هو اللهُ تَعَالَى شَأْنُهُ العَظَمَةُ والاقْتِدَارُ
يَا مَلِكَ الأَرْضِ اسْمَعْ نِداءَ هذَا المَمْلُوكِ إِنِّي عَبْدٌ آمَنْتُ بِاللهِ وَآياتِهِ وَفَدَيْتُ نَفْسِي فِي سَبِيلِهِ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ ما أَنَا فيهِ مِنَ البَلايا الّتي ما حَمَلَها أَحَدٌ مِنَ العِبادِ وَكانَ رَبِّي العَلِيمُ عَلَى ما أَقُولُ شَهِيداً، مَا دَعَوْتُ النَّاسَ إِلاّ إِلى اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّ العَالَمِينَ وَوَرَدَ عَلَيَّ فِي حُبِّهِ مَا لا رَأَتْ عَيْنُ الإِبْداعِ شِبْهَها، يُصَدِّقُنِي فِي ذلِكَ العِبادُ الّذِينَ مَا مَنَعَتْهُمْ سُبُحاتُ البَشَرِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى المَنْظَرِ الأَكبَرِ وَعَنْ وَرَائِهِمْ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ كلِّ شَيْءٍ فِي لَوْحٍ حَفِيظٍ، كُلَّمَا أَمْطَرَتْ سَحَابُ القَضَاءِ سِهامَ البَلاءِ فِي سَبِيلِ اللهِ مَالِكِ الأَسْمآءِ أَقْبَلْتُ إِلَيْها وَيَشْهَدُ بِذلِكَ كلُّ مُنْصِفٍ خَبِيرٍ، كمْ مِنْ لَيالٍ فِيهَا اسْتَراحَتِ الوُحُوشُ فِي كنَائِسِها وَالطُّيُورُ فِي أَوْكارِهَا وَكانَ الغُلامُ فِي السَّلاسِلِ وَالأَغْلالِ وَلَمْ يَجِدْ لِنَفْسِهِ نَاصِرَاً وَلا مُعِيناً، أَنِ اذْكرْ فَضْلَ اللهِ عَلَيْكَ إِذْ كنْتَ فِي السِّجْنِ مَعَ أَنْفُسٍ مَعْدُودَاتٍ وَأَخْرَجَكَ مِنْهُ وَنَصَرَكَ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ إِلَى أَنْ أَرْسَلَكَ السُّلْطانُ إِلَى العِرَاقِ بَعْدَ الَّذِي كَشَفْنَا لَهُ بِأَنَّكَ مَا كنْتَ مِنَ المُفْسِدينَ، إِنَّ الّذِينَ اتَّبَعُوا الهَوَى وَأَعْرَضُوا عَنِ التَّقْوى أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ، وَالَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَيَسْفِكُونَ الدِّمَاءَ وَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ نَحْنُ بَرِاءٌ مِنْهُمْ وَنَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ لا يَجْمَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لا فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرةِ إِلاّ بِأَنْ يَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، إِنَّ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَى اللهِ يَنْبَغِي لَهُ بِأَنْ يَكونَ مُمْتازاً فِي كلِّ الأَعْمالِ عَمَّا سِواهُ وَيَتَّبِعَ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الكِتَابِ كذلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ فِي كتابٍ مُبِينٍ، وَالَّذِينَ نَبَذُوا أَمْرَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِم وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ أُولئِكَ فِي خَطأٍ عَظِيمٍ.
يا سُلْطَانُ أُقْسِمُكَ بِرَبِّكَ الرَّحْمنِ بِأَنْ تَنْظُرَ إِلَى العِبادِ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ رَأْفَتِكَ وَتَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِالعَدْلِ لِيَحْكُمَ اللهُ لَكَ بِالفَضْلِ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الحَاكِمُ عَلَى مَا يُريدُ، سَتَفْنَى الدُّنْيا وَمَا فِيها مِنَ العِزَّةِ وَالذِّلَّةِ وَيَبْقَى المُلْكُ للهِ المَلِكِ العَلِيِّ العَلِيمِ، قُلْ إِنَّهُ أَوْقَدَ سِرَاجَ البَيانِ وَيُمِدُّهُ بِدُهْنِ المَعَانِي وَالتِّبْيانِ تَعَالَى رَبُّكَ الرَّحْمنُ مِنْ أَنْ يَقُومَ مَعَ أَمْرِهِ خَلْقُ الأَكْوانِ إِنَّهُ يُظْهِرُ مَا يَشاءُ بِسُلْطانِهِ وَيَحْفَظُهُ بِقَبِيلٍ مِنَ المَلائِكةِ المُقَرَّبِينَ، هُوَ القَاهِرُ فَوْقَ خَلْقِهِ وَالغَالِبُ عَلَى بَرِيَّتِهِ إِنَّهُ لَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ.
يَا سُلْطانُ إِنِّي كُنْتُ كَأَحَدٍ مِنَ العِبادِ وَرَاقِدَاً عَلَى المِهَادِ مَرَّتْ عَلَيَّ نَسَائِمُ السُّبْحانِ وَعَلَّمَنِي عِلْمَ مَا كَانَ لَيْسَ هذا مِنْ عِنْدِي بَلْ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ عَلِيمٍ، وَأَمَرَنِي بِالنِّدَاءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَبِذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ مَا تَذَرَّفَتْ بِهِ عُيونُ العَارِفِينَ، مَا قَرَأْتُ مَا عِنْدَ النَّاسِ مِنَ العُلُومِ وَمَا دَخَلْتُ المَدَارِسَ فَاسْئَلِ المَدِينَةَ الَّتِي كُنْتُ فِيها لِتُوقِنَ بِأَنِّي لَسْتُ مِنَ الكَاذِبِينَ، هذا وَرَقَةٌ حَرَّكَتْها أَرْياحُ مَشِيَّةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الحَمِيدِ هَلْ لَهَا اسْتِقْرارٌ عِنْدَ هُبوبِ أَرْياحٍ عَاصِفاتٍ؟ لا وَمَالِكِ الأَسْمآءِ وَالصِّفَاتِ بَلْ تُحَرِّكُهَا كَيْفَ تُريدُ، لَيْسَ لِلْعَدَمِ وُجُودٌ تِلْقَاءَ القِدَمِ قَدْ جَاءَ أَمْرُهُ المُبْرَمُ وَأَنْطَقَنِي بِذِكْرِهِ بَيْنَ العَالَمِينَ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ إِلاَّ كَالمَيِّتِ تِلْقَاءَ أَمْرِهِ قَلَّبَتْنِي يَدُ إِرَادَةِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَلْ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَتَكَلَّمَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بِما يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَيْهِ العِبَادُ مِنْ كُلِّ وَضِيعٍ وَشَرِيفٍ؟ لا فَوَالَّذِي عَلَّمَ القَلَمَ أَسْرَارَ القِدَمِ إِلاّ مَنْ كانَ مُؤَيَّداً مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ، يُخَاطِبُنِي القَلَمُ الأَعْلَى وَيقُولُ لا تَخَفْ أَنِ اقْصُصْ لِحَضْرةِ السُّلْطَانِ مَا وَرَدَ عَلَيْكَ إِنَّ قَلْبَهُ بَيْنَ اصْبَعَيْ رَبِّكَ الرَّحْمنِ لَعَلَّ يَسْتَشْرِقُ مِنْ أُفُقِ قَلْبِهِ شَمْسُ العَدْلِ وَالإِحْسانِ كَذلِكَ كانَ الحُكْمُ مِنْ لَدَى الحَكِيمِ مَنْزُولاً.
قُلْ يا سُلْطانُ فَانْظُرْ بِطَرْفِ العَدْلِ إِلَى الغُلامِ ثُمَّ احْكُمْ بِالحَقِّ فِيما وَرَدَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَكَ ظِلَّهُ بَيْنَ العِبادِ وَآيَةَ قُدْرَتِهِ لِمَنْ فِي البِلادِ أَنِ احْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الَّذِينَ
ظَلَمُونا مِنْ دونِ بَيِّنَةٍ وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ، إِنَّ الَّذِينَ فِي حَوْلِكَ يُحِبُّونَكَ لأَنْفُسِهِم وَالغُلامُ يُحِبُّكَ لِنَفْسِكَ وَما أَرَادَ إِلاَّ أَنْ يُقَرِّبَكَ إِلَى مَقَرِّ الفَضْلِ وَيُقَلِّبَكَ إِلَى يَمِينِ العَدْلِ وَكَانَ رَبُّكَ عَلَى ما أَقُولُ شَهِيداً.
أَنْ يا سُلْطانُ لَوْ تَسْمَعُ صَرِيرَ القَلَمِ الأَعْلَى وَهَدِيرَ وَرْقَاءِ البَقاءِ عَلَى أَفْنانِ سِدْرَةِ المُنْتَهى فِي ذِكْرِ اللهِ مُوجِدِ الأَسْمآءِ وَخالِقِ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ لَيُبَلِّغَكَ إِلى مَقامٍ لا تَرَى فِي الوُجُودِ إِلاّ تَجَلِّي حَضْرَةِ المَعْبُودِ وَتَرى المُلْكَ أَحْقَرَ شَيْءٍ عِنْدَكَ تَضَعُهُ لِمَنْ أَرَادَ وَتَتَوَجَّهُ إِلَى أُفُقٍ كَانَ بِأَنْوارِ الوَجْهِ مُضِيئاً، وَلا تَحْمِلُ ثِقَلَ المُلْكِ أَبَداً إِلاّ لِنُصْرَةِ رَبِّكَ العَلِيِّ الأَعْلَى إِذاً يُصَلِّيُنَ عَلَيْكَ المَلأُ الأَعْلَى، حَبَّذَا لِهذا المَقَامِ الأَسْنَى لَوْ تَرْتَقِي إِلَيْهِ بِسُلْطانٍ كَانَ بِاسْمِ اللهِ مَعْرُوفاً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ إِنَّ الغُلامَ مَا أَرادَ إِلاّ إِبْقَاءَ اسْمِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَرَادَ الدُّنْيا لِنَفْسِهِ بَعْدَ الَّذِي مَا وَجَدْتُ فِي أَيَّامِي مَقَرَّ الأَمْنِ عَلَى قَدْرٍ أَضَعُ رِجْلِي عَلَيْهِ، كُنْتُ فِي كُلِّ الأَحْيانِ فِي غَمَرَاتِ البَلايَا الَّتِي مَا اطَّلَعَ بِهَا أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى مَا أَقُولُ عَلِيماً، كَمْ مِنْ أَيَّامٍ اضْطَرَبَتْ فِيهَا أَحِبَّتِي لِضُرِّي وَكَمْ مِنْ لَيالٍ ارْتَفَعَ فِيها نَحِيبُ البُكَاءِ مِنْ أَهْلِي خَوْفاً لِنَفْسِي وَلا يُنْكِرُ ذلِكَ إِلاَّ مَنْ كَانَ عَنِ الصِّدْقِ مَحْرُوماً، وَالَّذِي لا يَرَى لِنَفْسِهِ الحَيوةَ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ هَلْ يُرِيدُ الدُّنْيا؟ فَيا عَجَباً مِنَ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِأَهْوائِهِمْ وَهامُوا فِي بَرِّيَّةِ النَّفْسِ وَالهَوى سَوْفَ يُسْئَلُونَ عَمَّا قَالُوا يَوْمَئِذٍ لا يَجِدُونَ لأَنْفُسِهِم حَمِيماً وَلا نَصِيراً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَفَرَ بِاللهِ بَعْدَ الَّذِي يَشْهَدُ كُلُّ جَوَارِحِي بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالَّذِينَ بَعَثَهُمْ بِالحَقِّ وَأَرْسَلَهُمْ بِالهُدَى أُولئِكَ مَظاهِرُ أَسْمآئِهِ الحُسْنَى وَمَطالِعُ صِفاتِهِ العُلْيا وَمَهابِطُ وَحْيِهِ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشاءِ، وَبِهِمْ تَمَّتْ حُجَّةُ اللهِ عَلَى ما سِواهُ وَنُصِبَتْ رَايَةُ التَّوْحِيدِ وَظَهَرَتْ آيةُ التَّجْرِيدِ وَبِهِمِ اتَّخَذَ كُلُّ نَفْسٍ إِلَى ذِي العَرْشِ سَبِيلاً، نَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَمْ يَزَلْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنْ شَيْءٍ وَلا يَزَالُ يَكُونُ بِمِثْلِ ما قَدْ كَانَ، تَعَالى الرَّحْمنُ مِنْ أَنْ يَرْتَقِيَ إِلَى إِدْراكِ كُنْهِهِ أَفْئِدَةُ أَهْلِ
العِرْفَانِ أَوْ يَصْعَدَ إِلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ إِدْراكُ مَنْ فِي الأَكْوانِ، هُوَ المُقَدَّسُ عَنْ عِرْفَانِ دُونِهِ وَالمُنَزَّهُ عَنْ إِدْراكِ ما سِواهُ إِنَّهُ كَانَ فِي أَزَلِ الآزالِ عَنِ العَالَمِينَ غَنِيَّاً، وَاذْكُرِ الأَيَّامَ الَّتِي فِيها أَشْرَقَتْ شَمْسُ البَطْحَاءِ عَنْ أُفُقِ مَشِيَّةِ رَبِّكَ العَلِيِّ الأَعْلَى أَعْرَضَ عَنْهُ العُلَماءُ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الأُدَبَاءُ لِتَطَّلِعَ بِمَا كَانَ اليَوْمَ فِي حِجَابِ النُّورِ مَسْتُورَاً، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِ الأُمُورُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ إِلَى أَنْ تَفَرَّقَ مَنْ فِي حَوْلِهِ بِأَمْرِهِ كَذلِكَ كَانَ الأَمْرُ مِنْ سَمآءِ العِزِّ مَنْزُولاً، ثُمَّ اذْكُرْ إِذْ دَخَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى النَّجَاشِيِّ وَتَلا عَلَيْهِ سُورَةً مِنَ القُرْانِ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ إِنَّها نُزِّلَتْ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ حَكِيمٍ، مَنْ صَدَّقَ بِالحُسْنَى وَآمَنَ بِمَا أَتَى بِهِ عِيسَى لا يَسَعُهُ الإِعْرَاضُ عَمَّا قُرِئَ إِنَّا نَشْهَدُ لَهُ كَمَا نَشْهَدُ لِمَا عِنْدَنا مِنْ كُتُبِ اللهِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ.
تاللهِ يا مَلِكُ لَوْ تَسْمَعُ نَغَماتِ الوَرْقاءِ الَّتِي تَغَنُّ عَلَى الأَفْنانِ بِفُنُونِ الأَلْحَانِ بِأَمْرِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ لَتَدَعُ المُلْكَ عَنْ وَرَائِكَ وَتَتَوجَّهُ إِلَى الْمَنْظَرِ الأَكْبَرِ المَقَامِ الَّذِي كَانَ كِتَابُ الفَجْرِ عَنْ أُفُقِهِ مَشْهُوداً، وَتُنْفِقُ مَا عِنْدَك ابْتِغَاءً لِمَا عِنْدَ اللهِ إِذاً تَجِدُ نَفْسَكَ فِي عُلُوِّ العِزَّةِ وَالاسْتِعْلاءِ وَسُمُوِّ العَظَمَةِ وَالاسْتِغْنَاءِ كَذلِكَ كَانَ الأَمْرُ فِي أُمِّ البَيانِ مِنْ قَلَمِ الرَّحْمنِ مَسْطُوراً، لا خَيْرَ فِيمَا مَلَكْتَهُ اليَوْمَ فَسَوْفَ يَمْلِكُهُ غَدَاً غَيْرُكَ أَنِ اخْتَرْ لِنَفْسِكَ ما اخْتارَهُ اللهُ لأَصْفِيَائِهِ إِنَّهُ يُعْطِيكَ فِي مَلَكُوتِهِ مُلْكَاً كَبِيرَاً، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُؤَيِّدَ حَضْرَتَكَ عَلَى إِصْغَاءِ الكَلِمَةِ الَّتِي مِنْها اسْتَضَاءَ العَالَمُ وَيَحْفَظَكَ عَنِ الَّذِينَ كَانُوا عَنْ شَطْرِ القُرْبِ بَعِيداً.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يَا إِلهي كَمْ مِنْ رُؤُوسٍ نُصِبَتْ عَلَى القَنَاةِ فِي سَبِيلِكَ وَكَمْ مِنْ صُدُورٍ اسْتَقْبَلَتِ السِّهامَ فِي رِضَائِكَ وَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ تَشَبَّكتْ لارْتِفَاعِ كَلِمَتِكَ وَانْتِشَارِ أَمْرِكَ وَكَمْ مِنْ عُيونٍ تَذَرَّفَتْ فِي حُبِّكَ، أَسْئَلُكَ يَا مَالِكَ المُلُوكِ وَرَاحِمَ المَمْلُوكِ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ مَطْلِعَ أَسْمائِكَ الحُسْنَى وَمَظْهَرَ صِفَاتِكَ
العُلْيا بِأَنْ تَرْفَعَ السُّبُحَاتِ الَّتِي حَالَتْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلْقِكَ وَمَنَعَتْهُمْ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ، ثُمَّ اجْتَذِبْهُمْ يَا إِلهِي بِكَلِمَتِكَ العُلْيَا عَنْ شِمَالِ الوَهْمِ وَالنِّسْيَانِ إِلى يَمِينِ اليَقِينِ وَالعِرْفَانِ لِيَعْرِفُوا مَا أَرَدْتَ لَهُمْ بِجُودِكَ وَفَضْلِكَ وَيتَوَجَّهُوا إِلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ وَمَطْلِعِ آياتِكَ، يا إِلهِي أَنْتَ الكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ لا تَمْنَعُ عِبَادَكَ عَنِ البَحْرِ الأَعْظَمِ الَّذِي جَعَلْتَهُ حَامِلاً لِلَئَآلِي عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ وَلا تَطْرُدُهُمْ عَنْ باَبِكَ الَّذِي فَتَحْتَهُ عَلَى مَنْ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَدَعْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لأَنَّهُمْ لا يَعْرِفُونَ وَيَهْرُبُونَ عَمَّا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا خُلِقَ فِي أَرْضِكَ، فَانْظُرْ إِلَيْهِمْ يا إِلهِي بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ أَلْطَافِكَ وَمَواهِبِكَ وَخَلِّصْهُمْ عَنِ النَّفْسِ وَالهَوَى لِيَتَقَرَّبُوا إِلَى أُفُقِكَ الأَعْلَى وَيَجِدُوا حَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَلَذَّةَ المَائِدَةِ الَّتِي نُزِّلَتْ مِنْ سَمآء مَشِيَّتِكَ وَهَواءِ فَضْلِكَ، لَمْ يَزَلْ أَحَاطَ كَرَمُكَ المُمْكِنَاتِ وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ الكَائِنَاتِ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
سُبْحَانَكَ يا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّ قَلْبِي ذَابَ فِي أَمْرِكَ وَيَغْلِي دَمِي فِي كُلِّ عِرْقِي مِنْ نَارِ حُبِّكَ وَكُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ يُنَادِيكَ بِلِسانِ الحَالِ يَا رَبِّيَ المُتَعَالِ فَاسْفِكْنِي عَلَى الأَرْضِ فِي سَبِيلِكَ لِيَنْبُتَ مِنْهَا مَا أَرَدْتَهُ فِي أَلْواحِكَ وَسَتَرْتَهُ عَنْ أَنْظُرِ عِبَادِكَ إِلاَّ الَّذِينَ شَرِبُوا كَوْثَرَ العِلْمِ مِنْ أَيادِي فَضْلِكَ وَسَلْسَبِيلَ العِرْفَانِ مِنْ كَأْسِ عَطَائِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يَا إِلهِي بِأَنِّي مَا أَرَدْتُ فِي أَمْرٍ إِلاَّ أَمْرَكَ وَمَا قَصَدْتُ فِي ذِكْرٍ إِلاَّ ذِكْرَكَ وَمَا تَحَرَّكَ قَلَمِي إِلاَّ وَقَدْ أَرَدْتُ بِهِ رِضَاءَكَ وَإِظْهارَ ما أَمَرْتَنِي بِهِ بِسُلْطَانِكَ، تَرَانِي يَا إِلهِي مُتَحَيِّرَاً فِي أَرْضِكَ إِنْ أَذْكُرْ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ يَعْتَرِضُ عَلَيَّ خَلْقُكَ وَإِنْ أَتْرُكْ مَا أُمِرْتُ بِهِ مِنْ عَنْدِكَ أَكُونُ مُسْتَحِقَّاً لِسِياطِ قَهْرِكَ وَبَعِيداً عَنْ رِيَاضِ قُرْبِكَ، لا فَوَعِزَّتِكَ أَقْبَلْتُ إِلَى رِضَائِكَ وَأَعْرَضْتُ عَمَّا تَهْوَى بِهِ أَنْفُسُ عِبَادِكَ وَقَبِلْتُ مَا عِنْدَكَ وَتَرَكْتُ مَا يُبْعِدُنِي عَنْ مَكَامِنِ قُرْبِك وَمَعارِجِ عِزِّكَ، فَوَعِزَّتِكَ بِحُبِّكَ لا أَجْزَعُ عَنْ شَيْءٍ وَفِي رِضَائِكَ لا أَفْزَعُ مِنْ بَلايَا الأَرْضِ كُلِّها لَيْسَ هذا إِلاَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ وَفَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقِي بِذلِكَ، فَيَا إِلهِي هذا كِتَابٌ أُرِيدُ أَنْ أُرْسِلَهُ إِلَى السُّلْطانِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي
مَا أَرَدْتُ مِنْهُ إِلاَّ ظُهُورَ عَدْلِهِ لِخَلْقِكَ وَبُرُوزَ أَلْطافِهِ لأَهْلِ مَمْلَكَتِكَ، وَإِنِّي لِنَفْسِي مَا أَرَدْتُ إِلاَّ ما أَرَدْتَهُ وَلا أُرِيدُ بِحَوْلِكَ إِلاَّ مَا تُرِيدُ، عَدِمَتْ كَيْنُونَةٌ تُرِيدُ مِنْكَ دُونَكَ فَوَعِزَّتِكَ رِضَاؤُكَ مُنْتَهَى أَمَلِي وَمَشِيَّتُكَ غَايَةُ رَجَائِي، فَارْحَمْ يا إِلهِي هذا الفَقِيرَ الَّذِي تَشَبَّثَ بِذَيْلِ غَنَائِكَ وَهذا الذَّلِيلَ الَّذِي يَدْعُوكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ العَظِيمُ، أَيِّدْ يَا إِلهِي حَضْرَةَ السُّلْطَانِ عَلَى إِجْرَاءِ حُدُودِكَ بَيْنَ عِبَادِكَ وَإِظْهارِ عَدْلِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ لِيَحْكُمَ عَلَى هذِهِ الفِئَةِ كَمَا يَحْكُمُ عَلَى مَا دُونِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الحَكِيمُ.
*حسب الاذن واجازه سلطان زمان اين عبد از مقرّ سرير سلطانى بعراق عرب توجّه نمود ودوازده سنه در آن ارض ساكن ودر مدّت توقّف شرح احوال در پيشگاه سلطانى معروض نشد، وهمچنين بدول خارجه اظهارى نرفت متوكّلاً على الله در آن ارض ساكن تا آنكه يكى از مأمورين وارد عراق شد وبعد از ورود در صدد اذيّت جمعى فقراء افتاد، هر روز باغواى بعضى از علماى ظاهره وغيره متعرّض اين عباد بوده مع آنكه ابداً خلاف دولت وملّت ومغاير اصول وآداب اهل
* في ما يلي التّرجمة العربيّة للقسم الفارسيّ:سافر هذا العبد من كرسيّ المملكة الفارسيّة إلى العراق العربيّ بناء على إذن سلطان الزّمان وإجازته وأقام في ذلك البلد اثني عشر عاماً لم يرفع في غضونها إلى الجناب السّلطانيّ عن الحادثات شيئاً وكذلك لم تحط الدّول الأخرى علماً بما حدث ولبثنا في تلك البلاد متوكّلين على الله حتّى قدم العراق أحد المأمورين وبعد مجيئه قصد إيذاء ثلّة من الفقراء وكلّ يوم كان يغويه رهط من العلماء القشريّين وغيرهم للاعتراض على هؤلاء العباد مع إنّه لم يبد منهم ما يخالف الدّولة والمّلة ولا ما يباين أصول وآداب أهل المملكة وقد خشي هذا العبد أن تكون عاقبة أفعال
مملكت از اين عباد ظاهر نشده، واين عبد بملاحظهٴ آنكه مبادا از افعال معتدين امرى منافى رأى جهان آراى سلطانى احداث شود لذا اجمالى بباب وزارت خارجه ميرزا سعيد خان اظهار رفت تا در پيشگاه حضور معروض دارد وبآنچه حكم سلطانى صدور يابد معمول گردد، مدّتها گذشت وحكمى صدور نيافت، تا آنكه امر بمقامى رسيد كه بيم آن بود بغتةً فسادى بر پا شود وخون جمعى ريخته گردد لا بدّاً حفظاً لعباد الله معدودى بوالى عراق توجّه نمودند، اگر بنظر عدل در آنچه واقع شده ملاحظه فرمايند بر مرآت قلب منير روشن خواهد شد كه آنچه واقع شده نظر بمصلحت بوده وچاره جز آن بر حسب ظاهر نه، ذات شاهانه شاهد وگواهند كه در هر بلد كه معدودى از اين طائفه بوده اند نظر بتعدّى بعضى از حكّام نار حرب وجدال مشتعل مى شد، ولكن اين فانى بعد از ورود عراق كلّ را از فساد ونزاع منع نموده وگواه اين عبد عمل اوست، چه كه كلّ مطّلعند وشهادت ميدهند كه جمعيّت اين حزب در عراق اكثر از
المعتدين أمراً ينافي رغبات السّلطان، فوجّه خطاباً مجملاً إلى وزير الخارجيّة ميرزا سعيد خان لعرضه على جلالة الملك ثمّ العمل طبق ما يأمر به، وتوالت الأيّام ولم يصد حكم في هذا الشّأن حتّى أشرف الأمر على خطر وخيف أنّ يعمّ الفساد بغتة فتسفك دماء كثير من النّاس، ولا محالة وحفظاً لعباد الله ارتأى عدد يسير مراجعة والي العراق، فلو نظرتَ بعين الإنصاف في ما جرى لتجلَّى في مرآة قلبك المنير أن الأمر لم يأخذ مجرى إلاّ اقتضاء للمصلحة. ولم يكن ثمة علاج آخر حسب الظّاهر. والملك ذاته شاهِدٌ ومطّلع بأنّه كلّما حلّت فئة من هذه الطّائفة بمكان ما اشتعلت فيه نار الحرب والجدال بسبب تعدّي بعض الحكّام، ولكن هذا العبد الفاني بعد أن وصل العراق منع الجميع من الفَساد والنّزاع، وأفعاله تشهد على ذلك لأنّ الجميع مطّلعون وشاهدون بأنّ عدد هذه الطّائفة في العراق أكثر من عددهم في جميع البلدان ومع هذا لم يتجاوز أحد منهم حدّه ولم يعترض نفساً ومضى
جميع بلدان بوده مع ذلك احدى از حدّ خود تجاوز ننموده وبنفسى متعرّض نشده، قريب پانزده سنه ميشود كه كلّ ناظراً الى الله ومتوكّلاً عليه ساكنند وآنچه بر ايشان وارد شد صبر نموده اند وبحق گذاشته اند.
وبعد از ورود اين عبد باين بلد كه موسوم بادرنه است بعضى از اهل عراق وغيره از معنى نصرت كه در كتب الهى نازل شده سؤال نموده اند، اجوبه شَتَّى در جواب ارسال، يكى از آن اجوبه در اين ورقه عرض ميشود تا در پيشگاه حضور واضح گردد كه اين عبد جز صلاح واصلاح بامرى ناظر نبوده، واگر بعضى از الطاف الهيّه كه من غير استحقاق عنايت فرموده واضح ومكشوف نباشد اينقدر معلوم ميشود كه بعنايت واسعه ورحمت سابقه قلب را از طراز عقل محروم نفرموده، صورت كلماتى كه در معنى نصرت عرض شد اين است:
ما يناهز خمسة عشر عاماً والكلّ ناظرون إلى الله متوكّلون عليه صابرون على ما ورد عليهم مفوّضون الأمر إلى الله، وبعد قدوم هذا العبد إلى هذا البلد المسمّى بأدرنة استفسره البعض من أهل العراق وغيرهم عن معنى النّصرة الواردة في الكتب الإلهيّة فأجيبت أسئلتهم بردود شتّى نأتي على أحدها في هذه الورقة، حتّى يتبيّن لحضرتك بأنّ هذا العبد لا يريد إلاّ الصّلاح والإصلاح. وممّا هو معلوم وواضح أنّ العناية السّابقة والرّحمة الواسعة الإلهيّة – وإن لم يكن جليَّاً وواضحاً ما منحه الله له بفضله من غير استحقاق – لم تحرم هذا القلب من طراز العقل وها هي صورة الكلمات الّتي قيلت في معنى النّصرة:
هُوَ اللهُ تَعالَىمن الجليّ أنّ الحقّ جلّ ذكره كان مقدّساً عن الدّنيا وما فيها، وليس القصد من النّصرة محاربة نفس نفساً أو مجادلتها، إنّ سلطان يفعلُ ما يشاء وضَعَ ملكوت
هُوَ اللهُ تَعالَىمعلوم بوده كه حق جلّ ذكره مقدّس است از دنيا وآنچه در او است، ومقصود از نصرت اين نبوده كه نفسى بنفسى محاربه ويا مجادله نمايد، سلطان يَفْعَلُ ما يَشاءُ ملكوت انشاء را از برّ وبحر بِيَدِ ملوك گذاشته وايشانند مظاهر قدرت الهيّه عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، اگر در ظلّ حقّ وارد شوند از حقّ محسوب وإِلاّ إِنَّ رَبَّكَ لَعَلِيمٌ وَخَبِيرٌ، وآنچه حقّ جلّ ذكره از براى خود خواسته قلوب عباد او است كه كنائز ذكر ومحبّت ربّانيّه وخزائن علم وحكمت الهيّه اند، لم يزل ارادهٴ سلطان لا يزال اين بوده كه قلوب عباد را از اشارات دنيا وما فيها طاهر نمايد تا قابل انوار تجلّيات مليك اسماء وصفات شوند، پس بايد در مدينهٴ قلب بيگانه راه نيابد تا دوست يگانه بمقرّ خود آيد، يعنى تجلّى اسماء وصفاتش نه ذاته تعالى چه كه آن سلطان بيمثال لازال مقدّس از صعود ونزول بوده وخواهد بود، پس نصرت اليوم اعتراض بر احدى ومجادله با نفسى نبوده ونخواهد بود، بلكه محبوب آنست كه مدائن قلوب كه در تصرّف جنود نفس وهوى است بسيف بيان وحكمت وتبيان
الإنشاء برّاً وبحراً في يد الملوك، فهم مظاهر القدرة الإلهيّة على قدر مراتبهم فإن آووا إلى ظلّ الحقّ فهم محسوبون من أهله وإلاّ إنّ ربّك لعليم وخبير، وما أراده الحقّ جلّ ذكره لنفسه هو قلوب عباده الّتي هي كنائز الذّكر والمحبّة الرّبّانيّة وخزائن العلم والحكمة الإلهيّة، شاء السّلطان الأزليّ وما يزال أن يطهّر قلوب العباد من إشارات الدّنيا وما فيها حتّى تصبح قابلة لأنوار تجلّيات مليك الأسماء والصّفات، إذاً يجب أن لا يجد الغريب سبيلاً إلى مدينة القلب ليستقرّ الحبيب وحده في مقرّه وهذا لا يعني حلول ذاته تعالى بل تجلّي أسمائه وصفاته لأنّ ذلك السّلطان المنزّه عن المثال كان ولا يزال مقدّساً عن الصّعود والنّزول إذاً فليس معنى النّصرة اليوم الاعتراض على أحد أو المجادلة مع نفس بل المرغوب هو فتح مدائن
مفتوح شود، لذا هر نفسى كه ارادهٴ نصرت نمايد بايد اوّل بسيف معانى وبيان مدينهٴ قلب خود را تصرّف نمايد واز ذكر ماسوى الله محفوظ دارد، وبعد بمدائن قلوب توجّه كند، اين است مقصود از نصرت ابداً فساد محبوب حقّ نبوده ونيست، وآنچه از قبل بعضى از جهّال ارتكاب نموده اند ابداً مرضى نبوده، إِنْ تُقْتَلُوا فِي رِضِاهُ لَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَقْتُلُوا، اليوم بايد احبّاى الهى بشأنى در ما بين عباد ظاهر شوند كه جميع را بافعال خود برضوان ذى الجلال هدايت نمايند، قسم بآفتاب افق تقديس كه ابداً دوستان حقّ ناظر بارض واموال فانيهء او نبوده ونخواهند بود، حقّ لا زال ناظر بقلوب عباد خود بوده واين هم نظر بعنايت كبرى است كه شايد نفوس فانيه از شئونات ترابيّه طاهر ومقدّس شوند وبمقامات باقيه وارد گردند، وإِلاّ آن سلطان حقيقى بنفسه لنفسه مستغنى از كلّ بوده نه از حبّ ممكنات نفعى باو راجع ونه از بغضشان ضرّى وارد، كلّ از امكنهٴ ترابيّه ظاهر وباو
القلوب الّتي هي تحت سلطة جنود النّفس والهوى بسيف البيان والحكمة والتّبيان، لذا فكلّ فرد أراد النّصرة وجب عليه أوّلاً أن يملك مدينة قلبه بسيف المعاني والبيان ويصونه عن ذكر ما سوى الله ثمّ يتّجه نحو مدائن القلوب الأخرى، هذا هو المقصود من النّصرة، ولا يزال الفساد غير مقبول لدى الحقّ، وما ارتكبه بعض الجهّال فيما مضى ليس مرضيّاً فقط، إِنْ تُقْتَلُوا فِي رِضِاهُ لَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَقْتُلُوا، يجب اليوم على الأحبّاء أن يُظهروا أعمالاً بحيث تكون سبباً لهداية الجميع إلى رضوان الله ذي الجلال، قسماً بشمس أفق التّقديس إنّ أحبّاء الله ما داموا غير مكترثين للأرض وأموالها الفانية قطّ، إنّ الله لم يزل ينظر إلى قلوب عباده وهذا من عنايته الكبرى، عسى أن تتنزّه النّفوس الفانية عن الشّؤون التّرابيّة وتدخل المقامات الباقية، ناهيك أنّ ذلك السّلطان الحقيقيّ مستغن عن الكلّ بنفسه لنفسه، فلا يعود من حبّ الممكنات إليه نفع ولا يناله من بغضهم ضرّ، كلّهم ظهروا من
راجع خواهند شد وحقّ فرداً واحداً در مقرّ خود كه مقدّس از مكان وزمان وذكر وبيان واشاره ووصف وتعريف وعلوّ ودنوّ بوده مستقرّ، ولا يَعْلَمُ ذلِكَ إِلاّ هُوَ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ العَزِيزُ الوَهَّابُ انتهى.
ولكن حُسن اعمال منوط بآنكه ذات شاهانه بنفسه بنظر عدل وعنايت در آن نظر فرمايند وبعرايض بعضى من دون بيّنة وبرهان كفايت نفرمايند، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُؤَيِّدَ السُّلْطانَ عَلَى مَا أَرَادَ وَمَا أَرَادَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادَ العَالَمِينَ.
وبعد اين عبد را باستانبول احضار نمودند با جمعى از فقراء وارد آن مدينه شديم، وبعد از ورود ابداً با احدى ملاقات نشد چه كه مطلبى نداشتيم ومقصودى نبود جز آنكه ببرهان بر كلّ مبرهن گردد كه اين عبد خيال فساد نداشته وابداً با اهل فساد معاشر نه، فَوَالَّذِي أَنْطَقَ لَسَانَ كُلِّ شَيْءٍ بِثَنَاءِ نَفْسِهِ نظر بمراعات بعضى
الأمكنة التّرابيّة ويرجعون إليها والله بفردانيّته ووحدانيّته كان مستقرّاً في مقرّه الّذي تقدّس عن المكان والزّمان والذّكر والبيان والإشارة والوصف والتّعريف والعلوّ والدنوّ، ولا يَعْلَمُ ذلِكَ إِلاّ هُوَ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ العَزِيزُ الوَهَّابُ انتهى.
ولكن حُسن سير الأعمال منوط بأن ينظر الملك بنفسه في الأمور بعين العدل والاهتمام ولا يكتفي بالتّقارير الّتي تقدّم إليه من بعض النّاس وهي مجرّدة عن البيّنة والبرهان. نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُؤَيِّدَ السُّلْطانَ عَلَى مَا أَرَادَ وَمَا أَرَادَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادَ العَالَمِينَ.
ثمّ أمروا بإحضار هذا العبد إلى اسطنبول فدخلنا تلك المدينة برفقة زمرة من الفقراء وبعد الوصول لم نقابل أحداً، حيث لم يكن لَنَا مطلب أو هدف سوى أن نبرهِنَ للكلّ بأنّ هذا العبد ليست لديه أيّة خطّة للفساد ولا صلة له مطلقاً بالمفسدين
مراتب توجّه بجهتى صعب بوده ولكن لحفظ نفوس اين امور واقع شده إِنَّ رَبِّي يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَإِنَّهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ.
ملك عادل ظلّ الله است در ارض بايد كلّ در سايهٴ عدلش مأوى گيرند ودر ظلّ فضلش بياسايند، اين مقام تخصيص وتحديد نيست كه مخصوص ببعضى دون بعضى شود، چه كه ظلّ از مظلّ حاكى است حقّ جلّ ذكره خود را رَبّ العالمين فرموده زيرا كه كلّ را تربيت فرموده وميفرمايد، فَتَعالَى فَضْلُهُ الَّذِي سَبَقَ المُمْكِنَاتِ وَرَحْمَتُهُ الَّتِي سَبَقَتِ العالَمِينَ، اين بسى واضح است كه صواب يا خطا على زعم القوم اين طائفه امرى كه بآن معروفند آنرا حقّ دانسته واخذ كرده اند، لذا از ما عِنْدَهُمْ ابْتِغَاءً لِمَا عِنْدِ اللهِ گذشته اند، وهمين گذشتن از جان در سبيل محبّت رحمن گواهيست صادق وشاهديست ناطق عَلَى ما هُمْ يَدَّعُونَ، آيا مشاهده شده كه عاقل من غير دليل وبرهان از جان بگذرد؟ واگر گفته شود اين قوم مجنونند اين بسى بعيد است چه كه
فَوَالَّذِي أَنْطَقَ لَسَانَ كُلِّ شَيْءٍ بِثَنَاءِ نَفْسِهِ إنّ ما كان علينا صعباً عمله هو التّوجّه إلى جهة ما، وذلك مراعاة لبعض المراتب، لكن ما حَدَثَ إنّما كان من أجل صيانة النّفوس إِنَّ رَبِّي يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَإِنَّهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ.
إنّ الملك العادل هو ظلّ الله في الأرض يجب أن يأوى الجميع في ظلّ عدله ويستريحوا تحت جناح فضله ليس هذا المقام مقام التّخصيص والتّحديد ليكون مخصوصاً لبعْضٍ دون البعض الآخر لأنّ الظّلّ دليل على المُظِلّ والحقّ جلّ ذكره دعا نفسه ربّ العالمين لأنّه لم يزل ولا يزال يربّي الجميع فَتَعالَى فَضْلُهُ الَّذِي سَبَقَ المُمْكِنَاتِ وَرَحْمَتُهُ الَّتِي سَبَقَتِ العالَمِينَ، ومن الواضح جدّاً أنّ الأمر الذي اشتهرت هذه الطّائفة باسمه سواء أكانت على صواب أم على خطأ، كما يزعم القوم، اعتبرته حقّاً فاعتنقته، لذا ضحّوا بما عِنْدَهُمْ ابْتِغَاءً لِمَا عِنْدِ اللهِ فتضحيتهم هذه بأرواحهم في سبيل محبّة الرّحمن دليل صادق وشاهد ناطق عَلَى ما هُمْ يَدَّعُونَ
منحصر بيك نفس ودو نفس نبوده بلكه جمعى كثير از هر قبيل از كوثر معارف الهى سرمست شده بمشهد فدا در ره دوست بجان ودل شتافته اند، اگر اين نفوس كه للهِ از ما سواه گذشته اند وجان ومال در سبيلش ايثار نموده اند تكذيب شوند بكدام حجّت وبرهان صدق قول ديگران عَلَى ما هُمْ عَلَيْهِ در محضر سلطان ثابت ميشود، مرحوم حاجى سيّد محمّد أَعْلَى اللهُ مَقَامَهُ وَأَغْمَسَهُ فِي لُجَّةِ بَحْرِ رَحْمَتِهِ وَغُفْرَانِهِ با آنكه از اعلم علماى عصر بودند واتقى وازهد اهل زمان خود وجلالت قدرشان بمرتبهٴ بوده كه السن بريّه كلّ بذكر وثنايش ناطق وبزهد وورعش موقن در غزاى با روس با آنكه خود فتواى جهاد فرمودند واز وطن معروف بنصرت دين با علم مبين توجّه نمودند معذلك ببطش يسير از خير كثير گذشتند ومراجعت فرمودند، يا لَيْتَ كُشِفَ الغِطَاءُ وَظَهَرَ مَا سُتِرَ عَنِ الأَبْصَارِ، واين طايفه بيست سنه متجاوز است كه در ايّام وليالى بسطوت غضب خاقانى معذّب واز هبوب عواصف قهر سلطانى هر يك بديارى
أفهل شوهد أنّ العاقل يضحّي بنفسه بلا دليل أو برهان، وما أغرب أن يقال أنّ هذا القوم قوم مجنون لأنّهم لا ينحصرون في نفس أو نفسين بل جمع غفير من كلّ قبيل ثَمُلَ من كوثر المعارف الإلهيّة فهرولَ إلى مشهد الفداء في سبيل مرضاة المحبوب عن طيب قلب وطوع خاطر، فإن يُكَذَّب هؤلاء النّاس الّذين نبذوا لله ما سواه وأنفقوا أموالهم وأرواحهم في سبيله فبأيّ حجّة وبرهان يثبت لدى السّلطان صدق قول الآخرين على ما هم عليه، فالمرحوم الحاج سيّد محمّد أَعْلَى اللهُ مَقَامَهُ وَأَغْمَسَهُ فِي لُجَّةِ بَحْرِ رَحْمَتِهِ وَغُفْرَانِهِ مع أنّه كان من أعلم علماء عصره وأتقى وأزهد أهل زمانه وجلالة قَدْرِهِ كان بدرجة أن ألسُن الجميع تلهج بذكره وثنائه والكلّ موقن بزهده وورعه بالرّغم من أنّه أفتى بنفسه بالجهاد مع الرّوس وخرج من وطنه لنصرة الدّين رافعاً العَلَم المبين، مع ذلك تنازل عن خير كثير مقابل بطش يسير يا لَيْتَ كُشِفَ الغِطَاءُ وَظَهَرَ مَا سُتِرَ عَنِ الأَبْصَارِ، فمنذ أكثر من عشرين
افتاده اند، چه مقدار از اطفال كه بى پدر مانده اند وچه مقدار از آباء كه بى پسر گشته اند وچه مقدار از امّهات كه از بيم وخوف جرأت آنكه بر اطفال مقتول خود نوحه نمايند نداشته اند، وبسى از عباد كه در عشىّ با كمال غنا وثروت بوده اند ودر اشراق در نهايت فقر وذلّت مشاهده شده اند، مَا مِنْ أَرْضٍ إِلاّ وَقَدْ صُبِغَتْ مِنْ دِمائِهِمْ وَمَا مِنْ هَوَاءٍ إِلاَّ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ إِلَيْهِ زَفَرَاتُهُمْ، ودر اين سنين معدودات من غير تعطيل از سحاب قضا سهام بلا باريده، ومع جميع اين قضايا وبلايا نار حبّ الهى در قلوبشان بشأنى مشتعل كه اگر كلّ را قطعه قطعه نمايند از حبّ محبوب عالميان نگذرند بلكه بجان مشتاق وآملند آنچه در سبيل الهى وارد شود.
اى سلطان نسمات رحمت رحمن اين عباد را تقليب فرموده وبشطر احديّه كشيده، "گواه عاشق صادق در آستين باشد" ولكن بعضى از علماى ظاهره قلب انور مليك زمانرا نسبت بِمُحْرِمانِ حَرَمِ رحمن وقاصدان كعبهٴ عرفان مكدّر
سنة هذه الطّائفة مضطهدة بسطوَةِ الغضب الخاقاني ليلاً ونهاراً وشُرِّد كلّ واحد منها إلى ديار بما هبَّت عليهم عواصف القهر السّلطاني، وما أكثر الأطفال الّذين فَقَدوا آباءَهم والآباء الّذين أمسوا بلا أبناء، وكم من الأمّهات اللّواتي لم يتجرَّان على البكاء على أولادهنّ المقتولين خوفاً وهلعاً، وما أكثر العباد الّذين كانوا في العشيّ أصحاب ثروة وغناء ثمّ أصبحوا في الإشراق بمنتهى الفقر والذّلّ، مَا مِنْ أَرْضٍ إِلاّ وَقَدْ صُبِغَتْ مِنْ دِمائِهِمْ وَمَا مِنْ هَوَاءٍ إِلاَّ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ إِلَيْهِ زَفَرَاتُهُمْ، ولقد هطل عليهم في هذه الأعوام المعدودة سهام البلاء من سحاب القضاء دون انقطاع ومع كلّ هذه البلايا والقضايا لم تزل نار الحبّ الإلهيّ مشتعلة في قلوبهم بحيث لو قُطِّعَ الكلّ إرباً إرباً لما تنازلوا عن محبّة محبوب العالمين بل تمنّوا من صميم قلوبهم وبكلّ شوق ما يرد عليهم في سبيل الله.
