَتَى تَكُونُ رَاقِدًا عَلَى بِسَاطِكَ، ارْفَعْ رَأْسَكَ عَنِ النُّومِ، إِنَّ الشَّمْسَ ارْتَفَعَتْ فِي وَسَطِ الزَّوَالِ، لَعَلَّ تُشْرِقُ عَلَيْكَ بِأَنوَارِ الجَمَالِ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَشْرَقْتُ عَلَيكَ النُّوْرَ مِنْ أُفُقِ الطُّورِ، ونَفَخْتُ رُوحَ السَّنَاءِ فِي سِينَاءِ قَلْبِكَ، فَأَفْرِغْ نَفْسَكَ عَنِ الحُجُبَاتِ وَالظُّنُونَاتِ ثُمَّ ادْخُلْ عَلَى البِسَاطِ لِتَكُونَ قَابِلاً لِلْبَقَاءِ وَلائِقًا لِلِّقَاءِ كَيْلا يَأخُذَكَ مَوْتٌ وَلا نَصَبٌ ولا لُغُوبٌ.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِأَزَلِيَّتِي إِبْدَاعِي أَبْدَعْتُهَا لَكَ فاجْعَلْهَا رِدَاءً لِهَيْكَلِكَ، وَأَحَدِيَّتِي إِحْدَاثِي اخْتَرَعتُهَا لأَجلِكَ، فَاجْعَلهَا قَمِيصَ نَفْسِكَ لِتَكُونَ مَشْرِقَ قَيُّومِيَّتِي إِلَى الأَبَدِ.
يَا ابنَ الإِنْسَانِعَظَمَتِي عَطِيَّتِي إِلَيْكَ وَكِبْرِيَائِي رَحْمَتِي عَلَيْكَ وَمَا يَنْبَغِي لِنَفْسِي لا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ ولَنْ تُحْصِيَهُ نَفْسٌ قَدْ أَخْزَنْتُهُ فِي خَزَائِنِ سِرِّي وَكَنَائِزِ أَمْرِي تَلَطُّفًا لِعِبَادِي وَتَرَحُّمًا لِخَلْقِي.
يَا أَبْنَاءَ الهُوِيَّةِ فِي الغَيْبِسَتُمْنَعُونَ عَنْ حُبِّي وَتَضْطَرِبُ النُّفُوسُ مِنْ ذِكْرِي لأَنَّ العُقُولَ لَنْ تُطِيقَنِي وَالقُلُوبَ لَنْ تَسَعَنِي.
يَا ابْنَ الجَمَالِوَرُوحِي وَعِنَايَتِي ثُمَّ رَحْمَتِي وَجَمَالِي كُلُّ مَا نَزَّلْتُ عَلَيْكَ مِنْ لِسَانِ القُدْرَةِ وكَتَبْتُهُ بِقَلَمِ القُوَّةِ قَدْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى قَدْرِكَ وَلَحْنِكَ لا عَلَى شَأْنِي وَلَحْنِي.
يَا أَبْنَاءَ الإِنْسَانِهَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ وَاحِدٍ، لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُمْ، إِذًا يَنْبَغِي كَمَا خَلَقْنَاكُم مِنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ وتَأكُلُونَ مِنْ فَمٍ وَاحِدٍ وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى تَظْهَرَ مِنْ كَيْنُونَاتِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ وَأَفْعَالِكُمْ آيَاتُ التَّوْحِيدِ وَجَوَاهِرُ التَّجْرِيدِ، هذا نُصْحِي عَلَيْكُمْ يَا مَلأَ الأَنْوَارِ فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَرَاتِ القُدْسِ مِنْ شَجَرِ عِزٍّ مَنِيعٍ.
يَا أَبْنَاءَ الرُّوحِأَنْتُمْ خَزَائِنِي لأَنَّ فِيكُم كَنَزْتُ لآلِئَ أَسْرَارِي وَجَوَاهِرَ عِلْمِي فَاحْفَظُوهَا لِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَغْيَارُ عِبَادِي وأَشْرَارُ خَلْقِي.
يَا ابْنَ مَنْ قَامَ بِذَاتِهِ فِي مَلَكُوتِ نَفْسِهِ
اعْلَمْ بِأَنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ رَوَائِحَ القُدْسِ كُلَّهَا وأَتْمَمْتُ القُوْلَ عَلَيْكَ وَأَكْمَلْتُ النِّعْمَةَ بِكَ وَرَضِيتُ لَكَ مَا رَضِيتُ لِنَفسِي فَارْضَ عَنِّي ثُمَّ اشْكُرْ لِي.
يَا ابْنَ الإِنْسَانِاكْتُبْ كُلَّ مَا أَلقَيْنَاكَ مِنْ مِدَادِ النُّورِ عَلَى لَوْحِ الرُّوحِ وَإِنْ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذلِكَ فاجْعَلِ المِدَادَ مِنْ جَوهَرِ الفُؤَادِ وَإِنْ لَنْ تَسْتَطِيعَ فَاكْتُبْ مِنَ المِدَادِ الأَحْمَرِ الَّذِي سُفِكَ فِي سَبِيِلِي إِنَّهُ أَحْلَى عِنْدِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِيَثْبُتَ نُورُهُ إِلَى الأَبَدِ.
-حضرة بهاء الله