يا أيّها السّلطان إنّ نسمات رحمة الرّحمن قلّبت هؤلاء العباد وساقتهم إلى
نموده اند، اى كاش رأى جهان آراى پادشاهى بر آن قرار ميگرفت كه اين عبد با علماى عصر مجتمع ميشد ودر حضور حضرت سلطان اتيان حجّت وبرهان مى نمود، اين عبد حاضر واز حقّ آمل كه چنين مجلسى فراهم آيد تا حقيقت امر در ساحت حضرت سلطان واضح ولائح گردد، وبعد الأَمْرُ بِيَدِكَ وَأَنَا حَاضِرٌ تِلْقَاءَ سَرِيرِ سَلْطَنَتِكَ فَاحْكُمْ لِي أَوْ عَلَيَّ، خداوند رحمن در فرقان كه حجّت باقيه است ما بين ملأ اكوان ميفرمايد فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ تمنّاى موت را برهان صدق فرموده، وبر مرآت ضمير منير معلوم است كه اليوم كدام حزبند كه از جان در سبيل معبود عالميان گذشته اند، واگر كتب استدلاليّهٴ اين قوم در اثبات ما هُمْ عَلَيْهِ بِدِماء مسفوكهٴ فى سبيله تعالى مرقوم مى شد هر آينه كتب لا يحصى ما بين بريّه ظاهر ومشهود بود، حال چگونه اين قوم را كه قول وفعلشان مطابقست ميتوان انكار نمود
شطر الأحديّة و"برهان العاشق الصّادق في رُدْنِهِ" ولكن بعض العلماء القِشريّين كَدَّروا قلب مليك الزّمان المنير بالنّسبة إلى مُحرمي حرم الرّحمن وقاصدي كعبَة العرفان، يا ليت رأي الملك السّديد يقرُّ على اجتماع علماء العصر بهذا العبد حتّى يأتي في محضره بالحجّة والبرهان، فهذا العبد مستعدّ ويسأل الله متمنّياً عقد مثل هذا المجلس حتّى تتّضح وتلوح في سُدّة حضرة السّلطان حقيقة الأمر وبعد ذلك الأمر بيدك وأنا حاضر تلقاء سرير سلطنتك فاحكم لي أو عليّ، يقول الله الرّحمن في الفرقان وهو الحجّة الباقية بين ملأ الأكوان "فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" وجعل تمنّي الموت برهاناً للصّدق، ومعلوم لدى مرآة ضميرك المنير ما هو الحزب الّذي ضَحَّى اليوم معتنقوه بأرواحهم في سبيل معبود العالَمين، ولو كتبت الكتب الاستدلاليّة لهذا القوم بالدّماء المسفوكة في سبيله تعالى في إثبات ما هم عليه، لوُجِدَتْ عياناً كتبٌ لا تُحصى بين البريّة، فكيف الآن يمكن أن نُكَذِّبَ هؤلاء الّذين تطابق أعمالُهم أقوالَهم ونصدِّق نفوساً لم يرضوا بالتنازل عن ذرّة
ونفوسى را كه از يك ذرّه اعتبار در سبيل مختار نگذشته ونميگذرند تصديق نمود؟ بعضى از علماء كه اين بنده را تكفير نموده اند ابداً ملاقات ننموده اند واين عبد را نديده اند واز مقصود مطّلع نشده اند، ومَعَذلِك قالُوا ما أَرادُوا ويَفعَلُونَ ما يُريدُونَ، هر دعوى را برهان بايد محض قول واسباب زهد ظاهره نبوده، ترجمهٴ چند فقره از فقرات صحيفهٴ مكنونهٴ فاطميّه صلوات الله عليها كه مناسب اين مقام است بلسان پارسى عرض ميشود تا بعضى از امور مستوره در پيشگاه حضور مكشوف شود، ومخاطب اين بيانات در صحيفهٴ مذكوره كه بكلمات مكنونه اليوم معروفست قومى هستند كه در ظاهر بعلم وتقوى معروفند ودر باطن مطيع نفس وهوى.
ميفرمايد "اى بيوفايان چرا در ظاهر دعوى شبانى كنيد ودر باطن ذئب اغنام من شده ايد مَثَل شما مثل ستارهٴ قبل از صبح است كه در ظاهر درّى وروشن است ودر باطن سبب ضلال وهلاكت كاروانهاى مدينه وديار من است".
واحدة مِن مراتبهم في سبيل الله المختار وما يزالون على هذه الشّاكلة، فبعض العلماء الّذين حكموا على هذا العبد بالكفر لم يروني قطّ ولم يقابلوني ولم يكونوا مطّلعين على مقصدي ومع ذلك ما أَرادُوا ويَفعَلُونَ ما يُريدُونَ، فلا بدّ لكلّ دعوى من برهان فالادّعاء المحض وما يدلّ على الزّهد الظّاهر لا يكفيان، وحتّى ينكشف لدى حضرة السّلطان بعض الأمور المستورة نأتي بفقرات باللّغة الفارسيّة من الصّحيفة المكنونة الفاطميّة صلوات الله عليها لمناسبتها في هذا المقام ومخاطبو هذه البيانات في الصّحيفة المذكورة المعروفة اليوم بالكلمات المكنونة هم قوم يدلّ ظاهرهم على العلم والتّقوى وباطنهم منطو على الرّضوخ للنّفس والهوى، يقول: "أيّها المجرّدون عَن الوفاء لماذا تدّعون في الظّاهر بأنّكم رعاة ثمّ غدوتم في الباطن ذئاب أغنامي إنّما مثلكم كمثل نجم ما قبل الصّبح فهو درّيّ منير في الظّاهر إلاّ أنّه في الباطن سبب إضلال قوافل مدينتي ودياري وهلاكها"
وهمچنين ميفرمايد "اى بظاهر آراسته وبباطن كاسته مَثَل تو مثل آب تلخ صافى است كه كمال لطافت وصفا از او در ظاهر مشاهده شود، وچون بدست صرّاف ذائقه احديّه افتد قطره ئى از آن را قبول نفرمايد، تجلّى آفتاب در تراب ومرآت هر دو موجود ولكن از فَرْقَدان تا ارض فرق دان بلكه فرق بى منتهى در ميان".
وهمچنين ميفرمايد "اى پسر دنيا بسا سحرگاهان تجلّى عنايت من از مشرق لا مكان بمكان تو آمد وتو را در بستر راحت بغير مشغول ديد وچون برق روحانى بمقرّ عزّ نورانى رجوع نمود ودر مكامن قرب نزد جنود قدس اظهار نداشتم وخجلت تو را نپسنديدم".
وهمچنين ميفرمايد "اى مدّعى دوستى من در سحرگاهان نسيم عنايت من بر تو مرور نمود وتو را بر فراش غفلت خفته يافت وبر حال تو گريست وباز گشت" انتهى .
وكذلك يقول "يا من تزيّن ظاهره وخبث باطنه إنّما مثلك كمثل ماء مرير صاف يرى فيه الرّائي كمال اللّطف والصّفاء في الظّاهر فإذا اختبره مذاق الأحديّة لم يقبل منه قطرة واحدة، إنّ تجلّي الشّمس في التّراب والمرآة سواء ولكن اعلم أنّ الفرق بينهما كالفرق بين الفرقدين والأرض بل الفرق بينهما شاسع لا نهاية له" وأيضا "يا ابن الدّنيا كم من أسحار أقبل فيها تجلّي عنايتي من مشرق اللاّمكان إلى مكانك ووجدك على فراش الرّاحة منصرفاً إلى غيري ورجع كالبرق الرّوحانيّ إلى مقرّ العزّ النّورانيّ وما أفشيت سرّك في مكامن القرب عند جنود القدس وما آثرت خجلتك" وأيضا "يا ابن من يدّعي حبّي، في الأسحار مرّ بك نسيم عنايتي ووجدك على فراش الغفلة نائماً فبكى حالك وعاد" انتهى.
لذلك لا ينبغي لدى العدالة السّلطانيّة الاكتفاء بمجرّد قول المدّعي وفي
لذا در پيشگاه عدل سلطانى نبايد بقول مدّعى اكتفا رود، ودر فرقان كه فارق بين حقّ وباطل است ميفرمايد يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوُا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمينَ، ودر حديث شريف وارد لا تُصَدِّقوُا النَّمَّامَ، بر بعضى از علماء امر مشتبه شده واين عبد را نديده اند وآن نفوس كه ملاقات نموده اند شهادت ميدهند كه اين عبد بغير ما حكم الله فى الكتاب تكلّم ننموده وباين آيهٴ مباركه ذاكر قوله تعالى هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ.
اى پادشاه زمان چشمهاى اين آوارگان بشطر رحمت رحمن متوجّه وناظر والبتّه اين بلايا را رحمت كبرى از پى واين شدايد عظمى را رخاء عظيم از عقب، ولكن اميد چنانست كه حضرت سلطان بنفسه در امور توجّه فرمايند كه سبب رجاى قلوب گردد واين خير محض است كه عرض شد وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدَاً.
الفرقان الّذي هو الفارق بين الحقّ والباطل يقول: "يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوُا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمينَ" وجاء في الحديث الشّريف "لا تُصَدِّقوُا النَّمامَ" فالأمر قد اشتبه على بعض العلماء، وهم لم يروا هذا العبد، أمّا الّذين لاقوني فإنّهم يشهدون بأنّ هذا العبد لم يتكلّم إلاّ بما حكم الله في الكتاب وأنّه ذاكر قوله تعالى في هذه الآية " هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ".
يا ملك الزّمان إنّ عيون هؤلاء المشرّدين متوجّهة وناظرة إلى شطر رحمة الرّحمن ولا ريب أنّ بعد هذه البلايا رحمة كبرى ويلي هذه الشّدائد العظمى رخاء عظيم ولكن من المأمول أن يهتمّ حضرة السّلطان بنفسه الأمور حتّى يكون ذلك سبباً لرجاء القلوب وفيما عرضتُ الخير المحض وَكَفى باللهِ شَهِيداً.
سُبحانَك اللّهُمَّ يا إِلهِي أَشهَدُ بِأَنَّ قلبَ السُّلطانِ قَدْ كانَ بَيْنَ اصْبَعَي
سُبحانَك اللّهُمَّ يا إِلهِي أَشهَدُ بِأَنَّ قلبَ السُّلطانِ قَدْ كانَ بَيْنَ اصْبَعَي قُدْرَتِكَ لَوْ تُرِيدُ قَلِّبْهُ يا إِلهِي إِلَى شَطْرِ الرَّحْمَةِ وَالإِحْسانِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُتَعَالِي المُقْتَدِرُ المَنَّانُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ.
در شرايط علما ميفرمايد وَأَمَّا مَنْ كانَ مِنَ الفُقَهَاءِ صائِنَاً لِنَفْسِهِ حافِظاً لِدِينِهِ مُخالِفاً لِهَواهُ مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاهُ فَلِلْعَوامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ الى آخر، واگر پادشاه زمان باين بيان كه از لسان مظهر وحى رحمن جارى شده ناظر شوند ملاحظه ميفرمايند كه متّصفين باين صفات وارده در حديث شريف اقلّ از كبريت احمرند، لذا هر نفسى كه مدّعى علم است قولش مسموع نبوده ونيست، وهمچنين در ذكر فقهاى آخر الزّمان ميفرمايند فُقَهاءُ ذلِكَ الزَّمَانِ أَشَرُّ فُقَهاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمآءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ، وهمچنين ميفرمايد إِذا ظَهَرَتْ رايَةُ الحَقِّ لَعَنَها أَهْلُ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ، واگر اين احاديث را نفسى تكذيب نمايد ثبوت آن بر اين عبد است،
قُدْرَتِكَ لَوْ تُرِيدُ قَلِّبْهُ يا إِلهِي إِلَى شَطْرِ الرَّحْمَةِ وَالإِحْسانِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُتَعَالِي المُقْتَدِرُ المَنَّانُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَزِيزُ المُسْتَعانُ. وقيل في مؤهّلات العلماء "وَأَمَّا مَنْ كانَ مِنَ الفُقَهَاءِ صائِنَاً لِنَفْسِهِ حافِظاً لِدِينِهِ مُخالِفاً لِهَواهُ مُطِيعاً لأَمْرِ مَوْلاهُ فَلِلْعَوامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ" إلى آخره، وإن تفرّس مليك الزّمان في هذا البيان الّذي جرى من لسان مظهر وحي الرّحمن، لاحظ أنّ المتّصفين بالصّفات الواردة في هذا الحديث الشّريف هم أندر من الكبريت الأحمر، لذا كلّ من ادّعى العلم فليس قوله مسموعاً قط، وكذلك يقول في وصف فقهاء آخر الزّمان: " فُقَهاءُ ذلِكَ الزَّمَانِ أَشَرُّ فُقَهاءَ تَحْتَ ظِلِّ السَّمآءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الفِتْنَةُ وَإِلَيْهِمْ تَعُودُ" وأيضا يقول: "إِذا ظَهَرَتْ رايَةُ الحَقِّ لَعَنَها أَهْلُ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ"، فإن كذّب أحد هذه الأحاديث فعلى هذا العبد إثباتها وإيجازاً للكلام لم نذكر تفاصيل رواتها. إنّ العلماء الّذين هم حقّاً شربوا من كأس الانقطاع لم يعترضوا على هذا العبد، مثال ذلك المرحوم الشّيخ
چون مقصود اختصار است لذا تفصيل رواة عرض نشد، علمائى كه فى الحقيقه از كأس انقطاع آشاميده اند ابداً متعرّض اين عبد نشده اند، چنانچه مرحوم شيخ مرتضى أَعْلَى اللهُ مَقامَهُ وَأَسْكَنَهُ فِي ظِلِّ قِبَابِ عِنَايَتِهِ در ايّام توقّف در عراق اظهار محبّت ميفرمودند وَبِغَيْرِ مَا أَذِنَ اللهُ در اين امر تكلّم ننمودند، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُوَفِّقَ الكُلَّ عَلَى مَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، حال جميع نفوس از جميع امور چشم پوشيده اند وباذيّت اين طائفه متوجّهند، چنانچه اگر از بعضى كه بعد از فضل بارى در ظلّ مرحمت سلطانى آرميده اند وبنعمت غير متناهيه مُتنعّمند سؤال شود كه در جزاى نعمت سلطانى چه خدمت اظهار نموده ايد بحُسن تدبير مملكتى بر ممالك افزوديد ويا بامرى كه سبب آسايش رعيّت وآبادى مملكت وابقاى ذكر خير دولت شود توجّه نموده ايد جوابى ندارند جز آنكه جمعى را صدق ويا كذب باسم بابى در حضور سلطان معروض دارند وبعد بقتل وتاراج مشغول شوند، چنانچه در تبريز
مرتضى أَعْلَى اللهُ مَقامَهُ وَأَسْكَنَهُ فِي ظِلِّ قِبَابِ عِنَايَتِهِ الّذي كان يُعرِبُ عن محبّته أيّام التّوقّف في العراق ولم ينطق في هذا الأمر بغير ما أذن الله، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُوَفِّقَ الكُلَّ عَلَى مَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، والآن لقد غضّ النّاس جميعاً الطّرف عن كافّة الأمور وانصرفوا إلى إيذاء هذه الطّائفة، وإن سألت بعض الّذين هم مستريحون في ظلّ عطوفة السّلطان بعد شمولهم فضل الله الباري وتنعّمهم بنعم لا تحصى، إن سألتهم أيّة خدمة قدّمتموها مقابل النّعمة السّلطانيّة؟ أأضفتم ملكاً إلى الممالك بحسن تدبيركم أو باشرتم أمراً يكون سبباً لرخاء الرّعيّة وإعمار المملكة وبقاءِ عاطر الذّكر للدّولة، ليس لديهم من جواب سوى أن يعرضوا للسّلطان عن انتساب جمع من النّاس إلى البابيّة سواء أكان ذلك صدقاً أم كذباً ثمّ يشتغلون بالقتل والنّهب وها هم في تبريز (إيران) وفي المنصوريّة (مصر) باعوا بعضاً من النّاس مقابل مال كبير ولم يذكر شيء
ومنصوريّهٴ مصر بعضى را فروختند وزخارف كثيره اخذ نمودند وابداً در پيشگاه حضور سلطان عرض نشده، كلّ اين امور نظر بآن واقع شده كه اين فقرا را بى معين يافته اند، از امور خطيره گذشته اند وباين فقراء پرداخته اند طوائف متعدّده وملل مختلفه در ظلّ سلطان مستريحند يك طائفه هم اين قوم باشند، بلكه بايد علوّ همّت وسموّ فطرت ملازمان سلطانى بشأنى مشاهده شود كه در تدبير آن باشند كه جميع اديان در سايهٴ سلطان درآيند وما بين كلّ بعدل حكم رانند، اجراى حدود الله محض عدلست وكلّ بآن راضى بلكه حدود الهيّه سبب وعلّت حفظ بريّه بوده وخواهد بود بقوله تعالى ولَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ يَا أُولِي الأَلْبابِ، از عدل حضرت سلطان بعيد است كه بخطاى نفسى جمعى از نفوس مورد سياط غضب شوند، حقّ جلّ ذكره ميفرمايد لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، واين بسى معلوم كه در هر طائفه عالم وجاهل عاقل وغافل فاسق ومتّقى بوده وخواهد بود، وارتكاب امور شنيعه از عاقل بعيد است
بتاتاً عن هذه الأمور لدى حضرة السّلطان ولم تقع كلّ هذه الأمور إلاّ لأنّهم وجدوا هؤلاء الفقراء دون نصير، غضّوا الطّرف عن أمور خطيرة وانصرفوا إلى هؤلاء الفقراء، إنّ ثمّة طوائف متعدّدة وملل مختلفة مستريحة في ظلّ السّلطان، فلتكن هذه الطّائفة إحداها، بل ما يقتضي علوّ همّة ملازمي السّلطان وسموّ فطرتهم هو أن تستظلّ كافّة الأديان تحت ظلّ السّلطان بحسن تدبيرهم ويحكموا فيما بينهم بالعدل، إنّ إجراء حدود الله عدل محض والكلّ راضون بذلك بل الحدود الإلهيّة كانت وما تزال سبباً وعلّة لحفظ البريّة بقوله تعالى " ولَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ يَا أُولِي الأَلْبابِ". وممّا هو بعيد عن عدل حضرة السّلطان تعرّض جمع من النّاس لسياط الغضب من أجل خطأ نفس واحدة ويقول الله تعالى جلّ ذكره " لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" ومن الواضح جدّاً أنّ كلّ طائفة تضمّ العالم والجاهل والعاقل والغافل والفاسق والمتّقي
چه كه عاقل يا طالب دنيا است ويا تارك آن، اگر تاركست البتّه بغير حقّ توجّه ننمايد واز اين گذشته خشية الله او را از ارتكاب افعال منهيّهٴ مذمومه منع نمايد، واگر طالب دنيا است امورى كه سبب وعلّت اعراض عباد ووحشت من فى البلاد شود البتّه ارتكاب ننمايد بلكه باعمالى كه سبب اقبال ناس است عامل شود، پس مبرهن شد كه اعمال مردوده از انفس جاهله بوده وخواهد بود، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يَحْفَظَ عِبادَهُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى غَيْرِهِ وَيُقَرِّبَهُمْ إِلَيْهِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
سُبْحانَكَ اللّهُمَّ يا إِلهِي تَسْمَعُ حَنِينِي وَتَرى حَالِي وَضُرِّي وَابْتِلائِي وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي، إِنْ كانَ نِدائِي خالِصاً لِوَجْهِكَ فَاجْذُبْ بِهِ قُلُوبَ بَرِيَّتِكَ إِلَى أُفُقِ سَمآءِ عِرْفانِكَ وَقَلْبَ السُّلْطانِ إِلَى يَمِينِ عَرْشِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ، ثُمَّ ارْزُقْهُ يا إِلهِي النِّعْمَةَ الَّتِي نُزِّلَتْ مِنْ سَمآءِ كَرَمِكَ وَسَحابِ رَحْمَتِكَ لِينْقَطِعَ عَمَّا عِنْدَهُ وَيَتَوَجَّهَ إِلَى شَطْرِ
وأمّا ارتكاب الأمور الشّنيعة بعيد عن العاقل ومردّ ذلك أنّ العاقل إمّا راغب في الدّنيا وإمّا زاهد عنها، فإن كان زاهداً عنها لا شكّ أنّه يتوجّه إلى الحقّ ناهيك أنّ خشية الله تمنعه عن ارتكاب المناهي والمساوئ، وإذا كان طالباً للدّنيا فهو لا يتوخّى ارتكاب أمور تكون سبباً في إعراض العباد عنه وعلّة لاستيحاش من في البلاد منه فيقوم بأعمال تكون سبباً في إقبال النّاس إليه، إذاً فقد ثبت أنّ الأعمال المردودة كانت وما تزال من صنع نفوس جاهلة، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يَحْفَظَ عِبادَهُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى غَيْرِهِ وَيُقَرِّبَهُمْ إِلَيْهِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
سُبْحانَكَ اللّهُمَّ يا إِلهِي تَسْمَعُ حَنِينِي وَتَرى حَالِي وَضُرِّي وَابْتِلائِي وَتَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي، إِنْ كانَ نِدائِي خالِصاً لِوَجْهِكَ فَاجْذُبْ بِهِ قُلُوبَ بَرِيَّتِكَ إِلَى أُفُقِ سَمآءِ عِرْفانِكَ وَقَلْبَ السُّلْطانِ إِلَى يَمِينِ عَرْشِ اسْمِكَ الرَّحْمنِ، ثُمَّ ارْزُقْهُ يا إِلهِي النِّعْمَةَ الَّتِي نُزِّلَتْ مِنْ
أَلْطافِكَ، أيْ رَبِّ أَيِّدْهُ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ وَإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، ثُمَّ انْصُرْهُ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لِيُسَخِّرَ المَدائِنَ بِاسْمِكَ وَيَحْكمَ عَلَى مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ، يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الإِيجادِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَاكِمُ فِي المَبْدَءِ وَالمَعادِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الحَكِيمُ.
بشأنى امر را در پيشگاه حضور سلطانى مشتبه نموده اند كه اگر از نفسى از اين طايفه عمل قبيحى صادر شود آن را از مذهب ين عباد ميشمرند، فَوَاللهِ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ اين عبد ارتكاب مكاره را جايز ندانسته تا چه رسد بِآنچه صريحاً در كتب الهى نهى آن نازل شده، حقّ ناس را از شرب خمر نهى فرموده وحرمت آن در كتاب الهى نازل وثبت شده وعلماى عصر كَثَّرَ اللهُ أَمْثالَهُمْ طُرَّاً ناس را از اين عمل شنيع نهى نموده اند، معذلك بعضى مرتكبند حال جزاى اين عمل بنفوس غافله راجع وآن مظاهر عزّ تقديس مقدّس ومبرّا، يَشْهَدُ بِتَقْدِيسِهِمْ كُلُّ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ،
سَمآءِ كَرَمِكَ وَسَحابِ رَحْمَتِكَ لِينْقَطِعَ عَمَّا عِنْدَهُ وَيَتَوَجَّهَ إِلَى شَطْرِ أَلْطافِكَ، أيْ رَبِّ أَيِّدْهُ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ وَإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، ثُمَّ انْصُرْهُ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لِيُسَخِّرَ المَدائِنَ بِاسْمِكَ وَيَحْكمَ عَلَى مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطانِكَ، يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ الإِيجادِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَاكِمُ فِي المَبْدَءِ وَالمَعادِ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الحَكِيمُ.
ولقد همّ القوم للبس حقيقة هذا الأمر لدى حضرة السّلطان بحيث أنّ كلّ قبيح صدر من فرد من أفراد هذه الطّائفة اعتبروه من مذهب هؤلاء العباد، فوالّذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا العبد لم يسمح بارتكاب المكاره فكيف بالأمور الّتي صرّحت الكتب الإلهيّة بنهيها، إنّ اللهَ نهى النّاس عن شرب الخمر ونزل وثبت هذا التّحريم في الكتاب الإلهيّ وحذّر علماء العصر جميعاً كثَّر اللهُ أمثالهم النّاس من هذا العمل الشّنيع، فبالرّغم من ذلك كلّه ترى بعضهم يتعاطونه، إذاً تعود تبعة هذا العمل إلى
بلى اين عباد حقّ را يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَيَحْكُمُ ما يُرِيدُ ميدانند وظهورات مظاهر احديّه را در عالم ملكيّه محال ندانسته اند، واگر نفسى محال داند چه فرق است ما بين او وقومى كه يد الله را مغلول دانسته اند، واگر حقّ جلّ ذكره را مختار دانند بايد هر امرى كه از مصدر حكم آن سلطان قدم ظاهر شود كلّ قبول نمايند، لا مَفَرَّ وَلا مَهْرَبَ لأَحَدٍ إِلاّ إِلَى اللهِ لا عاصِمَ وَلا مَلْجَأَ إِلاَّ إِلَيْهِ، وامرى كه لازم است اتيان دليل وبرهان مدّعى عَلَى ما يَقُولُ وَيَدَّعِي، ديگر اعراض ناس از عالم وجاهل منوط نبوده ونخواهد بود، انبياء كه لئالى بحر احديّه ومهابط وحى الهيّه اند محلّ اعراض واعتراض ناس واقع شده اند چنانچه ميفرمايد وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسوُلِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالباطِلِ لِيُدْحِضُوْا بِهِ الحَقَّ، وهمچنين ميفرمايد مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ، در ظهور خاتم انبياء وسلطان اصفياء روح العالمين فداه ملاحظه فرمائيد كه بعد از اشراق شمس حقيقت از افق حجاز چه مقدار ظلم از اهل
النّفوس الغافلة، وأمّا أولئك الّذين هم مظاهر العزّ والتّقديس فساحتهم مقدّسة ومنزّهة وَيَشْهَدُ بِتَقْدِيسِهِمْ كُلُّ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ.
أجل إنّ هؤلاء العباد يعتقدون بأنّ الله الحقّ يَفْعَلُ ما يَشاءُ وَيَحْكُمُ ما يُرِيدُ ولا يقولون باستحالة ظهور المظاهر الأحديّة في العوالم المكليّة، وإن قال قائل باستحالته فما الفرق بينه وبين قوم قالوا "يدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ"، أمّا إذا كانوا يعتقدون أنّ الحقّ جلّ ذكره هو المختار يجب عليهم أن يقبلوا كلّ أمر يصدر من مصدر حكم ذلك السّلطان القديم لا مَفَرَّ وَلا مَهْرَبَ لأَحَدٍ إِلاّ إِلَى اللهِ لا عاصِمَ وَلا مَلْجَأَ إِلاَّ إِلَيْهِ، والمفروض على من يدّعي اتيان الدّليل والبرهان على ما يقول ويدّعي، وما عدا ذلك لا يناط في أمره قطّ إعراض النّاس من عالم وجاهل، إنّ الأنبياء الّذين هم لآلئ بحر الأحديّة ومهابط الوحي الإلهيّ قد وقعوا فريسة إعراض النّاس واعتراضهم
ضلال بر آن مظهر عزّ ذى الجلال وارد شده، بشأنى عباد غافل بودند كه اذيّت آن حضرت را از اعظم اعمال وسبب وصول بحقّ متعال ميدانسته اند چه كه علماى آن عصر در سنين اوّليّه از يهود ونصارى از آن شمس افق اعلى اعراض نمودند وباعراض آن نفوس جميع ناس از وضيع وشريف بر اطفاى نور آن نيّر افق معانى كمر بستند، اسامى كلّ در كتب مذكور است، از جمله وهب بن راهب وكعب بن اشرف وعبد الله ابىّ وامثال آن نفوس، تا آنكه امر بمقامى رسيد كه در سفك دم اطهر آن حضرت مجلس شورى ترتيب دادند، چنانچه حقّ جلّ ذكره خبر فرموده "وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوُا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوُك أَوْ يُخْرِجُوكَ ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرينَ"، وهمچنين ميفرمايد "وإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتِغَيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمآءِ فَتَأْتِيهِمْ بِآيةٍ وَلَوْ شآءَ اللهُ
كما يقول الله "وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسوُلِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالباطِلِ لِيُدْحِضُوْا بِهِ الحَقَّ" وكذلك يقول "مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ" تأمّلوا في ظهور خاتم الأنبياء وسلطان الأصفياء روح العالمين له فداء وما أفظع الظّلم الوارد على ذلك الشّخص الّذي هو مظهر عزّ الله ذي الجلال من أهل الضّلال بعدما أشرقت شمس الحقيقة من أفق الحجاز، وكان العباد في غفلة عن أمره بحيث كانوا يظنّون أنّ إيذاءه من أعظم الأعمال وسبب الوصول إلى الحقّ المتعال، لأنّ علماء ذلك العصر من اليهود والنّصارى أعرضوا عن تلك الشّمس المضيئة من الأفق الأعلى في السّنين الأولى من ظهوره وبإعراض هؤلاء شدّ جميع النّاس من وضيعهم وشريفهم أزر الهمّة لإطفاء نور ذلك النّيّر السّاطع من أفق المعاني، وأسماء كلّ هؤلاء مذكورة في الكتب، ومن جملتهم وهب بن راهب وكعب بن أشرف وعبدالله أُبَيّ وأمثالهم ووصل أمر إعراضهم إلى مقام عقدوا مجلساً للمشورة في إيجاد سبيل لسفك دمه
لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونُنَّ مِنَ الْجَاهِلينَ"، تالله از مضمون اين دو آيهٴ مباركه قلوب مقرّبين در احتراق است، وامثال اين امور واردهٴ محقّقه از نظر محو شده وابداً تفكّر ننموده ونمينمايند كه سبب اعراض عباد در احيان ظهور مطالع انوار الهيّه چه بوده، وهمچنين قبل از خاتم انبياء در عيسى ابن مريم ملاحظه فرمايند بعد از ظهور آن مظهر رحمن جميع علماء آن ساذج ايمان را بكفر وطغيان نسبت داده اند تا بالاخره باجازهٴ حنّاس كه اعظم علماى آن عصر بود وهمچنين قيافا كه اقضى القضاة بود بر آن حضرت وارد آوردند آنچه را كه قلم از ذكرش خجل وعاجز است ضاقَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ بِوُسْعَتِها إِلى أَنْ عَرَّجَهُ اللهُ إِلَى السَّمآءِ، واگر تفصيل جميع انبياء عرض شود بيم آنست كه كسالت عارض گردد، ومخصوص علماى توراة بر آنند كه بعد از موسى نبىّ مستقلّ صاحب شريعت نخواهد آمد،
الطّاهر كما أنبأ عنه الحقّ جلّ ذكره "وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوُا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوُك أَوْ يُخْرِجُوكَ ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرينَ"، وكذلك قال "وإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتِغَيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمآءِ فَتَأْتِيهِمْ بِآيةٍ وَلَوْ شآءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونُنَّ مِنَ الْجَاهِلينَ".
تالله إنّ أفئدة المقرّبين لتحترق من مضمون هاتين الآيتين وأمثال هذه الأمور المحقَّقة الواردة باتت منسيَّة ولا يتفكّر أحد قط في أسباب إعراض العباد عند ظهور مطالع الأنوار الإلهيّة، وكذلك تأمّلوا في عهد عيسى ابن مريم قبل خاتم الأنبياء بعد أن ظهر ذلك المظهر الرّحمانيّ أتّهم جميع العلماء ساذج الإيمان هذا بالكفر والطّغيان وأخيراً بإذن من أعظم علماء ذلك العصر حنّاس وكذلك قيافا الّذي كان أقضى القضاة أوقعوا عليه ما يخجل القلم من ذكره ويعجز عن وصفه، ضاقَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ بِوُسْعَتِها إِلى أَنْ عَرَّجَهُ اللهُ إِلَى السَّمآءِ، ولولا خشية الله لعرضنا تفاصيل أمور جميع
نفسى از اولاد داود ظاهر خواهد شد واو مروّج شريعت توراة خواهد شد تا باعانت او حكم توراة ما بين اهل شرق وغرب جارى ونافذ گردد، وهمچنين اهل انجيل محال دانسته اند كه بعد از عيسى ابن مريم صاحب امر جديد از مشرق مشيّت الهى اشراق نمايد ومستدلّ باين آيه شده اند كه در انجيل است إِنَّ السَّماءَ وَالأَرْضَ تَزُولانِ وَلكِنَّ كَلامَ ابْنِ الإِنْسانِ لَنْ يَزُولَ أَبَداً، وبر آنند كه آنچه عيسى ابن مريم فرموده وامر نموده تغيير نيابد، در يك مقام از انجيل ميفرمايد إِنِّي ذاهِبٌ وَآتٍ، ودر انجيل يوحنّا هم بشارت داده بروح تسلّى دهنده كه بعد از من ميآيد، ودر انجيل لوقا هم بعضى علامات مذكور است، ولكن چون بعضى از علماى آن ملّت هر بيانى را تفسيرى بهواى خود نمودند لذا از مقصود محتجب ماندند، فَيا لَيْتَ أَذِنْتَ لِي يا سُلْطانُ لِنُرسِلَ إِلى حَضْرَتِكَ ما تَقَرُّ بِهِ العُيونُ وَتَطْمَئِنُّ بِهِ النُّفُوسُ وَيُوقِنُ
الأنبياء وخاصّة علماء التّوراة الّذين أجمعوا على أنّه لن يأتي بعد موسى نبيٌّ مستقلّ صاحب شريعة وأنّه سيظهر من ذرّيّة داود من يروّج شريعة التّوراة وذلك كي يجري أحكام التّوراة وترسخ بين أهل الشّرق والغرب، وكذلك أهل الإنجيل قالوا بأنّه من المحال طلوع صاحب أمر جديد من مشرق المشيئة الإلهيّة بعد عيسى ابن مريم واستدلّوا بالآية الواردة في الإنجيل وهي "إِنَّ السَّماءَ وَالأَرْضَ تَزُولانِ وَلكِنَّ كَلامَ ابْنِ الإِنْسانِ لَنْ يَزُولَ أَبَداً" وهم متّفقون بأنّ أقوال عيسى ابن مريم وأوامره لن تتغيّر وفي مقام من الإنجيل يقول " إِنِّي ذاهِبٌ وَآتٍ" وكذلك يبشّر في إنجيل يوحنّا "بالرّوح المُعزِّي الآتي من بعدي" وأيضاً هناك علامات مذكورة في إنجيل لوقا، غير أنّ بعض العلماء في تلك الملّة فسّروا كلّ بيان حسب أهواء أنفسهم لذلك احتجبوا عن المقصود، فَيا لَيْتَ أَذِنْتَ لِي يا سُلْطانُ لِنُرسِلَ إِلى حَضْرَتِكَ ما تَقَرُّ بِهِ العُيونُ وَتَطْمَئِنُّ بِهِ النُّفُوسُ وَيُوقِنُ كُلُّ مُنْصِفٍ بِأَنَّ عِنْدَهُ عِلْمَ الكِتابِ. وعندما يعجز بعض النّاس
كُلُّ مُنْصِفٍ بِأَنَّ عِنْدَهُ عِلْمَ الكِتابِ، وبعضى از ناس چون از جواب خصم عاجزند بحبل تحريف كتب متمسّكند، وحال آنكه ذكر تحريف در مواضع مخصوصه بوده، لَوْلا إِعْراضُ الجُهَلاءِ وَإِغْماضُ العُلَماءِ لَقُلْتُ مَقالاً تَفْرَحُ بِهِ القُلُوبُ وَتَطِيرُ إِلَى الهَواءِ الَّذِي يُسْمَعُ مِنْ هَزِيزِ أَرْيَاحِهِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَلكِنِ الآنَ لِعَدَمِ اقْتِضَاءِ الزَّمَانِ مَنَعْتُ اللِّسانَ عَنِ البَيانِ وَخُتِمَ إِناءُ التِّبْيانِ إِلى أَنْ يَفْتَحَ اللهُ بقُدْرَتِهِ إِنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.
سُبْحانَكَ اللّهُمَّ يا إِلهي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ سَخَّرْتَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِأَنْ تَحْفَظَ سِرَاجَ أَمْرِكَ بِزُجاجَةِ قُدْرَتِكَ وَأَلْطافِكَ لِئَلاَّ تَمُرَّ عَلَيْهِ أَرْياحُ الإِنْكارِ مِنْ شَطْرِ الَّذِينَ غَفَلُوا مِنْ أَسْرارِ اسْمِكَ المُخْتارِ، ثُمَّ زِدْ نُورَهُ بِدُهْنِ حِكْمَتِك إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِالكَلِمَةِ العُلْيا الَّتِي بِها فَزَعَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ إِلاّ مَنْ تَمَسَّكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى بِأَنْ لا تَدَعَنِي بَيْنَ خَلْقِكَ فَارْفَعْنِي إِلَيْكَ وَأَدْخِلْنِي فِي ظِلالِ رَحْمَتِكَ وَأَشْرِبْنِي زُلالَ خَمْرِ عِنايَتِكَ لأَسْكُنَ فِي خِباءِ مَجْدِكَ وَقِبابِ أَلْطافِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ
يا سُلْطانُ قَدْ خَبَتْ مَصابِيحُ الإِنْصافِ وَاشْتَعَلَتْ نَارُ الاعْتِسافِ فِي كُلِّ الأَطْرافِ إِلَى أَنْ جَعَلُوا أَهْلِي أُسَارَى مِنَ الزَّوْرآءِ إِلَى المَوْصِلِ الحَدْباءَ، لَيْسَ هذا أَوَّلَ حُرْمَةٍ هُتِكَتْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَنْبَغِي لِكُلِّ نَفْسٍ أَنْ يَنْظُرَ وَيَذْكُرَ فِيما وَرَدَ عَلَى آلِ الرَّسُولِ إِذْ جَعَلَهُمُ القَوْمُ أُسَارَى وَأَدْخَلُوهُمْ فِي دِمَشْقَ الفَيْحَآءِ، وَكانَ بَيْنَهُمْ سَيِّدُ السَّاجِدِينَ وَسَنَدُ المُقَرَّبِينَ وَكَعْبَةُ المُشْتَاقِينَ رُوحُ ما سِواهُ فِداهُ، قِيلَ لَهُمْ أَأَنْتُم
عن جواب خصمهم يتمسّكون بحبل تحريف الكتب مع أنّ ذكر التّحريف جاء في مواضع محدّدة.
الخَوارجُ؟ قَالَ لا وَاللهِ نَحْنُ عِبادٌ آمَنَّا بِاللهِ وَآياتِهِ وَبِنَا افْتَرَّ ثَغْرُ الإِيمانِ وَلاحَتْ آيَةُ الرَّحْمنِ وَبِذِكْرِنا سَالَتِ البَطْحاءُ وَماطَتِ الظُّلْمَةُ الَّتِي حالَتْ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، قِيلَ أَحَرَّمْتُمْ ما أَحَلَّهُ اللهُ أَوْ حَلَّلْتُمْ ما حَرَّمَهُ اللهُ؟ قالَ نَحْنُ مَنِ اتَّبَعَ أَوَامِرَ اللهِ وَنَحْنُ أَصْلُ الأَمْرِ وَمَبْدَؤُهُ وَأَوَّلُ كُلِّ خَيْرٍ وَمُنْتَهاهُ نَحْنُ آيةُ القِدَمِ وَذِكْرُهُ بَيْنَ الأُمَمِ، قِيلَ أَتَرَكْتُمُ القُرْآنَ؟ قالَ فِينا أَنْزَلَهُ الرَّحْمنُ وَنَحْنُ نَسائِمُ السُّبْحَانِ بَيْنَ الأَكْوانِ وَنَحْنُ الشَّوارِعُ الَّتِي انْشَعَبَتْ مِنَ البَحْرِ الأَعْظَمِ الَّذِي أَحْيَى اللهُ بِهِ الأَرْضَ وَيُحْيِيها بِهِ بَعْدَ مَوْتِها، وَمِنَّا انْتَشَرَتْ آياتُهُ وَظَهَرَتْ بَيِّنَاتُهُ وَبَرَزَتْ آثارُهُ وَعِنْدَنا مَعانِيهِ وَأَسْرارُهُ، قِيلَ لأَيِّ جُرْمٍ مُليتُمْ قال لِحُبِّ اللهِ وَانْقِطاعِنَا عَمّا سِواهُ، إِنَّا ما ذَكَرْنا عِبَارَتَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَلْ رَشَحْنا رَشْحاً مِنَ البَحْرِ الحَيَوانِ الَّذِي كانَ مُودَعاً فِي كَلِمَاتِهِ لَيَحْيَى بِهِ المُقْبِلُونَ وَيَطَّلِعُوا بِمَا وَرَدَ عَلَى أُمَنَاءِ اللهِ مِنْ قَوْمِ سَوْءٍ أَخْسَرِينَ، وَنَرَى اليَوْمَ يَعْتَرِضُونُ القَوْمُ عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ قبلُ وَهُمْ يَظْلِمُونَ أَشَدَّ مِمَّا ظَلَمُوا وَلا يَعْرِفُونَ، تَاللهِ إِنِّي ما أَرَدْتُ الفَسَادَ بَلْ تَطْهِيرَ العِبَادِ عنْ كُلِّ ما مَنَعَهُمْ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ مَالكِ يَوْمِ التَّنادِ، كُنْتُ نائِماً عَلَى مَضْجَعِي مَرَّتْ عَلَيَّ نَفَحاتُ رَبِّيَ الرَّحْمنِ وَأَيْقَظَتْنِي مِنَ النَّوْمِ وَأَمَرَنِي بِالنِّداءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، مَا كانَ هذا مِنْ عِنْدِي بَلْ مِنْ عِنْدِهِ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ سُكَّانُ جَبَرُوتِهِ وَمَلَكُوتِهِ وَأَهْلُ مَدائِنِ عِزِّهِ، فَوَنَفْسِهِ الحَقِّ لا أَجْزَعُ مِنَ البَلايا فِي سَبِيلِه وَلا عَنِ الرَّزَايا فِي حُبِّهِ وَرِضائِهِ، قَدْ جَعَلَ اللهُ البَلاءَ غَادِيَةً لِهذِهِ الدَّسْكَرَةِ الخَضْراءِ وَذُبالَةً لِمِصْباحِهِ الَّذِي بِهِ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَالسَّماءُ، هَلْ يَبْقَى لأَحَدٍ ما عِنْدَهُ مِنْ ثَرْوَتِهِ أَوْ يُغْنِيهِ غَداً عنْ مَالِكِ ناصِيَتِهِ، لَوْ يَنْظُرُ أَحَدٌ فِي الَّذِينَ نامُوا تَحْتَ الرِّضامِ وَجاوَرُوا الرَّغامَ هَلْ يَقْدِرُ أَنْ يُمَيِّزَ رِمَمَ جَمَاجِمِ المالِكِ عَنْ بَراجِمِ المَمْلُوكِ؟ لا فَوَمالِكِ المُلُوكِ، وَهَلْ يَعْرِفُ الوُلاةَ مِنَ الرُّعاةِ وَهَلْ يُمَيِّزُ أُولِي الثَّرْوَةِ وَالغَنَاءِ مِنَ الَّذي كَانَ بِلا حِذاءٍ وَوِطاءٍ؟ تَاللهِ قدْ رُفِعَ الفَرْقُ إِلاَّ لِمَنْ قَضَى الحَقَّ وَقُضِيَ بِالحَقِّ، أَيْنَ العُلَماءُ وَالفُضَلاءُ وَالأُمَراءُ أَينَ دِقَّةُ أَنْظارِهِمْ وَحِدَّةُ أَبْصارِهِمْ
وَرِقََّةُ أَفْكارِهِمْ وَسَلامَةُ أَذْكارِهِمْ وَأَيْنَ خَزائِنُهُمُ المَسْتُورَةُ وَزَخارِفُهُمُ المَشْهُودَةُ وَسُرُرُهُمُ المَوْضُونَةُ وَفُرُشُهُمُ المَوْضُوعَةُ، هَيْهَاتَ قَدْ صَارَ الكُلُّ بُوراً وَجَعَلَهُمْ قَضَاءُ اللهِ هَباءً مَنْثُوراً، قَدْ نَثَلَ ما كنَزُوا وَتَشَتَّتَ ما جَمَعُوا وَتَبَدَّدَ ما كَتَمُوا، أَصْبَحُوا لا يُرى إِلاّ أَماكِنُهُمُ الخالِيَةُ وَسُقُوفُهُمُ الْخاوِيَةُ وَجُذُوعُهُمُ المُنْقَعِرةُ وَقَشيبُهُمُ الباليَةُ، إِنَّ البَصيرَ لا يَشْغَلُهُ المالُ عَنِ النَّظَرِ إِلَى المآلِ وَالخَبِيرَ لا تُمْسِكُهُ الأَمْوالُ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى الغَنِيِّ المُتَعالِ، أَيْنَ مَنْ حَكَمَ عَلَى ما طَلَعَتِ الشَّمْسُ عَلَيْها وَأَسْرَفَ وَاسْتَطْرَفَ فِي الدُّنْيا وَما خُلِقَ فِيها، أَيْنَ صاحِبُ الكَتِيبَةِ السَّمْراءِ وَالرَّايَةِ الصَّفْراءِ، أَيْنَ مَنْ حَكَمَ فِي الزَّوْرَاءِ وَأَيْنَ مَنْ ظَلَمَ فِي الفَيْحَاءِ وَأَيْنَ الَّذِينَ ارْتَعَدَ الكُنُوزُ مِنْ كَرَمِهِمْ وَقُبِضَ البَحْرُ عِنْدَ بَسْطِ أَكُفِّهِمْ وَهِمَمِهِمْ، وَأَيْنَ مَنْ طالَ ذِرَاعُهُ فِي العِصْيانِ وَمالَ ذَرْعُهُ عَنِ الرَّحْمنِ، أَيْنَ الَّذِي كَانَ أَنْ يَجْتَبِيَ اللَّذَّاتِ وَيَجْتَنِيَ أَثْمارَ الشَّهَواتِ، أَيْنَ رَبَّاتُ الكَمالِ وَذَواتُ الجَمالِ، أَيْنَ أَغْصانُهُمُ المُتَمايِلَةُ وَأَفْنانُهُمُ المُتَطاوِلَةُ وَقُصُورُهُمُ العالِيَةُ وَبَساتِينُهُمُ المَعْرُوشَةُ، وَأَيْنَ دِقَّةُ أَدِيمِهَا وَرِقَّةُ نَسِيمِها وَخَرِيرُ مَائِهَا وَهَزِيزُ أَرْياحِها وَهَدِيرُ وَرْقائِها وَحَفِيفُ أَشْجارِها، وَأَيْنَ سُحُورُهُمُ المُفْتَرَّةُ وَثُغُورُهُمُ المُبْتَسِمَةُ، فَواهاً لَهُمْ قَدْ هَبَطُوا الحَضِيضَ وَجاوَرُوا الْقَضِيضَ لا يُسْمَعُ اليَوْمَ مِنْهُمْ ذِكْرٌ وَلا رِكْزٌ وَلا يُعْرَفُ مِنْهُمْ أَمْرٌ وَلا رَمْزٌ، أَيُمَارُونَ القَوْمُ وَهُمْ يَشْهَدُونَ؟ أيُنْكِرُونَ وَهُمْ يَعْلَموْنَ؟ لَمْ أَدْرِ بِأَيِّ وادٍ يَهِيمُونَ، أَمَا يَرَوْنَ يَذْهَبُونَ وَلا يَرْجِعُونَ؟ إِلَى مَتَى يُغِيرُونَ وَيُنْجِدُون يَهْبِطُونَ وَيَصْعَدُونَ؟ "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ"، طُوبَى لِمَنْ قَالَ أَو يَقُولُ بَلَى يا رَبِّ آنَ وَحانَ وَيَنْقَطِعُ عَمَّا كَانَ إِلَى مالِكِ الأَكْوانِ وَمَلِيكِ الإِمْكانِ، هَيْهاتَ لا يُحْصَدُ إِلاّ ما زُرِعَ وَلا يُؤْخَذُ إِلاّ ما وُضِعَ إِلاّ بِفَضْلِ اللهِ وَكَرَمِهِ، هَلْ حَمَلَتِ الأَرْضُ بِالَّذِي لا تَمْنَعُهُ سُبُحاتُ الجَلالِ عَنِ الصُّعُودِ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّهِ العَزِيزِ المُتُعالِ؟ وَهَلْ لَنا مِنَ العَمَلِ ما يَزُولُ بِهِ العِلَلُ وَيُقَرِّبُنا إِلَى مالِكِ العِلَلِ؟ نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُعامِلَنا بِفَضْلِهِ لا بِعَدْلِهِ
وَيَجْعَلَنا مِمَّن تَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَانْقَطَعَ عَمَّا سِواهُ.
يا مَلِكُ قَدْ رَأَيْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ ما لا رَأَتْ عَيْنٌ وَلا سَمِعَتْ أُذُنٌ، قَدْ أَنْكَرَنِي المَعارِفُ وَضاقَ عَلَيَّ المَخارِفُ قَدْ نَضَبَ ضَحْضاحُ السّلامَةِ وَاصْفَرَّ ضَحْضاحُ الرَّاحَةِ، كَمْ مِنَ البَلايا نَزَلَتْ وَكَمْ مِنْها سَوْفَ تَنْزِلُ، أَمْشِي مُقْبِلاً إِلى العَزِيزِ الوَهَّابِ وَعَنْ وَرائِي تَنْسابُ الحُبابُ، قَدْ اسْتَهَلَّ مَدْمَعِي إِلَى أَنْ بُلَّ مَضْجَعِي وَلَيْسَ حُزْنِي لِنَفْسِي تَاللهِ رَأْسِي يَشْتاقُ الرِّماحَ فِي حُبِّ مَوْلاهُ، وَما مَرَرْتُ عَلَى شَجَرٍ إِلاَّ وَقَدْ خاطَبَهُ فُؤادِي يا لَيْتَ قُطِعْتَ لاسْمِي وَصُلِبَ عَلَيْكَ جَسَدِي فِي سَبِيلِ رَبِّي بَلْ بِما أَرَى النَّاسَ فِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وَلا يَعْرِفُونَ، رَفَعُوا أَهْواءَهُمْ وَوَضَعُوا إِلهَهُمْ كَأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا أَمْرَ اللهِ هُزُواً وَلَهْواً وَلَعِباً، وَيَحْسَبُون أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ وَفِي حِصْنِ الأَمانِ هُمْ مُحْصَنُونَ، لَيْسَ الأَمْرُ كَما يَظُنُّونَ، غَداً يَرَوْنَ ما يُنْكِرُونَ، فَسَوْفَ يُخْرِجُونَنا أُولُو الحُكْمِ وَالغَنَاءِ مِنْ هذِهِ الأَرْضِ الَّتِي سُمِّيَتْ بِأَدِرْنَةَ إِلَى مَدِينَةِ عَكَّا، وَمِمَّا يَحْكُونَ إِنَّها أَخْرَبُ مُدُنِ الدُّنْيا وَأَقْبَحُها صُورَةً وَأَرْدَؤُها هَواءً وَأَنْتَنُها ماءً كَأَنَّها دارُ حُكُومَةِ الصَّدَى لا يُسْمَعُ مِنْ أَرْجائِها إِلاّ صَوْتُ تَرْجِيعِهِ، وَأَرادُوا أَنْ يَحْبِسُوا الغُلامَ فِيها وَيَسُدُّوا عَلَى وُجُوهِنا أَبْوابَ الرَّخاءِ ويَصُدُّوا عَنَّا عَرْضَ الحَيوةِ الدُّنْيا فِيما غَبَرَ مِنْ أَيَّامِنا، تَاللهِ لَوْ يَنْهَكُنِي اللَّغَبُ وَيُهْلِكُنِي السَّغَبُ وَيُجْعَلُ فِراشِي مِنَ الصَّخْرةِ الصَّمَّاءِ وَمُؤانِسِي وُحُوشَ العَراءِ لا أَجْزَعُ وَأَصْبِرُ كَما صَبَرَ أُولُو الحَزْمِ وَأَصْحابُ العَزْمِ بِحَوْلِ اللهِ مالِكِ القِدَمِ وَخالِقِ الأُمَمِ، وَأَشْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ الأَحْوالِ وَنَرْجُو مِنْ كَرَمِهِ تَعالَى بِهذا الحَبْسِ يُعْتِقُ الرِّقابَ مِنَ السَّلاسِلِ وَالأَطْنابِ وَيَجْعَلُ الوُجُوهَ خالِصَةً لِوَجْهِهِ العزِيزِ الوَهَّابِ، إِنَّهُ مُجِيبٌ لِمَنْ دَعاهُ وَقَرِيبٌ لِمَنْ ناجاهُ، وَنَسْأَلُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ هذَا البَلاءَ الأَدْهَمَ دِرْعاً لِهَيْكَلِ أَمْرِه وَبِهِ يَحْفَظُهُ مِنْ سُيُوفٍ شاحِذَةٍ وَقُضُبٍ نافِذَةٍ، لَمْ يَزَلْ بِالبَلاءِ عَلا أَمْرُهُ وَسَنا ذِكْرُهُ هذا مِنْ سُنَّتِهِ قَدْ خَلَتْ فِي القُرُونِ
الخالِيَةِ وَالأَعْصارِ الماضِيَةِ، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ القَوْمُ ما لا يَفْقَهُونَهُ اليَوْمَ إِذا عَثَرَ جَوادُهُمْ وَطُوِيَ مِهادُهُمْ وَكَلَّتْ أَسْيافُهُم وَزَلَّتْ أَقْدامُهُمْ، لَمْ أَدْرِ إِلَى مَتَى يَرْكَبُونَ مَطِيَّةَ الهَوى وَيَهِيمُونَ فِي هَيْماءِ الغَفْلَةِ وَالغَوَى، أَيَبْقَى عِزَّةُ مَنْ عَزَّ وَذِلَّةُ مَنْ ذَلَّ؟ أَمْ يَبْقَى مَنِ اتَّكَأَ عَلَى الوِسادَةِ العُلْيا وَبَلَغَ فِي العِزَّةِ إِلَى الغايَةِ القُصْوَى؟ لا وَرَبِّيَ الرَّحْمنِ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّيَ العَزِيزِ المَنَّانِ، أَيُّ دِرْعٍ ما أَصابَها سَهْمُ الرَّدَى وَأَيُّ فَوْدٍ ما عَرَّتْهُ يَدُ القَضا، وَأَيُّ حِصْنٍ مُنِعَ عَنْهُ رَسُولُ المَوْتِ إِذا أَتَى؟ وَأَيُّ سَرِيرٍ ما كُسِرَ؟ وَأَيُّ سَدِيرٍ ما قَفِرَ؟ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ ما وَرَاءَ الخِتامِ مِنْ رَحِيقِ رَحْمَةِ رَبِّهِمُ العَزِيزِ العَلاَّمِ لَنَبَذُوا المَلامَ وَاسْتَرْضَوْا عَنِ الغُلامِ، وَأَمَّا الآنَ حَجَّبُونِي بِحِجابِ الظَّلامِ الَّذِي نَسَجُوهُ بِأَيْدِيِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ، سَوْفَ تَشُقُّ يَدُ البَيْضاءِ جَيْباً لِهذِهِ اللَّيْلَةِ الدَّلْماءِ وَيَفْتَحُ اللهُ لِمَدِينَتِهِ باباً رِتاجاً، يَوْمَئِذٍ يَدْخُلُون فِيها النَّاسُ أَفْواجاً وَيَقُولونَ ما قالَتْهُ اللاَّئِماتُ مِنْ قَبْلُ ليَظْهَرَ فِي الغَاياتِ ما بَدا فِي البِداياتِ، أيُرِيدُونَ الإِقامَةَ وَرِجْلُهُمْ فِي الرِّكَابِ؟ وَهَلْ يَرَوْنَ لِذَهابِهِمْ مِنْ إِيابٍ؟ لا وَرَبِّ الأَرْبابِ إِلاَّ فِي المَآبِ، يَوْمَئِذٍ يَقُومُ النَّاسُ مِنَ الأَجْدَاثِ وَيُسْئَلُونَ عَنِ التُّرَاثِ، طُوبَى لِمَنْ لا تَسُومُهُ الأَثْقالُ فِي ذلِكَ اليَوْمِ الَّذِي فِيهِ تَمُرُّ الجِبالُ وَيَحْضُرُ الكُلُّ لِلسُّؤالِ فِي مَحْضَرِ اللهِ المُتَعالِ إِنَّهُ شَدِيدُ النِّكَالِ، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُقَدِّسَ قُلُوبَ بَعْضِ العُلَماءِ مِنَ الضَّغِينَةِ وَالبَغْضاءِ لِيَنْظُرُوا الأَشْياءَ بِعَيْنٍ لا يَغْلِبُها الإِغْضاءُ وَيُصْعِدَهُمْ إِلَى مَقامٍ لا تُقَلِّبُهُمُ الدُّنْيا وَرِياسَتُها عَنِ النَّظَرِ إِلَى الأُفُقِ الأَعْلَى وَلا يُشْغِلُهُمُ المَعاشُ وَأَسْبابُ الفِراشِ عَنِ اليَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُجْعَلُ الجِبالُ كَالفَراشِ، وَلَوْ أَنَّهُم يَفْرَحُونَ بِما وَرَدَ عَلَيْنا مِنَ البَلاءِ فَسَوْفَ يَأْتِي يَوْمٌ فِيهِ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ، فَوَرَبِّي لَوْ خُيِّرْتُ فِيما هُمْ عَلَيْهِ مِنَ العِزَّةِ وَالغَنَاءِ وَالثَّرْوَةِ وَالعَلاءِ وَالرَّاحَةِ وَالرَّخاءِ وَما أَنا فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ وَالبَلاءِ لاخْتَرْتُ ما أَنَا فِيهِ اليَوْمَ، وَالآنَ لا أُبَدِّلُ ذَرَّةً مِنْ هذِهِ البَلايا بِما خُلِقَ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشاءِ، لَوْلا البَلاءُ فِي سَبِيلِ اللهِ ما لَذَّ لِي بَقَائِي وَما نَفَعَنِي
حَياتِي، وَلا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ البَصَرِ وَالنَّاظِرِينَ إِلَى المَنْظَرِ الأَكْبَرِ بِأَنِّي فِي أَكْثَرِ أَيَّامِي كُنْتُ كَعَبْدٍ يَكُونُ جَالِساً تَحْتَ سَيْفٍ عُلِّقَ بِشَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَدْرِ مَتَى يَنْزِلُ عَلَيْهِ أَيَنْزِلُ فِي الحِينِ أَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَفِي كُلِّ ذلِكَ نَشْكُرُ اللهَ رَبَّ العالَمِينَ وَنَحْمَدُهُ فِي كُلِّ الأَحْوالِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يَبْسُطَ ظِلَّهُ ليُسْرُعُنَّ إِلَيْهِ المُوَحِّدُونَ وَيَأْوِيُنَّ فِيهِ المُخْلِصُونَ وَيَرْزُقَ العِبادَ مِنْ رَوْضِ عِنايَتهِ زَهْراً وَمِنْ أُفُقِ أَلْطافِهِ زُهْراً وَيُؤَيِّدَهُ فِيما يُحِبُّ وَيَرْضَى وَيُوَفِّقَهُ عَلَى مَا يُقَرِّبُهُ إِلَى مَطْلِعِ أَسْمائِهِ الحُسْنَى لِيَغُضَّ الطَّرْفَ مِمَّا يَرَى مِنَ الإِجْحافِ وَيَنْظُرَ إِلَى الرَّعِيَّةِ بِعَيْنِ الأَلْطافِ وَيَحْفَظَهُمْ مِنَ الاعْتِسافِ، وَنَسْأَلُهُ تَعَالَى بِأَنْ يَجْمَعَ الكُلَّ عَلَى خَلِيجِ البَحْرِ الأَعْظَمِ الَّذِي كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تُنَادِي إِنَّهُ مُبَشِّرُ العالَمِينَ وَمُحْيِي العَالَمِينَ، وَالحَمْدُ للهِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَنَسْأَلُهُ تَعالَى بِأَنْ يَجْعَلَكَ ناصِرَاً لأَمْرِهِ وَناظِرَاً إِلَى عَدْلِه لِتَحْكُمَ عَلَى العِبادِ كَما تَحْكُمُ عَلَى ذَوِي قَرابَتِكَ وَتَخْتارَ لَهُمْ ما تَخْتارُهُ لِنَفْسِكَ، إِنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِي المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.
صفحة خاليةأَنْ يا قَلَمَ الأَعْلَى تَحَرَّكْ عَلَى ذِكْرِ مُلُوكٍ أُخْرَى فِي هذِهِ الوَرَقَةِ المُبارَكَةِ النَّوْراءِ لِيَقُومُنَّ عَنْ رَقْدِ الهَوَى وَيَسْمَعُنَّ ما تُغَرِّدُ بِهِ الوَرْقآءُ عَلَى أَفْنانِ سِدْرَةِ المُنْتَهى وَيَسْرُعُنَّ إِلَى اللهِ في هذَا الظُّهُورِ الأَبْدَعِ المَنِيعِ، قُلْ يا مَلِكَ البارِيسِ نَبِّئِ القِسِّيسَ بِأَنْ لا يَدُقَّ النَّواقِيسَ تَاللهِ الحَقِّ قَدْ ظَهَرَ النَّاقُوسُ الأَفْخَمُ عَلَى هَيْكَلِ الاسْمِ الأَعْظَمِ وَتَدُقُّهُ أَصَابعُ مَشِيَّةِ رَبِّكَ العَلِيِّ الأَعْلَى فِي جَبَرُوتِ البَقاءِ بِاسْمِهِ الأَبْهَى، كَذلِكَ نُزِّلَتْ آياتُ رَبِّكَ الكُبْرى تارَةً أُخْرى لِتَقُومَ عَلى ذِكْرِ اللهِ فاطِرِ الأَرْضِ وَالسَّماءِ في تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتي فِيها ناحَتْ قَبائِلُ الأَرْضِ كُلُّها وَتَزَلْزَلَتْ أَرْكَانُ البِلادِ وَغَشَتِ العِبادَ غُبْرَةُ الإِلْحادِ إِلاّ مَنْ شاءَ رَبُّكَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، قُلْ قَدْ أَتَى المُخْتارُ فِي ظُلَلِ الأَنْوارِ لِيُحْيِي الأَكْوانَ مِنْ نَفحاتِ اسْمِهِ الرَّحْمنِ وَيَتَّحِدَ العالَمَ وَيَجْمَعَهُمْ عَلَى هذِهِ المائِدَةِ الَّتي نُزِّلَتْ مِنَ السَّماءِ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَكْفُرُوا نِعْمَةَ الله بَعْدَ إِنْزالِها هذا خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا عِنْدَكُمْ لأَنَّهُ سَيَفْنَى وَما عِنْدَ اللهِ يَبْقَى إِنَّهُ لَهُوَ الحَاكِمُ عَلَى ما يُرِيدُ، قَدْ هَبَّتْ نَسَماتُ الغُفْرانِ مِنْ شَطْرِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْها طَهَّرَتْهُ عَنِ العِصْيانِ وَعَنْ كُلِّ داءٍ وَسَقَمٍ، طُوبى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْها وَوَيْلٌ لِلْمُعْرِضِينَ، لَوْ تَتَوَجَّهُ بِسَمْعِ الفِطْرَةِ إِلَى الأَشْياءِ لَتَسْمَعُ مِنْها: قَدْ أَتَى القَدِيمُ ذُو المَجْدِ العَظِيمِ، يُسَبِّحُ كُلُّ شَيْءٍ بِحَمْدِ رَبِّهِ، مِنهُمْ مَنْ عَرَفَ الله وَيَذكُرُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُ وَلا يَعْرِفُ كَذلِكَ أَحْصَيْنا الأَمْرَ فِي لَوْحٍ مُبِينٍ.
أَنْ يا مَلِكُ أَنْ استَمِعِ النِّدآءَ مِنْ هذِهِ النَّارِ المُشْتِعَلَةِ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ الخَضْرآءِ فِي هذَا الطُّورِ المُرْتَفِعِ عَلَى البُقْعَةِ المُقَدَّسَةِ البَيْضآءِ خَلْفَ قُلْزُمِ البَقآءِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ
أَنَا الغَفُورُ الرَّحيمُ، قَدْ أَرْسَلْنا مَنْ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ القُدُسِ لِيُخْبِرَكُمْ بِهذَا النُّورِ الَّذِي أَشْرَقَ مِنْ أُفُقِ مَشِيِّةَ رَبِّكُمُ العَلِيِّ الأَبْهَى وَظَهَرَتْ فِي الغَرْبِ آثارُهُ لِتَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فِي هذَا اليَوْمِ الَّذي جَعَلَهُ اللهُ غُرَّةَ الأَيَّامِ وَفِيهِ تَجَلَّى الرَّحْمنُ عَلَى مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، قُمْ عَلى خِدْمَةِ اللهِ وَنُصْرَةِ أَمْرِه إِنّهُ يُؤَيِّدُكَ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَيَجْعَلُكَ سُلْطاناً عَلَى ما تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْها إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ، قَدْ فاحَتْ نَفَحاتُ الرَّحْمنِ فِي الأَكْوانِ طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ عَرْفَها وَأَقْبَلَ إِلَيْها بِقَلبٍ سَلِيمٍ، زَيِّنْ هَيْكَلَكَ بِطِرازِ اسْمي وَلِسانَكَ بِذِكْرِي وَقَلْبَكَ بِحُبِّيَ العَزِيزِ المَنِيعِ، ما أَرَدْنا لَكَ إِلاَّ ما هُوَ خَيْرٌ لَكَ عَمَّا عِنْدَكَ وَعَنْ خَزَائِنِ الأَرْضِ كُلِّها إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَلِيمُ الخَبِيرُ، قُمْ بَيْنَ العِبادِ بِاسْمي وَقُلْ يا أَهْلَ الأَرْضِ أَنْ أَقْبِلُوا إِلى مَنْ أَقْبَلَ إِلَيكُمْ إِنَّهُ لَوَجْهُ اللهِ بَينَكُمْ وَحُجَّتُةُ فِيكُمْ وَدَليلُهُ لَكُمْ قَدْ جَاءَكُمْ بِالآياتِ الَّتي عَجِزَتْ عَنْهَا العالَمُونَ، إِنَّ شَجَرَة الطُّورِ تَنْطِقُ في صَدْرِ العالَمِ وَرُوحُ القُدُسِ يُنادِي بَيْنَ الأُمَمِ قَدْ أَتى المَقْصُودُ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ.
أَنْ يا مَلِكُ قَدْ سَقَطَتْ أَنْجُمُ سماءِ العِلْمِ الَّذِينَ يَسْتَدِلُّونَ بِما عِنْدَهُمْ لإِثْباتِ أَمْرِي وَيَذْكُرُونَ اللهَ بِاسْمِي فَلَمَّا جِئْتُهُمْ بِمَجْدِي أَعْرَضُوا عَنِّي أَلا إِنَّهُمْ مِنَ السَّاقِطينَ، هذا ما أَخْبَرَكُمْ بِهِ الرُّوحُ إِذْ أَتَى بِالحَقِّ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ عُلَماءُ اليَهُودِ إِلَى أَنِ ارْتَكَبُوا ما ناحَ بِهِ رُوحُ القُدُسِ وَتَذَرَّفَتْ عُيُونُ المُقَرَّبينَ، فَانْظُر فِي الفَرِّيسِيِّينَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ اللهَ سَبْعِينَ سَنَةً فَلَمَّا أَتَى الابْنُ كَفَرَ بِهِ وَدَخَلَ المَلَكُوتَ مَنِ ارْتَكَبَ الْفَحْشاءَ كَذلِكَ يُذَكِّرُكَ القَلَمُ مِنْ لَدُنْ مالِكِ القِدَمِ لِتَطَّلِعَ بِما قُضِيَ مِنْ قَبْلُ وَتَكُونَ اليَوْمَ مِنَ المُقْبِلينَ، قُلْ يا مَلأَ الرُّهْبانِ لا تَعْتَكِفُوا فِي الكَنائِسِ وَالمَعابِدِ أَنِ اخْرُجُوا بِإِذْنِي ثُمَّ اشْتَغِلُوا بِما تَنْتَفِعُ بِهِ أَنْفُسُكُمْ وَأَنْفُسُ العِبادِ كَذلِكَ يَأْمُرُكُمْ مالِكُ يَوْمِ الدِّينِ، أَنِ اعْتَكِفُوا فِي حِصْنِ حُبِّي هذا حَقُّ الاعْتِكافِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفينَ، مَنْ جاوَرَ البَيْتَ إِنَّهُ كَالمَيِّتِ يَنْبَغِي لِلإِنْسانِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ ما يَنْتَفِعُ بِهِ الأَكْوانُ، وَالَّذِي
لَيْسَ لَهُ ثَمَرٌ يَنْبَغي لِلنَّارِ كَذلِكَ يَعِظُكُمْ رَبُّكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ العَزِيزُ الكَريمُ، تَزَوَّجُوا لِيَقُومَ بَعْدَكُمْ أَحَدٌ مَقامَكُم إِنّا مَنَعْناكُمْ عَنِ الخِيانَةِ لا عَمَّا تَظْهَرُ بِهِ الأَمانةُ، أَأَخَذْتُمْ أُصُولَ أَنْفُسِكُمْ وَنَبَذْتُمْ أُصُولَ اللهِ وَراءَكُمْ اتَّقُوا اللهَ وَلا تَكُونوا مِنَ الجاهِلينَ، لَوْلا الإِنْسانُ مَنْ يَذْكُرُنِي فِي أَرْضِي وَكَيْفَ تَظْهَرُ صِفاتِي وَأَسْمائِي تَفَكَّرُوا وَلا تَكُونوُا مِنَ الَّذِينَ احْتَجَبُوا وَكانُوا مِنَ الرَّاقِدينَ، إِنَّ الَّذِي ما تَزَوَّجَ إِنَّهُ ما وَجَدَ مَقَرَّاً ليَسْكُنَ فِيهِ أَوْ يَضَعَ رَأْسَهُ عَلَيْهِ بِمَا اكْتَسَبَتْ أَيْدِي الخائِنِينَ، لَيْسَ تَقْدِيسُ نَفْسِهِ بِما عَرَفْتُم وَعِندَكُمْ مِنَ الأَوْهامِ بَلْ بِما عِنْدَنا أَنِ أَسْئَلُوا لِتَعْرِفُوا مَقامَهُ الَّذي كانَ مُقَدَّساً عَنْ ظُنُونِ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها طُوبى لِلعارِفينَ.
أَنْ يا مَلِكُ إِنّا سَمِعْنا مِنْكَ كَلِمَةً تَكَلَّمْتَ بِها إِذْ سَأَلَكَ مَلِكُ الرُّوسِ عَمَّا قَضَى مِنْ حُكْمِ الغَزا إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَلِيمُ الخَبِيرُ، قُلْتَ: كُنْتُ راقِداً في المِهادِ أَيْقَظَنِي نِدآءُ العِبادِ الَّذينَ ظُلِمُوا إِلى أَنْ غَرِقُوا فِي البَحْرِ الأَسْودِ، كَذلِكَ سَمِعْنا وَرَبُّكَ عَلَى ما أَقوُلُ شَهِيدٌ، نَشْهَدُ بأَنَّكَ ما أَيْقَظَكَ النِّدآءُ بَلِ الهَوى لأَنَّا بَلَوْناكَ وَجَدْناكَ فِي مَعْزِلٍ أَنِ اعْرَفْ لَحْنَ القَوْلِ وَكُنْ مِنَ المُتَفَرِّسِينَ، إِنَّا ما نُحِبُّ أَنْ نُرْجِعَ إِلَيْكَ كَلِمَةَ سُوءٍ حِفْظاً لِلْمَقامِ ٱلَّذِي أَعْطَيْناكَ فِي الحَيوةِ الظَّاهِرَةِ إِنَّا اخْتَرنَا الأَدَبَ وَجَعَلناه سَجِيَّةَ المُقَرَّبينَ، إِنَّهُ ثَوُبٌ يُوافِقُ النُّفُوسَ مِنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، طُوبَى لِمَن جَعَلَهُ طِرازَ هَيْكَلَهِ وَيْلٌ لِمَنْ جُعِلَ مَحْرُوماً مِنْ هذا الفَضْلِ العَظِيمِ، لَوْ كُنْتَ صاحِبَ الكَلِمَةِ ما نَبَذْتَ كِتابَ اللهِ وَرآءَ ظَهْرِكَ إِذْ أُرْسِلَ إِلَيْكَ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ حَكيمٍ إِنّا بلَوْناكَ بِهِ ما وَجَدْناكَ عَلَى ما ادَّعَيْتَ قُمْ وَتَدارَكْ ما فاتَ عَنْكَ سَوْفَ تَفْنَى الدُّنْيا وَما عِنْدَكَ وَيَبْقى المُلْكُ للهِ رَبِّكَ وَرَبِّ آبائِكَ الأَوَّلِينَ، لا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقْتَصِرَ الأُمُورَ عَلَى ما تَهْوَى بِهِ هَواكَ اتَّقِ زَفَراتِ المَظْلُومِ أَنِ احْفَظْهُ مِن سِهامِ الظَّالِمِينَ، بِما فَعَلْتَ تَخْتَلِفُ الأُمُورُ فِي مَمْلَكَتِكَ وَتَخْرُجُ المُلْكُ مِنْ كَفِّكَ جَزاءَ عَمَلِكَ إِذاً تَجِدُ نَفْسَكَ فِي خُسْرانٍ مُبِينٍ، وَتَأْخُذُ الزَّلازِلُ كُلَّ القَبائِلِ فِي هُناكَ إِلاَّ بِأَنْ تَقُومَ عَلَى نُصْرَةِ هذَا الأَمْرِ وَتَتَّبِعَ الرُّوحَ فِي هذَا
السَّبِيلِ المُسْتَقيمِ، أَعِزُّكَ غَرَّكَ لَعَمْرِي إِنَّهُ لا يَدُومُ وَسَوْفَ يَزُولُ إِلاّ بِأَنْ تَتَمَسَّكَ بِهذَا الحَبْلِ المَتِينِ، قَدْ نَرَى الذِّلَّةَ تَسْعَى عَنْ وَرَائِكَ وَأَنْتَ مِنَ الرَّاقِدِينَ، يَنْبَغِي لَكَ إِذا سَمِعْتَ النِّدَاءَ مِنْ شَطْرِالكِبْرِياءِ تَدَعُ ما عِنْدَكَ وَتَقُولُ لَبَّيْكَ يا إِلهَ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ.
أَنْ يا مَلِكُ قَدْ كُنَّا بِأُمِّ العِراقِ إِلى أَنْ حُمَّ الفِراقُ تَوَجَّهْنا إِلى مَلِكِ الإِسْلامِ بِأَمْرِه فَلَمَّا أَتَيْناهُ وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ أُولِي النِّفاقِ ما لا يَتِمُّ بِالأَوْراقِ بِذلِكَ ناحَ سُكَّانُ الفِرْدَوْسِ وَأَهْلُ حَظائِرِ القُدُسِ وَلكِنَّ القَوْمَ فِي حِجابٍ غَلِيظٍ، قُلْ أَتَعْتَرِضُونَ عَلَى الَّذِي جاءَكُمْ بِبَيِّناتِ اللهِ وَبُرْهانِهِ ثُمَّ حُجَّتِهِ وَآياتِهِ؟ إِنْ هِيَ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِهِ بَلْ مِنْ لَدُنْ مَنْ بَعَثَهُ وَأَرْسَلَهُ بِالحَقِّ وَجَعَلَهُ سِراجاً لِلْعالَمِينَ، قَدِ اشتَدَّ عَلَيْنَا الأَمْرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَلْ فِي كُلِّ ساعَةٍ إِلى أَنْ أَخْرَجُونا مِنَ السِّجنِ وَأَدْخَلُونا فِي السِّجْنِ الأَعْظَمِ بِظُلْمٍ مُبِينٍ، إِذا قِيلَ بِأَيِّ جُرْمٍ حُبِسُوا قالُوا إِنَّهُمْ أَرادُوا أَنْ يُجَدِّدُوا الدِّينَ، لَوْ كانَ القَدِيمُ هُوَ المُخْتارُ عِنْدَكُم لِمَ تَرَكْتُم ما شُرِّعَ فِي التَّوْراةِ وَالإِنْجِيلِ؟ تَبَيَّنُوا يا قَومِ لَعَمري لَيْسَ لَكُمُ اليَوْمَ مِنْ مَحيصٍ، إِنْ كانَ هذا جُرْمِي قَدْ سَبَقَنِي في ذلِكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَمِنْ قَبْلِهِ الرُّوحُ وَمِنْ قَبْلِهِ الكَلِيمُ، وَإِنْ كانَ ذَنْبِي إِعْلاءَ كَلِمَةِ اللهِ وَإِظْهارَ أَمْرِهِ فَأَنا أَوَّلُ المُذْنِبينَ، لا أُبَدِّلُ هذَا الذَّنْبَ بِمَلَكُوتِ مُلكِ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، إِنَّا لَمَّا وَرَدْنَا السِّجْنَ أَرَدْنا أَنْ نُبَلِّغَ المُلُوكَ رِسالاتِ رَبِّهِمِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، وَلَو إِنَّا بَلَّغْناهُمْ ما أُمِرْتُ بِهِ فِي أَلواحٍ شَتَّى تِلْكَ مَرَّةً أُخْرَى فَضْلاً مِنَ اللهِ لَعَلَّ يَعرِفُونَ الرَّبَّ إِذْ أَتَى عَلَى السَّحابِ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ، كُلَّما ازْدَادَ البَلآءُ زادَ البَهَاءُ فِي حُبِّ اللهِ وَأَمْرِهِ بِحَيْثُ ما مَنَعَنِي ما وَرَدَ عَلَيَّ مِنْ جُنُودِ الغافِلِينَ، لَوْ يَسْتُرُونَنِي فِي أَطْباقِ التُّرابِ يَجِدُونَنِي راكِباً عَلى السَّحابِ وَداعِياً إِلى اللهِ المُقْتَدرِ القَدِيرِ، إِنِّي فَدَيْتُ نَفْسِي فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَشْتاقُ البَلايا فِي حُبِّهِ وَرِضائِهِ يَشْهَدُ بِذلِكَ ما أَنَا فِيهِ مِنَ البَلايَا الَّتي ما حَمَلَها أَحَدٌ مِنَ العالَمِينَ، وَيَنْطِقُ كُلُّ شَعْرٍ مِنْ شَعَراتِي بِما نَطَقَ شَجَرُ الطُّورِ وكُلُّ عِرْقٍ مِنْ
عُرُوقِي يَدْعُو اللهَ ويَقُولُ يا لَيْتَ قُطِعْتُ في سَبِيلِكَ لِحَيوةِ العالَمِ وَاتِّحادِ مَنْ فِيهِ، كَذلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ خَبِيرٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّعِيَّةَ أَماناتُ اللهِ بَينَكُمْ أَنِ احْفَظُوهُمْ كَما تَحْفَظُونَ أَنْفُسَكُمْ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَجْعَلُوا الذِّئابَ رُعاةَ الأَغْنامِ وَأَنْ يَمْنَعُكُمُ الغُرُورُ وَالاسْتِكْبارُ عَنِ التَوَجُّهِ إِلى الفُقَرآءِ وَالمَساكِينِ، لَوْ تَشْرَبُ رَحِيقَ الحَيَوانِ مِن كُؤُوسِ كَلِماتِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ لَتَصِلُ إِلى مَقامٍ تَنْقَطِعُ عَمّا عِنْدَكَ وَتَصِيحُ بِاسْمِي بَيْنَ العالَمِينَ، أَنِ اغْسِلْ نَفْسَكَ بِماءِ الانْقِطاعِ هذَا الذِّكْرِ الَّذِي أَشْرَقَ مِنْ أُفُقِ الإِبْداعِ إِنَّهُ يُطَهِّرُكَ عَنْ غُبارِ الدُّنْيا دَعِ القُصُورَ لأَهْلِ القُبُورِ وَالمُلْكَ لِمَنْ أَرادَ ثُمَّ أَقْبِلْ إِلى المَلَكُوتِ، هذا ما اخْتارَهُ اللهُ لَكَ لَوْ أَنْتَ مِنَ المُقْبِلِينَ، إِنَّ الَّذِينَ ما أَقْبَلُوا إِلى الوَجْهِ فِي هذَا الظُّهُورِ إِنَّهُمْ غَيْرُ أَحْياءٍ يُحَرِّكُهُمُ الهَوَى كَيْفَ يَشاءُ أَلا إِنَّهُمْ مِنَ المَيِّتِينَ، لَوْ تُحِبُّ أَنْ تَحْمِلَ ثِقَلَ المُلْكِ أَنِ احْمِلْهُ لِنُصْرَةِ أَمْرِ رَبِّكَ، تَعالَى هذَا المَقامُ الَّذي مَنْ فازَ بِه فازَ بِكُلِّ الخَيْرِ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ حَكِيمٍ، أَنِ اطْلَعْ مِنْ أُفُقِ الانْقِطاعِ بِاسْمِي ثُمَّ أَقْبِلْ إِلى المَلَكُوتِ بِأَمْرِ رَبِّكَ المُقْتَدرِ القَدِيرِ، قُمْ بَيْنَ العِبادِ بِسُلْطانِي قُلْ يا قَوْمِ قَدْ أَتَى اليَوْمُ وَفاحَتْ نَفَحاتُ اللهِ بَيْنَ العالَمِينَ، إِنَّ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الوَجْهِ أُولئِكَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ أَهْواءُ أَنفُسِهِمْ أَلا إِنَّهُمْ مِنَ الهائِمِينَ، زَيِّنْ جَسَدَ المُلْكِ بِطِرازِ اسْمِي وَقُمْ عَلَى تَبْلِيغِ أَمْرِي هذا خَيْرٌ لَكَ عَمَّا عِنْدَكَ وَيَرْفَعُ اللهُ بِهِ اسْمَكَ بَيْنَ المُلُوكِ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَنِ امْشِ بَيْنَ النَّاسِ بِاسْمِ اللهِ وَسُلْطانِهِ لِتَظْهَرَ مِنْكَ آثارُهُ بَيْنَ العَالَمِينَ، أَنِ اشْتَعِلْ بِهذِهِ النَّارِ الَّتِي أَوْقَدَها الرَّحْمنُ فِي قُطْبِ الأَكْوانِ لِتَحْدُثَ مِنْكَ حَرَارَةُ حُبِّهِ فِي أَفْئِدَةِ المُقْبِلينَ، أَنِ اسْلُكْ سَبِيلي ثُمَّ اجْذِبِ القُلُوبَ بِذِكْرِيَ العَزِيزِ المَنِيعِ، قُلْ إِنَّ الَّذي لَم تَنْتَشِرْ مِنْهُ نَفَحاتُ قَمِيصِ ذِكْرِ رَبِّهِ الرَّحْمنِ فِي هذَا الزَّمانِ لَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ اسْمُ الإِنْسانِ، إِنَّهُ مِمَّنِ اتَّبَعَ الهَوَى سَوْفَ يَجِدُ نَفْسَهُ فِي خُسْرانٍ عَظِيمٍ، قُلْ يا قَوْمِ هَلْ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَنْسِبُوا أَنْفُسَكُم إِلى الرَّحْمنِ وَتَرْتَكِبُوا ما ارْتَكَبَهُ الشَّيْطانُ لا وَجَمالِ السُّبْحانِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفِينَ،
قَدِّسُوا قُلُوبَكُم عَنْ حُبِّ الدُّنْيا وَأَلْسُنَكُمْ عَنِ الافْتِراءِ وَأَرْكانَكُمْ عَمَّا يَمنَعُكُمْ عَنِ التَّقَرُّبِ إِلى الله العِزيزِ الحَميدِ، قُلِ الدُّنْيا هِيَ إِعْراضُكُمْ عَنْ مَطْلِعِ الوَحْيِ وَإِقْبالُكُمْ بِما لا يَنْفَعُكُمْ وَما مَنَعَكُمُ اليَوْمَ عَنْ شَطْرِ اللهِ إِنَّهُ اصْلُ الدُّنْيا أَنِ اجْتَنِبُوا عَنْها وَتَقَرَّبُوا إِلَى المَنْظَرِ الأَكْبَرِ هذَا المَقَرِّ المُشْرِقِ المُنِيرِ، طُوبَى لِمَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ عَنْ رَبِّهِ إِنَّهُ لا بَأْسَ عَلَيْهِ لَوْ يَتَصَرَّفُ فِي الدُّنْيا بِالْعَدْلِ لأَنّا خَلَقْنا كُلَّ شَيْءٍ لِعِبادِنَا المُوحِّدِينَ، يا قَوْمِ إِنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُوا فَمَا الفَرْقُ بَيْنَكُمْ وَالَّذِينَ قالُوا اللهُ رَبُّنا فَلَمَّا أَتَى فِي ظُلَلِ الغَمامِ أَعْرَضُوا وَاسْتَكْبَرُوا عَلَى اللهِ العَزِيزِ العَلِيمِ، يا قَوْمِ لا تَسْفِكُوا الدِّماءَ وَلا تَحْكُمُوا عَلَى نَفْسٍ إِلاَّ بِالْحَقِّ كَذلِكَ أُمِرتُم مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ خَبِيرٍ، إِنَّ الَّذِين يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها أُولئِكَ تَجاوَزُوا عَمَّا حُدِّدَ فِي الكِتابِ فَبِئْسَ مَثْوى المُعْتَدِينَ، قَدْ كَتَبَ اللهُ لِكُلِّ نَفْسٍ تَبْلِيغَ أَمْرِهِ وَالَّذِي أَرادَ ما أُمِرَ بِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّصِفَ بِالصِّفاتِ الحَسَنَةِ أَوَّلاً ثُمَّ يُبَلِّغَ النَّاسَ لِتَنْجَذِبَ بِقَوْلِهِ قُلُوبُ المُقْبِلِينَ، وَمِنْ دُونِ ذلِكَ لا يُؤَثِّرُ ذِكْرُهُ فِي أَفئِدَةِ العِبادِ كَذلِكَ يُعَلِّمُكُمُ اللهُ إِنَّهُ لَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، إِنَّ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْعَدْلِ يُكَذِّبُهُمْ بِما يَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ أَهْلُ المَلَكُوتِ وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ حَوْلَ عَرْشِ رَبِّكُمُ العَزِيزِ الجَمِيلِ، يا قَومِ لا تَرْتَكِبُوا ما تَضِيعُ بِهِ حُرْمَتُكُمْ وَحُرْمَةُ الأَمْرِ بَيْنَ العِبادِ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَقَرُبُوا ما تُنْكِرُهُ عُقُولُكُمْ، اتَّقُوا اللهَ وَلا تَتَّبِعُوا الْغافِلِينَ، لا تَخُونُوا فِي أَمْوالِ النَّاسِ كُونُوا أُمَناءَ فِي الأَرْضِ وَلا تَحْرِمُوا الفُقَراءَ عَمَّا أَتاكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ يُعْطِيكُمْ ضِعْفَ ما عِنْدَكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ المُعْطِي الكَرِيمُ، قُلْ قَدْ قَدَّرْنَا التَّبْلِيغَ بِالبَيانِ إِيَّاكُمْ أَنْ تُجادِلُوا مَعَ أَحَدٍ وَالَّذِي أَرادَ التَّبْلِيغَ خالِصاً لِوَجْهِ رَبِّهِ يُؤَيِّدُهُ رُوحُ القُدُسِ وَيُلهِمُهُ ما يَسْتَنِيرُ بِهِ صَدْرُ العَالَمِ وَكَيْفَ صُدُورُ المُرِيدِينَ، يا أَهْلَ البَهآءِ سَخِّرُوا مَدائِنَ القُلُوبِ بِسُيُوفِ الحِكْمَةِ وَالبَيانِ، إِنَّ الَّذينَ يُجادِلُونَ بِأَهْواءِ أَنْفُسِهِم أُولئِكَ فِي حِجابٍ مُبِينٍ، قُلْ سَيْفُ الحِكْمَةِ أَحَرُّ مِنَ الصَّيْفِ وَأَحَدُّ مِنْ سَيْفِ الحَدِيدِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفينَ، أَنْ أَخْرِجُوهُ
بِاسْمِي وَسُلْطانِي ثُمَّ افْتَحُوا بِهِ مَدَائِنَ أَفْئِدَةِ الَّذِينَ اسْتَحْصَنُوا فِي حِصْنِ الهَوى كَذلِكَ يأْمُرُكُمْ رَبُّكُمُ الأَبْهَى إِذْ كانَ جالِساً تَحْتَ سُيُوفِ المُشْرِكينَ، إِنِ اطَّلَعْتُمْ عَلَى خَطِيئَةٍ أَنِ استُرُوها لِيَسْتُرَ اللهُ عَنْكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ السَّتَّارُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، يا مَلأَ الأَغْنِياءِ إِنْ رَأَيْتُمْ فَقِيراً لا تَسْتَكْبِرُوا عَلَيْهِ تَفَكَّرُوا فِيما خُلِقْتُمْ مِنْهُ قَدْ خُلِقَ كُلٌّ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ بِهِ تُزَيَّنُ هَياكِلُكُمْ وَتُرْفَعُ أَسْماؤُكُمْ وَتَعْلُو مَراتِبُكُمْ بَيْنَ الخَلْقِ وَلَدَى الحَقِّ لَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ، يا مَلأَ الأَرْضِ أَنِ اسْتَمِعُوا ما يَأْمُرُكُمْ بِهِ القَلَمُ مِنْ لَدُنْ مالِكِ الأُمَمِ، فَاعْلَمُوا أَنَّ الشَّرَائِعَ قَدِ انْتَهَتْ إِلى الشَّرِيعَةِ المُنْشَعِبَةِ مِنَ البَحْرِ الأَعْظَمِ أَنْ أَقْبِلُوا إِلَيْها أَمْراً مِنْ لَدُنَّا إِنَّا كُنَّا حاكِمِينَ، فانْظُرُوا العالَمَ كَهَيْكَلِ إِنْسانٍ اعْتَرَتْهُ الأَمْراضُ وَبُرْؤُهُ مَنُوطٌ بِاتِّحادِ مَنْ فِيهِ أَنِ اجْتَمِعُوا عَلَى ما شَرَّعْناهُ لَكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا سُبُلَ المُخْتَلِفينَ، قَدِ انْتَهَتِ الأَعْيادُ إِلَى العِيدَينِ الأَعْظَمَيْنِ الأَوَّلُ أَيَّامٌ فِيها تَجَلَّى اللهُ بِأَسْمائِهِ الحُسْنَى عَلَى مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ وَالآخَرُ يَوْمٌ فِيهِ بَعَثْنا مَنْ بَشَّرَ العِبادَ بِهذا النَّبَإِ العَظِيمِ، وَآخَرَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ كَذلِكَ حُدِّدَ فِي الكِتابِ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ، تِلْكَ أَرْبَعَةٌ كامِلَةٌ وَعَنْ وَرَائِها أَنِ اشْتَغِلُوا بِأُمُورِكُم وَلا تَمْنَعُوا أَنْفُسَكُمْ عَنِ الاقْتِرافِ وَالصَّنائِعِ كَذلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ وَأَتَى الحُكْمُ مِنْ لَدُنْ رَبِّكُمُ العَلِيمِ الحَكِيمِ، قُلْ يا مَلأَ القِسِّيسِينَ وَالرُّهبانِ كُلُوا ما أَحَلَّهُ اللهُ وَلا تَجْتَنِبُوا اللُّحُومَ قَدْ أَذِنَ اللهُ لَكُمْ أَكْلَها إِلاَّ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَضْلاً مِنْ لَدُنْهُ إِنَّهُ لَهُوَ العَزِيزُ الكَرِيمُ، ضَعُوا ما عِنْدَكُمْ خُذُوا ما أَرَادَهُ اللهُ هذا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفينَ، قَد كَتَبْنَا الصَّوْمَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْماً فِي أَعْدَلِ الفُصُولِ وَعَفَوْنا ما دُونَها فِي هذا الظُّهُورِ المُشْرِقِ المُنِيرِ، كَذلِكَ فَصَّلْنا وَبَيَّنَّا لَكُمْ ما أُمِرْتُمْ بِهِ لَتَتَّبِعُوا أَوامِرَ اللهِ وَتَجْتَمِعُوا عَلَى ما قُدِّرَ لَكُمْ مِنْ لَدُنْ عَزيزٍ حَكِيمٍ، إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى مَنْ فِي الأَكْوانِ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ وَهَيْكَلٍ واحِدٍ أَنِ اغْتَنِمُوا فَضْلَ اللهِ وَرَحْمَتَهُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِي ما رَأَتْ عَيْنُ الإِبْدَاعِ شِبْهَها طُوبَى لِمَنْ نَبَذَ ما عِنْدَهُ ابْتِغاءً لِما عِنْدَ اللهِ
نَشْهَدُ أَنَّهُ مِنَ الفائِزِينَ، أَنْ يا مَلِكُ أَنِ اشْهَدْ بِما شَهِدَ اللهُ لِذاتِه بِذاتِهِ قَبْلَ خَلْقِ سَمائِهِ وَأَرْضِهِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنا الواحِدُ الفَرْدُ المُتَعالِي العَزِيزُ المَنِيعُ، قُمْ بِالاسْتِقامَةِ الكُبْرَى عَلَى أَمْرِ رَبِّكَ الأَبْهَى كَذلِكَ أُمِرْتَ فِي هذَا اللَّوْحِ البَدِيعِ، إِنَّا ما أَرَدْنا لَكَ إِلاَّ ما هُوَ خَيْرٌ لَكَ عَمَّا عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَيَشْهَدُ بِذلِكَ كُلُّ الأَشْياءِ وَعَنْ وَرائِها هذَا الكِتابُ المُبِينُ، تَفَكَّرْ فِي الدُّنْيا وَشَأْنِ أَهْلِها إِنَّ الَّذِي خُلِقَ العالَمُ لِنَفْسِهِ قَدْ حُبِسَ في أَخْرَبِ الدِّيارِ بِما اكْتَسَبَتْ أَيْدِي الظَّالِمِينَ، وَمِنْ أُفُقِ السِّجْنِ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى فَجْرِ اللهِ العَلِيِّ العَظِيمٍ، هَلْ تَفْرَحُ بِما عِنْدَكَ مِنَ الزَّخارِفِ بَعْدَ الَّذِي تَعْلَمُ أَنَّها سَتَفْنَى أَوْ تَسْتَرُّ بِما تَحْكُمُ عَلى شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ بَعْدَ الَّذِي كُلُّها لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ البَهاءِ إِلاَّ كَسَوادِ عَيْنِ نَمْلَةٍ مَيْتَةٍ دَعْها لأَهْلِها ثُمَّ أَقْبِلْ إِلَى مَقْصُودِ العالَمِينَ، أَيْنَ أَهْلُ الغُرُورِ وَقُصُورُهُمْ فَانْظُرْ فِي قُبُورِهِمْ لِتَعْتَبِرَ بِما جَعَلْناها عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ، لَوْ تَأْخُذُكَ نَفَحاتُ الوَحْيِ لَتَفِرُّ مِنَ المُلْكِ مُقْبِلاً إِلَى المَلَكُوتِ وَتُنْفِقُ ما عِنْدَكَ لِلتَّقَرُّبِ إِلَى هذَا المَنْظَرِ الكَرِيمِ، إِنَّا نَرى أَكثَرَ العِبادِ عَبَدَةَ الأَسْماءِ كَما تَراهُم يُلْقُونَ أنْفُسَهُمْ في المَهالِكِ لإِبْقاءِ أَسْمائِهِمْ بَعْدَ الَّذِي يَشْهَدُ كُلُّ ذِي دِرايَةٍ أَنَّ الاسْمَ لا يَنْفَعُ أَحَداً بَعْدَ مَوْتِهِ إِلاَّ بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَى اللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، كَذلِكَ سُلِّطَتْ عَلَيْهِمِ الأَوْهَامُ جَزَاءَ أَعْمالِهِمْ، فَانْظُرْ فِي قِلَّةِ عُقُولِهِمْ يَبْتَغُونَ ما لا يَنْفَعُهُمْ بِمُنْتَهى الجِدِّ وَالاجْتِهادِ وَلَوْ تَسْأَلُهُمْ هَلْ يُنْفَعُكُمْ ما أَرَدْتُمْ تَجِدُهُمْ مُتَحَيِّرِينَ، وَلَو يُنْصِفُ أَحَدٌ يَقُولُ لا وَرَبِّ العالَمِينَ، هذا شَأْنُ النَّاسِ وَما عِنْدَهُمْ دَعْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ ثُمَّ وَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ اللهِ، هذَا ما يَنْبَغِي لَكَ أَنِ اسْتَنْصِحْ بِما نُصِحْتَ مِنْ لَدُنْ رَبِّكَ وَقُلْ أَنِ الحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ.
إلىأَنْ يا مَلِكَ الرُّوسِ أَنِ اسْتَمِعْ نِدَاءَ اللهِ المَلِكِ القُدُّوسِ ثُمَّ أَقْبِلْ إِلَى الفِرْدَوْسِ المَقَرِّ الَّذِي فِيهِ اسْتَقَرَّ مَنْ سُمِّيَ بِالأَسْمَاءِ الحُسْنَى بَيْنَ مَلإِ الأَعْلَى وَفِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ بِاسْمِ اللهِ البَهِيِّ الأَبْهى، إِيَّاكَ أَنْ يَحْجُبَكَ هَواكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى وَجْهِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِنَّا سَمِعْنا ما نادَيْتَ بِهِ مَوْلاكَ فِي نَجْواكَ لِذا هَاجَ عَرْفُ عِنايَتِي وَمَاجَ بَحْرُ رَحْمَتِي وَأَجَبْناكَ بِالحَقِّ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، قَدْ نَصَرَني أَحَدُ سُفَرَائِكَ إِذْ كُنْتُ فِي السِّجْنِ تَحْتَ السَّلاسِلِ وَالأَغْلالِ، بِذلِكَ كَتَبَ اللهُ لَكَ مَقَاماً لَمْ يُحِطِ بِهِ عِلْمُ أَحَدٍ إِلاَّ هُوَ، إِيَّاكَ أَنْ تُبَدِّلَ هذا المَقامَ العَظِيمَ، إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ القادِرُ عَلَى ما يَشاءُ يَمْحُو ما أَرادَ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ فِي لَوْحٍ حَفِيظٍ، إِيَّاكَ أَنْ يَمْنَعَكَ المُلْكُ عَنِ المالِكِ إِنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَلَكُوتِهِ وَتُنادِي الذَّرَّاتُ قدْ ظَهَرَ الرَّبُّ بِمَجْدِهِ العَظِيمِ، قَدْ أَتَى الأَبُ وَالابْنُ فِي الوَادِ المُقَدَّسِ يَقُولُ لَبَّيْكَ اللّهُمَّ لَبَّيْكَ وَالطُّورُ يَطُوفُ حَوْلَ البَيْتِ وَالشَّجَرُ يُنَادِي بِأَعْلَى النِّدَآءِ قَدْ أَتَى الوَهَّابُ رَاكِباً عَلَى السَّحابِ طُوبَى لِمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ وَيْلٌ لِلْمُبْعَدِينَ، قُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِهذا الأَمْرِ المُبْرَمِ ثُمَّ ادْعُ الأُمَمَ إِلَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، لا تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ كانُوا أَنْ يَدْعُوا اللهَ بِاسْمٍ مِنَ الأَسْماءِ فَلَمَّا أَتَى المُسَمَّى كَفَرُوا بِهِ وَأَعْرَضُوا عَنْهُ إِلَى أَنْ أَفْتَوْا عَلَيْهِ بِظُلْمٍ مُبِينٍ، وَانْظُرْ ثُمَّ اذْكُرِ الأَيَّامَ الَّتِي فِيها أَتَى الرُّوحُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ هِيرودُسُ قَدْ نَصَرَ اللهُ الرُّوحَ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَحَفِظَهُ بِالحَقِّ وَأَرْسَلَهُ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى وَعْداً مِنْ عِنْدِهِ إِنَّهُ لَهُوَ الحَاكِمُ عَلَى ما يُرِيدُ، إِنَّ رَبَّكَ يَحْفَظُ مَنْ يَشاءُ وَلَوْ يَكُونُ فِي قُطْبِ البَحْرِ أَوْ فِي فَمِ الثُّعْبانِ أَوْ تَحْتَ سُيوفِ الظَّالِمِينَ، طُوبَى لِمَلِكٍ ما مَنَعَتْهُ سُبُحاتُ الجَلالِ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى مَشْرِقِ الجَمالِ وَنَبَذَ ما عِنْدَهُ ابْتِغاءَ ما عِنْدَ اللهِ أَلا إِنَّهُ مِنْ خِيرَةِ الخَلْقِ لَدَى الحَقِّ
يُصَلِّيَنَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الفِرْدَوْسِ وَالَّذِينَ يَطُوفُونَ حَوْلَ العَرْشِ فِي البُكُورِ وَالأَصِيلِ، أَنِ اسْتَمِعْ نِدَائِي مَرَّةً أُخْرَى مِنْ شَطْرِ سِجْنِي لِيُطْلِعَكَ بِما وَرَدَ عَلَى جَمالِي مِنْ مَظاهِرِ جَلالِي وَتَعْرِفَ صَبْرِي بَعْدَ قُدْرَتِي وَاصْطِبارِي بَعْدَ اقْتِدارِي وَعَمْرِي لَوْ تَعْرِفُ ما نُزِّلَ مِنْ قَلَمِي وَتَطَّلِعُ بِخَزائِنِ أَمْرِي وَلَئالِئِ أَسْرَارِي فِي بُحُورِ أَسْمائِي وَأَواعِي كَلِمَاتِي لَتَفْدِي نَفْسَكَ فِي سَبِيلِي حُبَّاً لاسْمِي وَشَوْقاً إِلَى مَلَكُوتِيَ العَزِيزِ المَنِيعِ، فَاعْلَمْ جِسْمِي تَحْتَ سُيُوفِ الأَعْداءِ وَجَسدِي فِي بَلاءٍ لا يُحْصَى وَلكِنَّ الرُّوحَ فِي بِشارَةٍ لا يُعادِلُها فَرَحُ العالَمِينَ، أَقْبِلْ إِلَى قِبْلَةِ العالَمِ بِقَلْبِكَ وَقُلْ يَا مَلأَ الأَرْضِ أَكَفَرْتُمْ بِالَّذِي اسْتَشْهَدَ فِي سَبِيلِهِ مَنْ أَتَى بِالحَقِّ بِنَبَإِ رَبِّكُمُ العَلِيِّ العَظِيمِ، قُلْ هذا نَبَأٌ اسْتَبْشَرَتْ بِهِ أَفْئِدَةُ النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ، هذا لَهُوَ المَذْكُورُ فِي قَلْبِ العَالَمِ وَالمَوْعُودُ فِي صَحائِفِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، قَدِ ارْتَفَعَتْ أَيادِي الرُّسُلِ لِلِقائِي إِلَى اللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، يَشْهَدُ بِذلِكَ ما نُزِّلَ فِي الأَلْواحِ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ، مِنْهُمْ مَنْ ناحَ فِي فِرَاقِي وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الشَّدَائِدَ فِي سَبِيلِي وَمِنْهُمْ مَنْ فَدَى نَفْسَهُ لِجَمالِي إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفِينَ، قُلْ إِنِّي ما أَرَدْتُ وَصْفَ نَفْسِي بَلْ نَفْسِ اللهِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ المُنْصِفِينَ، لا يُرَى فِيَّ إِلاَّ اللهُ وَأَمْرُهُ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَبَصِّرينَ، قُلْ إِنِّي أَنَا المَذْكُورُ بِلِسانِ إشَعْيا وَزُيِّنَ بِاسْمِيَ التَّوْراةُ وَالإِنْجِيلُ كَذلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ فِي أَلْواحِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ إِنَّهُ شَهِدَ لِي وَأَنَا أَشْهَدُ لَهُ وَاللهُ عَلَى ما أَقُولُ شَهِيدٌ، قُلْ ما نُزِّلَتِ الكُتُبُ إِلاَّ لِذِكْرِي يَجِدُ مِنْها كُلُّ مُقْبِلٍ عَرْفَ اسْمِي وَثَنائِي وَالَّذِي فَتَحَ سَمْعَ فُؤادِهِ يَسْمَعُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْها قَدْ أَتَى الحَقُّ إِنَّهُ لَمَحْبُوبُ العَالَمِينَ، إِنَّ لِسَانِي يَنْصُحُكُمْ خَالِصاً لِوَجْهِ اللهِ وَقَلَمِي يَتَحَرَّكُ عَلَى ذِكْرِكُمْ بَعْدَ الَّذِي لا يَضُرُّنِي ضُرُّ مَنْ عَلَى الأَرْضِ وَإِعْراضُهُمْ وَلا يَنْفَعُنِي إِقْبالُ الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، إِنَّا نُذَكِّرُكُمْ بِما أُمِرْنا بِهِ وَمَا نُرِيْدُ مِنْكُمْ شَيْئاً إِلاَّ تَقَرُّبَكُمْ إِلَى ما يَنْفَعُكُمِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، قُلْ أَتَقْتُلُونُ الَّذِي يَدْعُوكُمْ إِلَى الحَيوةِ الباقِيَةِ اتَّقُوا اللهَ وَلا تَتَّبِعُوا كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، قُلْ يا مَلأَ الغُرُورِ أَتَرَوْنَ أَنْفُسَكُمَ فِي القُصُورِ وَسُلْطانُ
الظُّهُورِ فِي أَخْرَبِ البُيُوتِ؟ لا لَعَمْرِي أَنْتُمْ فِي القُبُورِ لَوْ تَكُونُنَّ مِنَ الشَّاعِرينَ، إِنَّ الَّذي لَنْ يَهْتَزَّ مِنْ نَسْمَةِ اللهِ فِي أَيَّامِهِ إِنَّهُ مِنَ الأَمْواتِ لَدَى اللهِ مالِكِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ، قُومُوا عَنْ قُبُورِ الهَوَى مُقْبِلِينَ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّكُمْ مالِكِ العَرْشِ وَالثَّرَى لِتَرَوْا ما وُعِدْتُمْ بِهِ مِنْ قَبْلُ مِنْ لدُنْ رَبِّكُمُ العَلِيمِ، أَتَظُنُّونَ يَنْفَعُكُمْ ما عِنْدَكُمْ سَوْفَ يَمْلِكُهُ غَيْرُكُمْ وَتَرْجِعُونَ إِلَى التُّرابِ مِنْ غَيْرِ ناصِرٍ وَمُعِينٍ، لا خَيْرَ فِي حَيوةٍ يَأْتِيهِ المَوْتُ ولا لِبقَاءٍ يُدْرِكُهُ الفَناءُ وَلا لِنِعْمَةٍ تَتَغَيَّرُ دَعُوا ما عِنْدَكُمْ وَأَقْبِلُوا إِلَى نِعْمَةِ اللهِ الَّتِي نُزِّلَتْ بِهذا الاسْمِ البَدِيعِ، كَذلِكَ غَرَّدَ لَكَ القَلَمُ الأَعْلَى بِإِذْنِ رَبِّكَ الأَبْهَى، إِذا سَمِعْتَ وَقَرَأْتَ قُلْ لَكَ الحَمْدُ يا إِلهَ العالَمِينَ بِمَا ذَكَرْتَنِي بِلِسانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ إِذْ كَانَ مُقَيَّداً فِي السِّجْنِ الأَعْظَمِ لِعَتْقِ العالَمِينَ، طُوبَى لِمَلِكٍ ما مَنَعَهُ المُلْكُ عَنْ مالِكِهِ وَأَقْبَلَ إِلَى اللهِ بِقَلْبِهِ إِنَّهُ مِمَّنْ فازَ بِما أَرَادَ اللهُ العَزِيزُ الحَكِيمُ، سَوْفَ يَرَى نَفْسَهُ مِنْ مُلُوكِ مَمالِكِ المَلَكُوتِ، إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما يَشاءُ يُعْطِي مَنْ يَشاءُ ما يَشاءُ وَيَمْنَعُ عَمَّنْ يَشاءُ ما أَرادَ إِنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ.
صفحة خاليةيا أَيَّتُها المَلِكَةُ فِي اللُّونْدْرَةِ أَنِ اسْتَمِعِي نِدَاءَ رَبِّكِ مَالِكِ البَرِيَّةِ مِنَ السِّدْرَةِ الإِلهِيَّةِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنا العَزِيزُ الحَكِيمُ، ضَعِي ما عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ زَيِّنِي رَأْسَ المُلْكِ بِإِكْلِيلِ ذِكْرِ رَبِّكِ الجَلِيلِ إِنَّهُ قَدْ أَتَى فِي العَالَمِ بِمَجْدِهِ الأَعْظَمِ وَكَمُلَ مَا ذُكِرَ فِي الإِنْجِيلِ، قَدْ تَشَرَّفَ بَرُّ الشَّامِ بِقُدُومِ رَبِّهِ مَالِكِ الأَنامِ وَأَخَذَ سُكْرُ خَمْرِ الوِصالِ شَطْرَ الجَنُوبِ وَالشِّمَالِ، طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ عَرْفَ الرَّحْمنِ وَأَقْبَلَ إِلَى مَشْرِقِ الجَمَالِ فِي هذا الفَجْرِ المُبِينِ، قَدِ اهْتَزَّ المَسْجِدُ الأَقْصَى مِنْ نَسَمَاتِ رَبِّهِ الأَبْهَى وَالبَطْحاءُ مِنْ نِدَاءِ اللهِ العَلِيِّ الأَعْلَى إِذاً كُلُّ حَصَاةٍ مِنْها تُسَبِّحُ الرَّبَّ بِهذا الاسْمِ العَظِيمِ، دَعِي هَواكِ ثُمَّ أَقْبِلِي بِقَلْبِكِ إِلَى مَوْلاكِ القَدِيمِ، إِنَّا نُذَكِّرُكِ لِوَجْهِ اللهِ وَنُحِبُّ أَنْ يَعْلُوَ اسْمُكِ بِذِكْرِ رَبِّكِ خَالِقِ الأَرْضِ وَالسَّماءِ إِنَّهُ عَلَى ما أَقُولُ شَهِيدٌ، قَدْ بَلَغَنَا أَنَّكِ مَنَعْتِ بَيْعَ الغِلْمَانِ وَالإِماءِ هذا ما حَكَمَ بِهِ اللهُ فِي هذَا الظُّهُورِ البَدِيعِ، قَدْ كَتَبَ اللهُ لَكِ جَزَاءَ ذلِكَ إِنَّهُ مُوفِي أُجُورَ المُحْسِنِينَ إِنْ تَتَّبِعِي ما أُرْسِلَ إِلَيْكِ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ خَبِيرٍ، إِنَّ الَّذِي أَعْرَضَ وَاسْتَكْبَرَ بَعَدَما جاءَتْهُ البَيِّناتِ مِنْ لَدُنْ مُنْزِلِ الآياتِ لَيُحْبِطُ اللهُ عَمَلَهُ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شّيْءٍ قَدِيرٍ، إِنَّ الأَعْمالَ تُقْبَلُ بَعْدَ الإِقْبالِ مَنْ أَعْرَضَ عَنِ الحَقِّ إِنَّهُ مِنْ أَحْجَبِ الخَلْقِ كذلِكَ قُدِّرَ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ قَدِيرٍ، وَسَمِعْنا أَنَّكِ أَوْدَعْتِ زِمامَ المُشاوَرَةِ بِأَيادِي الجُمْهُورِ نِعْمَ ما عَمِلْتِ لأَنَّ بِها تَسْتَحْكِمُ أُصُولُ أَبْنِيَةِ الأُمُورِ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُ مَنْ فِي ظِلِّكِ مِنْ كُلِّ وَضِيعٍ وَشَرِيفٍ، وَلكِنْ يَنْبَغِي لَهُمْ بِأَنْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ بَيْنَ العِبادِ وَيَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وُكَلاءَ لِمَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها، هذا ما وُعِظُوا بِهِ فِي اللَّوْحِ مِنْ لَدُنْ مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ، وَإِذا تَوَجَّهَ أَحَدٌ إِلَى المَجْمَعِ يُحَوِّلُ طَرْفَهُ إِلَى الأُفُقِ الأَعْلَى وَيَقُولُ يا إِلهِي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الأَبْهَى بِأَنْ
تُؤَيِّدَنِي عَلَى ما تَصْلُحُ بِهِ أُمُورُ عِبادِكَ وَتُعْمَرُ بِهِ بِلادُكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، طُوبَى لِمَنْ يَدْخُلُ المَجْمَعَ لِوَجْهِ اللهِ وَيَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالعَدْلِ الخالِصِ أَلا إِنَّهُ مِنَ الفائِزِينَ، يا أَصْحابَ المَجْلِسِ فِي هُناكَ وَدِيارٍ أُخْرَى تَدَبَّرُوا وَتَكَلَّمُوا فِي ما يَصْلُحُ بِهِ العالَمُ وَحالُهِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَوَسِّمِينَ، فَانْظُرُوا العالَمَ كَهَيْكَلِ إِنْسانٍ إِنَّهُ خُلِقَ صَحِيحاً كَامِلاً فَاعْتَرَتْهُ الأَمْراضُ بِالأَسْبابِ المُخْتَلِفَةِ المُتَغايِرَةِ وَما طابَتْ نَفْسُهُ فِي يَوْمٍ بَلْ اشْتَدَّ مَرَضُهُ بِما وَقَعَ تَحْتَ تَصَرُّفِ أَطِبَّاءَ غَيْرِ حَاذِقَةٍ الَّذِينَ رَكِبُوا مَطِيَّةَ الهَوَى وَكَانُوا مِنَ الهَائِمِينَ، وَإِذا طابَ عُضْوٌ مِنْ أَعْضائِهِ فِي عَصْرٍ مِنَ الأَعْصارِ بِطَبِيبٍ حاذِقٍ بَقِيَتْ أَعْضاءٌ أُخْرَى فِي ما كَانَ، كذلِكَ يُنَبِّئُكُمُ العَلِيمُ الخَبِيرُ، وَاليَوْمَ نَرَاهُ تَحْتَ أَيْدِي الَّذِينَ أَخَذَهُمْ سُكْرُ خَمْرِ الغُرُورِ عَلَى شَأْنٍ لا يَعْرِفُونَ خَيْرَ أَنْفُسِهِمْ فَكَيْفَ هذا الأَمْرَ الأَوْعَرَ الخَطِيرَ، إِنْ سَعَى أَحَدٌ مِنْ هؤُلاءِ فِي صِحَّتِهِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ إِلاَّ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ اسْماً كَانَ أَوْ رَسْماً لِذَا لا يَقْدِرُ عَلَى بُرْئِهِ إِلاَّ عَلَى قَدَرٍ مَقْدُورٍ، وَالَّذِي جَعَلَهُ اللهُ الدِّرْياقَ الأَعْظَمَ وَالسَّبَبَ الأَتَمَّ لِصِحَّتِهِ هُوَ اتِّحادُ مَنْ عَلَى الأَرْضِ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ وَشَرِيعَةٍ واحِدَةٍ، هذَا لا يُمْكِنُ أَبَدَاً إِلاَّ بِطَبِيبٍ حاذِقٍ كامِلٍ مُؤَيَّدٍ لَعَمْرِي هذا لَهُوَ الحَقُّ وَما بَعْدَهُ إِلاَّ الضَّلالُ المُبِينُ، كُلَّما أَتَى ذاكَ السَّبَبُ الأَعْظَمُ وَأَشْرَقَ ذاكَ النُّورُ مِنْ مَشْرِقِ القِدَمِ مَنَعَهُ المُتَطَبِّبُونَ وَصارُوا سَحاباً بَيْنَهُ وَبَيْنَ العَالَمِ لِذا ما طابَ مَرَضُهُ وَبَقِيَ فِي سُقْمِهِ إِلَى الحِينِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى حِفْظِهِ وَصِحَّتِهِ وَالَّذِي كَانَ مَظْهَرَ القُدْرَةِ بَيْنَ البَرِيَّةِ مُنِعَ عَمَّا أَرَادَ بِما اكْتَسَبَتْ أَيْدِي المُتَطَبِّبِين، فَانْظُرُوا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِي أَتَى جَمالُ القِدَمِ وَالاسْمُ الأَعْظَمُ لِحَيوةِ العَالَمِ وَاتِّحادِهِمْ إِنَّهُمْ قامُوا عَلَيْهِ بِأَسْيافٍ شاحِذَةٍ وَارْتَكَبُوا ما فَزَعَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ إِلَى أَنْ جَعَلُوهُ مَسْجُوناً فِي أَخْرَبِ البِلادِ المُقَامِ الَّذِي انْقَطَعَتْ عَنْ ذَيْلِهِ أَيادِي المُقْبِلِينَ، إِذَا قِيلَ لَهُمْ أَتَى مُصْلِحُ العالَمِ قالُوا قَدْ تَحَقَّقَ إِنَّهُ مِنَ المُفْسِدِينَ بَعْدَ الَّذِي ما عاشَرُوا مَعَهُ وَيَرَوْنَ أَنَّهُ ما حَفِظَ نَفْسَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ حِينٍ، كَانَ فِي كُلِّ
الأَحْيانِ بَيْنَ أَيادِي أَهْلِ الطُّغْيانِ مَرَّةً حَبَسُوهُ وَطَوْرَاً أَخْرَجُوهُ وَتَارَةً دَارُوا بِهِ البِلادَ كذلِكَ حَكَمُوا عَلَيْنا وَاللهُ عَلَى ما أَقُولُ عَلِيمٌ، أُولئِكَ مِنْ أَجْهَلِ الخَلْقِ لَدَى الحَقِّ يَقْطَعُونَ أَعْضَادَهُمْ وَلا يَشْعُرُونَ، يَمْنَعُونَ الخَيْرَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلا يَعْرِفُونَ، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الصِّبْيانِ لا يَعْرِفُونَ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ وَالشَّرَّ مِنَ الخَيْرِ قَدْ نَرَاهُمُ اليَوْمَ فِي حِجَابٍ مُبِينٍ، يا مَعْشَرَ الأُمَرَاءِ لَمَّا صِرْتُمْ سَحاباً لِوَجْهِ الشَّمْسِ وَمَنَعْتُمُوها عَنِ الإِشْراقِ أَنِ اسْتَمِعُوا مَا يَنْصَحُكُمْ بِهِ القَلَمُ الأَعْلَى لَعَلَّ تَسْتَرِيحُ بِهِ أَنْفُسُكُمْ ثُمَّ الفُقَرَاءُ وَالمَساكِينُ، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُؤَيِّدَ المُلُوكَ عَلَى الصُّلْحِ إِنَّهُ لَهُوَ القادِرُ عَلَى ما يُرِيدُ، يا مَعْشَرَ المُلُوكِ إِنَّا نَرَاكُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ تَزْدادُونَ مَصَارِفَكُمْ وَتُحَمِّلُونَها عَلَى الرَّعِيَّةِ إِنْ هذا إِلاَّ ظُلْمٌ عَظِيمٌ، اتَّقُوا زَفَرَاتِ المَظْلُومِ وَعَبَرَاتِهِ وَلا تُحَمِّلُوا عَلَى الرَّعِيَّةِ فَوْقَ طاقَتِهِمْ وَلا تُخْرِبُوهُمْ لِتَعْمِيرِ قُصُورِكُمْ، أَنِ اخْتَارُوا لَهُمْ ما تَخْتَارُونَهُ لأَنْفُسِكُمْ كَذلِكَ نُبَيِّنُ لَكُمْ ما يَنْفَعُكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَفَرِّسِينَ، إِنَّهُمْ خَزَائِنُكُمْ إِيَّاكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا عَلَيْهِمْ ما لا حَكَمَ بِهِ اللهُ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُسَلِّمُوها بِأَيْدِي السَّارِقِينَ، بِهِمْ تَحْكُمُونَ وَتَأْكُلُونَ وَتَغْلِبُونَ وَعَلَيْهِمْ تَسْتَكْبِرُونَ إِنْ هذا إِلاَّ أَمْرٌ عَجِيبٌ، لَمَّا نَبَذْتُمُ الصُّلْحَ الأَكْبَرَ عَنْ وَرَائِكُمْ تَمَسَّكُوا بِهذا الصُّلْحِ الأَصْغَرِ لَعَلَّ بِهِ تَصْلُحُ أُمُورُكُمْ وَالَّذِينَ فِي ظِلِّكُمْ عَلَى قَدْرٍ يا مَعْشَرَ الآمِرِينَ، أَنْ أَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ إِذاً لا تَحْتاجُونَ بِكَثْرَةِ العَساكِرِ وَمُهِمَّاتِهِمْ إِلاَّ عَلَى قَدْرٍ تَحْفَظُونَ بِهِ مَمَالِكَكُمْ وَبُلْدَانَكُمْ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَدَعُوا ما نُصِحْتُمْ بِهِ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ أَمِينٍ، أَنِ اتَّحِدُوا يا مَعْشَرَ المُلُوكِ بِهِ تَسْكُنُ أَرْياحُ الاخْتِلافِ بَيْنَكُمْ وَتَسْتَرِيحُ الرَّعِيَّةُ وَمَنْ حَوْلَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفِينَ، إِنْ قَامَ أَحَدٌ مِنْكُمْ عَلَى الآخَرِ قُومُوا عَلَيْهِ إِنْ هذا إِلاَّ عَدْلٌ مُبِينٌ، كَذلِكَ وَصَّيْناكُمْ فِي اللَّوْحِ الَّذِي أَرْسَلْنَاهُ مِنْ قَبْلُ تِلْكَ مَرَّةً أُخْرَى أَنِ اتَّبِعُوا ما نُزِّلَ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ حَكِيمٍ، إِنْ يَهْرُبْ أَحَدٌ إِلَى ظِلِّكُمْ أَنِ احْفَظُوا وَلا تُسَلِّمُوهُ كَذلِكَ يَعِظُكُمْ القَلَمُ الأَعْلَى مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ خَبِيرٍ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا ما فَعَلَ مَلِكُ الإِسْلامِ إِذْ أَتَيْنَاهُ بِأَمْرِهِ حَكَمَ عَلَيْنا وُكُلاؤُهُ
بِالظُّلْمِ الَّذِي بِهِ ناحَتِ الأَشْياءُ وَاحْتَرَقَتْ أَكْبادُ المُقَرَّبِينَ، تُحَرِّكُهُمْ أَرْياحُ الهَوَى كَيْفَ تَشاءُ ما وَجَدْنَا لَهُمْ مِنْ قَرارٍ أَلا إِنَّهُمْ مِنَ الهائِمِينَ، أَنْ يا قَلَمَ القِدَمِ أَنِ امْسِكِ القَلَمَ دَعْهُمْ لِيَخُوضُوا فِي أَوْهامِهِمْ ثُمَّ اذْكُرِ المَلِكَةَ لَعَلَّ تَتَوَجَّهَ بِالقَلْبِ الأَطْهَرِ إِلَى المَنْظَرِ الأَكْبَرِ وَلا تَمْنَعُ البَصَرَ عَنِ النَّظَرِ إِلَى شَطْرِ رَبِّها مالِكِ القَدَرِ وَتَطَّلِعُ بِمَا نُزِّلَ فِي الأَلْواحِ وَالزُّبُرِ مِنْ لَدُنْ خالِقِ البَشَرِ الَّذِي بِهِ أَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَكُسِفَ القَمَرُ وَارْتَفَعَ النِّدَاءُ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، أَنْ أَقْبِلِي إِلَى اللهِ وَقُولِي يا مَالِكِي أَنا المَمْلُوكُ وَأَنْتَ مالِكُ المُلُوكِ، قَدْ رَفَعْتُ يَدَ الرَّجاءِ إِلَى سَمَاءِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ فَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ جُودِكَ ما يَجْعَلُنِي مُنْقَطِعَةً عَنْ دُونِكَ وَيُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ سُلْطانَ الأَسْماءِ وَمَظْهَرَ نَفْسِكَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّماءِ بِأَنْ تَخْرُقَ الأَحْجَابَ الَّتِي حالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ عِرْفانِ مَطْلِعِ آياتِكَ وَمَشْرِقِ وَحْيِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ الكَرِيمُ، أَيْ رَبِّ لا تَحْرِمْنِي عَنْ نَفَحاتِ قَمِيصِ رَحْمانِيَّتِكَ فِي أَيَّامِكَ وَاكْتُبْ لِي مَا كَتَبْتَهُ لإِمائِكَ اللاَّئِي آمَنَّ بِكَ وَبِآياتِكَ وَفُزْنَ بِعِرْفانِكَ وَأَقْبَلْنَ بِقُلُوبِهِنَّ إِلَى أُفُقِ أَمْرِكَ إِنَّكَ أَنْتَ مَوْلَى العالَمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، ثُمَّ أَيِّدْنِي يا إِلهِي عَلَى ذِكْرِكَ بَيْنَ إِمائِكَ وَنُصْرَةِ أَمْرِكَ فِي دِيارِكَ، ثُمَّ اقْبَلْ مِنِّي ما فاتَ عَنِّي عِنْدَ طُلُوعِ أَنْوارِ وَجْهِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، وَالبَهاءُ لَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ مُلْكِ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ.
إلىأَنْ يا رَئِيسُ اسْمَعْ نِداءَ اللهِ المَلِكِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ، إِنَّهُ يُنادِي بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ وَيَدْعُ الكُلَّ إِلَى المَنْظَرِ الأَبْهَى، وَلا يَمْنَعُهُ قِبَاعُكَ وَلا نِباحُ مَنْ فِي حَوْلِكَ وَلا جُنُودُ العالَمِينَ، قَدِ اشْتَعَلَ العالَمُ مِنْ كَلِمَةِ رَبِّكَ الأَبْهَى وَإِنَّها أَرَقُّ مِنْ نَسِيمِ الصَّبا قَدْ ظَهَرَتْ عَلَى هَيْئَةِ الإِنْسانِ وَبِها أَحْيَى اللهُ عِبَادَهُ المُقْبِلِينَ، وَفِي باطِنِها مَاءٌ قَدْ طَهَّرَ اللهُ بِهِ أَفْئِدَةَ الَّذِينَ أَقْبَلُوا إِلَى اللهِ وَغَفَلُوا عَنْ ذِكْرِ ما سِوَاهُ وَقَرَّبَهُمْ إِلَى مَنْظَرِ اسْمِهِ العَظِيمِ، وَقَدْ رَشَحْنا مِنْهُ عَلَى القُبُورِ وَهُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ جَمالَ اللهِ المُشْرِقِ المُنِيرِ.
أَنْ يا رَئِيسُ قَدِ ارْتَكَبْتَ ما يَنُوحُ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ فِي الجَنَّةِ العُلْيا وَغَرَّتْكَ الدُّنْيا عَلَى شَأْنٍ أَعْرَضْتَ عَنِ الوَجْهِ الَّذِي بِنُورِهِ اسْتَضاءَ الملأُ الأَعْلَى فَسَوْفَ تَجِدُ نَفْسَكَ فِي خُسْرانٍ مُبِينٍ، وَاتَّحَدْتَ مَعَ رَئِيسِ العَجَمِ فِي ضُرِّي بَعْدَ الَّذِي جِئْتُكُمْ مِنْ مَطْلِعِ العَظَمَةِ وَالكِبْرِياءِ بِأَمْرٍ بِهِ قَرَّتْ عُيُونُ المُقَرَّبِينَ، تاللهِ هذا يَوْمٌ فِيهِ تَنْطِقُ النَّارُ فِي كُلِّ الأَشْياءِ قَدْ أَتَى مَحْبُوبُ العالَمِينَ، وَعِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الأَشْياءِ قامَ كَلِيمُ الأَمْرِ لإِصْغاءِ كَلِمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ العَلِيمِ، إِنَّا لَوْ نَخْرُجُ مِنَ القَمِيصِ الَّذِي لَبِسْنَاهُ لِضَعْفِكُمْ لَيَفْدِيُنَّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ أَنْفُسَهُمْ لِنَفْسِي وَرَبُّكَ يَشْهَدُ بِذلِكَ وَلا يَسْمَعُهُ إِلاَّ الَّذِينَ انْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ الوُجُودِ حُبَّاً للهِ العَزِيزِ القَدِيرِ، هَلْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ تَقْدِرُ أَنْ تُطْفِئَ النَّارَ الَّتِي أَوْقَدَها اللهُ فِي الآفاقِ لا وَنَفْسِهِ الحَقِّ لو أَنْتَ مِنَ
العارِفِينَ، بَلْ بِمَا فَعَلْتَ زَادَ لَهِيبُها وَاشْتِعالُها فَسَوْفَ يُحيطُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها، كَذلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ وَلا يَقُومُ مَعَهُ حُكْمُ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، فَسَوْفَ تُبَدَّلُ أَرْضُ السِّرِّ وَما دُونَها وَتَخْرُجُ مِنْ يَدِ المَلِكِ وَيَظْهَرُ الزِّلْزالُ وَيَرْتَفِعُ العَوِيلُ وَيَظْهَرُ الفَسَادُ فِي الأَقْطارِ وَتَخْتَلِفُ الأُمُورُ بِما وَرَدَ عَلَى هؤِلاءِ الأُسَرَاءِ مِنْ جُنُودِ الظَّالِمِينَ، وَيَتَغَيَّرُ الحُكْمُ وَيَشْتَدُّ الأَمْرُ عَلَى شَأْنٍ يَنُوحُ الكَثِيبُ فِي الهِضَابِ وَتَبْكِي الأَشْجَارُ فِي الجِبالِ وَيَجْرِي الدَّمُ مِنْ كُلِّ الأَشْياءِ وَتَرى النَّاسَ فِي اضْطِرابٍ عَظِيمٍ.
أَنْ يا رَئِيسُ قَدْ تَجَلَّيْنا عَلَيْكَ مَرَّةً فِي جَبَلِ التِّينَاءِ وَمَرَّةً فِي الزَّيْتَاءِ وَفِي هذِهِ البُقْعَةِ المُبارَكَةِ إِنَّكَ ما اسْتَشْعَرْتَ بِمَا اتَّبَعْتَ هَواكَ وَكُنْتَ مِنَ الغَافِلِينَ، فَانْظُرْ ثُمَّ اذْكُرْ إِذْ أَتَى مُحَمَّدٌ بِآياتٍ بَيِّناتٍ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ عَلِيمٍ، كانَ القَوْمُ أَنْ يَرْجِمُوهُ فِي المَراصِدِ وَالأَسْواقِ وَكَفَرُوا بِآياتِ اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّ آبائِكَ الأَوَّلِينَ، وَأَنْكَرَهُ العُلَماءُ ثُمَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ مِنَ الأَحْزَابِ وَعَنْ وَرَائِهِمْ مُلُوكُ الأَرْضِ كَمَا سَمِعْتَ مِنْ قِصَصِ الأَوَّلِينَ، وَمِنْهُمْ الكِسْرَى الَّذِي أَرْسَلَ إِلَيْهِ كِتابَاً كَرِيماً وَدَعاهُ إِلَى اللهِ وَنَهاهُ عَنِ الشِّرْكِ إِنَّ رَبَّكَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ، إِنَّهُ اسْتَكْبَرَ عَلَى اللهِ وَمَزَّقَ اللَّوْحَ بِما اتَّبَعَ النَّفْسَ وَالهَوَى أَلا إِنَّهُ مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ، هَلْ الفِرْعَوْنُ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمْنَعَ اللهَ عَنْ سُلْطانِهِ إِذْ بَغَى فِي الأَرْضِ وَكَانَ مِنَ الطَّاغِينَ، إِنَّا أَظْهَرْنَا الكَلِيمَ مِنْ بَيْتِهِ رَغْماً لأَنْفِهِ إِنَّا كُنَّا قادِرِينَ، وَاذْكُرْ إِذْ أَوْقَدَ النَّمْرُودُ نارَ الشِّرْكِ لِيَحْتَرِقَ بِها الخَلِيلُ، إِنَّا نَجَّيْنَاهُ بِالحَقِّ وَأَخَذْنَا النَّمْرُودَ بِقَهْرٍ مُبِينٍ، قُلْ إِنَّ مَلِكَ العَجَمِ قَتَلَ مَحْبُوبَ العالَمِينَ لِيُطْفِئَ بِذلِكَ نُورَ اللهِ بَيْنَ ما سِواهُ وَيَمْنَعَ النَّاسَ عَنْ سَلْسَبِيلِ الحَيَوانِ فِي أَيَّامِ اللهِ العَزِيزِ الكَرِيمِ، وَقَدْ أَظْهَرْنَا الأَمْرَ فِي البِلادِ وَرَفَعْنا ذِكْرَهُ بَيْنَ المُوَحِّدِينَ، قُلْ قَدْ جَاءَ الغُلامُ لِيُحْيِي العَالَمَ وَيَتَّحِدَ مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها فَسَوْفَ يَغْلِبُ ما أَرَادَ اللهُ وَتَرَى كُلَّ الأَرْضِ جَنَّةَ الأَبْهَى، كَذلِكَ رُقِمَ مِنْ قَلَمِ الأَمْرِ عَلَى لَوْحٍ قَوِيمٍ.
دَعْ ذِكْرَ الرَّئِيسِ ثُمَّ اذْكُرِ الأَنِيسَ الَّذِي اسْتَأْنَسَ بِحُبِّ اللهِ وَانْقَطَعَ عَنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا وَكَانُوا مِنَ الخاسِرِينَ وَخَرَقَ الأَحْجَابَ عَلَى شَأْنٍ سَمِعَ أَهْلُ الفِرْدَوْسِ صَوْتَ خَرْقِها فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ المُقْتَدِرُ العَلِيمُ الحَكِيمُ، أَنْ يا أَيُّها الوَرْقاءُ اسْمَعْ نِدَاءَ الأَبْهَى فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ الَّتِي فِيها اجْتَمَعَ عَلَيْنَا ضُبَّاطُ العَسْكَرِيَّةِ وَنَكُونُ عَلَى فَرَحٍ عَظِيمٍ، فَيا لَيْتَ يُسْفَكُ دِماؤُنا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَنَكُونُ مَطْرُوحِينَ عَلَى الثَّرَى وَهذا مُرَادِي وَمُرَادُ مَنْ أَرَادَنِي وَصَعِدَ إِلَى مَلَكُوتِي الأَبْدَعِ البَدِيعِ، فَاعْلَمْ إِنَّا أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَجَدْنَا أَحِبَّاءَ اللهِ بَيْنَ أَيْدِي المُعَانِدِينَ، أَخَذَ النِّظَامُ كُلَّ الأَبْوابِ وَمَنَعُوا العِبادَ عَنِ الدُّخُولِ وَالخُرُوجِ وَكَانُوا مِنَ الظَّالِمِينَ، وَتُرِكَ أَحِبَّاءُ اللهِ وَآلُهُ مِنْ غَيْرِ قُوتٍ فِي اللَّيْلَةِ الأُولَى كذلِكَ قُضِيَ عَلَى الَّذِينَ خُلِقَتِ الدُّنْيَا وَما فِيها لأَنْفُسِهِمْ فَأُفٍّ لَهُمْ وَلِلَّذِينَ أَمَرُوهُمْ بِالسُّوءِ سَوْفَ يُحْرِقُ اللهُ أَكْبَادَهُمْ مِنَ النَّارِ إِنَّهُ أَشَدُّ المُنْتَقِمِينَ، زَحَفَ النَّاسُ حَوْلَ البَيْتِ وَبَكَى عَلَيْنَا الإِسْلامُ وَالنَّصارَى وَارْتَفَعَ نَحِيبُ البُكَاءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ بِما اكْتَسَبَتْ أَيْدِي الظَّالِمِينَ، إِنَّا وَجَدْنا مَلأَ الابْنِ أَشَدَّ بُكَاءً مِنْ مِلَلٍ أُخْرَى وَفِي ذلِكَ لآياتٌ لِلْمُتَفَكِّرِينَ، وَفَدَى أَحَدٌ مِنَ الأَحِبَّاءِ نَفْسَهُ لِنَفْسِي وَقَطَعَ حَنْجَرَهُ بِيَدِهِ حُبَّاً للهِ هذا ما لا سَمِعْنا بِهِ مِنَ القُرُونِ الأَوَّلِينَ، هذا ما اخْتَصَّهُ اللهُ بِهذا الظُّهُورِ إِظْهَارَاً لِقُدْرَتِهِ إِنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ، وَالَّذِي قَطَعَ حَنْجَرَهُ فِي العِراقِ إِنَّهُ لَمَحْبُوبُ الشُّهَدَاءِ وَسُلْطانُهُمْ وَما ظَهَرَ مِنْهُ كَانَ حُجَّةَ اللهِ عَلَى الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، أُولئِكَ أَثَّرَتْ فِيهِمْ كَلِمَةُ اللهِ وَذاقُوا حلاوَةَ الذِّكْرِ وَأَخَذَتْهُمْ نَفَحاتُ الوِصالِ عَلَى شَأْنٍ انْقَطَعُوا عَمَّنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَأَقْبَلُوا إِلَى الوَجْهِ بِوَجْهٍ مُنِيرٍ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُمْ ما لا أَذِنَ اللهُ لَهُمْ وَلكِنْ عَفا عَنْهُمْ فَضْلاً مِنْ عِنْدِهِ إِنَّهُ لَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، أَخَذَهُمْ جَذْبُ الجَبَّارِ عَلَى شَأْنٍ أُخِذَ عَنْ كَفِّهِمْ زِمامُ الاخْتِيارِ إِلَى أَنْ عَرَجُوا إِلَى مَقَامِ المُكاشَفَةِ وَالحُضُورِ بَيْنَ يَدَيِّ اللهِ العَزِيزِ العَلِيمِ، قُلْ قَدْ خَرَجَ الغُلامُ مِنْ هذِهِ الدِّيارِ وَأَوْدَعَ تَحْتَ كُلِّ شَجَرٍ وَحَجَرٍ وَدِيعَةً سَوْفَ
يُخْرِجُها اللهُ بِالحَقِّ كَذلِكَ أَتَى الحُكْمُ وَقُضِيَ الأَمْرُ مِنْ مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ، لا يَقُومُ مَعَ أَمْرِهِ جُنُودُ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، وَلا يَمْنَعُهُ عَمَّا أَرَادَ كُلُّ المُلُوكِ وَالسَّلاطِينِ، قُلِ البَلايا دُهْنٌ لِهذا المِصْباحِ وَبِها يَزْدَادُ نُورُهُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العارِفِينَ، قُلْ إِنَّ الإِعْراضَ مِنْ كُلِّ مُعْرِضٍ مُنَادِي هذا الأَمْرِ وَبِهِ انْتَشَرَ أَمْرُ اللهِ وَظُهُورُهُ بَيْنَ العالَمِينَ، طُوبَى لَكُمْ بِما هاجَرْتُمْ عَنْ دِيارِكُمْ وَطُفْتُمُ الدِّيارَ وَالبِلادَ حُبَّاً للهِ مَوْلاكُمُ العَزِيزِ القَدِيمِ إِلَى أَنْ دَخَلْتُمْ أَرْضَ السِّرِّ فِي اليَوْمِ الَّذِي فِيهِ اشْتَعَلَتْ نَارُ الظُّلْمِ وَنَعَبَ غُرَابُ البَيْنِ، أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي مَصَائِبِي لِمَا كُنْتُمْ مَعَنا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي اضْطَرَبَتْ فِيها قُلُوبُ المُوَحِّدِينَ، دَخَلْتُمْ بِحُبِّنا وَخَرَجْتُمْ بِأَمْرِنا تَاللهِ بِكُمْ يَنْبَغِي أَنْ تَفْتَخِرَ الأَرْضُ عَلَى السَّمَاءِ، فَيا حَبَّذَا هذا الفَضْلُ المُتُعالِي العَزِيزُ المَنِيعُ، أَنْ يا أَطْيَارَ البَقاءِ مُنِعْتُمْ عَنِ الأَوْكارِ فِي سَبِيلِ رَبِّكُمُ المُخْتارِ وَإِنَّ مَأْواكُمْ تَحْتَ جَنَاحِ فَضْلِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ طُوبَى لِلْعارِفِينَ، أَنْ يا ذَبِيحِي الرَّوْحُ لَكَ وَلِمَنْ آنَسَ بِكَ وَوَجَدَ مِنْكَ عَرْفِي وَسَمِعَ مِنْكَ مَا يُطَّهَرُ بِهِ أَفْئَدَةُ القاصِدِينَ، أَنِ اشْكُرِ اللهَ بِمَا وَرَدْتَ فِي شاطِئِ البَحْرِ الأَعْظَمِ ثُمَّ اسْتَمِعْ نِداءَ كُلِّ الذَّرَّاتِ هذا لَمَحْبُوبُ العَالَمِ وَيَظْلِمُونَهُ أَهُلُ العَالَمِ وَلا يَعْرِفُونَ الَّذِي يَدْعُونَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ غَفَلُوا عَنْهُ وَأَعْرَضُوا عَنِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ بِأَنْ يَفْدُوا أَنْفُسَهُمْ فِي سَبِيلِ أَحِبَّائِهِ وَكَيْفَ جَمَالِهِ المُشْرِقِ المُنِيرِ، إِنَّكَ وَلَوْ ذَابَ قَلْبُكَ فِي فِراقِ اللهِ لكِنْ فَاصْبِرْ إِنَّ لَكَ عِنْدَهُ مَقامَاً عَظِيماً بَلْ تَكُونُ قائِماً تِلْقاءَ الوَجْهِ وَنَتَكَلَّمُ مَعَكَ بِلِسانِ القُدْرَةِ وَالقُوَّةِ ما مُنِعَتْ عَنِ اسْتِماعِها آذانُ المُخْلِصينَ، قُلْ إِنَّهُ لَوْ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ لَتَكُونُ أَحْلَى عَنْ كَلِماتِ العَالَمِينَ، هذا يَوْمٌ لَوْ أَدْرَكَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ لَقالَ قَدْ عَرَفْنَاكَ يَا مَقْصُودَ المُرْسَلِينَ، وَلَوْ أَدْرَكَهُ الخَلِيلُ لَيَضَعُ وَجْهَهُ عَلَى التُّرابِ خَضْعاً للهِ رَبِّكَ وَيَقُولُ قَدِ اطْمَأَنَّ قَلْبِي يا إِلهَ مَنْ فِي مَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، وَأَشْهَدْتَنِي مَلَكُوتَ أَمْرِكَ وَجَبَرُوتَ اقْتِدَارِكَ وَأَشْهَدُ بِظُهُورِكَ اطْمَأَنَّتْ أَفْئِدَةُ المُقْبِلِينَ، لَوْ أَدْرَكَهُ الكَلِيمُ لَيَقُولُ لَكَ الحَمْدُ بِما أَرَيْتَنِي
جَمَالَكَ وَجَعَلْتَنِي مِنَ الزَّائِرِينَ، فَكِّرْ فِي القَوْمِ وَشَأْنِهِمْ وَبِمَا خَرَجَتْ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَبِمَا اكْتَسَبَتْ أَيْدِيهِمْ فِي هذا اليَوْمِ المُبارَكِ المُقَدَّسِ البَدِيعِ، إِنَّ الَّذِينَ ضَيَّعُوا الأَمْرَ وَتَوَجَّهُوا إِلَى الشَّيْطانِ أُولئِكَ لَعَنَهُمْ كُلُّ الأَشْياءِ وَأُولئِكَ أَصْحَابُ السَّعِيرِ، إِنَّ الَّذِي سَمِعَ نِدَائِي لا يُؤَثِّرُ فِيهِ نِدَاءُ العالَمِينَ، وَالَّذِي يُؤَثِّرُ فِيهِ كَلامُ غَيْرِي إِنَّهُ ما سَمِعَ نِدائِي تَاللهِ إِنَّهُ مَحْرُومٌ عَنْ مَلَكُوتِي وَمَمالِكِ عَظَمَتِي وَاقْتِدَارِي وَكَانَ مِنَ الأَخْسَرِينَ، لا تَحْزَنْ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْكَ إِنَّكَ حَمَلْتَ فِي حُبِّي ما لا حَمَلُهُ أَكْثَرُ العِبادِ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ وَخَبِيرٌ، وَكَانَ مَعَكَ فِي المَجَالِسِ وَالمَحَافِلِ وَسَمِعَ ما جَرَى مِنْ مَعِينِ قَلْبِكَ سَلْسَبِيلُ الحِكْمَةِ وَالبَيانِ فِي ذِكْرِ رَبِّكَ الرَّحْمنَ إِنَّ هذا لَفَضْلٌ مُبِينٌ، فَسَوْفَ يَبْعَثُ اللهُ مِنَ المُلُوكِ مَنْ يُعِينُ أَوْلِياءَهُ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ، وَيُلْقِي فِي القُلُوبِ حُبَّ أَوْلِيائِهِ وَهذا حَتْمٌ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ جَمِيلٍ، نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يَشْرَحَ مِنْ نِدائِكَ صُدُورَ عِبادِهِ وَيَجْعَلَكَ عَلَمَ الهِدايَةِ فِي بِلادِهِ وَيَنْصُرَ بِكَ المُسْتَضْعَفِينَ، لا تَلْتَفِتْ إِلَى نُعاقِ مَنْ نَعَقَ وَالَّذِي يَنْعِقُ فَاكْفِ بِرَبِّكَ الغَفُورِ الكَرِيمِ، فَاقْصُصْ أَحِبَّتِي قِصَصَ الغُلامِ عَمَّا عَرَفْتَ وَرَأَيْتَ ثُمَّ أَلْقِ عَلَيْهِمْ ما أَلْقَيْناكَ إِنَّ رَبَّكَ يُؤَيِّدُكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَإِنَّهُ مَعَكَ رَقِيبٌ وَيُصَلِّي عَلَيْكَ المَلأُ الأَعْلَى وَيُكَبِّرُنَّ عَلَيْكَ آلُ اللهِ وَأَهْلُهُ مِنْ الوَرَقاتِ الطَّائِفَاتِ حَوْلَ الشَّجَرَةِ وَيَذْكُرُنَّك بذكرٍ بَديعٍ، أَنْ يا قَلَمَ الوَحْي ذَكِّرْ مَن حَضَرَ كِتابُهُ تلقاءَ الوَجْهِ في اللَّيلَةِ الدَّلماءِ وَدارَ البلادَ إلى أَنْ دَخَلَ المَدِينَةَ وَاسْتَجارَ فِي جوِارِ رَحمَةِ رَبِّهِ العَزيزِ المَنِيعِ، وَباتَ فِيها فِي العَشِيِّ مُرْتَقِباً فَضْلَ رَبِّه وَفِي الإِشْراقِ خَرَجَ بأَمْرِ اللهِ بِذلِكَ حَزِنَ الغُلامُ وَكانَ اللهُ عَلَى ما أَقُولُ شَهِيداً، طُوبَى لَكَ بِما أَخَذْتَ رَاحَ البَيانِ مِنْ رَاحَةِ الرَّحْمنِ وَأَخَذَتْكَ رَائِحَةُ المَحْبُوبِ عَلَى شَأْنٍ انْقَطَعْتَ عَنْ رَاحَةِ نَفْسِكَ وَكُنْتَ مِنَ المُسْرِعِينَ إِلَى شَطْرِ الفِرْدَوْسِ مَطْلِعِ آياتِ رَبِّكَ العَزِيزِ الفَرِيدِ، فَيا رَوْحاً لِمَنْ شَرِبَ حُمَيَّا المَعانِي مِنْ مُحَيَّا رَبِّهِ وَتَعَلَّلَ مِنْ زُلالِ هذِهِ الخَمْرِ تَاللهِ بِها يَطِيرُ المُوَحِّدُونَ إِلَى سَماءِ العَظَمَةِ وَالإِجْلالِ وَيُبَدَّلُ الظَّنُّ
بِاليَقِينِ، لا تَحْزَنْ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْكَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ المُقْتَدِرِ العَلِيمِ الحَكِيمِ، أَسِّسْ أَرْكَانَ البَيْتِ مِنْ زَبْرِ البَيانِ ثُمَّ اذْكُرْ رَبَّكَ إِنَّهُ يَكْفِيكَ عَنِ العَالَمِينِ، قَدْ كَتَبَ اللهُ ذِكْرَكُمْ فِي اللَّوْحِ الَّذِي فِيهِ رُقِمَ أَسْرَارُ ما كَانَ وَسَوْفَ يَذْكُرُونَ المُوَحِّدُونَ هِجْرَتَكُمْ وَوُرُودَكُمْ وَخُرُوجَكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُ يُرِيدُ مَنْ أَرَادَهُ وَإِنَّهُ وُلِيُّ المُخْلِصِينَ، تَاللهِ يَنْظُرُنَّكُمُ المَلأُ الأَعْلَى وَيُشِيرُنَّ إِلَيْكُمْ بِأَصابِعِهِمْ كَذلِكَ أَحاطَكُمْ فَضْلُ رَبِّكُمْ فَيا لَيْتَ القَوْمَ يَعْرِفُونَ ما غَفَلُوا عَنْهُ فَي أَيَّامِ اللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، أَنُ اشْكُرِ اللهَ بِمَا أَيَّدَكَ لِعِرْفانِهِ وَأَدْخَلَكَ فِي جِوارِهِ فِي اليَوْمِ الَّذِي فِيهِ أَحَاطَ المُشْرِكُونَ أَهْلَ اللهِ وَأَوْلِياءَهِ وَأَخْرَجُوهُمْ مِنَ البُيُوتِ بِظُلْمٍ مُبِينٍ، وَأَرَادُوا أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَنَا فِي شاطِئِ البَحْرِ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ بِما فِي صُدُورِ المُشْرِكِينَ، قُلْ لَوْ تَقْطَعُونَ أَرْكَانَنا لَنْ يَخْرُجَ حُبُّ اللهِ مِنْ قُلُوبِنا إِنَّا خُلِقْنَا لِلْفِدَاءِ وَبِذلِكَ نَفْتَخِرُ عَلَى العَالَمِينَ.
ثُمَّ اعْلَمْ يا أَيُّها المُشْتَعِلُ بِنَارِ اللهِ قَدْ حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْنَا كِتابُكَ وَعَرَفْنا ما فِيهِ نَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُوَفِّقَكَ عَلَى حُبِّهِ وَرِضائِهِ وَيُؤَيِّدَكَ عَلَى تَبْلِيغِ أَمْرِهِ وَيَجْعَلَكَ مِنَ النَّاصِرِينَ.
وَأَمَّا ما سَأَلْتَ عَنِ النَّفْسِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ لِلْقَوْمِ فِيهَا مَقالاتٍ شَتَّى وَمَقاماتٍ شَتَّى، وَمِنْها نَفْسٌ مَلَكُوتِيَّةٌ، وَنَفْسٌ جَبَرُوتِيَّةٌ، وَنَفْسٌ لاهُوتِيَّةٌ، وَنَفْسٌ إِلهِيَّةٌ، وَنَفْسٌ قُدْسِيَّةٌ، وَنَفْسٌ مُطْمَئِنَّةٌ، وَنَفْسٌ راضِيَةٌ، وَنَفْسٌ مَرْضِيَّةٌ، وَنَفْسٌ مُلْهَمَةٌ، وَنَفْسٌ لَوَّامَةٌ، وَنَفْسٌ أَمَّارَةٌ، لِكُلِّ حِزْبٍ فِيها بَياناتٌ، إِنَّا لا نُحِبُّ أَنْ نَذْكُرَ ما ذُكِرَ مِنْ قَبْلُ وَعِنْدَ رَبِّكَ عِلْمُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، يَا لَيْتَ كُنْتَ حاضِرَاً لَدَى العَرْشِ وَسَمِعْتَ مَا هُوَ المَقْصُودُ مِنْ لِسَانِ العَظَمَةِ وَبَلَغْتَ إِلَى ذُرْوَةِ العِلْمِ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ حَكِيمٍ، وَلكِنَّ المُشْرِكِينَ حالُوا بَيْنَنا وَبَيْنَكَ، إِيَّاكَ أَنْ تَحْزَنَ بِذلِكَ فَارْضَ بِما جَرَى مِنْ مُبْرَمِ القَضَاءِ وَكُنْ مِنَ الصَّابِرينَ، فَاعْلَمْ بِأَنَّ النَّفْسَ الَّتِي يُشارِكُ فِيها العِبادُ إِنَّها تَحْدُثُ بَعْدَ امْتِشاجِ الأَشْيَاءِ وَبُلُوغِها كَما تَرَى فِي النُّطْفَةِ إِنَّها بَعْدَ ارْتِقائِها إِلَى المَقامِ الَّذِي قُدِّرَ فِيها يُظْهِرُ اللهُ بِها نَفْسَها الَّتِي كَانَتْ مَكْنُونَةً فِيها إِنَّ
رَبَّكَ يَفْعَلُ ما يَشَاءُ وَيَحْكُمُ ما يُرِيدُ، وَالنفْسُ الَّتِي هِيَ المَقْصُودُ إِنَّها تُبْعَثُ مِنْ كَلِمَةِ اللهِ وَإِنَّها لَهِيَ الَّتِي لَوِ اشْتَعَلَتْ بِنَارِ حُبِّ رَبِّها لا تُخْمِدُها مِيَاهُ الإِعْرَاضِ وَلا بُحُورُ العَالَمِينَ، وَإِنَّها لَهِيَ النَّارُ المُشْتَعِلَةُ المُلْتَهِبَةُ فِي سِدْرَةِ الإِنْسَانِ وَتَنْطِقُ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالَّذِي سَمِعَ نَدَاءَها إِنَّهُ مِنَ الفائِزِينَ، وَلَمَّا خَرَجَتْ عَنِ الجَسَدِ يَبْعَثُها اللهُ عَلَى أَحْسَنِ صُورَةٍ وَيُدْخِلُها فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ إِنَّ رَبَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ حَياةَ الإِنْسَانِ مِنَ الرُّوحِ وَتَوَجُّهِ الرُّوحِ إِلَى جِهَةٍ دُونَ الجِهَاتِ إِنَّهُ مِنَ النَّفْسِ فَكِّرْ فِي ما أَلْقَيْنَاكَ لِتَعْرِفَ نَفْسَ اللهِ الَّذِي أَتَى مِنْ مَشْرِقِ الفَضْلِ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ لِلنَّفْسِ جَنَاحَيْنِ إِنْ طارَتْ فِي هَوَاءِ الحُبِّ وَالرِّضا تُنْسَبُ إِلَى الرَّحْمَنِ وَإِنْ طارَتْ فِي هَوَاءِ الهَوَى تُنْسَبُ إِلَى الشَّيْطانِ، أَعاذَنا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْهَا يَا ملأَ العارِفِينَ، وَإِنَّها إِذَا اشْتَعَلَتْ بِنارِ مَحَبَّةِ اللهِ تُسَمَّى بِالمُطْمَئِنَّةِ وَالْمَرْضِيَّةِ وَإِنِ اشْتَعَلَتْ بِنارِ الهَوَى تُسَمَّى بِالأَمَّارَةِ كَذَلِكَ فَصَّلْنَا لَكَ تَفْصِيلاً لِتَكُونَ مِنَ المُتَبَصِّرِينَ.
أَنْ يا قَلَمَ الأَعْلَى فَاذْكُرْ لِمَنْ تَوَجَّهَ إِلَى رَبِّكَ الأَبْهَى ما يُغْنِيهِ عَنْ ذِكْرِ العالَمِينَ، قُلْ إِنَّ الرُّوحَ وَالعَقْلَ وَالنَّفْسَ وَالسَّمْعَ وَالبَصَرَ وَاحِدٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأَسْبابِ كَما فِي الإِنْسانِ تَنْظُرُونَ، ما يَفْقَهُ بِهِ الإِنْسَانُ وَيَتَحَرَّكُ وَيَتَكَلَّمُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ كُلُّها مِنْ آيَةِ رَبِّهِ فِيهِ وَإِنَّها وَاحِدَةٌ فِي ذَاتِها وَلكِنْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأَسْبَابِ إِنَّ هَذا لَحَقٌّ مَعْلُومٌ، مَثَلاً بِتَوَجُّهِها إِلَى أَسْبَابِ السَّمْعِ يَظْهَرُ حُكْمُ السَّمْعِ وَاسْمُهُ وَكَذَلِكَ بِتَوَجُّهِها إِلَى أَسْبابِ البَصَرِ يَظْهَرُ أَثَرٌ آخَرُ وَاسْمٌ آخَرُ فَكِّرْ لِتَصِلَ إِلَى أَصْلِ المَقْصُودِ وَتَجِدَ نَفْسَكَ غَنِيَّاً عَمَّا يُذْكَرُ عِنْدَ النَّاسِ وَتَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ، وَكَذلِكَ بِتَوَجُّهِها إِلى الدِّماغِ وَالرَّأْسِ وَأَسْبَابٍ أُخْرَى يَظْهَرُ حُكْمُ العَقْلِ وَالنَّفْسِ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما يُرِيدُ، إِنَّا قَدْ بَيَّنَّا كُلَّ ما ذَكَرْنَاهُ فِي الأَلْواحِ الَّتِي نَزَّلْناهَا فِي جَوابِ مَنْ سَأَلَ عَنِ الحُرُوفَاتِ المُقَطَّعاتِ فِي الفُرْقانِ، فَانْظُرْ فِيها لِتَطَّلِعَ بِمَا نُزِّلَ
مِنْ جَبَرُوتِ اللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، لِذا اخْتَصَرْنا فِي هذا اللَّوْحِ وَنَسْأَلُ اللهَ بِأَنْ يُعَرِّفَكَ مِنْ هذا الاخْتِصارِ ما لا يَنْتَهِي بِالأَذْكارِ، وَيُشْرِبَكَ مِنْ هذِهِ الكَأْسِ ما فِي البُحُورِ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الفَضَّالُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ.
أَنْ يا قَلَمَ القِدَمِ ذَكِّرِ العَلِيَّ الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي العِرَاقِ إِلَى أَنْ خَرَجَ مِنْهُ نَيِّرُ الآفاقِ ثُمَّ هاجَرَ إِلَى أَنْ حَضَرَ تِلْقَاءَ الوَجْهِ حِينَ الَّذِي كُنَّا أُسِارَى بِأَيْدِي مَنْ كَانَ عَنْ نَفَحَاتِ الرَّحْمَنِ مَحْرُوماً، لا تَحْزَنْ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْنا وَعَلَيْكَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَنِ اطْمَئِنْ ثُمَّ اسْتَقِمْ إِنَّهُ يَنْصُرُ مَنْ أَحَبَّهُ وَإِنَّهُ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً، وَالَّذِي أَقْبَلَ إِلَيْهِ اسْتَضَاءَ مِنْهُ وُجُوهُ المَلإِ الأَعْلَى وَكَانَ اللهُ عَلَى ما أَقُولُ شَهيداً، قُلْ يا قَوْمِ أَتَظُنُّونَ الإِيمانَ لأَنْفُسِكُمْ بَعْدَ الَّذِي أَعْرَضْتُمْ عَنِ الَّذِي بِهِ ظَهَرَ الأَدْيانُ فِي الأَكْوانِ تَاللهِ أَنْتُمْ مِنْ أَصْحابِ النِّيرَانِ كَذلِكَ كَانَ الأَمْرُ مِنْ قَلَمِ اللهِ عَلَى الأَلْواحِ مَسْطُوراً، قُلْ بِنُبَاحِ الكَلْبِ لَنْ تُمْنَعَ الوَرْقُاءُ عَنْ نَغَماتِهَا تَفَكَّرُوا لِكَيْ تَجِدُوا إِلَى الحَقِّ سَبِيلاً.
قُلْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي أَسْأَلُكَ بِدُمُوعِ العَاشِقِينَ فِي هَوائِكَ وَصَرِيخِ المُشْتاقِينَ فِي فِرَاقِكَ وَبِمَحْبُوبِكَ الَّذِي ابْتُلِيَ بَيْنَ أَيْدِي مُعانِدِيكَ بِأَنْ تَنْصُرَ الَّذِينَ آوَوْا فِي ظِلِّ جَنَاحِ مَكْرُمَتِكَ وَأَلْطَافِكَ وَما اتَّخَذُوا لأَنْفُسِهِمْ رَبَّا سِواكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ خَرَجْنا عَنِ الأَوْطانِ شَوْقاً لِلِقائِكَ وَطَلَباً لِوِصالِكَ، وَقَطَعْنا البَرَّ وَالبَحْرَ لِلْحُضُورِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَإِصْغاءِ آياتِكَ، فَلَمَّا وَرَدْنا البَحْرَ مُنِعْنا عَنْهُ وَحَالَ المُشْرِكُونَ بَيْنَنا وَبَيْنَ أَنْوارِ وَجْهِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ أَخَذَتْنا رَعْدَةُ الظَّمَإِ وَعِنْدَكَ كَوْثَرُ البَقَاءِ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ، لا تَحْرِمْنا عَمَّا أَرَدْنا ثُمَّ اكْتُبْ لنا أَجْرَ المُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْنا فِي حُبِّكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنا عَنْكَ ما دُونَكَ وَلا يَصْرِفُنا عَنْ حُبِّكَ ما سِوَاكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشَاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ.
هُوَ المالِكُ بِالاسْتِحْقاقِقلم اعلى ميفرمايد، اى نفسيكه خود را اعلى النّاس ديده وغلام الهى را كه چشم ملأ اعلى باو روشن ومنير است ادنى العباد شمرده ئى، غلام توقّعى از تو وامثال تو نداشته ونخواهد داشت، چه كه لا زال هر يك از مظاهر رحمانيّه ومطالع عزّ سُبحانيّه كه از عالم باقى بعرصهٴ فانى براى احياى اموات قَدَم گذارده اند وتجلّى فرموده اند امثال تو آن نفوس مقدّسه را كه اصلاح اهل عالم منوط ومربوط بآن هياكل احديّه بوده از اهل فساد دانسته اند ومقصّر شمرده اند، قَدْ قَضَى نَحْبَهُمْ
في ما يلي التّرجمة العربيّة للقسم الفارسيّ:يقول القلم الأعلى يا أيّها الّذي رأيت نفسك أعلى النّاس وزعمت أنّ الغلام الإلهيّ الّذي أضاءت وتنوّرت به عين الملأ الأعلى هو أدنى العباد، لم يزل هذا الغلام لا يتوقّع منك ومن أمثالك شيئاً ولا يزال، وسبب ذلك هو أنّه كلّما تجلّى مظهر من المظاهر الرّحمانيّة ومطالع العزّ السّبحانيّة وقدم من العالم الباقي إلى هذه العرصة الفانية من أجل إحياء الأموات، زعم أمثالك أنَّهم من أهل الفساد واعتبروهم من المقصّرين، مع أنّ إصلاح العالم أنيط بتلكم النّفوس المقدّسة والهياكل الأحديّة، قَدْ قَضَى نَحْبَهُمْ فَسَوْفَ يَقْضِي نَحْبَكَ وَتَجِدُ نَفْسَكَ فِي خُسْرَانٍ عَظِيمٍ، بزعمك أنّ محيي العالم هذا ومصلحه مفسد ومقصّر فما هو تقصير جماعة
فَسَوْفَ يَقْضِي نَحْبَكَ وَتَجِدُ نَفْسَكَ فِي خُسْرانٍ عَظِيمٍ، بزعم تو اين مُحيى عالم ومصلح آن مفسد ومقصّر بوده، جمعى از نسوان واطفال صغير ومرضعات چه تقصير نموده اند كه محلّ سياط قهر وغضب شده اند، در هيچ مذهب وملّتى اطفال مقصّر نبوده اند، قلم حكم الهى از ايشان مرتفع شده ولكن شرارهٴ ظلم واعتساف تو جميعرا احاطه نموده، اگر از اهل مذهب وملّتى در جميع كتب الهيّه وزبُر قيّمه وصحف متقنه بر اطفال تكليفى نبوده ونيست، واز اين مقام گذشته نفوسى هم كه بحقّ قائل نيستند ارتكاب چنين امور ننموده اند، چه كه در هر شىء اثرى مشهود واحدى انكار آثار اشياء ننموده مگر جاهليكه بالمرّه از عقل ودرايت محروم باشد، لذا البتّه نالهٴ اين اطفال وحنين اين مظلومانرا اثرى خواهد بود، جمعى كه ابداً در ممالك شما مخالفتى ننموده اند وبا دولت عاصى نبوده اند در ايّام وليالى در گوشه ئى ساكن وبذكر الله مشغول چنين نفوس را تاراج نموديد وآنچه داشتند بظلم از دست
من النّساء وصغار الأطفال والمرضعات اللّواتي وقعن فريسة سياط القهر والغضب، لم يكن الأطفال مقصّرين في أيّ مذهب أو ملّة، وقد رفع عنهم قلم الحكم الإلهيّ لكنّ شرارة ظلمك واعتسافك أحاطت الجميع، فإن كنت من أهل مذهب أو ملّة فإن الأطفال غير مسؤولين في جميع الكتب الإلهيّة والزّبر القيّمة والصّحف المتقنة، ناهيك عن أولئك الّذينَ لا يعترفون بالله فإنّهم لم يرتكبوا مثل هذه الأمور، لأنّه يترتّب على كلّ شيْءٍ أَثر ولم ينكر أحد آثار الأشياء إلاّ الجاهل الّذي حرم من العقل والدّراية حرْماناً كلّيّاً، لذا لا بدّ لأنين هؤلاء الأطفال والمظلومين وحنينهم من أثر، نهبت أموال أناس لم يرتكبوا قطّ أيّة مخالفة في بلدكم ولم يعصوا الدّولة بتاتاً فهم منزوون ومشغولون بذكر الله ليلاً ونهاراً وضاع ما كان لديهم ظلماً، وحينما صدر الأمر بخروج هذا الغلام جزع هؤلاء لأنّ الدّولة لم
رفت، بعد كه امر بخروج اين غلام شد بجزع آمدند ونفوسيكه مباشر نفى اين غلام بودند مذكور داشتند كه باين نفوس حرفى نيست وحرجى نه ودولت ايشانرا نفى ننموده اگر خود بخواهند با شما بيايند كسى را با ايشان سخنى نه، اين فقراء خود مصارف نمودند واز جميع اموال گذشته بلقاى غلام قناعت نمودند، وَمُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللهِ مَرَّةً أُخْرى با حقّ هجرت كردند تا آنكه مقرّ حبس بهاء حصن عكّا شد، وبعد از ورود ضبّاط عسكريّه كلرا احاطه نموده إناثاً وذكوراً صغيراً وكبيراً جميع را در قشلهٴ نظام منزل دادند، شب اوّل جميع از اكل وشرب ممنوع شدند، چه كه باب قشله را ضبّاط عسكريّه اخذ نموده وكلّ را منع نمودند از خروج، وكسى بفكر اين فقراء نيفتاد حتّى آب طلبيدند احدى اجابت ننمود، چنديست كه ميگذرد وكلّ در قشله محبوس، وحال آنكه پنج سنه در ادرنه ساكن بوديم جميع اهل بلد از عالم وجاهل وغنى وفقير شهادت دادند بر تقديس وتنزيه اين عباد، در
تصدر أمراً بنفيهم، لو ودّوا بأنفسهم مرافقتكم لا يمنعهم أحدٌ من ذلك، فتحمّل هؤلاء الفقراء مصاريفهم وضحّوا بجميع أموالهم قانعين بلقاء الغلام، وهاجروا متوكّلين على الله مع الحقّ مرّة أخرى حتّى بات حصن عكّاء مقرّ سجن البهاء، وبعد الورود أحاط ضبّاط العسكر الجميع وأنزلوا الكلّ من الإناث والذّكور والصّغير والكبير في ثكنة الجيش، وفي اللّيلة الأولى منع الكلّ من الأكل والشّرب حيث وقف ضبّاط العسكر على باب الثّكنة ومنعوا الجميع عن الخروج ولم يفكّر أحد بهؤلاء الفقراء بدرجة أنّهم طلبوا الماء فلم يستجب أحد لهم، وتمضي علينا فترة من الزّمن وكلّنا محبوسون في الثّكنة مع أنّنا مكثنا في أدرنة خمس سنوات حيث شهد على تقديس هؤلاء العباد وتنزيههم جميع أهل البلد من العالم والجاهل والغنيّ والفقير، وفي حين مغادرة الغلام فدى أحد أحبّاء الله بنفسه حيث لم يستطع أن يرى هذا المظلوم في أيدي الظّالمين، ولقد بدّلوا السّفينة في الطّريق
حين خروج غلام از ادرنه يكى از احبّاى الهى بدست خود خود را فدا نمود، نتوانست اين مظلوم را در دست ظالمان مشاهده نمايد، وسه مرتبه در عرض راه سفينه را تجديد نمودند، معلوم است بر جمعى اطفال از حمل ايشان از سفينه بسفينه چه مقدار مشقّت وارد شد، وبعد از خروج از سفينه چهار نفر از احبّا را تفريق نمودند ومنع نمودند از همراهى، وبعد از خروج غلام يكى از آن چهار نفر كه موسوم بعبد الغفّار بود خود را در بحر انداخت ومعلوم نيست كه حال او چه شد، اين رشحى از بحر ظلم وارده است كه ذكر شد، ومع ذلك اكتفا ننموده ايد، هر يوم مأمورين حكمى اجرا ميدارند وهنوز منتهى نشده، در كلّ ليالى وايّام در مكر جديد مشغولند واز خزانهٴ دولت در هر شبانه روز سه رغيف نان بأُسَرا ميدهند واحدى قادر بر اكل آن نه، از اوّل دنيا تا حال چنين ظلمى ديده نشد وشنيده نگشت، فَوَالَّذِي أَنْطَقَ البَهاءَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ شَأْنٌ ولا
ثلاث مرّات ومن الواضح مدى المشقّة الّتي عاناها الأطفال حين نقلهم من سفينة إلى أخرى، وبعد مغادرة السّفينة عزلوا أربعة من الأحبّاء ومنعوهم عن مرافقتنا، فرمى أحد هؤلاء الأربعة المسمّى بعبد الغفّار نفسه في البحر بعد خروج الغلام فلم يتبيّن من أمره شيءٌ، وما ذكر ليس إلاّ رشحٌ من بحر الظّلم الوارد علينا ومع ذلك لم تكتفوا ففي كلّ يوم يجري المأمورون حكماً ولم يكد ينتهي تنفيذه حتّى يلتهوا لمكر جديد في كلّ اللّيالي والأيّام، يأتون كلّ يوم بثلاثة أرغفة للأسراء من خزينة الدّولة ولا يستطيع أحد أن يأكلها، فمنذ بداية العالم حتّى الآن لم يُسمع ولم يُشاهد ظلم كهذا، فَوَالَّذِي أَنْطَقَ البَهَاءَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ شَأْنٌ وَلا ذِكْرٌ عِنْدَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَرْوَاحَهُمْ وَأَجْسَادَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ حُبَّاً للهِ المُقْتَدِرِ العَزِيزِ القَدِيرِ.
إن قبضة من الطّين عند الله أعظم من مملكتكم وسلطنتكم وعزّتكم ودولتكم وَلَوْ يَشَاءُ لَيَجْعَلَكُمْ هَباءً مُنْبَثَّاً، وَسَوْفَ يَأْخُذُكُمْ بِقَهْرٍ مِنْ عِنْدِهِ وَيَظْهَرُ الفَسَادُ بَيْنَكُمْ
ذِكْرٌ عِنْدَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا أَرْواحَهُمْ وَأَجْسادَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ حُبّاً للهِ المُقْتَدِرِ العَزِيزِ القَدِيرِ، كفّى از طين عند الله اعظم است از مملكت وسلطنت وعزّت ودولت شما، وَلَوْ يَشاءُ لَيَجْعَلَكُمْ هَباءً مُنْبَثَّاً، وَسَوْفَ يَأْخُذُكُمْ بِقَهْرٍ مِنْ عِنْدِهِ وَيَظْهَرُ الفَسادُ بَيْنَكُمْ وَيَخْتَلِفُ مَمالِكُكُمْ، إِذاً تَنُوحُونَ وَتَتَضَرَّعُونَ وَلَنْ تَجِدُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ مُعِينٍ وَلا نَصِيرٍ، اين ذكر نه از براى آنست كه متنبّه شويد چه كه غضب الهى آن نفوسرا احاطه نموده ابداً متنبّه نشده ونخواهيد شد، ونه بجهت آنست كه ظلمهاى واردهٴ بر انفس طيّبه ذكر شود، چه كه اين نفوس از خمر رحمن بهيجان آمده اند وسُكر سلسبيل عنايت الهى چنان اخذشان نموده كه اگر ظلم عالم بر ايشان وارد شود در سبيل حقّ راضى بل شاكرند، ابداً شكوه ئى نداشته وندارند، بلكه دماء شان در ابدانشان در كلّ حين از ربّ العالمين آمل وسائلست كه در سبيلش بر خاك ريخته شود، وهمچنين رؤسشان آمل كه بر كلّ سِنان در سبيل محبوب جان وروان مرتفع گردد،
وَيَخْتَلِفُ مَمالِكُكُمْ، إِذاً تَنُوحُونَ وَتَتَضَرَّعُونَ وَلَنْ تَجِدُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ مُعِينٍ وَلا نَصِيرٍ، لسنا نقول ذلك لكي تنتبهوا لأنّ الغضب الإلهيّ أحاطكم بحيث إنكم لن تنتبهوا، وكذلك ليس من أجل أن تذكر المظالم الواردة على النّفوس الطّيبة، ذلك لأنّهم تهيّجوا من الخمر الرّحمانيّ وأخذهم سكر سلسبيل العناية الإلهيّة على شأن لو أصابهم ظلم العالم في سبيل الله فهم راضون بل شاكرون، لم ولن يشكوا قط بل دماؤهم ترجو في أبدانهم وتسأل ربّ العالمين في كلّ حين لكي تهرق في سبيله، وكذلك تتأمّل رؤوسهم أن ترفع فوق السّنان في سبيل محبوب قلوبهم وأرواحهم. نزّل عليكم البلاء عدّة مرّات ولم تنتبهوا، مرّة حدث حريق احترق به معظم المدينة بنار العدل بحيث أنشد الشّعراء قصائد ذكروا فيها أنّه لم يحدث حتّى الآن مثل ذلك الحريق، ومع ذلك زادت غفلتكم وكذلك سُلِّطَ عليكم الوباء ولم تتنبّهوا ولكن عليكم أن تترقّبوا لأنَّ الغضب الإلهيّ لبالمرصاد وعن قريب ستشاهدون ما صدر من قلم
چند مرتبه بلا بر شما نازل وابداً التفات ننموديد، يكى احتراق كه اكثر مدينه بنار عدل سوخت، چنانچه شعراء قصائد انشاء نمودند ونوشته اند كه چنين حرقى تا بحال نشده مع ذلك بر غفلتتان افزود، وهمچنين وَبا مسلّط شد ومتنبّه نشديد، ولكن منتظر باشيد كه غضب الهى آماده شده زود است كه آنچه از قلم امر نازل شده مشاهده نمائيد، آيا عزّت خود را باقى دانسته ايد، ويا مُلك را دائم شمرده ايد؟ لا وَنَفْسِ الرَّحْمنِ نه عزّت شما باقى ونه ذلّت ما، اين ذلّت فخر عزّتهاست ولكن نزد انسان.
وقتيكه اين غلام طفل بود وبحدّ بلوغ نرسيده والد از براى يكى از اخوان كه كبير بود در طهران ارادهٴ تزويج نمود، وچنانچه عادت آن بلد است هفت شبانه روز بجشن مشغول بوده اند، روز آخر مذكور نمودند امروز بازى شاه سلطان سليم است واز امراء واعيان واركان بلد جمعيّت بسيار شد، واين غلام در يكى از غرف عمارت نشسته ملاحظه مينمود، تا آنكه در صحن عمارت خيمه بر پا نمودند مشاهده شد صُوَرى بهيكل انسانى كه قامتشان بقدر شبرى بنظر ميآمد
الأمر، أحسبتم عزّتكم خالدة أو ملككم باقياً لا ونفس الرّحمن فلا عزّتكم باقية ولا ذلّتنا تدوم، هذا الذّلّ فخر كل عزّة ولكن لدى الإنسان، لمّا كان هذا الغلام طفلاً ولم يبلغ أشدّه بعد أراد الوالد أن يزوّج أكبر إخواني في طهران، وكما هي العادة في ذلك البلد كانت مجالس الفرح والسّرور قائمة لمدّة أسبوع ليلاً ونهاراً، وفي اليوم الأخير أعلن أنّ اليوم سيعرض مرسح السّلطان سليم وحضر جمّ غفير من الأمراء والوجهاء وأركان البلد وكان هذا الغلام جالساً في إحدى غرف العمارة مُتفرّجاً، أقيمت خيمة في صحن العمارة ثمّ رأينا دمى بهيئة الإنسان تبدو قامة كلّ واحدة منها بمقدار شبرٍ، فخرجت الدّمى من الخيمة منادية: ضعوا الكراسي لأنّ السّلطان آتٍ! ثمّ بعد ذلك خرجت دمى غيرها بدأت تكنس الأرض وعدد آخر منها يرشّ الماء، ثمّ
از خيمه بيرون آمده ندا مينمودند كه سلطان ميآيد كرسيها را بگذاريد، بعد صُوَرى ديگر بيرون آمدند مشاهده شد كه بجاروب مشغول شدند وعدّهٴ اخرى بآب پاشى، بعد شخصى ديگر ندا نمود مذكور نمودند جارچى باشى است ناس را اخبار نمود كه براى سلام در حضور سلطان حاضر شوند، بعد جمعى با شال وكلاه چنانچه رسم عجم است وجمعى ديگر با تبرزين، وهمچنين جمعى فرّاشان ومير غضبان با چوب وفلك آمده در مقامهاى خود ايستادند، بعد شخصى با شوكت سلطانى واكليل خاقانى بكمال تبختر وجلال يَتَقَدَّمُ مَرَّةً وَيَتَوَقَّفُ أُخْرَى آمده در كمال وقار وسكون وتمكين بر تخت متمكّن شد، وحين جلوس صداى شلّيك وشيپور بلند گرديد ودخان خيمه وسلطانرا احاطه نمود، بعد كه مرتفع گشت مشاهده شد كه سلطان نشسته وزراء وامراء واركان بر مقامهاى خود مستقرّ در حضور ايستاده اند، در اين اثناء دزدى گرفته آوردند از نفس سلطان امر شد كه گردن اورا بزنند، فى الفور مير غضب باشى گردن آنرا زده وآب قرمزى كه شبيه بخون بود از او جارى گشت، بعد سلطان بحضّار بعضى مكالمات نموده، در اين اثناء خبر
نادى رجل آخر قيل أنّه منادي السّلطان جاء ليجهر بالحضور حتّى يستعدّوا لِتَحيَّةِ السّلطان، وتبعه جمع يلبسون الشّال والقلنسوة كما هو عادة العجم، وفئة أخرى يحمل كلّ واحد منهم طبرزيناً وكذلك فريق من الفرّاشين والجلاّدين في أيديهم عصي وفلق ووقف كلٌّ في مكانه، ثمّ قدم شخص ذو شوكة سلطانيّة وتاج ملوكيّ بمنتهى التّبختر والجلال يتقدّم مرّة ويتوقّف أخرى وهو في غاية الوقار والهدوء والاطمئنان واستقرّ على العرش الموضوع، فدوى صوت المدافع والأبواق حين جلوسه وأحاط الدّخان الخيمة والسّلطان، وبعد انقشاع الدّخان شوهد السّلطان جالساً والوزراء والأمراء والأركان في أماكنهم واقفين في حضرته، وفي هذه الأثناء قبض على سارق وأحضر بين يديّ السّلطان حيث أمر بقطع رقبته، فبادر رئيس
ديگر رسيد كه فلان سرحدّ ياغى شده اند، سان عسكر ديده چند فوج از عساكر با طوپخانه مامور نمود، بعد از چند دقيقه از وراى خيمه استماع صداهاى طوپ شد مذكور نمودند كه حال در جنگ مشغولند، اين غلام بسيار متفكّر ومتحيّر كه اين چه اسبابيست، سلام منتهى شد وپردهٴ خيمه را حائل نمودند، بعد از مقدار بيست دقيقه شخصى از وراى خيمه بيرون آمد وجعبه ئى در زير بغل، از او سؤال نمودم اين جعبه چيست واين اسباب چه بوده، مذكور نمود كه جميع اين اسباب منبسطه واشياى مشهوده وسلطان وامراء ووزراء وجلال واستجلال وقدرت واقتدار كه مشاهده فرموديد الآن در اين جعبه است، فَوَرَبِّيَ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ كه از آن يوم جميع اسباب دنيا بنظر اين غلام مثل آن دستگاه آمده وميايد وابداً بقدر خردلى وقر نداشته ونخواهد داشت، بسيار تعجّب مينمودم كه ناس بچنين امورات افتخار مينمايند، مع آنكه متبصّرين قبل از مشاهدهٴ جلال
الجلاّدين فوراً بضرب عنقه فجرى ماء أحمر يشبه الدّم، ثمّ بعد ذلك تحدّث السّلطان بعض الشّيء مع الحضور، وفي ذلك الوقت وصل خبر آخر وهو أنّ منطقة ما في تخوم البلاد عصت على الحكم فأمر السّلطان بإرسال أفواج من الجنود مع المدفعيّة إلى منطقة العصيان وذلك بعد تفقّد معسكره، وما أن مضت دقائق معدودة حتّى سمع دويّ المدافع من خلف الخيمة فأعلن أنّهم مشغولون بالحرب، بات هذا الغلام متامّلاً ومتحيّراً يفكّر في تلك الدّمى والمرسح فانتهت مراسيم السّلام وأسدل ستار الخيمة وبعد مرور عشرين دقيقة على وجه التّقريب خرج رجل من وراء الخيمة متابّطاً جعبة، سألته ما هذه الجعبة وما حقيقة تلك الدّمى والمرسح؟ قال جميع ما عرض من الأدوات المنبسطة والأشياء المشهودة والسّلطان والأمراء والوزراء والجلال والاستجلال والقدرة والاقتدار موجود الآن داخل هذه الجعبة، فَوَرَبِّي الَّذي خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ ما زال كلّ أسباب
هر ذى جلالى زوال آن را بعين اليقين ملاحظه مينمايند، ما رَأَيْتُ شَيْئَاً إِلاّ وَقَدْ رَأَيْتُ الزَّوالَ قَبْلَهُ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً.
بر هر نفسى لازم است كه اين ايّام قليله را بصدق وانصاف طى نمايد، اگر بعرفان حقّ موفّق نشد أَقلاًّ بقَدَم عقل وعدل رفتار نمايد، عنقريب جميع اين اشياء ظاهره وخزائن مشهوده وزخارف دنيويّه وعساكر مصفوفه والبسهٴ مزيّنه ونفوس متكبّره در جعبهٴ قبر تشريف خواهند برد بمثابهٴ همان جعبه، وجميع اين جدال ونزاع وافتخارها در نظر اهل بصيرت مثل لعب صبيان بوده وخواهد بود، اعْتَبِرْ وَلا تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَرَوْنَ وَيُنْكِرُونَ، از اين غلام ودوستان حقّ گذشته چه كه جميع اسير ومبتلايند وابداً هم از امثال تو توقّعى نداشته وندارند، مقصود آنكه سر از فراش غفلت بردارى وبشعور آئى بيجهت متعرّض عباد الله نشوى تا قدرت وقوّت باقيست در صدد آن باشيد كه ضرّى از مظلومى رفع نمائيد، اگر فى الجمله بانصاف آئيد
الدّنيا يبدو في نظر هذا الغلام منذ ذلك اليوم كذلك المرسح ولا يزال دون أيّ اعتبار ولو بقدر حبّة خردل.
كنت أستغرب كثيراً من النّاس يفتخرون بمثل هذه الأمور غير أنّ المتبصّرين منهم قبل أن يروا جلال كلّ ذي جلال يشاهدون زواله بعين اليقين ما رَأَيْتُ شَيْئَاً إِلاَّ وَقَدْ رَأَيْتُ الزَّوالَ قَبْلَهُ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدَاً، ومن واجب كلّ فرد أن يمضي أيّامه القليلة هذه بالصّدق والإنصاف، فإن لم يفز بعرفان الحقّ فأقلّ ما يقدر أن يقوم به هو أن يسلك سبيل العقل والعدل، إنّ جميع هذه الأشياء الظّاهرة والخزائن المشهودة والزّخارف الدّنيويّة والعساكر المصفوفة والألبسة المزدانة والنّفوس المتكبّرة بمثابة تلك الجعبة وستستقرّ قريباً في جعبة القبر، وكان وما يزال كلّ هذا الجدال والنّزاع وأسباب الفخر بنظر أهل البصيرة كملعبة الصّبيان، اعْتَبِرْ وَلا تَكُنْ مِنَ الَّذِينَ يَرَوْنَ وَيُنْكِرُونَ، مضى ما مضى على هذا الغلام وأحبّاء الله لأنّهم
وبعين اليقين مشاهده در امورات واختلافات دنياى فانيه نمائيد خود اقرار مينمائيد كه جميع بمثابهٴ آن بازيست كه مذكور شد، بشنو سخن حقرا وبدنيا مغرور مشو، أَيْنَ أَمْثَالُكُمْ الَّذِينَ ادَّعَوا الرُّبُوبِيَّةَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ، وَأَرَادُوا أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ فِي بِلادِهِ وَيُخَرِّبُوا أَرْكَانَ البَيْتِ فِي دِيَارِهِ، هَلْ تَرَوْنَهُمْ؟ فَأَنْصِفْ ثُمَّ ارْجَعْ إِلَى اللهِ لَعَلَّهُ يُكَفِّرُ عَنْكَ ما ارْتَكَبْتَهُ فِي الحَيَاةِ البَاطِلَةِ وَلَوْ أَنَّا نَعْلَمُ بِأَنَّكَ لَنْ تُوَفَّقَ بِذلِكَ أَبَدَاً، لأَنَّ بِظُلْمِكَ سُعِّرَ السَّعِيرِ وَنَاحَ الرُّوحُ وَاضْطَرَبَتْ أَرْكانُ العَرْشِ وَتَزَلْزَلَتْ أَفْئِدَةُ المُقَرَّبِينَ.
اى اهل ارض نداى اين مظلوم را بآذان جان استماع نمائيد ودر اين مَثلى كه ذكر شده درست تفكّر كنيد شايد بنار امل وهوى نسوزيد وباشياء مزخرفهٴ دنياى دنيّه از حق ممنوع نگرديد، عزّت وذلّت فقر وغنا زحمت وراحت كلّ در مرور است وعنقريب جميع مَنْ على الارض بقبور راجع، لذا هر ذى بصرى بمنظر باقى
جميعاً اسراء ومبتلون وكانوا ولا يزالون غير متوقّعين من أمثالك شيئاً قطّ، والقصد من ذلك أن تنهض من فراش الغفلة وتستعيد وعيك ولا تتعرّض لعباد الله دون سبب، كونوا بصدد دفع ضرّ عن مظلوم ما دامت لديكم قدرة وقوّة، فإن تنصفوا قليلاً وتنظروا إلى أمور هذه الدّنيا الفانية واختلافاتها بعين اليقين تعترفوا بأنّها تشبه تماماً ذلك المرسح المذكور، اسمع كلام الحقّ ولا تغترّ بالدّنيا، أَيْنَ أَمْثَالُكُمْ الَّذِينَ ادَّعَوا الرُّبُوبِيَّةَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ، وَأَرَادُوا أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ فِي بِلادِهِ وَيُخَرِّبُوا أَرْكَانَ البَيْتِ فِي دِيَارِهِ، هَلْ تَرَوْنَهُمْ؟ فَأَنْصِفْ ثُمَّ ارْجَعْ إِلَى اللهِ لَعَلَّهُ يُكَفِّرُ عَنْكَ ما ارْتَكَبْتَهُ فِي الحَيَاةِ البَاطِلَةِ وَلَوْ أَنَّا نَعْلَمُ بِأَنَّكَ لَنْ تُوَفَّقَ بِذلِكَ أَبَدَاً، لأَنَّ بِظُلْمِكَ سُعِّرَ السَّعِيرِ وَنَاحَ الرُّوحُ وَاضْطَرَبَتْ أَرْكانُ العَرْشِ وَتَزَلْزَلَتْ أَفْئِدَةُ المُقَرَّبِينَ.
يا أهل الأرض اسمعوا نداء هذا المظلوم بآذان الرّوح وتفكّروا مليّاً في المَثَل الّذي ذكرناه عسى أن لا تحترقوا بنار الأمل والهوى ولا تمنعوا أنفسكم عن
ناظر كه شايد بعنايات سلطان لا يزال بملكوت باقى در آيد ودر ظلّ سدرهٴ امر ساكن گردد، اگر چه دنيا محلّ فريب وخدعه است ولكن جميع ناس را در كلّ حين بفنا اخبار مينمايد، همين رفتن أَبّ ندائيست از براى إبْن واو را اخبار ميدهد كه تو هم خواهى رفت، وكاش اهل دنيا كه زخارف اندوخته اند واز حقّ محروم گشته اند ميدانستند كه آن كنز بكه خواهد رسيد، لا ونفس البهاء احدى مطّلع نه جز حقّ تعالى شأنه، حكيم سنائى عليه الرّحمة گفته:
پند گيريد اى سياهيتان گرفته جاى پند پند گيريد اى سپيديتان دميده بر عذار
ولكن اكثرى در نَوْمَنْد، مَثَلِ آن نفوس مِثل آن نفسى است كه از سُكر خمر نفسانيّه با كلبى اظهار محبّت مينمود واو را در آغوش گرفته با او ملاعبه ميكرد، چون فجر شعور دميد وافق سماء از نيّر نورانى منير شد مشاهده نمود كه معشوقه ويا معشوق كلب بوده خائب وخاسر ونادم بمقرّ خود باز گشت، همچه مدان كه غلام
الحقّ بحكم زخارف هذه الدّنيا الدّنيئة، إنّ العزّة والذّلّة والفقر والغناء والمشقّة والرّاحة كلّها عابرة وسيرجع قريباً جميع من على الأرض إلى القبور، لذا بنظر كلّ ذي بصر إلى المنظر الباقي عسى أن يدخل بعناية السّلطان الأبديّ إلى الملكوت الباقي ويسكن في ظلّ سدرة الأمر، وبالرّغم من أنّ الدّنيا هي موطن المكر والخدعة غير أنّها تنذر النّاس جميعاً بالفناء في كلّ حين، فنفس رحيل الأب بمثابة نداء للابن ينذره: بأنّك راحل أيضاً، يا ليت أهل الدّنيا الّذين ادّخروا الزّخارف وحُرموا بها عن الحقّ كانوا يعلمون لمن يعود ذلك الكنز، لا وَنَفْسِ البهاء لا يعلم أحد إلاّ الحقّ تعالى شأنه، قال الحكيم السّنائي عليه الرّحمة (ما معناه): "يا أيُّها الّذين تحوّل نور قلوبكم بالظّلمة اتّعظوا ويا من تبدّل سواد عذاركم بالبياض استنصحوا" ولكن أكثرهم نيام ومثلهم كمثل الّذي كان سكراناً من خمر النّفس والهوى فأخذ يداعب كلباً ويظهر له محبّته ويحتضنه فلمّا بزغ فجر وعيه وأصبح أفق
را ذليل نمودى ويا بر او غالبى، مغلوب يكى از عبادى ولكن شاعر نيستى، پست ترين وذليلترين مخلوق بر تو حكم مينمايد وآن نفس وهوى است كه لا زال مردود بوده، اگر ملاحظهٴ حكمت بالغه نبود ضعف خود ومن على الأرض را مشاهده مينمودى، اين ذلّت عزّت امر است لَوْ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ، لا زال اين غلام كلمه ئى كه مغاير ادب باشد دوست نداشته وندارد، الأَدَبُ قَمِيصِي بِهِ زَيَّنَّا هَياكِلَ عِبادِنَا المُقَرَّبِينَ، وإلاّ بعضى از اعمال كه همچه دانسته ايد مستور است در اين لوح ذكر ميشد.
اى صاحب شوكت اين اطفال صغار واين فقراء بالله مير آلاى وعسكر لازم نداشتند، بعد از ورود گلى بولى عُمر نامى بِينْباشى بين يدى حاضر الله يَعْلَم ما تَكَلَّمَ بِهِ، بعد از گفتگوها كه برائت خود وخطيئه شما را ذكر نمود اين غلام مذكور داشت كه اوّلاً لازم بود اينكه مجلسى معيّن نمايند واين غلام با علماى عصر مجتمع شوند ومعلوم شود جرم اين عباد چه بوده، وحال امر از اين مقامات گذشته
السّماء منيراً من أنوار الشّمس السّاطعة وجد أنّ معشوقه أو معشوقته كان كلباً فعاد إلى مقرّه خائباً خاسراً نادماً، لا تحسبنّ أنّك أذللت هذا الغلام أو تغلّبت عليه بل إنّك مغلوب أحد العباد دون أن تشعر بذلك، ويحكم عليك أذلّ المخلوقات وأحطّهم وهو النّفس والهوى اللّذان ما زالا مردودين، واقتضت الحكمة البالغة أن لا تدرك ضعفك وضعف من على الأرض، فهذه الذّلّة (أي ذلّتنا) ما هي إلاّ عزّة للأمر لو كنتم تعرفون، لقد دأب هذا الغلام وما يزال لا يحبّذ كلمة تغاير الأدب والأدب قميصي به زَيَّنَّا هياكل المقرّبين، ولولا ذلك لذكر في هذا اللّوح بعض الأعمال الّتي زعمتموها مستورة، يا صاحب الشّوكة لم يكن هؤلاء الأطفال والفقراء إلى الله بحاجة إلى ضبّاط وعساكر، بعد وصولنا إلى گليبولي حضر إلينا من يدعى عمر وهو برتبة بين باشي والله يعلم ما تكلّم به وبعدما تحدّث طويلاً في براءة نفسه وذكر خطيئاتكم، قال هذا الغلام بأنّه كان من الضّروري قبل كلّ شيء أن
وتو بقول خود مأمورى كه ما را بأخرب بلاد حبس نمائى، يك مطلب خواهش دارم كه اگر بتوانى بحضرت سلطان معروض دارى كه ده دقيقه اين غلام با ايشان ملاقات نمايد، آنچه را كه حجّت ميدانند ودليل بر صدق قول حقّ ميشمرند بخواهند، اگر من عند الله اتيان شد اين مظلومانرا رها نمايند وبحال خود بگذارند، عهد نمود كه اين كلمه را ابلاغ نمايد وجواب بفرستد خبرى از او نشد، وحال آنكه شأن حقّ نيست كه بنزد احدى حاضر شود چه كه جميع از براى اطاعت او خلق شده اند، ولكن نظر باين اطفال صغير وجمعى از نساء كه همه از يار وديار دور مانده اند اين امر را قبول نموديم ومع ذلك اثرى بظهور نرسيد، عُمر حاضر وموجود سؤال نمائيد لِيَظْهَرَ لَكُمُ الصِّدْقُ، وحال اكثرى مريض در حبس افتاده اند، لا يَعْلَمُ ما وَرَدَ عَلَيْنا إِلاَّ اللهُ العَزِيزُ العَلِيمُ، دو نفر از اين عباد در اوّل ايّام ورود برفيق اعلى شتافتند، يكروز حكم نمودند كه آن اجساد طيّبه را بر ندارند تا وجه
يعيّنوا مجلساً يجتمع فيه هذا الغلام مع علماء العصر ليتبيّن ما هو جرم هؤلاء العباد وأما الآن قضى وأمضى، وأنت حسب قولك مأمور بأن تحبسنا في أخرب البلاد غير أنّ لي مطلباً واحداً أرجو عرضه على حضرة السّلطان إن استطعت وهو أن يقابله هذا الغلام لمدّة عشر دقائق وذلك كي يطلب السّلطان ما يعتبره حجّة ودليلاً لصدق قول الحقّ، فإن أوتي ذلك من عند الله يطلق سراح هؤلاء المظلومين ويتركهم وشأنهم، فتعهّد بإبلاغ السّلطان كلمتنا هذه ويأتي بالرّدّ، غير أنّه ذهب ولم يصل منه أيّ خبر، هذا وبالرّغم من أنّه ليس من شأن الحقّ أن يحضر لدى أحد حيث إنّ الجميع خلقوا لطاعته ولكننا قبلنا ذلك رحمة بهؤلاء الأطفال الصّغار وجمع من النّساء الّذين ظلّوا بعيدين عن أحبابهم وديارهم، ومع ذلك لم يظهر أيّ أثر، فعمر موجود وحاضر وبإمكانكم أن تسألوه ليظهر لكم الصّدق، ولقد وقع الآن كثيرون منهم فريسة المرض في سجنهم ولا يعلم ما ورد علينا إلاّ الله العزيز العليم، وفي
كفن ودفن را بدهند، وحال آنكه احدى از آن نفوس چيزى نخواسته بود واز اتّفاق در آن حين زخارف دنيويّه موجود نبود، هر قدر خواستيم كه بما واگذارند ونفوسيكه موجودند حمل نعش نمايند آنهم قبول نشد، تا آنكه بالاخره سجّاده ئى بردند در بازار حراج نموده وجه آنرا تسليم نمودند، بعد كه معلوم شد قدرى از ارض حفر نموده آن دو جسد طيّب را در يك مقام گذارده اند، با آنكه مضاعف خرج دفن وكفن را اخذ نموده بودند، قلم عاجز ولسان قاصر كه آنچه وارد شده ذكر نمايد، ولكن جميع اين سموم بلايا در كام اين غلام اعذب از شهد بوده، اى كاش در كلّ حين ضرّ عالمين در سبيل الهى ومحبّت رحمانى بر اين فانى بحر معانى وارد ميشد، از او صبر وحلم ميطلبيم چه كه ضعيفيد نميدانيد، چه اگر ملتفت ميشدى وبنفحه ئى از نفحات متضوّعه از شطر قِدَم فائز ميگشتى جميع آنچه در دست دارى وبآن مسرورى ميگذاشتى ودر يكى از غرف مخروبهٴ اين سجن اعظم ساكن
الأيّام الأولى من دخولنا السّجن صعد إلى الرّفيق الأعلى اثنان من هؤلاء العباد وقد أصدر الحكم يومه بعدم تشييع جثمانهما الطّاهرين إلاّ بعد دفع تكاليف الدّفن والكفن بالرّغم من أنّ أحداً لم يطلب منهم خدمة، ومن الصّدف لم يكن في ذلك الحين لدينا شيءٌ من الزّخارف الدّنيويّة ومهما طلبنا إليهم أن يتركوا لنا أمر حمل النّعشين لتحملهما النّفوس الموجودة رفض ذلك أيضاً، حتّى بيعت سجّادة لنا في المزاد ودفعت قيمتها للمأمورين، غير أنّه تبيّن بعد ذلك بأنّهم حفروا الأرض قليلاً ودفنوا الجسدين الطّاهرين في مقام واحد، مع أنّهم قبضوا ضعف ما يلزم للكفن والدّفن، إنّ القلم عاجز واللّسان قاصر عن ذكر ما ورد، ولكن سموم هذه البلايا كلّها أعذب من الشّهد في مذاق هذا الغلام، يا ليت ينزل في سبيل الله ومحبّته ضرّ العالمين في كلّ حين على هذا الفاني في بحر المعاني، نسأله تعالى صبراً وحلماً لأنّكم ضعفاء جاهلون، فلو كنت شاعراً وفائزاً بنفحة من النّفحات المتضوّعة من شطر القِدم
ميشدى، از خدا بخواه بحدّ بلوغ برسى تا بحسن وقبح اعمال وافعال ملتفت شوى، وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.
لنبذت كلّ ما لديك، وأنت مسرور بها، ولسكنت في إحدى الغرف الخربة في هذا السّجن الأعظم، أطلب من الله لكي تبلغ إلى الرّشد وتلتفت إلى حسن الأعمال والأفعال وقبحها وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى.
صفحة خالية"يا مَلِكَ بِرلينَ اسْمَعِ النِّدآءَ مِنْ هذا الهَيْكَلِ المُبِينِ، إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنا البَاقِي الفَرْدُ القَدِيمُ، إِيَّاكَ أَنْ يَمْنَعَكَ الغُرُورُ عَنْ مَطْلِعِ الظُّهُورِ أَوْ يَحْجُبَكَ الهَوى عَنْ مالِكِ العَرْشِ وَالثَّرَى، كَذلِكَ يَنْصَحُكَ القَلَمُ الأَعْلَى إِنَّهُ لَهُوَ الفَضَّالُ الكَرِيمُ، اذْكُرْ مَنْ كَانَ أَعْظَمَ مِنْكَ شَأْنَاً وَأَكْبَرَ مِنْكَ مَقَامَاً أَيْنَ هُوَ وَمَا عِنْدَهُ انْتَبِهْ وَلا تَكُنْ مِنَ الرَّاقِدِينَ، إِنَّهُ نَبَذَ لَوْحَ اللهِ وَرآئَهُ إِذْ أَخْبَرْناهُ بِمَا وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ جُنُودِ الظَّالِمِينَ، لِذَا أَخَذَتْهُ الذِّلَّةُ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ إِلَى أَنْ رَجَعَ إِلَى التُّرَابِ بِخُسْرانٍ عَظِيمٍ، يا مَلِكُ تَفَكَّرْ فِيهِ وَفِي أَمْثالِكَ الَّذِينَ سَخَّرُوا البِلادَ وَحَكَمُوا عَلَى العِبادِ قَدْ أَنْزَلَهُمُ الرَّحْمنُ مِنَ القُصُورِ إِلَى القُبُورِ اعْتَبِرْ وَكُنْ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، إِنَّا ما أَرَدْنا مِنْكُمْ شَيْئاً إِنَّمَا نَنْصَحُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ وَنَصْبِرُ كَمَا صَبَرْنا بِمَا وَرَدَ عَلَيْنا مِنْكُمْ يا مَعْشَرَ السَّلاطِينِ."
صفحة خالية"يا مَلِكَ النَّمْسَةِ كَانَ مَطْلِعُ نُورِ الأَحَدِيَّةِ فِي سِجْنِ عَكَّآءَ إِذْ قَصَدْتَ المَسْجِدَ الأَقْصَى مَرَرْتَ وَمَا سَئَلْتَ عَنْهُ بَعْدَ إِذْ رُفِعَ بِهِ كُلُّ بَيْتٍ وَفُتِحَ كُلُّ بَابٍ مُنِيفٍ، قَدْ جَعَلْنَاهُ مَقْبِلَ العَالَمِ لِذِكْرِي وَأَنْتَ نَبَذْتَ المَذْكُورَ إِذْ ظَهَرَ بِمَلَكُوتِ اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّ العَالَمِينَ، كُنَّا مَعَكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَوَجَدْناكَ مُتَمَسِّكَاً بِالفَرْعِ غَافِلاً عَنِ الأَصْلِ إِنَّ رَبَّكَ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ، قَدْ أَخَذَتْنا الأَحْزَانُ بِمَا رَأَيْنَاكَ تَدُورُ لاسْمِنا وَلا تَعْرِفُنَا أَمَامَ وَجْهِكَ افْتَحِ البَصَرَ لِتَنْظُرَ هذا المَنْظَرَ الكَرِيمَ، وَتَعْرِفَ مَنْ تَدْعُوهُ فِي اللَّيالِي وَالأَيَّامِ وَتَرَى النُّورَ المُشْرِقَ مِنْ هذا الأُفُقِ اللَّمِيعِ."
صفحة خاليةيَا مُلُوكَ إِمْرِيقَا وَرُؤَسآءَ الجُمْهُورِ فِيهَا اسْمَعُوا مَا تَغَنُّ بِهِ الوَرْقآءُ عَلَى غُصْنِ البَقآءِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا البَاقِي الغَفُور الكَرِيم، زَيِّنُوا هَيْكَلَ المُلْكِ بِطِرَازِ العَدْلِ وَالتُّقَى وَرَأْسَهُ بِإِكْلِيلِ ذِكْرِ رَبِّكُمْ فَاطِرِ السَّمآءِ، كَذَلِكَ يَأْمُرُكُمْ مَطْلِعُ الأَسْمآءِ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ حَكِيمٍ، قَدْ ظَهَرَ المَوْعُودُ فِي هذا المَقَامِ المَحْمُودِ الَّذِي بِهِ ابْتَسَمَ ثَغْرُ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ، اغْتَنِمُوا يَوْمَ اللهِ إِنَّ لِقآئَهُ خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْها إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ."
صفحة خالية"يَا مَعْشَرَ المُلُوكِ قَدْ أَتَى المَالِكُ وَالمُلْكُ للهِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ، أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ وَتَوَجَّهُوا بِقُلوبٍ نَوْرآءَ إِلَى وَجْهِ رَبِّكُمْ مَالِكِ الأَسْمآءِ، هذا أَمْرٌ لا يُعَادِلُهُ ما عِنْدَكُمْ لَوْ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ، إِنَّا نَرَاكُمْ تَفْرَحُونَ بِمَا جَمَعْتُمُوهُ لِغَيْرِكُمْ وَتَمْنَعُونَ أَنْفُسَكُمْ عَنِ العَوَالِمِ الَّتِي لَمْ يُحْصِها إِلاَّ لَوْحِيَ المَحْفُوظُ، قَدْ شَغَلَتْكُمُ الأَمْوَالُ عَنِ المَآلِ هذا لا يَنْبَغِي لَكُمْ لَوْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، طَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ عَنْ ذَفَرِ الدُّنْيَا مُسْرِعِينَ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّكُمْ فَاطِرِ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ الَّذِي بِهِ ظَهَرَتِ الزَّلازِلُ وَناحَتِ القَبآئِلُ إِلاَّ مَنْ نَبَذَ الوَرَى وَأَخَذَ مَا أُمِرَ بِهِ فِي لَوْحٍ مَكْنُونٍ، هذا يَوْمٌ فِيهِ فَازَ الكَلِيمُ بِأَنْوارِ القَدِيمِ وَشَرِبَ زُلالَ الوِصَالِ مِنْ هذا القَدَحِ الَّذِي بِهِ سُجِّرَتِ البُحُورُ، قُلْ تَاللهِ الحَقِّ إِنَّ الطُّورَ يَطُوفُ حَوْلَ مَطْلِعِ الظُّهُورِ وَالرُّوحَ يُنَادِي مِنَ المَلَكُوتِ هَلُمُّوا وَتَعالَوْا يا أَبْنآءَ الغُرُورِ، هذا يَوْمٌ فِيهِ سَرُعَ كَوْمُ اللهِ شَوْقاً لِلِقآئِهِ وَصَاحَ الصَّهْيُونُ قَدْ أَتَى الوَعْدُ وَظَهَرَ مَا هُوَ المَكْتُوبُ فِي أَلْواحِ اللهِ المُتَعالِي العَزِيزِ المَحْبُوبِ، يَا مَعْشَرَ المُلُوكِ قَدْ نُزِّلَ النَّامُوسُ الأَكْبَرُ فِي المَنْظَرِ الأَنْوَرِ وَظَهَرَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَتِرٍ مِنْ لَدُنْ مَالِكِ
القَدَرِ الَّذِي بِهِ أَتَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ وَفُصِّلَ كُلُّ أَمْرٍ مَحْتُومٍ، يا مَعْشَرَ المُلُوكِ أَنْتُمُ المَمَالِيكُ قَدْ ظَهَرَ المَالِكُ بِأَحْسَنِ الطِّرَازِ وَيَدْعُوكُمْ إِلَى نَفْسِهِ المُهَيْمِن القَيُّومِ، إِيَّاكُمْ أَنْ يَمْنَعَكُمُ الغُرُورُ عَنْ مَشْرِقِ الظُّهُورِ أَوْ تَحْجُبَكُمُ الدُّنْيَا عَنْ فَاطِرِ السَّمَآءِ، قُومُوا عَلَى خِدْمَةِ المَقْصُودِ الَّذِي خَلَقَكُمْ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَجَعَلَكُمْ مَظَاهِرَ القُدْرَةِ لِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، تَاللهِ لا نُرِيدُ أَنْ نَتَصَرَّفَ فِي مَمَالِكِكُمْ بَلْ جِئْنَا لِتَصَرُّفِ القُلُوبِ، إِنَّهَا لَمَنْظَرُ البَهآءِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ لَوْ أَنْتُمْ تَفْقَهُونَ، وَالَّذِي اتَّبَعَ مَوْلاهُ إِنَّهُ أَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا كُلِّهَا وَكَيْفَ هذا المَقَامِ المَحْمُودِ، دَعُوا البُيُوتَ ثَمَّ أَقْبِلُوا إِلَى المَلَكُوتِ هذا مَا يَنْفَعُكُمْ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، يَشْهَدُ بِذَلِكَ مَالِكُ الجَبَرُوتِ لَوْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، طُوبَى لِمَلِكٍ قَامَ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِي فِي مَمْلَكَتِي وَانْقَطَعَ عَنْ سِوآئِي، إِنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ الحَمْرآءِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ لأَهْلِ البَهآءِ، يَنْبَغِي لِكُلٍّ أَنْ يُعَزِّرُوهُ وَيُوَقِّرُوهُ وَيَنْصُرُوهُ لِيَفْتَحَ المُدُنَ بِمَفِاتيحِ اسْمِيَ المُهَيْمِنِ عَلَى مَنْ فِي مَمَالِكِ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ، إِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ البَصَرِ لِلْبَشَرِ وَالغُرَّةِ الغَرّآءِ لِجَبِينِ الإِنْشآءِ وَرَأْسِ الكَرَمِ لِجَسَدِ العَالَمِ انْصُرُوهُ يَا أَهْلَ البَهآءِ بِالأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ."
سُورةُ المُلُوكِهذا كِتابٌ مِنْ هذَا العَبْدِ الَّذِي سُمِّيَ بِالْحُسَيْنِ فِي مَلَكُوتِ الأَسْماءِ إِلى مُلُوكِ الأَرْضِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ، لَعَلَّ يَنْظُرُونَ إِلَيهِ بِنَظْرَةِ الشَّفَقَةِ ويَطَّلِعُونَ بِما فِيهِ مِنْ أَسْرارِ القَضاءِ وَيَكُونُنَّ مِنَ العارِفينَ، ولعَلّ يَنْقَطِعُونَ عَمَّا عِنْدَهُمْ وَيَتَوَجَّهُونَ إِلى مَواطِنِ القُدْسِ وَيُقَرَّبُونَ إِلى اللهِ الْعَزِيزِ الجَمِيلِ.
أَنْ يا مُلُوكَ الأَرْضِ اسمَعُوا نِداءَ اللهِ مِنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ المُثْمِرَةِ المَرْفُوعَةِ الّتي نَبَتَتْ عَلَى أَرْضِ كَثِيبِ الحَمْراءِ بَرِّيَّةِ القُدْسِ وتَغَنُّ بِأَنَّهُ لا إِلٰهَ إِلاّ هُوَ الْعَزيزُ المُقْتَدِرُ الحَكيمُ، هَذِهِ بُقْعَةٌ الّتي باَرَكَهَا اللهُ لِوارِدِيها وَفِيهَا يُسْمَعُ نِداءُ اللهِ مِن سِدْرَةِ قُدْسٍ رَفِيعٍ، اتَّقُوا اللهَ يا مَعْشَرَ المُلُوكِ ولا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ هذَا الفَضْلِ الأَكْبَرِ فَأَلْقُوا ما فِي أَيْدِيكُم فَتَمَسّكُوا بِعُرْوَةِ اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ وتَوَجَّهُوا بِقُلُوبِكُم إِلى وَجْهِ اللهِ ثُمَّ اتْرُكُوا ما أَمَرَكُمْ بِهِ هَواكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الخَاسِرينَ.
أَنْ يَا عَبْدُ فَاذْكُرْ لَهُمْ نَبَأَ عَلِيٍّ إِذْ جَاءَهُم بِالحَقِّ وَمَعَهُ كِتابُ عزٍّ حَكِيمٍ، وَفِي يَدَيْهِ حُجَّةٌ مِنَ اللهِ وَبُرهانُهُ وَدَلائِلُ قُدْسٍ كَريمٍ، وَأَنْتُم يَا أَيُّها المُلُوكُ ما تَذَكَّرْتُم بِذِكْرِ اللهِ في أَيَّامِهِ وَمَا اهْتَدَيْتُم بِأَنْوارِ الَّتي ظَهَرَتْ وَلاحَتْ عَنْ أُفُقِ سَماءٍ مُنِيرٍ، وَمَا تَجَسَّسْتُم في أَمْرِهِ بَعْدَ الّذِي كَانَ هذا خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْها إِنْ أَنْتُمْ مِنَ الْعَالِمينَ، وَكُنْتُمْ في غَفْلَةٍ عَنْ ذلِكَ إِلى أَنْ أَفْتَوْا عَلَيْهِ عُلَمَاءُ العَجَمِ وَقَتَلُوهُ بِالظُّلْمِ هؤُلاءِ الظّالِمينَ، وَاستَرْقَى رُوحُهُ إِلى اللهِ وَبَكَتْ مِنْ هذا الظُّلْمِ عُيونُ أَهْلِ
الفِرْدَوْسِ ثُمَّ مَلئِكَةُ الْمُقَرَّبِينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَغْفَلُوا مِنْ بَعْدُ كَما غَفَلْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَارْجِعُوا إِلَى اللهِ بارِئِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الْغافِلينَ، قُلْ قَدْ أَشْرَقَتْ شَمْسُ الوَلايَةِ وَفُصِّلَتْ نُقْطَةُ العِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَظَهَرَتْ حُجَّةُ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ، قُلْ قَدْ لاحَ قَمَرُ البَقاءِ في قُطْبِ السَّماءِ وَاستَضاءَتْ مِنهُ أَهْلُ مَلأ العَالينَ، وَقَدْ ظَهَرَ الوَجْهُ عَنْ خَلْفِ الحُجُباتِ وَاسْتَنارَ مِنْهُ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، وَأَنْتُمْ ما تَوَجَّهْتُمْ إِلَيْهِ بَعدَ الَّذِي خُلِقْتُمْ لَهُ يا مَعْشَرَ السَّلاطِين، إِذاً اَتَّبِعُوا قَوْلِي ثُمَّ اسْمَعُوهِ بِقُلُوبِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ المُعْرِضِينَ لأَنَّ افْتِخَارَكُمْ لَمْ يَكُنْ في سَلْطَنَتِكُمْ بَلْ بِقُرْبِكُمْ إِلى اللهِ وَاتِّباعِكُمْ أَمْرَهُ فِي ما نُزِّلَ عَلَى أَلْواحِ قُدْسٍ حَفِيظٍ، وَلَوْ أَنَّ واحِداً مِنْكُمْ يَحْكُمُ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا وَكُلِّ ما فِيهَا وَعَلَيْهَا مِنْ بَحْرِها وَبَرِّها وَجَبَلِها وَسَهَلِها وَلَنْ يُذْكَرَ عِنْدَ اللهِ ما يَنْفَعُهُ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ الْعارِفِينَ، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ شَرافَةَ الْعَبْدِ في قُرْبِهِ إِلى اللهِ وَمِنْ دُونِ ذلِكَ لَنْ يَنْفَعَهُ أَبَداً وَلَوْ يَحْكُمُ عَلى الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، قُلْ قَدْ هَبَّتْ عَلَيْكُمْ نَسَائِمُ اللهِ عَنْ شَطْرِ الفِرْدَوسِ وَأَنْتُمْ في غَفْلَةٍ عَنْها وَكُنْتُمْ مِنَ الْغافِلينَ، وَقَدْ جَاءَتْكُمُ الهِدَايَةُ مِنَ اللهِ وَأَنْتُمْ ما اسْتَهْدَيْتُم بِها وَكُنْتُمْ مِنَ الْمُعرِضينَ، وَقَدْ أَضَاءَ سِراجُ اللهِ في مِشْكَوةِ الأَمْرِ وَأَنْتُمْ ما اَسْتَنْوَرْتُم بِهِ وَما تَقَرَّبْتُم إِلَيْهِ وَكُنْتُم عَلَى فِراشِ الغَفْلَةِ لِمَنَ الرَّاقِدينَ، إِذاً قُومُوا بِرِجلِ الاسْتِقامَةِ وَتَدارَكُوا ما فاتَ عَنْكُمْ ثُمَّ أَقْبِلُوا إِلى ساحَةِ القُدْسِ في شاطِئِ بَحْرٍ عَظيمٍ لِيَظْهَرَ لَكُمْ لَئَالِئُ العِلْمِ وَالحِكْمَةِ الّتي كَنَزَهَا اللهُ في صَدَفِ صَدْرٍ مُنيرٍ، هذا خَيْرُ النُّصْحِ لَكُمْ فاجْعَلُوهُ بِضَاعَةً لأَنْفُسِكُم لِتَكُونُنَّ مِنَ المُهْتَدينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَمْنَعُوا عَنْ قُلُوبِكُم نَسْمَةَ اللهِ الَّتي بِهَا تَحْيَى قُلُوبُ المُقبِلينَ، فَاسْتَمِعُوا ما أنْصَحْناكُمْ بِهِ في هذا اللَّوْحِ لَيَسْمَعَ اللهُ عَنْكُمْ وَيَفْتَحَ عَلى وُجُوهِكُم أَبْوابَ الرَّحْمَةِ وَإِنَّهُ لَهُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، اتَّقُوا اللهَ يَا أَيُّهاَ المُلُوكُ وَلا تَتَجاوَزُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ ثُمَّ اتَّبِعُوا بِمَا أُمِرْتُمْ بِهِ في الكِتابِ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ المُتَجاوِزينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَظْلِمُوا عَلى أَحَدٍ قَدْرَ خَرْدَلٍ وَاسْلُكُوا سَبيلَ العَدلِ وَإِنَّهُ
لَسَبيلٌ مُسْتَقيمٌ، ثُمّ أَصْلِحوُا ذَاتَ بَيْنَكُم وَقَلِّلُوا فِي العَسَاكِرِ لِيَقِلَّ مَصارِفُكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ المُسْتَريحينَ، وَإِنْ تَرتَفِعُوا الاخْتِلافَ بَيْنَكُمْ لَنْ تَحْتَاجُوا إِلى كَثْرَةِ الجُيُوشِ إِلاّ عَلَى قَدْرٍ الّذي تَحرُسُونَ بِها بُلدَانَكُمْ وَمَمالِكَكُمْ اتّقُوا اللهَ وَلا تُسْرِفُوا في شَيءٍ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ المُسْرِفينَ، وَعَلِمْنا بِأَنَّكُم تَزْدَادوُنَ مَصارِفَكُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَتُحَمِّلُونَها عَلَى الرَّعِيَّةِ وَهذا فَوْقَ طاقَتِهِمْ وَإِنَّ هذا لَظُلْمٌ عَظيمٌ، اعْدِلُوا يَا أَيُها المُلُوكُ بَيْنَ النَّاسِ وَكُونُوا مَظاهِرَ العَدلِ في الأَرْضِ وَهذا يَنْبَغي لَكُمْ وَيَليقُ لِشَأنِكُم لَوْ أَنْتُم مِنَ المُنْصِفينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَظلِمُوا عَلَى الّذينَ هُمْ هاجَرُوا إِلَيْكُمْ وَدَخَلُوا في ظِلِّكُمْ اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مِنَ المُتَّقينَ، لا تَطْمَئِنُّوا بِقُدْرَتِكُم وَعَسَاكِرِكُمْ وَخَزائِنِكُم فَاطمَئِنُّوا بِاللهِ بارِئِكُمْ ثُمَّ اسْتَنْصِرُوا بِهِ في أُمُورِكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ بِجُنُودِ السَّمَواتِ وَالأَرَضينَ، ثُمَّ اعلَمُوا بِأَنَّ الفُقَراءَ أَمَانَاتُ اللهِ بَيْنَكُم إِيَّاكُم أَنْ لا تَخانُوا في أَمَانَاتِهِ وَلا تَظْلِمُوهُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الخَائِنينَ، ستُسْئَلُونَ عَنْ أَمَانتِهِ في يَوْمِ الَّذِي تُنْصَبُ فِيهِ مِيزانُ العَدْلِ وَيُؤْتَى كُلُّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَيُوزَنُ فيهِ كُلُّ الأَعْمالِ مِنْ كُلِّ غَنِيٍّ وَ فَقيرٍ، وَإِنْ لَنْ تَسْتَنْصِحُوا بِما أَنْصَحْناكُمْ في هذا الكِتابِ بِلِسانِ بِدْعٍ مُبينٍ يَأخُذُكُمُ العَذَابُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ وَيَأتِيكُمُ اللهُ بعَدْلِهِ إذاً لا تَقْدِرُونَ أَنْ تَقُومُوا مَعَهُ وَ تَكُونُنُّ مِنَ العَاجِزينَ، فَارْحَموُا عَلى أنفُسِكُمْ وَأنْفُسِ العِبادِ ثُمَّ احْكُمُوا بَيْنهُم بِمَا حَكَمَ اللهُ في لَوْحِ قُدْسٍ مَنيعٍ الَّذي قُدِّرَ فيهِ مَقادِيرُ كُلِّ شَيْءٍ وَفُصِّلَ فِيهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَفْصِيلاً وَذِكْرَى لِعِبادِهِ المُوقنينَ، ثُمَّ اسْتَبصِرُوا في أمْرِنا و تَبَيَّنُوا فِي ما وَرَدَ عَلَيْنا ثُمَّ احْكُمُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ أعْدائِنا بِالعَدْلِ وَكُونُوا مِنَ العادِلينَ، وَإِنْ لَنْ تَمْنَعُوا الظَّالِمَ عَنْ ظُلْمِهِ وَلَنْ تَأْخُذُوا حَقَّ المَظلُومِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَفْتَخِرُونَ بَيْنَ العِبادِ وَتَكُونُنَّ مِنَ المُفْتَخِرينَ، أَيَكُونُ افْتِخَارُكُمْ بِأَنْ تَأكُلُوا وَتَشْرَبوُا وَتَجْتَمِعُوا الزَّخَارِفَ في خَزَائِنِكُم أَوِ ٱلتَّزَيُّنَ بِأَحْجارِ الحُمرِ وَالصُّفْرِ أَوْ لُؤْلُؤٍ بيضٍ ثَمِينٍ وَلَوْ كانَ الافتِخارُ بِهذِهِ الاَشْياءِ الفَانِيةِ فَينْبَغِي لِلتُّرابِ أَنْ يفْتَخِرَ عَلَيْكُم لأَنَّهُ يَبْذُلُ وَيُنفِقُ عَلَيْكُمْ كُلَّ ذلِكَ
مِنْ مُقَدِّرٍ قَديرٍ وَقَدَّرَ اللهُ كُلَّ ذلِكَ في بَطْنِهِ وَيُخْرِجُ لَكُمْ مِنْ فَضلِهِ إِذاً فانْظُروا في شَأنِكُمْ وَما تَفْتَخِرُونَ بِهِ إِنْ أَنْتُم مِنَ النَّاظِرينَ، لا فَوَالَّذي في قَبْضَتِهِ جَبرُوتُ المُمْكِناتِ لَمْ يَكُنِ الفَخْرُ لَكُمْ إِلاّ بِأَنْ تَتَّبِعُوا سُنَنَ اللهِ في أَنفُسِكُم وَلا تَدَعُوا أحكامَ اللهِ بَينَكُمْ مَهجُوراً وَتَكُونُنَّ مِنَ الرّاشِدينَ.
أَنْ يا مُلُوكَ المَسِيحيَّةِ أَمَا سَمِعتُم ما نَطَقَ بِه الرُّوحُ بِأَنَّي ذَاهِبٌ وآتٍ فَلَمّا أَتَى في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ لِمَ ما تَقَرَّبْتُم بِهِ لِتَفُوزُوا بِلِقائِهِ وَتَكُونُنَّ مِنَ الفائِزينَ، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ يَقُولُ فإِذَا جَاءَ رُوحُ الحَقِّ الآتي فَهُو يُرْشِدُكُمْ وَإِذَا جَاءَكُمْ بِالحَقِّ ما تَوَجَّهْتُمْ إِلَيهِ وَكُنْتُم بِلَعْبِ أَنْفُسِكُمْ لَمِنَ اللاّعِبينَ، وَما استَقْبَلْتُم إِلَيهِ وَمَا حَضَرْتُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِتَسْمَعُوا آياتِ اللهِ مِنْ لِسانهِ وَتَطَّلِعُوا بِحِكْمَةِ اللهِ العَزيزِ الحَكيمِ، وَبِذلِكَ مُنِعَتْ نَسَمَاتُ اللهِ عَنْ قُلُوبِكُم وَنَفَحَاتُ الله عَنْ فُؤادِكُمْ وَكُنْتُمْ في وَادِي الشَّهَوَاتِ لَمِنَ المُحبَرينَ، فَوَاللهِ أَنتُمْ وَما عِنْدَكُمْ سَتَفْنَى وَتُرْجَعُونَ إِلَى اللهِ وَتُسْئَلُون عَمَّا اكْتَسَبْتُمْ فِي أَيَّامِكُمْ فِي مَقَرِّ الّذي تُحْشَرُ فِيهِ الخَلائِقُ أَجْمَعينَ، أَما سَمِعْتُمْ ما ذُكِرَ فِي الإِنْجِيلِ إِنَّ الَّذينَ لَيْسُوا بِدَمٍ وَلا بِإِرَادَةِ لَحْمٍ وَلا بِمَشِيَّةِ رَجُلٍ وَلكِنْ وُلِدُوا مِنَ اللهِ أَيْ ظَهَرُوا مِنْ قُدْرَةِ اللهِ وَبذلِكَ يَثْبُتُ بِأَنْ يُمْكِنُ في الإِبْداعِ أَنْ يَظْهَرَ مَنْ يَكُونُ عَلَى حَقٍّ مِنْ عِنْدِ اللهِ المُقْتَدِرِ العَلِيمِ الحَكِيمِ، فَكَيْفَ إِذاً سَمِعْتُمْ أَمْرَنا مَا اسْتَفْسَرْتُمْ مِنّا لِيَظْهَرَ لَكُمُ الحَقُّ عَنِ البَاطِلِ وَتَطَّلِعُوا بِمَا كُنَّا عَلَيهِ وَتَعْرِفُوا مَا وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ قَوْمِ سَوْءٍ أَخْسَرِينَ.
أَنْ يا سَفِيرَ مَلِكِ البَارِيسِ أَنَسِيتَ حُكْمَ الكَلمةِ وَمَظَاهِرَها الّتي سُطِرَ في الانجيلِ الَّذي يُنسَبُ بيوحَنّا وَغَفَلْتَ عَمّا وَصَّاكَ بِهِ الرُّوُح فِي مَظاهِرِ الكَلِمةِ وَكُنْتَ مِنَ الغَافِلِينَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَيْفَ اتَّفَقْتَ مَعَ سَفِيرِ العَجَمِ فِي أَمْرِنا إِلى أَنْ وَرَدَ عَلَيْنَا ما احْتَرَقَتْ عَنْهُ أَكْبَادُ العَارِفِينَ، وجَرَتِ الدُّموعُ عَلَى خُدُودِ أَهْلِ البَقاءِ
وضَجَّتْ أَفْئِدَةُ المُقرَّبِينَ، وَفَعَلْتَ ذلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَفْسِرَ فِي أَمْرِنَا وَتَكُونَ مِنَ المُسْتَبْصِرينَ بَعْدَ الَّذي يَنْبَغِي لَكَ بِأَنْ تَفْحَصَ فِي هَذا الأمْرِ وَتطَّلِعَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَتَحْكُمَ بِالعَدْلِ وَتَكُونَ مَنَ العَادِلينَ، سَتَمْضِي أَيَّامُكَ وَيَفْنَى سِفَارَتُكَ وَيَقْضِي كُلُّ مَا عِنْدَكَ وَتُسْئَلُ عَمَّا اكْتَسَبَتْ أَيْدَاكَ فِي مَحْضَرِ سُلْطَانٍ عَظِيمٍ، وَكَمْ مِنْ سُفَراءَ سَبَقُوكَ فِي الأَرْضِ وَكَانُوا أَعْظَمَ مِنْكَ شَأْنَاً وَأَكْبَرَ مِنْكَ مَقَامَاً وَأَكْثَرَ مِنْكَ مَالاً وَرَجَعُوا إِلى التُّرَابِ وَمَا بَقِيَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ لا مِنْ اسْمٍ وَلا مِنْ رَسْمٍ وَهُمْ حينَئِذٍ عَلَى حَسْرَةٍ عَظيمٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْرَطَ فِي جَنْبِ اللهِ وَاتَّبَعَ الشَّهَواتِ فِي نَفْسِهِ وَكَانَ فِي سُبُلِ الْبَغْيِ وَالْفَحْشَاءِ لَمِنَ السَّالِكينَ، وَمِنْهُم مَنِ اتَّبَعَ آياتِ اللهِ فِي نَفْسِهِ وَحَكَمَ بِالْعَدْلِ لِمَا سَبَقَتْهُ الهِدايَةُ مِنَ اللهِ وَكَانَ مِنَ الَّذينَ هُمْ كَانُوا فِي رَحْمَةِ رَبِّهِمْ لَمِنَ الدَّاخِلينَ، أُوصِيكَ وَالَّذينَ هُم كَانُوا أَمْثالَكَ إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا بأَحَدٍ كَمَا فَعَلْتُمْ بِنَا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطانِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الظَّالِمِينَ، خُذُوا مِنَ الدُّنْيا عَلَى قَدْرِ الكِفَايَةِ وَدَعُوا ما زَادَ عَلَيْكُمْ ثُمَّ انْصِفُوا في الأُمُورِ وَلا تَعْدِلُوا عَنْ حُكْمِ الْعَدْلِ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ العَادِلِينَ.
أَنْ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ قَدْ قَضَتْ عِشْرينَ مِنَ السِّنِينَ وَكُنّا فِي كُلِّ يَوُمٍ مِنْها فِي بَلاءٍ جَديدٍ وَوَرَدَ عَلَيْنَا مَا لا وَرَدَ عَلَى أَحَدٍ قَبلَنا إِنْ أَنْتُمْ مِنَ السَّامِعِينَ، بِحَيْثُ قَتَلُونا وَسَفَكُوا دِمَاءَنا وَأَخَذُوا أَمْوَالَنَا وَهَتَكُوا حُرْمَتَنَا وَأَنْتُمْ سَمِعْتُمْ أَكْثَرَهَا وَمَا كُنْتُمْ مِنَ المَانِعِينَ، بَعدَ الَّذي يَنْبَغِي لَكُمْ بِأَنْ تَمْنَعُوا الظّالِمَ عَنْ ظُلْمِهِ وَتَحْكُمُوا بَيْنَ النَّاسِ بِالعَدْلِ لِيَظْهَرَ عَدالَتُكُمْ بَيْنَ الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَوَدَعَ زِمَامَ الخَلْقِ بأَيْديكُمْ لِتَحْكُمُوا بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ وَتَأْخُذُوا حَقَّ الْمَظْلُوُمِ عَنْ هٰؤُلاءِ الظَّالِمينَ، وَإِنْ لَنْ تَفْعَلُوا بِمَا أُمِرْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ لَنْ يُذْكَر أَسْماؤُكُمْ عِندَهُ بِالعَدْلِ وَإِنَّ هذا لَغَبْنٌ عَظِيمٌ، أَتَأْخُذُونَ حُكْمَ أَنْفُسِكُمْ وَتَدَعُونَ حُكْمَ اللهِ العَلِيِّ المُتَعَالِي القَادِرِ الْقَدِيرِ، دَعُوا ما عِنْدَكُمْ وَخُذُوا مَا أَمَرَكُمُ اللهُ بِهِ ثُمَّ ابْتَغُوا الفَضْلَ مِنْ عِنْدِهِ وإِنَّ هذا لَسَبيلٌ
مُستَقيمٌ ثُمَّ التَفِتُوا إِلَيْنَا وَبِمَا مَسَّتْنَا الْبَأَسَاءُ وَالضَّرّاءُ ولا تَغْفَلُوا عَنَّا فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ ثُمَّ اَحْكُمُوا بَيْنَنا وَبَيْنَ أَعْدائِنا بِالْعَدْلِ وَإِنَّ هذا لَخَيْرٌ مُبينٌ، كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكُمْ مِنْ قِصَصِنَا وَ بِما قَضَى عَلَيْنَا لِتَكْشِفُوا عَنَّا السُّوءَ فَمَنْ شاءَ فَلْيَكْشِفْ وَمَنْ لَمْ يَشَأْ إِنَّ رَبِّي لَخَيرُ ناصِرٍ وَمُعينٍ.
أَنْ يا عَبْدُ ذَكِّرِ العِبادَ بما أَلقَيناكَ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ وَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرينَ، فَسَوْفَ يَرْفَعُ اللهُ أَمْرَهُ ويَعْلُو بُرهانُهُ بَيْنَ السَّمَواتِ وَالأَرَضينَ، فَتَوَكَّلْ في كُلِّ الأُمُورِ عَلى رَبِّكَ وَتَوجَّهْ إِلَيْهِ ثُمَّ أَعْرِضْ عَنِ المُنْكِرينَ، فَاكْفِ بِاللهِ رَبِّكَ ناصِراً وَمُعين إِنّا كَتَبْنا عَلٰى نَفسِنا نَصْرَكَ في المُلكِ وَارتِفاعَ أَمْرِنا وَلَوْ لَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْكَ أَحَدٌ مِنَ السَّلاطِينِ، ثُمَّ ذَكِّرْ حِينَ الَّذِي وَرَدْتَ فِي الْمَدينَةِ وَظَنُّوا وُكَلاءُ السُّلْطانِ بِأَنَّكَ لَنْ تَعْرِفَ أُصُولَهُمْ وَتَكُونُ مِنَ الجَاهِلينَ، قُلْ أَيْ وَرَبِّي لا أَعْلَمُ حَرْفاً إلاّ ما عَلَّمني اللهُ بِجُودِهِ وَإِنَّا نُقِّرُ بِذلِكَ وَنَكُونُ مِنَ الْمُقِرِّينَ، قُلْ إِنْ كانَ أُصُولُكُم مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُم لَنْ نَتَّبِعَها أَبَداً وَبذلِكَ أُمِرْتُ مِنْ لَدُنْ حَكيمٍ خَبيرٍ وَكَذلِكَ كُنْتُ مِنْ قَبْلُ وَنَكُونُ مِن بَعْدُ بحَوُلِ اللهِ وَقُوَّتهِ وَإِنَّ هذا لَصِرَاطُ حَقٍّ مُستقيمٍ، وَإِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَأتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، قُلْ إِنَّا أَثْبَتْنَا كُلَّ مَا ظَنُّوا فِيكَ وَعَمِلُوا بِكَ في كِتابٍ الَّذِي لَنْ يُغادَرَ فِيهِ حَرْفٌ مِنْ عَمَلِ العَامِلينَ.
قُلْ يَا أَيُّها الوُكَلاءُ يَنْبَغِي لَكُمْ بِأَنْ تَتَّبِعُوا أُصوُلَ اللهِ في أَنفُسِكُم وَتَدَعُوا أُصُولَكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ المُهْتَدِينَ، وَهذا خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا عِنْدَكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، وَإِنْ لَنْ تَتَّبِعُوا اللهَ فِي أَمْرِهِ لَنْ يُقْبَلَ أَعْمالُكُمْ عَلَى قَدْرِ نَقِيرٍ وَقَطْمِيرٍ، فَسَوْفَ تَجِدُونَ مَا اكْتَسَبْتُمْ فِي الحَيٰوةِ البَاطِلَةِ وَتُجْزَوْنَ بِمَا عَمِلْتُمْ فِيهَا وَإِنَّ هذا لَصِدْقٌ يَقِينٌ، فَكَمْ مِنْ عِبَادٍ عَمِلُوا كَمَا عَمِلْتُم وَ كَانُوا أَعْظَمَ مِنْكُمْ وَرَجَعُوا كُلُّهُمْ إِلى التُّرَابِ وَقُضِيَ عَلَيْهِمْ ما قُضِيَ إِنْ أَنْتُمْ فِي أَمْرِ اللهِ لَمِنَ المُتَفَكِرينَ، وَسَتَلْحَقُونَ بِهم وَ تَدْخُلُونَ بَيْتَ
الّتِي لَنْ تَجِدُوا فِيهَا لأَنْفُسِكُمْ لا مِنْ نَصِيرٍ وَلا مِنْ حَمِيمٍ، وَتُسْئَلُونَ عَمَّا فَعَلْتُم فِي أَيَّامِكُم وَفَرَّطْتُمْ في أَمْرِ اللهِ وَاسْتَكْبَرْتُمْ عَلَى أَوْلِيَائِهِ بَعْدَ الَّذي وَرَدُوا عَلَيْكُمْ بِصِدْقٍ مُبينٍ، وَأَنْتُمْ شَاوَرْتُمْ فِي أَمْرِهِمْ وَأَخَذْتُمْ حُكْمَ أَنْفُسِكُمْ وَتَرَكْتُمْ حُكْمَ الله الْمُهَيْمِنِ القَدِيرِ، قُلْ أَتَأْخُذُونَ أُصُولَكُمْ وَتَضَعُونَ أُصُولَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَإِنَّ هذا لَظُلْمٌ عَلى أَنْفُسِكُمْ وَأَنْفُسِ الْعِبَادِ لَوْ تَكُونُنَّ مِنَ العَارِفينَ، قُلْ إِنْ كَانَ أُصُولُكُمْ عَلَى الْعَدْلِ فَكَيْفَ تَأخُذُونَ مِنْها ما تَهْوى بِهِ هَواكُمْ وَ تَدَعُونَ ما كَانَ مُخَالِفاً لأَنْفُسِكُمْ مَالَكُمْ كَيْفَ تَكُونُنَّ مِنَ الْحٰاكِمينَ، أَكَانَ مِنْ أُصُولِكُمْ بِأَنْ تُعَذِّبُوا الّذي جَاءَكُمْ بِأَمْرِكُمْ وَتخْذُلُوهُ وَتُؤْذُوهُ فِي كُلِّ يَومٍ بِعْدَ الّذي مَا عَصَاكُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ وَيَشْهَدُ بِذٰلِكَ كُلُّ مَنْ سَكَنَ في الْعِرَاقِ وَمِنْ وَرَائِهِ كُلُّ ذِي عِلْمٍ عَلِيْمٍ، فَأنْصِفُوا فِي أَنْفُسِكُمْ يَا أَيُّهَا الْوُكَلاءُ بِأَيِّ ذَنْبٍ أَطْرَدْتُمُونا وَبأَيِّ جُرْمٍ أَخْرَجْتُمُونَا بَعْدَ الَّذي اسْتَجَرْنَاكُم وَمَا أَجَرْتُمُونَا فَوَاللهِ هذا لظُلْمٌ عَظيمٌ الّذي لَنْ يُقاسَ بِظُلْمٍ فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلى ما أَقُولُ شَهِيد، هَلْ خَالَفْتُكُم فِي أَمْرِكُمْ أَوْ بِالْوُزَرَاءِ الّذيْنَ كَانُوا أَنْ يَحْكُمُوا فِي العِرَاقِ فَاسْئَلُوا عَنْهُمْ لِتَكُونُنَّ عَلَى بَصِيرةٍ فِينَا وَتَكُونُنَّ مِنَ العَالِمينَ، هَلْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ بِشِكَايَةٍ مِنَّا أَوْ سَمِعَ مِنَّا أَحَدٌ مِنْهُم غَيْرَ مَا أَنْزَلَهُ اللهُ فِي الْكِتَابِ فَأتُوا بِهِ لِنُصَدِّقَكُمْ في أَفْعَالِكُمْ وَنَكُونُنَّ مِنَ المُذْعِنينَ، وَإِنْ كُنْتُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِنَا بِأُصُولِكُمْ فَيَنْبَغِي لَكُمْ بِأَنْ تُوَقِّرُونَا وَتُعَزِّرُوا الّذي سَمِعَ أَمْرَكُمْ وَاتَّبَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ عِنْدِكُمْ ثُمَّ تُؤَدُّوا دُيُونَ الّتي تَدَيَّنَّا بِهَا فِي العِرَاقِ وَصَرَفْنَاها في هَذا السَّبِيلِ ثُمَّ اسْتَمِعُوا مِنَّا مَطَالِبَنَا وَكُلَّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَتحْكُمُونَ بِالْعَدْلِ كَمَا تَحْكُمُونَ عَلَى أَنْفُسِكُم وَلَنْ تَرْضَوْا لَنَا مَا لا تَرْضَوْنَهُ لَكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ المُحْسِنينَ، فَوَالله مَا عَامَلْتُمْ بِنَا لا بِأُصُولِكُمْ وَ لا بِأُصُولِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بَلْ بِمَا سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ وَهَواكُمْ يا مَلأَ الْمُعْرِضينَ وَالمُستَكْبِرينَ.
أَنْ يَا طَيرَ القُدسِ طِرْ فِي فَضاءِ الأُنْسِ ثُمَّ ذَكِّرِ العِبَادَ بِما أَرَيْنَاكَ في لُجَجِ
البَقَاءِ وَرَاءَ جَبَلِ الْعِزِّ وَلا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ الْعَزيزِ الْجَميلِ، إِنَّا نَحْرُسُكَ عَنِ اَلّذينَ هُم ظَلَمُوكَ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ مِنَ اللهِ وَلا كِتابٍ مُنيرٍ، قُلْ تَاللهِ يا مَلأَ الغُفَلاءِ مَا جِئْنَاكُمْ لِنُفْسِدَ في أَرْضِكُمْ وَنَكُونَ فِيها لَمِنَ المُفْسِدينَ، بَلْ جِئْنَاكُمْ لِنَتَّبِعَ أَمْرَ السُّلْطَانِ وَنَرْفَعَ أَمْرَكُمْ ونُعَلِّمَكُمُ الْحِكْمَةَ وَنُذَكِّرَكُمْ في ما نَسِيتُمْ بِقَوْلِهِ الْحَقِّ فَذَكِّرْ إِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنينَ، وَأَنْتُمْ ما سَمِعْتُمْ نَغَمَاتِ الرُّوحِ وَسَمِعْتُمْ غَيْرَ مَسْمَعٍ عَنْ أَعدائِنا الّذينَ لا يتَكلَّمُونَ إِلاّ بِمَا يؤَيِّدُهُمْ هَواهُمْ وَزَيَّنَ الشَّيْطَانُ لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَكَانُوا مِنَ الْمُفْتَرينَ، أَمَا سَمِعْتُمْ ما نُزِّلَ فِي كِتابِ عِزٍّ مُبِينٍ فَإِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنوُا فَلِمَ نَبَذْتُم حُكْمَ اللهِ وَرَاءَكُمْ وَاتَّبَعْتُمْ سُبُلَ المُفْسِدينَ، وَسَمِعْنَا بِأَنَّ مِنَ المُفْتَرينَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ هذَا العَبْدَ كانَ أَنْ يَأْكُلُ الرِّبوا فِي العِراقِ وَيَجْمَعُ الزّخارِفَ لِنَفسِهِ قُلْ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ فِي ما لَيسَ لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَتَفْتَرُونَ عَلَى العِبَادِ وَتَظُنُّونَ ظَنَّ الشَّياطِينِ، وَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ بَعْدَ الَّذي أَنْهَى الله عَنْهُ عِبادَهُ فِي كِتابِ قُدْسٍ حَفيظٍ الّذي نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله وخَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَجَعَلَهُ حُجَّةً بَاقِيةً مِنْ عِنْدِهِ وهُدَى وذِكْرى لِلْعَالَمِينَ، وهذِهِ واحِدَةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الّتي خالَفْنَا فِيهَا عُلَمَاءَ العَجَمِ ونَهَيْنَا العِبَادَ عَنْ ذلِك بِحُكْمِ الْكِتَابِ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهيد، وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَلكِنْ نُلْقِي عَلَيْكُمُ الحَقَّ لِتَطَّلِعُوا بِهِ وتَكُونُنَّ فِيهَا لَمِنَ الْمُتَّقِينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَسْمَعُوا أَقْوالَ الَّذِينَ تَجِدُونَ مِنْهُمْ رَوائِحَ الْغِلِّ والنِّفَاقِ ولا تَلْتَفِتُوا إِلى هؤلاءِ وَكُونُوا مِنَ الزَّاهِدينَ، فَاعْلُموا بِأَنَّ الدُّنْيا وزينَتَها وزُخْرُفَهَا سَيَفْنَى وَيَبْقَى المُلْكُ للهِ المَلِكِ المُهَيمِنِ العَزيزِ القَدِيرِ، سَتَمضي أَيَّامُكُمْ وكُلُّ ما اَنْتُم تَشتَغِلُونَ بِهِ وبِهِ تَفْتَخِرُونَ عَلَى النَّاسِ وَيَحْضُرُكُمْ مَلائكَةُ الأَمْرِ عَلَى مَقَرِّ الّذي تَرْجُفُ فِيهِ أَرْكَانُ الخَلائِقِ وتَقْشَعِرُّ فيهِ جُلُودُ الظَّالِمِينَ، وتُسْئَلُونَ عَمَّا اكْتَسَبْتُمْ في الحَيَاةِ الباطِلَةِ وتُجْزَوْنَ بِمَا فَعَلْتُمْ وَهَذا مِنْ يَوْمِ الّذي يَأْتِيكُمْ وَالسَّاعَةِ الَّتي لا مَرَدَّ لَهَا وشَهِدَ بِذلِك لِسَانُ صِدْقٍ عَلِيمٍ.
أَنْ يا مَلأَ المَدِينَةِ اتَّقُوا اللهَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ ولا تَتَّبِعُوا الشَّيْطَانَ ثُمَّ اتَّبِعُوا الحَقَّ فِي هذِهِ الأَيَّامِ القَلِيلِ، سَتَمْضِي أيَّامُكُم كَمَا مَضَتْ عَلَى الَّذينَ هُم كانُوا قَبْلَكُمْ وتُرْجَعُونَ عَلَى التُّرابِ كَمَا رَجَعُوا إِلَيهِ آباؤُكُمْ وَكَانُوا مِنَ الرَّاجِعِينَ، ثُمَّ اعْلَمُوا بِأَنَّا مَا نَخَافُ مِنْ أحَدٍ إِلاّ اللهَ وَحْدَهُ وَمَا تَوَكُلِي إِلاّ عَلَيْهِ وَمَا اعْتِصَامِي إِلاّ بِهِ وَمَا نُرِيدُ إِلاّ مَا أَرَادَ لَنَا وَإِنَّ هذا لَهُوَ المُرادُ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، إِنِّي أَنْفَقْتُ رُوحِي وَجَسَدِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مَنْ عَرَفَ اللهَ لَنْ يَعْرِفَ دُونَهُ ومَنْ خافَ اللهَ لَنْ يَخَافَ سِوَاهُ وَلَوْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ فِي الأَرْضِ أَجْمَعِينَ، وَمَا نَقُولُ إِلاّ بِمَا أُمِرْتُ وَمَا نَتَّبِعُ إِلاّ الحَقَّ بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتهِ وَإِنَّهُ يَجْزِي الصَّادِقِينَ، ثُمَّ اذْكُرْ يا عَبْدُ مَا رَأَيْتَ فِي المَدينَةِ حِينَ وُرُودِكَ لِيَبْقَى ذِكْرُهَا فِي الأَرْضِ وَيَكُونَ ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنينَ، فَلَمَّا وَرَدْنَا المَدِينَةَ وَجَدْنَا رُؤَسَاءَهَا كَالأَطْفَالِ الَّذينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الطِّينِ لِيَلْعَبوا بِهِ وَمَا وَجَدْنَا مِنهُمْ مِنْ بالغٍ لِنُعَلِّمَهُ مَا عَلَّمَنِي اللهُ وَنُلْقِي عَلَيْهِ مِنْ كَلِمَاتِ حِكْمَةٍ مَنِيعٍ، وَلِذَا بَكَيْنَا عَلَيْهِمْ بِعُيُونِ السِّرِّ لارْتِكَابِهِمْ بِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِغْفَالِهِم عَمَّا خُلِقُوا لَهُ وَهذا مَا أَشْهَدْنَاهُ فِي المَدِينَةِ وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الكِتَابِ لِيَكُونَ تَذْكِرَةً لَهُمْ وَذِكْرَى لِلآخَرِين، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الدُّنْيَا وَزُخْرُفَهَا يَنْبَغِي لَكُمْ بِأَنْ تَطْلُبُوهَا فِي الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لأَنَّ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ فِي كُلِّ آنٍ تَقَرَّبْتُمْ إِلى الدُّنْيَا وَتَبَعَّدْتُمْ عَنْهَا إِنْ كُنْتُمْ مِنَ العَاقِلينَ، فَلَمَّا وُلِدْتُمْ وَبَلَغَ أَشُدَّكُمْ إِذاً تَبَعَّدْتُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَتَقَرَّبْتُمْ إِلى التُّرَابِ فَكَيْفَ تَحْرِصُونَ فِي جَمْعِ الزَّخَارِفِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بَعْدَ الَّذي فَاتَ الوَقْتُ عَنْكُم وَمَضَتِ الفُرْصَةُ فَتَنَبَّهُوا يَا مَلأَ الغَافِلِينَ، اسْمَعُوا مَا يَنْصَحُكُمْ بِهِ هذَا العَبْدُ لِوَجْهِ اللهِ وَمَا يُرِيدُ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ وَرَضِيَ بِمَا قَضَى اللهُّ لَهُ وَيَكُونُ مِنَ الرَّاضِينَ، يَا قَوْمُ قَدْ مَضَتْ مِنْ أَيَّامِكُمْ أكْثَرُهَا وَمَا بَقَتْ إلاّ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ إِذَاً دَعُوا مَا أَخَذْتُمْ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ثُمَّ خُذُوا أَحْكَامَ اللهِ بِقُوَّةٍ لَعَلَّ تَصِلُونَ إِلَى مَا أَرَادَ اللهُ لَكُمْ وتَكُونُنَّ مِنَ الرَّاشِدِينَ، وَلا تَفْرَحُوا بِمَا أُوتِيتُمْ مِنْ زِينَةِ الأَرْضِ وَلا تَعْتَمِدُوا عَلَيْهَا فَاعْتَمِدُوا بِذِكْرِ
اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ فَسَوْفَ يُفْنِي اللهُ مَا عِنْدَكُمْ اتَّقُوا اللهَ وَلا تَنَسَوْا عَهْدَ اللهِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الْمُحْتَجِبينَ، إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَسْتَكْبِرُوا عَلَى اللهِ وَأَحِبَّائِهِ ثُمَّ اخْفِضُوا جَناحَكُمْ لِلمُؤْمِنِينَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَآياتِهِ وَتَشْهَدُ قُلُوبُهُم بِوَحْدانِيَّتِهِ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِفَرْدَانِيَّتِهِ وَلا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ بَعْدَ إِذْنِهِ كَذلِكَ نَنْصَحُكُمْ بِالْعَدلِ ونُذَكِّرُكُمْ بِالحَقِّ لَعَلَّ تَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِرينَ، وَلا تَحْمِلُوا عَلَى النَّاسِ مَا لا تَحْمِلُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُم وَلَنْ تَرْضَوا لأَحَدٍ مَا لا تَرْضَوْنَهُ لَكُمْ وَهَذا خَيْرُ النُّصْحِ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ السَّامِعِينَ، ثُمَّ احْتَرِمُوا العُلَمَاءِ بَيْنَكُمُ الَّذينَ يَفْعَلُونَ مَا عَلِمُوا وَيَتَّبِعُونَ حُدُودَ اللهِ وَيَحْكُمُونَ بِمَا حَكَمَ اللهُ فِي الكِتَابِ فَاعْلَمُوا بِأَنَّهُمْ سُرُجُ الهِدَايَةِ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، إِنَّ الّذينَ لَنْ تَجِدُوا لِلْعُلَمَاءِ بَيْنَهُمْ مِنْ شَأْنٍ وَلا مِنْ قَدْرٍ أُولئِكَ غَيَّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قُلْ فَارْتَقِبُوا حَتّى يُغَيِّرَ اللهُ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ لا يَعْزُبُ عَنْ عِلْمِهِ مِنْ شَيْءٍ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَإِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَلا تَفْرَحُوا بِمَا فَعَلْتُمْ أَوْ تَفْعَلُونَ وَلا بِمَا وَرَدْتُمْ عَلَيْنَا لأَنَّ بِذَلِكَ لَنْ يَزْدَادَ شَأْنُكُمْ لَوْ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ فِي أَعْمَالِكُمْ بِعَيْنِ اليَقِينِ، وَكَذلِكَ لَنْ يَنْقُصَ عَنّا مِنْ شَيْءٍ بَلْ يَزِيدُ اللهُ أَجْرَنَا بِمَا صَبَرْنَا فِي البَلايَا وَإِنَّهُ يَزِيدُ أَجْرَ الصَّابِرينَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ البَلايَا وَالمِحَنَ لَمْ يَزَلْ كَانَتْ مُوكَلَةً لأَصْفِيَاءِ اللهِ وَأَحِبَّائِهِ ثُمَّ لِعِبَادِهِ المُنْقَطِعِينَ الَّذِينَ لا تُلهِيهِمُ التِّجَارَةُ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَلا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ لَمِنَ العَامِلِينَ، كَذَلِكَ جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ مِنْ قَبْلُ وَيَجْرِي مِنْ بَعْدُ فَطُوبَى لِلصَّابِرينَ الَّذِينَ يَصْبِرُونَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَلَنْ يَجْزَعُوا مِنْ شَيْءٍ وَكَانُوا عَلَى مَنَاهِجِ الصَّبْرِ لَمِنَ السَّالِكينَ، وَلَيْسَ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا أَوَّلَ قَارُورَةٍ كُسِرَتْ فِي الإِسْلامِ وَلَيْسَ هذا أَوَّلَ مَا مَكَرُوا بِهِ عَلَى أَحِبَّاءِ اللهِ هَؤُلاءِ المَاكِرينَ، وَوَرَدَ عَلَيْنَا بِمِثْلِ مَا وَرَدَ عَلَى الحُسَيْن مِنْ قَبْلُ إِذْ جَاءَهُ المُرْسَلُونَ مِنْ لَدَى المَاكِرِينَ الَّذينَ كَانَ فِي قُلُوبِهمُ الغِلُّ وَالبَغْضَاءُ وَطَلَبُوهُ عَنِ المَدِينَةِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِأَهْلِهِ قَامُوا عَلَيْهِ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِلَى أَنْ قَتَلُوهُ وَقَتَلُوا أَوْلادَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَسَارُوا أَهْلَهُ وَكَذَلِكَ قُضِيَ مِنْ قَبْلُ وَاللهُ
عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ، وَمَا بَقَتْ مِنْ ذُرِّيَتِهِ لا مِنْ صَغِيرٍ وَلا مِنْ كَبِيرٍ إِلاّ الَّذِي سُمِّيَ بِعَلِيٍّ الأوسَطِ ولُقِّبَ بِزَيْنِ العَابِدِينَ، فَانْظُرُوا يَا مَلأَ الغُفَلاءِ كَيْفَ اشْتَعَلَتْ نَارُ مَحَبَّةِ اللهِ فِي صَدْرِ الحُسَيْنِ مِنْ قَبْلُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَفَرِّسِينَ، وَزَادَتْ هَذهِ النَّارُ إِلَى أَنْ أَخَذَ الشَّوْقُ وَالاشْتِيَاقُ عَنْهُ زِمَامَ الاصْطِبارِ وَأَخَذَهُ جَذْبُ الجَبَّارِ وَبَلَّغَهُ إِلَى مَقَامِ الَّذِي أَنْفَقَ رُوحَهُ وَنَفْسَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ وَمَعَهُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَوَاللهِ هَذَا المَقَامُ عِنْدَهُ لأَحْلَى عِنْ مُلْكِ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، لأَنَّ العَاشِقَ لَنْ يُرِيدَ إِلاّ مَعْشُوقَهُ وَكَذلِكَ الطَّالِبُ مَطْلُوبَهُ وَالحَبِيبُ مَحْبُوبَهُ وَاشْتِياقُهُمْ إِلَى اللِّقَاءِ كَاشْتِيَاقِ الجَسَدِ إِلَى الرُّوحِ بَلْ أَزْيَدُ مِنْ ذَلك إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، قُلْ حِينَئِذٍ اشْتَعَلَتِ النَّارُ فِي صَدْرِي وَيُرِيدُ أَنْ يَفْدِيَ هَذَا الحُسَيْنُ نَفْسَهُ كَمَا فَدَى الحُسَيْنُ رَجَاءً لِهَذَا المَقَامِ المُتَعَالِي العَظِيمِ، وَهَذَا مَقَامُ فَنَاءِ العَبْدِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَقَائِهِ بِاللهِ المُقْتَدِرِ العَلِيِّ الكَبِيرِ، وَإِنِّي لَوْ أُلْقِي عَلَيْكُمْ مِنْ أَسْرَارِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللهُ فِي هَذَا المَقَامِ لَتَفْدُونَ أَنْفُسَكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَتَنْقَطِعُونَ عَنْ أَمْوَالِكُمْ وَكُلِّ مَا عِنْدَكُمْ لِتَصِلُوا إِلَى هَذَا المَقَامِ الأَعَزِّ الكَرِيمِ، وَلكِنْ ضَرَبَ اللهُ عَلَى قُلُوبِكُمْ أَكِنَّةً وَعَلَى أَبْصَارِكُمْ غِشَاوَةً لِئَلاَّ تَعْرِفونَ أَسْرَارَ اللهِ وَلا تَكُونُنَّ بِهَا لَمِنَ المُطَّلِعِينَ، قُلْ إِنَّ اشْتِيَاقَ المُخْلِصِينَ إِلَى جِوَارِ اللهِ كَاشْتِيَاقِ الرَّضِيعِ إِلَى ثَدْيِ أُمِّهِ بَلْ أَزْيَدُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ، أَوْ كَاشْتِيَاقِ الظَّمْآنِ إِلَى فُرَاتِ العِنَايَةِ أَوِ العَاصِي إِلَى الغُفْرانِ كَذَلِكَ نُبَيِّنُ لَكُمْ أَسْرَارَ الأَمْرِ وَنُلْقِي عَلَيْكُم مَا يُغْنِيكُمْ عَمَّا اشْتَغَلْتُمْ بِهِ لَعَلَّ أَنْتُم إِلَى شَطْرِ القُدْسِ فِي هَذَا الرِّضْوانِ لِتَكُونُنَّ مِنَ الدَّاخِلِينَ، فَوَاللهِ مَنْ دَخَلَ فِيهِ لَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَمَنِ الْتَفَتَ إِلَيْهِ لَنْ يُحَوِّلَ الوَجْهَ عَنْ تِلْقَائِهِ وَلَوْ يُضْرَبُ بِسُيُوفِ المُنْكِرِينَ وَالمُشْرِكِينَ، كَذَلِكَ أَلْقَيْنَا عَلَيْكُمْ مَا قُضِيَ عَلَى الحُسَيْنِ وَنَسْئَلُ اللهَ بِأَنْ يَقْضِيَ عَلَيْنَا كَمَا قَضَى عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَجَوَّادٌ كَرِيمٌ، تَاللهِ هَبَّتْ مِنْ فِعْلِهِ رَوَايحُ القُدْسِ عَلَى العَالَمِينَ، وَتَمَّتْ حُجَّةُ اللهِ وَظَهَر بُرْهَانُهُ عَلَى الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، وَبَعَثَ اللهُ بَعْدَهُ قَوْماً أَخَذُوا ثَأْرَهُ وَقَتَلُوا أَعْدَاءَهُ وَبَكَوْا عَلَيْهِ فِي
كلِّ بُكُورٍ وَأَصِيلٍ، قُلْ إِنَّ اللهَ قَدَّرَ فِي الكِتَابِ بِأَنْ يَأْخُذَ الظَّالِمينَ بِظُلْمِهِمْ وَيَقْطَعَ دابِرَ المُفْسِدينَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ لِمِثْلِ هذِهِ الأَفْعَالِ بِنَفْسِهَا أَثَراً فِي المُلْكِ وَلَنْ يَعْرِفَهُ أَحَدٌ إِلاّ مَنْ فَتَحَ اللهُ عَيْنَهُ وَكَشَفَ السُّبُحَاتِ عَنْ قَلْبِهِ وَجَعَلَهُ مِنَ المُهْتَدِينَ، فَسَوْفَ يُظْهِرُ اللهُ قَوْماً يَذْكُرُونَ أَيَّامَنا وَكُلَّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَيَطْلُبُونَ حَقَّنَا عَنِ الّذينَ هُمْ ظَلَمُونَا بِغَيْرِ جُرْمٍ وَلا ذَنْبٍ مُبِينٍ وَمِنْ وَرَائِهِمْ كَانَ اللهُ قَائِماً عَلَيْهِمْ وَيَشْهَدُ مَا فَعَلُوا وَيَأْخُذُهُمْ بِذَنْبِهِمْ وَإِنَّهُ أَشَدُّ المُنْتَقِمِينَ، وَكَذلِكَ قَصَصْنا لَكُمْ مِنْ قِصَصِ الحَقِّ وَأَلْقَيْنَاكُمْ مَا قَضَى اللهُ مِنْ قَبْلُ لَعَلَّ تَتُوبُونَ إِلَيْهِ فِي أَنْفُسِكُمْ وَتَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَتَكُونُنَّ مِنَ الرَّاجِعِينَ، وَتَتَنَبَّهُونَ فِي أَفْعَالِكُمْ وَتَسْتَيْقِظُونَ عَنْ نَوْمِكُمْ وَغَفْلَتِكُمْ وَتَدَّارَكُونَ مَا فَاتَ عَنْكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ المَحْسِنينَ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَقْبَلْ قَوْلِي وَمَنْ شَاءَ فَلْيُعْرِضْ وَمَا عَلَيَّ إِلاّ بِأَنْ أُذَكِّرَكُمْ فِيمَا فَرَّطتُمْ فِي أَمْرِ اللهِ لَعَلَّ تَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، إِذَاً فَاسْمَعُوا قَوْلِي ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى اللهِ وَتُوبُوا إِلَيْهِ لِيَرْحَمَكُمُ اللهُ بِفَضْلِهِ وَيَغْفِرَ خَطَايَاكُمْ وَيَعْفُوَ جَرِيرَاتِكُمْ وَإِنَّهُ سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ وَأَحَاطَ فَضْلُهُ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي قُمُصِ الوُجُودِ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.
يَا مَلأَ الوُكَلاءِ أَظَنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ بِأَنَّا جِئْنَاكُمْ لِنَأْخُذَ مَا عِنْدَكُمْ مِنْ زَخَارِفِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا لا فَوَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ بَلْ لِتَعْلَمُوا بِأَنّا مَا نُخَالِفُ السُّلْطَانَ فِي أَمْرِهِ وَمَا نَكُونُ مِنَ العَاصِينَ، فَاعْلَمُوا وَأَيْقِنُوا بِأَنَّ كُلَّ خَزَائِنِ الأَرْضِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَمَا كَانَ عَلَيْهَا مِنْ جَوَاهِرِ عِزٍّ ثَمِينٍ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ اللهِ وَأَوْلِيائِهِ وَأَحِبَّائِهِ إِلاّ كَكَفٍّ مِنَ الطِّينِ، لأَنَّ كُلَّ مَا عَلَيْهَا سَيَفْنَى وَيَبْقَى المُلْكُ للهِ المُقْتَدِرِ الجَمِيلِ، وَمَا يَفْنَى لَنْ يَنْفَعَنَا وَلا إِيَّاكُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُتَفَكِّرِينَ، فَوَاللهِ مَا نَكْذِبُ فِي القَوْلِ وَمَا نَتَكَلَّمُ إِلاّ بِمَا أُمِرْتُ وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ هذَا الكِتَابُ بِنَفْسِهِ إِنْ أَنْتُمْ بِمَا ذُكِرَ فِيه لَمِنَ المُتَذَكِّرِينَ، وَأَنْتُمْ لا تَتَّبِعُوا هَواكُمْ وَلا بِمَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أَنْفُسِكُمْ فَاَتَّبِعُوا أَمْرَ اللهِ فِي ظَاهِرِكُمْ وَبَاطِنِكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ، هَذا خَيْرٌ لَكُمْ عَنْ كُلِّ مَا اجْتَمَعْتُمُوهُ فِي بُيُوتِكُمْ
وَتَطْلُبُونَهُ فِي كُلِّ بُكُورٍ وَعَشِيٍّ، سَتَفْنَى الدُّنْيَا وَمَا أَنْتُمْ بِهِ تُسَرُّونَ فِي قُلُوبِكُمْ وتَفْتَخِرونَ بِهِ بَيْنَ الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، طَهِّرُوا مِرْآةَ قُلُوبِكُمْ عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِتَنْطَبِعَ فِيهَا أَنْوَارُ تَجَلِّي اللهِ وَهذا مَا يُغْنِيكُمْ عَمّا سِوَى اللهِ وَيُدْخِلُكُمْ فِي رِضَى اللهِ الكَرِيمِ العَالِمِ الحَكِيمِ، وَقَدْ أَلْقَيْنَاكُمْ مَا يَنْفَعُكُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَيهْدِيكُمْ سُبُلَ النَّجَاةِ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُقْبِلِينَ.
أَنْ يَا أَيُّهَا السُّلْطَانُ اسْمَعْ قَوْلَ مَنْ يَنْطِقُ بِالحَقِّ وَلا يُرِيدُ مِنْكَ جَزَاءً عَمَّا أَعْطَاكَ اللهُ وَكَانَ عَلَى قِسْطَاسِ حَقٍّ مُسْتَقِيمٍ، وَيَدْعُوكَ إِلَى اللهِ رَبِّكَ وَيَهْدِيكَ سُبُلَ الرُّشْدِ وَالفَلاحِ لِتَكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ، إِيَّاكَ يَا أَيُّهَا المَلِكُ لا تَجْمَعْ فِي حَوْلِكَ مِنْ هؤُلاءِ الوُكَلاءِ الّذِينَ لا يَتَّبِعُونَ إِلاّ هَواهُمْ وَنَبَذُوا أَمَانَاتِهِمْ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَكَانُوا عَلَى خِيَانَةٍ مُبِينٍ، فَأَحْسِنْ عَلَى العِبَادِ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ لَكَ وَلا تَدَعِ النَّاسَ وَأُمُورَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ هؤُلاءِ، اتَّقِ اللهَ وَكُنْ مِنَ المُتَّقِينَ، فَاجْتَمِعْ مِنَ الوُكَلاءِ الّذِينَ تَجِدُ مِنْهُمْ رَوَايِحَ الإِيمَانِ وَالعَدْلِ ثُمَّ شَاوِرْهُمْ فِي الأُمُورِ وَخُذْ أَحْسَنَهَا وَكُنْ مِنَ المُحْسِنِينَ، فَاعْلَمْ وَأَيْقِنْ بِأَنَّ الّذِي لَنْ تَجِدَ عِنْدَهُ الدِّيَانَةَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ الأَمَانَةُ وَالصِّدْقُ وَإِنَّ هذا لَحَقٌّ يَقِينٌ، وَمَنْ خَانَ اللهَ يَخَانُ السُّلْطَانَ وَلَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ شَيْءٍ وَلَنْ يَتَّقِيَ فِي أُمُورِ النَّاسِ وَمَا كَانَ مِنَ المُتَّقِينَ، إِيَّاكَ أَنْ لا تَدَعْ زِمَامَ الأُمُورِ عَنْ كَفِّكَ وَلا تَطْمَئِنَّ بِهِمْ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَإِنَّ الّذينَ تَجِدُ قُلُوبَهُمْ إِلَى غَيْرِكَ فَاحْتَرِزْ عَنْهُمْ وَلا تَأْمُنْهُمْ عَلَى أَمْرِكَ وأُمُورِ المُسْلِمِينَ، وَلا تَجْعَلِ الذِّئْبَ رَاعِيَ أَغْنَامِ اللهِ وَلا تَدَعْ مُحِبِّيهِ تَحْتَ أَيْدِي المُبْغِضِينَ، إِنَّ الذّينَ يَخَانُونَ الله فِي أَمْرِهِ لَنْ تَطْمَعَ مِنْهُمُ الأَمَانةَ وَلا الدِّيَانَةَ وَتَجَنَّبْ عَنْهُمْ وَكُنْ فِي حِفْظٍ عَظِيمٍ، لِئَلاَّ يَرِدَ عَلَيْكَ مَكْرُهُمْ وَضُرُّهُمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ثُمَّ أَقْبِلْ إِلَى اللهِ رَبِّكَ العَزِيزِ الكَرِيمِ، مَنْ كَانَ للهِ كَانَ اللهُ لَهُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ يَحْرُسُهُ عَنْ كُلِّ مَا يَضُرُّهُ وَعَنْ شَرِّ كُلِّ مَكَّارٍ لَئِيمٍ، وَإِنَّكَ لَوْ تَسمَعُ قَوْلِي وَتَسْتَنْصِحُ بِنُصْحِي يَرْفَعُكَ اللهُ إِلَى مَقَامٍ الّذي يَنْقَطِعُ عَنْكَ أَيْدِي كُلِّ مَنْ علَى
الأَرْضِ أَجْمَعِينَ، أَنْ يَا مَلِكُ اتَّبِعْ سُنَنَ اللهِ فِي نَفْسِكَ وَبِأَرْكَانِكَ وَلا تَتَّبِعْ سُنَنَ الظَّالِمِينَ، خُذْ زِمَامَ أَمْرِكَ فِي كَفِّكَ وَقَبْضَةِ اقْتِدَارِكَ ثُمَّ اسْتَفْسِرْ عَنْ كُلِّ الأُمُورِ بِنَفْسِكَ وَلا تَغْفَلْ عَنْ شَيْءٍ وَإِنَّ فِي ذلِكَ لَخَيْرٌ عَظِيمٌ، أَنِ اشْكُرِ اللهَ رَبَّكَ بِمَا اصْطَفَاكَ بَيْنَ بَرِيَّتِهِ وَجَعَلَكَ سُلْطَاناً لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَنْبَغِي لَكَ بِأَنْ تَعْرِفَ قَدْرَ مَا وَهَبَكَ اللهُ مِنْ بَدَايِعِ جُودِهِ وَإِحْسَانِهِ وَتَشْكُرَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، وَشُكْرُكَ رَبَّكَ هُوَ حُبُّكَ أَحِبَّاءَهُ وَحِفْظُكَ عِبَادَهُ وَصِيَانَتُهُمْ عَنْ هَؤُلاءِ الخَائِنِينَ، لئَلاَّ يَظْلِمَهُم أَحَدٌ ثُمَّ إِجْرَاءُ حُكْمِ اللهِ بَيْنَهُمْ لِتَكُونَ فِي شَرْعِ اللهِ لَمِنَ الرَّاسِخِينَ، وَإِنَّكَ لَوْ تُجْرِي أَنْهَارَ العَدْلِ بَيْنَ رَعْيَّتِكَ لَيَنْصُرُكَ اللهُ بِجُنُودِ الغَيْبِ وَالشِّهَادَةِ وَيُؤَيِّدُكَ عَلَى أَمْرِكَ وَإِنَّهُ مَا مِنْ إِلهٍ إِلاّ هُوَ لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ وَإِنَّ إِلَيْهِ يَرْجِعُ عَمَلُ المُخْلِصِينَ، وَلا تَطْمَئِنَّ بِخَزَائِنِكَ فَاطْمَئِنَّ بِفَضْلِ اللهِ رَبِّكَ ثُمَّ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ فِي أُمُورِكَ وكُنْ مِنَ المُتَوَكِّلِينَ، فَاسْتَعِنْ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَغْنِ مِنْ غَنَائِهِ وَعِنْدَهُ خَزَائِنُ السّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ عَمَّنْ يَشَاءُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ، كُلٌّ فُقَرَاءُ لَدَى بَابِ رَحْمَتِهِ وَضُعَفَاءُ لَدَى ظُهُورِ سُلْطَانِهِ وَكُلٌّ مِنْ جُودِهِ لَمِنَ السَّائِلِينَ، وَلا تُفَرِّطْ فِي الأُمُورِ فَاعْمَلْ بَيْنَ خُدَّامِكَ بِالعَدْلِ ثُمَّ أَنْفِقْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتاجُونَ بِهِ لا عَلَى قَدْرٍ الّذي يَكْنِزُونَهُ وَيجْعَلُونَهُ زِينَةً لأَنْفُسِهِمْ وَبُيوتِهِمْ وَيصْرِفُونَهُ فِي أُمُورِ الّتي لَنْ يحْتاجُوا بِهَا وَيكُونُنَّ مِنَ المُسْرِفِينَ، فَاعْدِلْ بَيْنَهُمْ عَلَى الخَطِّ الاسْتِوَاءِ بِحَيْثُ لَنْ يَحْتَاجَ بَعْضُهُمْ وَلَنْ يَكْنِزَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ هَذا لَعَدْلٌ مُبِينٌ، وَلا تَجَعَلِ الأَعِزَّةَ تَحْتَ أَيْدِي الأَذِلَّةِ وَلا تُسَلِّطِ الأَدْنَى عَلَى الأَعْلَى كَمَا شَهِدْنا فِي المَدِينَةِ وَكُنَّا مِنَ الشَّاهِدينَ، وَإِنَّا لَمَّا وَرَدْنَا المَدِينَةَ وَجَدنَا بَعْضَهُمْ فِي سَعَةٍ وَغَنَاءٍ عَظِيمٍ وَبَعْضَهُمْ فِي ذِلَّةٍ وَفَقْرٍ مُبِينٍ، وَهذا لا ينْبَغِي لِسَلْطَنَتِكَ وَلا يَلِيقُ لِشَأْنِكَ اسْمَعْ نُصْحِي ثُمَّ اعْدِلْ بَيْنَ الخَلْقِ لِيَرْفَعَ اللهُ اسْمَكَ بِالعَدْلِ بَيْنَ العَالَمِينَ، إِيَّاكَ أَنْ لا تُعَمِّرْ هؤُلاءِ الوُكَلاءَ وَلا تُخَرِّبِ الرَّعِيَّةَ اتَّقِ مِنْ ضَجِيجِ الفُقَرَاءِ وَالأَبْرَارِ فِي الأَسْحَارِ وَكُنْ لَهُمْ كَسُلْطَانٍ شَفِيقٍ، لأَنّهُمْ كَنْزُكَ فِي
الأرضِ فَينْبَغِي لِحَضْرَتِكَ بِأَنْ تَحْفَظَ كَنْزَكَ مِنْ أَيْدِي هؤُلاءِ السَّارِقِينَ، ثُمَّ تَجَسَّسْ مِنْ أُمُورِهِمْ وَأَحْوالِهِمْ فِي كُلِّ حَوْلٍ بَلْ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَلا تَكُنْ عَنْهُمْ لَمِنَ الغَافِلِينَ، ثُمَّ انْصِبْ مِيزَانَ اللهِ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِكَ ثُمَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ فِي مَقَامٍ الّذِي كَأَنَّكَ تَرَاهُ ثُمَّ وَزِّنْ أَعْمالَكَ بِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَلْ فِي كُلِّ حِينٍ، وَحَاسِبْ نَفْسَكَ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ فِي يَوْمٍ الّذِي لَنْ يَسْتَقِرَّ فِيهِ رِجْلُ أَحَدٍ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وتَضْطَرِبُ فِيهِ أَفْئِدَةُ الغَافِلِينَ، وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ بِأَنْ يَكُونَ فَيْضُهُ كَالشَّمْسِ يُرَبِّي كُلَّ شَيءٍ وَيُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَهذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بَلْ بِمَا قُدِّرَ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ، وَيَكُونُ رَحْمَتُهُ كَالسَّحَابِ يُنْفِقُ عَلَى العِبَادِ كَمَا يُنْفِقُ السَّحَابُ أمْطَارَ الرَّحْمَةِ عَلَٰى كُلِّ أَرْضٍ بِأَمْرٍ مِنْ مُدَبِّرٍ عَلِيمٍ، إِيَّاكَ أَنْ لا تَطْمَئِنَّ مِنْ أَحَدٍ فِي أَمْرِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ أَحَدٌ كَمِثْلِكَ عَلَى نَفْسِكَ كَذلِكَ نُبَيِّنُ لَكَ كَلِمَاتِ الحِكْمَةِ وَنُلْقِي عَلَيْكَ مَا يُقَلِّبُكَ عَنْ شِمَالِ الظُّلْمِ إِلَى يَمِينِ العَدْلِ وَيَهْدِيكَ إِلَى شَاطِئِ قُرْبٍ مُنِيرٍ، كُلُّ ذلِكَ مِنْ سِيرَةِ المُلُوكِ الَّذِينَ سَبَقُوكَ فِي المُلْكِ وَكَانُوا أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَ النَّاسِ وَيَسْلُكُوا عَلى مَنَاهِجِ عَدْلٍ قَويمٍ، إِنَّكَ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ فَافْعَلْ مَا يَلِيقُ لِهذَا الشَّأْنِ المُتَعَالِ العَظِيمِ، وَإِنَّكَ إِنْ تَخْرُجْ عَمَّا ألْقَيْنَاكَ وَعَلَّمْنَاكَ لَتَخْرُجْ عَنْ هذا الشَّأْنِ الأَعَزِّ الرَّفِيعِ، فَارْجِعْ إِلَى اللهِ بِقَلْبِكَ ثُمَّ طَهِّرْهُ عَنِ الدُّنْيا وَزُخْرُفِها وَلا تُدْخِلْ فِيهِ حُبَّ المُغَايِرِينَ، لأَنَّكَ لَوْ تُدْخِلُ فِيهِ حُبَّ الغَيْرِ لَنْ يَسْتَشْرِقَ عَلَيْهِ أَنْوَارُ تَجَلِّي اللهِ، لأَنَّ اللهَ مَا جَعَلَ لأَحَدٍ مِنْ قَلْبَيْنِ وَهذا مَا نُزِّلَ فِي كِتابٍ قَدِيمٍ، وَلَمَّا جَعَلَهُ اللهُ وَاحِداً يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ بِأَنْ لا تُدْخِلَ فِيهِ حُبَّيْنِ، إِذاً تَمَسَّكْ بِحُبِّ اللهِ وَأَعْرِضْ عَنْ حُبِّ مَا سِوَاهُ لِيُدْخِلَكَ اللهُ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِهِ وَيَجْعَلَكَ مِنَ المُوَحِّدِينَ، فَوَاللهِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودِي فِيمَا أَلْقَيْنَاكَ إِلاّ تَنْزِيهَكَ عَنِ الأَشْيَاءِ الفَانِيَةِ وَوُرُودَكَ فِي جَبَرُوتِ البَاقِيَةِ وَتَكُونَ فِيهِ بِإِذْنِ اللهِ لَمِنَ الحَاكِمينَ، أَسَمِعْتَ يَا أَيُّهَا المَلِكُ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ وُكَلائِكَ وَمَا عَمِلُوا بِنَا أَمْ كُنْتَ مِنَ الغَافِلينَ، وإِنْ سَمِعْتَ وَعَلِمْتَ لِمَ مَا أَنَهَيْتَهُمْ عَنْ فِعْلِهِمْ وَرَضِيتَ لِمَنْ أَجَابَ أَمْرَكَ وَأَطَاعَكَ مَا
لا يَرْضَى لأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَحَدٌ مِنَ السَّلاطِينِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَّلِعاً هذا أَعْظَمُ مِنَ الأُولَى إِنْ أَنْتَ مِنَ المُتَّقِينَ، إِذَاً أَذْكُرُ لِحَضْرَتِكَ لِتَطَّلِعَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْنَا مِنْ هؤُلاءِ الظَّالِمِينَ، فَاعْلَمْ بِأَنَّا جِئْنَاكَ بِأَمْرِكَ وَدَخَلْنَا مَدِينَتَكَ بِعِزٍّ مُبِينٍ، وَأَخْرَجُونَا عَنْها بِذِلَّةٍ الّتي لَنْ تُقَاسَ بِهِ ذِلّةٌ فِي الأَرْضِ إِنْ أَنْتَ مِنَ المُطَّلِعِينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ دَخَّلُونَا فِي مَدِينَةٍ الّتي لَنْ يَدْخُلَ فِيهَا أَحَدٌ إِلاّ الَّذِينَ هُم عَصَوْا أَمْرَكَ وَكَانُوا مِنَ العَاصِينَ، وَكَانَ ذلِكَ بَعْدَ الّذِي مَا عَصَيْنَاكَ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ فَلَمَّا سَمِعْنَا أَمْرَكَ أَطَعْنَاهُ وَكُنَّا مِنَ المُطِيعينَ، وَمَا رَاعَوْا فِينَا حَقَّ اللهِ وَحُكْمَهُ وَلا فِيمَا نُزِّلَ عَلَى الأَنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَمَا رَحَمُوا عَلَيْنَا وَفَعَلُوا بِنَا مَا لا فَعَلَ مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ وَلا مُؤْمِنٌ عَلَى كَافِرٍ وَكَانَ اللهُ عَلَى مَا أَقُولُ شَهِيدٌ وَعَلِيمٌ، وَحِينَ إِخْرَاجِنَا عَنْ مَدِينَتِكَ حَمَلُونَا عَلَى خُدُورِ الّتي تَحْمِلُ عَلَيْهَا العِبَادُ أَثْقَالَهُمْ وَأَوْزَارَهُمْ كَذلِكَ فَعَلُوا بِنَا إِنْ كَانَ حَضْرَتُكَ لَمِنَ المُسْتَخْبِرينَ، وَأَذْهَبُونَا إِلَى أَنْ وَرَّدُونا فِي بَلْدَةِ العُصاةِ عَلَى زَعْمِهِمْ، فَلَمَّا وَرَدْنا مَا وَجَدْنا فِيها مِنْ بَيْتٍ لِنَسْكُنَ فِيها لِذا نَزَلْنا فِي مَحَلٍّ الّذِي لَنْ يَدْخُلَ فِيهِ إِلاّ كُلُّ ذِي اضْطِرارٍ غَرِيبٍ، وَكُنَّا فِيهِ أَيَّاماً مَعْدُودةً وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا الأَمْرُ لِضِيقِ المَكَانِ لِذَا اسْتَأْجَرْنا بُيوتَ الّتي تَرَكُوها أَهْلُها مِنْ شِدَّةِ بَرْدِها وَكَانُوا مِنَ التَّارِكِينَ، وَلَنْ يَسْكُنَ فِيها أَحَدٌ إِلاّ فِي الصَّيْفِ وَإِنَّا فِي الشِّتَاءِ كُنَّا فِيها لَمِنَ النَّازِلِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لأَهْلِي وَلِلّذِينَ هُمْ كَانُوا مَعِي مِنْ كِسْوَةٍ لِتَقِيهِمْ عَنْ البَرْدِ فِي هذَا الزَّمْهَريرِ، فَيا لَيْتَ عَامَلُوا بِنَا هؤُلاءِ الوُكَلاءُ بِالأُصُولِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فَوَاللهِ مَا عَامَلُوا بِنَا لا بِحُكْمِ اللهِ وَلا بِالأُصُولِ الَّتِي يَدَّعُونَ بِها وَلا بِالقَواعِدِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ النَّاسِ وَلا بِقَوَاعِدِ أَرَامِلِ الأَرْضِ حِينَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ أَحَدٌ مِنْ عَابِرِ السَّبِيلِ، كَذلِكَ وَرَدَ عَلَيْنا مِنْ هؤُلاءِ قَدْ أَذْكَرْناهُ لَكَ بِلِسَانِ صِدْقٍ مَنِيعٍ، كُلُّ ذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ بَعْدَ الَّذِي قَدْ جِئْتُهُمْ بِأَمْرِهِمْ وَمَا تَخَلَّفْتُ عَنْ حُكْمِهِمْ لأَنَّ حُكْمَهُمْ يَرْجِعُ إِلَى حَضْرَتِكَ لِذَا أَجَبْناهُمْ فِيما أَمَرُوا وَكُنَّا مِنَ المُجِيبِينَ، كَأَنَّهُمْ نَسَوْا حُكْمَ اللهِ فِي أَنْفُسِهِمْ قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ "فَاخْفِضْ جَناحَكَ
لِلْمُؤْمِنِينَ" كَأَنَّهُمْ مَا أَرَادُوا شَيْئَاً إِلاّ رَاحَةَ أَنْفُسِهِمْ وَلَنْ يَسْمَعُوا ضَجِيجَ الفُقَرَاءِ وَلَنْ يَدْخُلَ فِي آذانِهِم صَرِيخُ المَظْلُومِينَ، كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا فِي أَنْفُسِهِم بِأَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنَ النُّورِ وَدُونَهُمْ مِنَ التُّرَابِ فَبِئْسَ مَا ظَنُّوا كُلُّنَا خُلِقْنَا مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، يَا أَيُّها المَلِكُ فَوَاللهِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَشْكُوَ مِنْهُمْ فِي حَضْرَتِكَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَنَا وَإِيَّاهُمْ وَكَانَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ لَشَاهِدٌ وَوَكِيلٌ بَلْ أُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ لَعَلَّ لا يَفْعَلُوا بِأَحَدٍ كَمَا فَعَلُوا بِنَا ولَعَلَّ يَكُونُنَّ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، سَتَمْضِي بَلايانا وَاضْطِرارُنا وَالشِّدَّةُ الَّتِي أَحاطَتْنا مِنْ كُلِّ الجِهاتِ وَكَذلِكَ تَمْضِي رَاحَتُهُمْ وَالرَّخَاءُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ وَهذا مِنْ حَقٍّ الَّذِي لَنْ يُنْكِرَهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ، وَسَيُقْضَى سُكُونُنا عَلَى التُّرابِ بِهذِهِ الذِّلَّةِ وَجُلُوسُهُمْ عَلَى سَرِيرِ العِزَّةِ وَيَحْكُمُ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمينَ وَنَشْكُرُ اللهَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا وَنَصْبِرُ فِيمَا قُضِيَ وَيَقْضِي وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ فَوَّضْتُ أَمْرِي وَإِنَّهُ يُوفِي أُجُورَ الصَّابِرينَ وَالمُتَوَكِّلِينَ، لَهُ الأَمْرُ وَالخَلْقُ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَلا يُسْئَلْ عَمَّا شَاءَ وَإِنّهُ لَهُوَ العَزِيزُ القَدِيرُ، اسْمَعْ يَا سُلْطانُ مَا أَلْقَيْنا عَلَى حَضْرَتِكَ ثُمَّ امْنَعِ الظَّالِمينَ عَنْ ظُلْمِهِمْ ثُمَّ اقْطَعْ أَيْدِيَهُمْ عَنْ رُؤُوسِ المُسْلِمِينَ، فَوَاللهِ وَرَدَ عَلَيْنَا مَا لا يَجْرِي القَلَمُ عَلَى ذِكْرِهِ إِلاّ بِأَنْ يَحْزَنَ رَاقِمُهُ وَلَنْ تَقْدِرَ أَنْ تَسْمَعَهُ آذانُ المُوَحِّدِينَ، وَبَلَغَ أَمْرُنَا إِلَى مَقامٍ الَّذِي بَكَتْ عَلَيْنا عُيونُ أَعْدَائِنَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ كُلُّ ذِي بَصَرٍ بَصِيرٍ، بَعْدَ الَّذِي تَوَجَّهْنا إِلَى حَضْرتِكَ وَأَمَرْنَا النَّاسَ بِأَنْ يَدْخُلُوا فِي ظِلِّكَ لِتَكُونَ حِصْناً لِلْمُوَحِّدِينَ، أَخَالَفْتُكَ يَا سَلْطَانُ فِي شَيْءٍ أَوْ عَصَيْتُكَ فِي أَمْرٍ أَوْ مَعَ وُزَرَائِكَ الَّذِينَ كَانُوا أَنْ يَحْكُمُوا فِي العِرَاقِ بِإِذْنِكَ؟ لا فَوَرَبِّ العَالَمِينَ، مَا عَصَيْنَاكَ وَلا إِيَّاهُمْ فِي أَقَلَّ مِنْ لَمْحِ البَصَرِ وَلا أَعْصِيكَ مِنْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَلَوْ يَرِدُ عَلَيْنَا أَعْظَمُ عَمَّا وَرَدَ وَنَدْعُوكَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَفِي كُلِّ بُكُورٍ وَأَصِيلٍ، لِيُوَفِّقَكَ اللهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَإِجْرَاءِ حُكْمِهِ وَيَحْفَظَكَ مِنْ جُنُودِ الشَّيَاطِينِ، إِذَاً فَافْعَلْ مَا شِئْتَ وَمَا
يَنْبَغِي لِحَضْرَتِكَ وَيَلِيقُ لِسَلْطَنَتِكَ وَلا تَنْسَ حُكْمَ اللهِ فِي كُلِّ مَا أَرَدْتَ أَوْ تُرِيدُ، وَقُلِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
أَنْ يَا سَفِيرَ العَجَمِ فِي المَدِينَةِ أَزَعَمْتَ بِأَنَّ الأَمْرَ كَانَ بِيَدِي أَوْ يُبَدَّلُ أَمْرُ اللهِ بِسِجْنِي وَذُلِّي أَوْ بِإِفْقَادِي وَإِفْنَائِي فَبِئْسَ مَا ظَنَنْتَ فِي نَفْسِكَ وَكُنْتَ مِنَ الظَّانِّينَ إِنَّهُ مَا مِنْ إِلهٍ إِلاَّ هُوَ يَظْهَرُ أَمْرُهُ وَيَعْلُو بُرْهَانُهُ وَيُثْبِتُ مَا أَرَادَ وَيَرْفَعُهُ إِلَى مَقَامٍ الَّذِي يَنْقَطِعُ عَنْهُ أَيْدِيكَ وَأَيْدِي المُعْرِضِينَ، هَلْ تَظُنُّ بأَنَّكَ تُعْجِزُهُ فِي شَيْءٍ أَوْ تَمْنَعُهُ عَنْ حُكْمِهِ وَسُلْطَانِهِ أَوْ يَقْدِرُ أَنْ يَقُومَ مَعَ أَمْرِهِ كُلُّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِينَ، لا فَوَنَفْسِهِ الحَقِّ لا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ عَمَّا خُلِقَ إِذاً فَارْجِعْ عنْ ظَنِّكَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً وَكُنْ مِنَ الرَّاجِعِينَ إِلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَرَزَقَكَ وَجَعَلَكَ سَفِيرَ المُسْلِمينَ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِكَلِمَةِ أَمْرِهِ وَمَا خُلِقَ بِحُكْمِهِ كَيْفَ يَقُومُ مَعَهُ فَسُبْحانَ اللهِ عَمَّا أَنْتُمْ تَظُنُّونَ يَا مَلأَ المُبْغِضِينَ، إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ لَنْ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِهِ يَكْفِيهِ عُلَمَاءُكُمْ وَالَّذِينَ هُمْ اتَّبَعُوا هَواهُمْ وَكَانُوا مِنَ المُعْرِضِينَ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ مِنْ قَبْلُ وَحَكَى اللهُ عَنْهُ لِنَبِيِّهِ الَّذِي اصْطَفاهُ بَيْنَ خَلْقِهِ وَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ "أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالبَيِّناتِ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقَاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ" وَهَذا مَا نَزَّلَ اللهُ عَلَى حَبِيبِهِ فِي كِتَابِهِ الحَكِيمِ، وَأَنْتُمْ مَا سَمِعْتُمْ أَمْرَ اللهِ وَحُكْمَهُ وَمَا اسْتَنْصَحْتُمْ بِنُصْحِ الَّذِي نُزِّلَ فِي الكِتَابِ وَكُنْتُمْ مِنَ الغَافِلينَ، وَكَمْ مِنْ عِبَادٍ قَتَلْتُمُوهُم فِي كُلِّ شُهُورٍ وَسِنِينَ وَكَمْ مِنْ ظُلْمٍ ارْتَكَبْتُمُوهُ فِي أَيَّامِكُمْ وَلَمْ يَرَ شِبْهَها عَيْنُ الإِبْدَاعِ وَلَنْ يُخْبِرَ مِثْلَها أَحَدٌ مِنَ المُؤَرِّخِينَ، وَكَمْ مِنْ رَضِيعٍ بَقِيَ مِنْ غَيْرِ أُمٍّ وَوَالِدٍ وَكَمْ مِنْ أَبٍ قُتِلَ ابْنُهُ مِنْ ظُلْمِكُم يَا مَلأَ الظَّالِمِينَ، وَكَمْ مِنْ أُخْتٍ ضَجَّتْ فِي فِراقِ أَخِيهَا وَكَمْ مِنْ امْرَأَةٍ بَقَتْ بِغَيْرِ زَوْجٍ وَمُعِينٍ، وَارْتَقَيْتُمْ فِي الظُّلْمِ إِلَى مَقَامٍ الَّذِي قَتَلْتُمُ الَّذِي مَا تَحَرَّفَ وَجْهَهُ عَنْ
وَجْهِ اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، فَيَا لَيْتَ قَتَلْتُمُوهُ كَمَا يَقْتُلُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً بَلْ قَتَلْتُمُوهُ بِقِسْمٍ الَّذِي مَا رَأَتْ بِمِثْلِهِ عُيُونُ النَّاسِ وَبَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَضَجَّتْ أَفْئِدَةُ المُقَرَّبِينَ، أَما كَانَ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَأَمَا كَانَ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ مُشْتَهِراً بَيْنَكُمْ فَكَيْفَ فَعَلْتُمْ بِهِ مَا لا فَعَلَ أَحَدٌ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَوَاللهِ مَا شَهِدَ عَيْنُ الوُجُودِ بِمِثْلِكُمْ تَقْتُلُونَ ابْنَ نَبِيِّكُمْ ثُمَّ تَفْرَحُونَ عَلَى مَقَاعِدِكُمْ وَتَكُونُنَّ مِنَ الفَرِحِينَ، وَتَلْعَنُونَ الَّذِينَ هُمْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ وَفَعَلُوا بِمِثْلِ مَا فَعَلْتُمْ ثُمَّ عَنْ أَنْفُسِكُمْ لَمِنَ الغَافِلِينَ، إِذَاً فَأَنْصِفْ فِي نَفْسِك إِنَّ الَّذِينَ تَسُبُّونَهُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ هَلْ فَعَلُوا بِغَيْرِ مَا فَعَلْتُمْ، أُولئِكَ قَتَلُوا ابْنَ نَبِيِّهِمْ كَمَا قَتَلْتُمْ ابْنَ نَبِيِّكُمْ وَجَرَى مِنْكُمْ مَا جَرَى مِنْهُمْ فَمَا الفَرْقُ بَيْنَكُمْ يَا مَلأَ المُفْسِدينَ، فَلَمَّا قَتَلْتُمُوهُ قَامَ أَحَدٌ مِنْ أَحِبَّائِهِ عَلَى القِصَاصِ وَلَنْ يَعْرِفَهُ أَحَدٌ وَاخْتَفَى أَمْرُهُ عَنْ كُلِّ ذِي رُوحٍ وَقُضِيَ مِنْهُ مَا أُمْضِيَ إِذاً يَنْبَغِي بِأَنْ لا تَلُومُوا أَحَدَاً فِي ذلِكَ بَلْ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ فِيمَا فَعَلْتُمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ المُنْصِفِينَ، هَلْ فَعَلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ بِمِثْلِ مَا فَعَلتُمْ لا فَوَرَبِّ العَالَمِينَ، كُلُّ المُلُوكِ وَالسَّلاطِينِ يُوَقِّرُونَ ذُرِّيَّةَ نَبِيِّهِمْ وَرَسُولِهِمْ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَأَنْتُمْ فَعَلْتُمْ ما لا فَعَلَ أَحَدٌ وَارْتَكَبْتُمْ مَا احْتَرَقَتْ عَنْهُ أَكْبَادُ العَارِفِينَ، وَمَعَ ذلِكَ ما تَنَبَّهْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ وَما اسْتَشْعَرْتُمْ مِنْ فِعْلِكُمْ إِلَى أَنْ قُمْتُمْ عَلَيْنا مِنْ دُونِ ذَنْبٍ وَلا جُرْمٍ مُبِينٍ، أَما تَخَافُونَ عَنِ اللهِ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَسَوَّاكُمْ وَبَلَغَ أَشُدَّكُمْ وَجَعَلَكُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ، إِلَى مَتَى لا تَتَنَبَّهُونَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَلا تَتَعقَّلُونَ فِي ذَواتِكُمْ وَلاتَقُومُونَ عَنْ نَوْمِكُمْ وَغَفْلَتِكُمْ وَما تَكُونُنَّ مِنَ المُتَنَبِّهِينَ، وأَنْتَ فَكِّرْ فِي نَفْسِكَ مَعَ كُلِّ ما فَعَلْتُمْ وَعَمِلْتُمْ هَلِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تُخْمِدُوا نارَ اللهِ أَوْ تُطْفِئُوا أَنْوَارَ تَجَلِّيهِ الَّتِي اسْتَضاءَتْ مِنْهَا أَهْلُ لُجَجِ البَقَاءِ وَاسْتَجْذَبَتْ عَنْهَا أَفْئِدَةُ المُوَحِّدِينَ، أَمَا سَمِعْتُمْ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْديكُمْ وَتَقْدِيرهُ فَوْقَ تَدْبِيرِكُمْ وَإِنَّهُ لَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَالغَالِبُ عَلَى أَمْرِهِ يَفْعَلُ ما يَشَاءُ وَلا يُسْئَلُ عَمَّا شَاءَ، وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَهُوَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ، وَإِنْ تُوقِنُوا بِذلِكَ لِمَ لا تَنْتَهُونَ أَعْمَالَكُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ السَّاكِنِينَ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ
تُجَدِّدُونَ ظُلْمَكُمْ كَمَا قُمْتُمْ عَلَيَّ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ الَّذِي مَا دَخَلَتْ نَفْسِي فِي هذِهِ الأُمُورِ وَمَا كُنْتُ مُخَالِفَاً لَكُمْ وَلا مُعَارِضَاً لأَمْرِكُمْ إِلَى أَنْ جَعَلْتُمُونِي مَسْجُوناً فِي هذِهِ الأَرْضِ البَعِيدِ، وَلكِنْ فَاعْلَمْ ثُمَّ أَيْقِنْ بِأَنَّ ذلِكَ لَنْ يُبَدِّلَ أَمْرَ اللهِ وَسُنَنَهُ كَمَا لَمْ يُبَدِّلْ مِنْ قَبْلُ عَنْ كُلِّ ما اكْتَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَيْدِي المُشْرِكِينَ، ثُمَّ اعْلَمُوا يا مَلأَ الأَعْجَامِ بِأَنَّكُمْ لَو تَقْتُلُونَنِي يَقُومُ للهِ أَحَدٌ مَقامِي وَهذِهِ مِنْ سُنَّةِ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدُوا لِسُنَّتِهِ لا مِنْ تَبْدِيلٍ وَلا مِنْ تَحْويلٍ، أَتُرِيدُونَ أَنْ تُطْفِئُوا نُورَ اللهِ فِي أَرْضِهِ أَبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ أَنْتُمْ تَكرَهُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ وَتَكُوُنُنَّ مِنَ الكَارِهِينَ، وَأَنْتَ يَا سَفِيرُ تَفَكَّرْ فِي نَفْسِكَ أَقَلَّ مِنْ آنٍ ثُمَّ أَنْصِفْ فِي ذَاتِكَ بِأَيِّ جُرْمٍ افْتَرَيْتَ عَلَيْنا عِنْدَ هؤُلاءِ الوُكَلاءِ وَاتَّبَعْتَ هَواكَ وَأَعْرَضْتَ عَنِ الصِّدْقِ وَكُنْتَ مِنَ المُفْتَرِينَ، بَعْدَ الَّذِي مَا عَاشَرْتَنِي وَمَا عَاشَرْتُكَ وَمَا رَأَيْتَنِي إِلاّ فِي بَيْتِ أَبِيكَ أَيَّامَ الَّتِي فِيها يُذْكَرُ مَصَائِبُ الحُسَيْنِ وَفِي تِلْكَ المَجَالِسِ لَمْ يَجِدِ الفُرْصَةَ أَحَدٌ لِيَفْتَحَ اللِّسَانَ وَيَشْتَغِلَ بِالبَيانِ حَتَّى يُعْرَفَ مَطَالِبُهُ أَوْ عَقَائِدُهُ وَأَنْتَ تُصَدِّقُنِي فِي ذلِكَ لَوْ تَكُونُ مِنَ الصَّادِقِينَ، وَفِي غَيْر تِلْكَ المَجَالِسِ مَا دَخَلْتُ لِتَرَانِي أَنْتَ أَوْ يَرَانِي غَيْرُكَ مَعَ ذلِكَ كَيْفَ أَفْتَيْتَ عَلَيَّ مَا لا سَمِعْتَ مِنِّي، أَمَا سَمِعْتَ ما قَالَ عزَّ وَجَلَّ "لا تقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنَاً" وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبِّهِمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَأَنْتَ خَالَفْتَ حُكْمَ الكِتَابِ بَعْدَ الَّذِي حَسِبْتَ نَفْسَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، وَمَعَ ذلِكَ فَوَاللهِ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِي بُغْضُكَ وَلا بُغْضُ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَوْ وَرَدْتُمْ عَلَيْنَا مَا لا يُطْيقُهُ أَحَدٌ مِنَ المُوَحِّدِينَ، وَما أَمْرِي إِلاّ بِاللهِ وَتَوَكُّلِي إِلاّ عَلَيْهِ فَسَوْفَ يَمْضِي أَيَّامُكُمْ وَأَيَّامُ الَّذِينَ هُمْ كَانُوا اليَوْمَ عَلَى غُرورٍ مُبِينٍ، وَتَجْتَمِعُونَ فِي مَحْضَرِ اللهِ وَتُسْئَلُونَ عَمَّا اكْتَسَبتُمْ بِأَيْدِيكُمْ وَتُجْزَوْنَ بِها فَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ، فَوَاللهِ لَوْ تَطَّلِعُ بِمَا فَعَلْتَ لَتَبْكِي عَلَى نَفْسِكَ وَتَفِرُّ إِلَى اللهِ وَتَضُجُّ فِي أَيَّامِكَ إِلَى أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكَ وَإِنَّهُ لَجَوَّادٌ كَرِيمٌ، وَلكِنْ أَنْتَ لَنْ تُوَفَّقَ بِذلِكَ لِمَا اشْتَغَلْتَ بِذاتِكَ وَنَفْسِكَ وَجِسْمِكَ إِلَى
زَخارِفِ الدُّنْيا إِلَى أَنْ يُفَارِقَ الرُّوُحُ عَنْكَ إِذاً تَعْرِفُ مَا أَلْقَيْنَاكَ وَتَجِدُ أَعْمالَكَ فِي كِتَابِ الَّذِي مَا تُرِكَ فِيهِ ذَرَّةٌ مِنْ أَعْمالِ الخَلائِقِ أَجْمَعِينَ، إِذاً فَاسْتَنْصِحْ بِنُصْحِي ثُمَّ اسْمَعْ قَوْلِي بِسَمْعِ فُؤَادِكَ وَلا تَغْفَلْ عَنْ كَلِمَاتِي وَلا تَكُنْ مِنَ المُعْرِضِينَ، وَلا تَفْتَخِرْ بِمَا أُوتِيتَ فَانْظُرْ إِلَى ما نُزِّلَ فِي كِتَابِ اللهِ المُهَيْمِنِ العَزِيزِ، فَلَمَّا نَسَوْا عَمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ كَمَا فُتِحَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَمْثالِكَ أَبْوابُ الدُّنْيا وَزُخْرُفُها، إِذاً فَانْتَظِرْ ما نُزِّلَ فِي آخِرِ هذِهِ الآيَةِ المُبارَكَةِ وَهذَا وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ مِنْ مُقْتَدِرٍ حَكِيمٍ، ولَمْ أَدْرِ بِأَيِّ صِراطٍ أَنْتُمْ تُقِيمُونَ وعَلَيْهِ تَمْشُونَ يا مَلأَ المُبْغِضِينَ، إِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى اللهِ وَنُذَكِّرُكُمْ بِأَيَّامِهِ وَنُبَشِّرُكُمْ بِلِقَائِهِ وَنُقَرِّبُكُمْ إِلَيْهِ وَنُلْقِيكُمْ مِنْ بَدايِعِ حِكْمَتِهِ وَأَنْتُمْ تَطْرُدُونَنا وَتُكَفِّرُونَنا بِما صَفَتْ لَكُمْ أَلْسُنَتُكُم الكَذِبَةُ وَتَكُوُنُنَّ مِنَ المُدْبِرينَ، وَإِذا أَظْهَرْنا بَيْنَكُمْ ما أَعْطانَا اللهُ بِجُودِهِ تَقُولُونَ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ مُبِينٌ كَما قَالُوا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ مِنْ قَبْلُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ الشَّاعِرينَ، وَلِذا مَنَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَنْ فَيْضِ اللهِ وَفَضْلِهِ وَلَنْ تَجِدُوهُ مِنْ بَعْدُ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وَهُو أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ، وَمِنْكُمْ مَنْ قالَ إِنَّ هذا هُوَ الَّذِي ادَّعَى فِي نَفْسِهِ ما ادَّعَى فَوَاللهِ هذا لَبُهْتانٌ عَظِيمٌ، وَما أَنَا إِلاّ عَبْدٌ آمَنْتُ بِاللهِ وَآياتِهِ وَرُسُلِهِ وَمَلئِكَتِهِ وَيَشْهَدُ حِينَئِذٍ لِسانِي وَقَلْبِي وَظاهِرِي وَباطِنِي بِأَنَّهُ هُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَما سِواهُ مَخْلُوقٌ بِأَمْرِهِ وَمُنْجَعِلٌ بِإِرادَتِهِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الخالِقُ الباعِثُ المُحْيِي المُمِيتُ، وَلكِنْ إِنِّي حَدَّثْتُ نِعْمَةَ الَّتِي أَنْعَمَنِي اللهُ بِجُودِهِ وَإِنْ كَانَ هذا جُرْمِي فأَنا أَوَّلُ المُجْرِمِينَ، وَأَكُونُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مَعَ أَهْلِي فَافْعَلُوا ما شِئْتُمْ وَلا تَكُونُنَّ مِنَ الصَّابِرينَ، لَعَلَّ أَرْجِعُ إِلَى اللهِ رَبِّي فِي مَقامِ الَّذِي يَخْلُو فِيهِ عَنْ وُجُوهِكُمْ وَهذا مُنْتَهَى أَمَلِي وَبُغْيَتِي وَكَفَى بِاللهِ عَلَى نَفْسِي لَعَلِيمٌ وَخَبِيرٌ، أَنْ يَا سَفِيرُ فَاجْعَلْ مَحْضَرَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ إِنَّكَ إِنْ لَنْ تَراهُ إِنَّهُ يَراكَ ثُمَّ أَنْصِفْ فِي أَمْرِنَا بِأَيِّ جُرْمٍ قُمْتَ عَلَيْنا وَافْتَرَيْتَنا بَيْنَ النَّاسِ إِنْ تَكُونُ مِنَ المُنْصِفينَ، قَدْ خَرَجْتُ مِنَ الطِّهْرانِ بِأَمْرِ المَلِكِ وَتَوَجَّهْنا إِلَى العِرَاقِ بِإِذْنِهِ إِلَى أَنْ وَرَدْنا فِيهِ وَكُنَّا مِنَ
الوَارِدينَ، إِنْ كُنْتُ مُقَصِّراً لِمَ أُطْلِقْنَا وَإِنْ لَمْ أَكُنْ مُقَصِّراً لِمَ أَوْرَدْتُمْ عَلَيْنا مَا لا أَوْرَدَ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَبَعْدَ وُرُودِي فِي العِرَاقِ هَلْ ظَهَرَ مِنِّي ما يَفْسُدُ بِهِ أَمْرُ الدَّوْلَةِ وَهَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنَّا مُغايِراً فَاسْئَلْ أَهْلَهَا لِتَكُونَ مِنَ المُسْتَبْصِرينَ، وَكُنَّا فِيهِ إِحْدَى عَشَرِ سَنِينَ إِلَى أَنْ جَاءَ سَفِيرُكُمُ الَّذِي لَنْ يُحِبَّ القَلَمُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى اسْمِهِ وَكَانَ أَنْ يَشْرَبُ الخَمْرَ وَيَرْتَكِبُ البَغْيَ وَالفَحْشَاءَ وَفَسَدَ فِي نَفْسِهِ وَأَفْسَدَ العِراقَ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الزَّوْرَاءِ لَوْ تَسْئَلُ عَنْهُمْ وَتَكُوُنُ مِنَ السَّائِلِينَ، وَكَانَ أَنْ يَأْخُذُ أَمْوالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَتَرَكَ كُلَّ ما أَمَرَهُ اللهُ بِهِ وَارْتَكَبَ كُلَّ ما نَهاهُ عَنْهُ إِلَى أَنْ قامَ عَلَيْنا بِمَا اتَّبَعَ نَفْسَهُ وَهَواهُ وَسَلَكَ مَنْهَجَ الظَّالِمِينَ، وَكَتَبَ إِلَيْكَ ما كَتَبَ فِي حَقِّنا وَأَنْتَ قَبِلْتَ مِنْهُ وَاتَّبَعْتَ هَواهُ مِنْ دُونِ بَيِّنَةٍ وَلا بُرْهَانٍ مُبِينٍ، وَما تَبَيَّنْتَ وَما تَفَحَّصْتَ وَما تَجَسَّسْتَ لِيَظْهَرَ لَكَ الصِّدْقُ عَنِ الكَذِبِ وَالحَقُّ عَنِ البَاطِلِ وَتَكُونَ عَلَى بَصِيرةٍ مُنِيرَةٍ فَاسْئَلْ عَنْهُ عَنِ السُّفَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي العِرَاقِ وَعَنْ وَرَائِهِمْ عَنْ وَالِي البَلْدَةِ وَمُشِيرِها لِيُحَصْحِصَ لَكَ الحَقُّ وَتَكُونَ مِنَ المُطَّلِعِينَ، فَوَاللهِ ما خَالَفْناهُ فِي شَيْءٍ وَلا غَيْرَهُ وَاتَّبَعْنا أَحْكَامَ اللهِ فِي كُلِّ شَأْنٍ وَمَا كُنَّا مِنَ المُفْسِدِينَ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ يَشْهَدُ بِذلِكَ وَلكِنْ يُرِيدُ أَنْ يِأْخُذَنا وَيُرْجِعَنا إِلَى العَجَمِ لارْتِفَاعِ اسْمِهِ كَمَا أَنْتَ ارْتَكَبْتَ هذا الذّنبَ لأَجْلِ ذلِكَ وَأَنْتَ وَهُوَ فِي حَدٍّ سَوَاءٍ عِنْدَ اللهِ المَلِكِ العَلِيمِ، وَلَمْ يَكُنْ هذَا الذِّكْرُ مِنِّي إِلَيْكَ لِتَكْشِفَ عَنِّي ضُرِّي أَوْ تَوَسَّطَ لِي عِنْدَ أَحَدٍ لا فَوَرَبِّ العَالَمِينَ، وَلكِنْ فَصَّلْنَا لَكَ الأُمُورَ لَعَلَّ تَتَنَبَّهُ فِي فِعْلِكَ وَلا تَرِدُ عَلَى أَحَدٍ مِثْلَ مَا وَرَّدْتَ عَلَيْنَا وَتَكُونُ مِنَ التَّائِبِينَ إِلَى اللهِ الَّذِي خَلَقَكَ وَكُلَّ شَيْءٍ وَتَكُونُ عَلَى بَصِيرةٍ مِنْ بَعْدُ وَهذا خَيْرٌ لَكَ عَمَّا عِنْدَكَ وَعَنْ سِفَارَتِكَ فِي هذِهِ الأَيَّامِ القَلِيلِ، إِيَّاكَ أَنْ لا تُغْمِضْ عَيْنَاكَ فِي مَوَاقِعِ الإِنْصَافِ وَتَوَجَّهْ إِلَى شَطْرِ العَدْلِ بِقَلْبِكَ وَلا تُبَدِّلْ أَمْرَ اللهِ وَكُنْ بِمَا نُزِّلَ فِي الكِتَابِ لَمِنَ النَّاظِرِينَ، أَنْ لا تَتَّبِعْ هَواكَ فِي أَمْرٍ وَاتَّبِعْ حُكْمَ اللهِ رَبِّكَ المَنَّانِ القَدِيمِ، سَتَرْجِعُ إِلَى التُّرَابِ وَلَنْ يَبْقَى نَفْسُكَ وَلا مَا تُسَرُّ بِهِ فِي أَيَّامِكَ وَهذا مَا ظَهَرَ
مِنْ لِسَانِ صِدْقٍ مَنِيعٍ، أَمَا تَذَكَّرْتَ بِذِكْرِ اللهِ مِنْ قَبْلُ لِتَكُونَ مِنَ المُتَذَكِّرِينَ، قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ "مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُم وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى" وَهذَا مَا قَدَّرَهُ اللهُ لِمَنْ عَلَى الأَرْضِ مِنْ كُلِّ عَزِيزٍ وَذَلِيلٍ، وَمَنْ خُلِقَ مِنَ التُّرابِ وَيُعِيدُ فِيهَا وَيُخْرَجُ مِنْها لا يَنْبَغِي لَهُ بِأَنْ يَسْتَكْبِرَ عَلَى اللهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَيَفْتَخِرَ عَلَيْهِمْ وَيَكُونَ عَلَى غُرُورٍ عَظِيمٍ بَلْ يَنْبَغِي لَكَ وَلأَمْثَالِكَ بِأَنْ تَبْخَعُوا لِمَظَاهِرِ التَّوْحِيدِ وَتَخْفِضُوا جَنَاحَ الذُّلِّ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ افْتَقَرُوا فِي اللهِ وَانْقَطَعُوا عَنْ كُلِّ مَا تَشْتَغِلُ بِهِ أَنْفُسُ العِبَادِ وَيُبْعِدُهُمْ عَنْ صِراطِ اللهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ، وَكَذلِكَ نُلْقِي عَلَيْكُمْ مَا يَنْفَعُكُمْ وَيَنْفَعُ الَّذِينَ هُمْ كَانُوا عَلَى رَبِّهِمْ لَمِنَ المُتَوَكِّلِينَ، أَنْ يَا مَشَايِخَ المَدِينَةِ قَدْ جِئْنَاكُمْ بِالحَقِّ وَكُنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ عَنْ ذلِكَ كَأَنَّكُمْ فِي غَشَواتِ أَنْفُسِكُمْ مَيِّتُونَ، وَمَا حَضَرْتُمْ بَيْنَ يَدَيْنا بَعْدَ الَّذِي كَانَ هذا خَيْرٌ لَكُمْ عَنْ كُلِّ مَا أَنْتُمْ بِهِ تَعْمَلُونَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ شَمْسَ الوِلايَةِ قَدْ أَشْرَقَتْ بِالْحَقِّ وَأَنْتُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ، وَأَنَّ قَمَرَ الهِدَايَةِ قَدِ ارْتَفَعَ فِي قُطْبِ السَّمَاءِ وَأَنْتُمْ عَنْهُ مُحْتَجِبُونَ، وَنَجْمَ العِنَايَةِ قَدْ بَزَغَ عَنْ أُفُقِ القُدْسِ وَأَنْتُمْ عَنْهُ مُبْعَدُونَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ مَشَايِخَكُمُ الَّذِينَ أَنْتُمْ تَنْسِبُونَ أَنْفُسَكُمْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ بِهِمْ تَفْتَخِرُونَ وَتَذْكُرُونَهُمْ بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ ثُمَّ بِآثَارِهِمْ تَهْتَدُونَ لَوْ كَانُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَيَطُوفُنَّ حَوْلِي وَلَنْ يُفَارِقُونِي فِي كُلِّ عَشِيٍّ وَبُكُورٍ، وَأَنْتُمْ مَا تَوَجَّهْتُمْ بِوَجْهِي فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَو غَفَلْتُمْ عَنْ هذا المَظْلُومِ الّذي ابْتُلِيَ بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ بِحَيْثُ يَفْعَلُونَ بِهِ مَا يَشَاؤُونَ وَمَا تَفَحَّصْتُمْ عَنْ حَالِي وَمَا اسْتَفْسَرْتُمْ عَمَّا وَرَدَ عَلَيَّ وَبِذلِكَ مَنَعْتُمْ أَنْفُسَكمْ عَنْ أَرْيَاحِ القُدْسِ وَنَسَمَاتِ الفَضْلِ عَنْ هذا الشَّطْرِ المُنِيرِ المَشْهُودِ، كَأَنَّكُمْ تَمَسَّكْتُمْ بِالظَّاهِرِ وَنَسِيْتُمْ حُكْمَ البَاطِنِ وَتَقُولُونَ بِالقَوْلِ مَا لا تَفْعَلُونَ، وَتُحِبُّونَ الأَسْمَاءَ كَأَنَّكُمْ اعْتَكَفْتُمْ عَلَيْها وَلِذَا تَذْكُرُونَ أَسْمَاءَ مَشَايِخِكُمْ وَلَوْ يَأْتِيكُمْ أَحَدٌ مِثْلُهُمْ أَوْ فَوْقَهُمْ إِذَاً أَنْتُمْ عَنْهُ تَفِرُّونَ، وَجَعَلْتُمْ بِأَسْمَائِهِمْ لأَنْفُسِكُمْ افْتِخَارَاً وَمَنَاصِبَاً ثُمَّ بِهَا تَعِيشُونَ وَتَتَنَعَّمُونَ، وَلَوْ يَأْتِيكُمْ مَشَايِخُكُمْ بِأَجْمَعِهِمْ لا تُخَلُّونَ
أَيْدِيكُمْ عَنْ رِيَاسَاتِكُمْ وَإِلَيْهِمْ لا تُقْبِلُونَ وَلا تَتَوَجَّهُونَ، وَإِنَّا وَجَدْنَاكُمْ كَمَا وَجَدْنَا أَكْثَرَ النَّاسِ عَبَدَةَ الأَسْمَاءِ يَذْكُرُونَهَا فِي أَيَّامِهِمْ وَبِهَا يَشْتَغِلُونَ، وَإِذَا ظَهَرَ مُسَمَّيَاتُها إِذَا هُمْ يُعْرِضُونَ وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ يَنْقَلِبُونَ، كَذلِكَ عَرَفْنَاكُمْ وَأَحْصَيْنَا أَعْمَالَكُمْ وَأَشْهَدْنَا كُلَّمَا أَنْتُمْ اليَوْمَ بِهِ تَعْمَلْونَ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ اللهَ لَنْ يَقْبَلَ اليَوْمَ مِنْكُمْ فِكْرَكُمْ وَلا ذِكْرَكُمْ وَلا تَوَجُّهَكُم وَلا خَتْمَكُمْ وَلا مُرَاقَبَتَكُمْ إِلاّ بِأَنْ تُجَدِّدُوا عِنْدَ هذَا العَبْدِ إِنْ أَنْتُمْ تَشْعُرُونَ، تَاللهِ قَدْ غُرِسَتْ شَجَرَةُ الوِلايَةِ وَفُصِّلَتْ نُقْطَةُ العِلْمِيَّةِ وَظَهَرَتْ وِلايَةُ اللهِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ، اتَّقُوا اللهَ وَلا تَتَبِّعُوا هَواكُمْ وَاتَّبِعُوا حُكْمَ اللهِ فِي أَيَّامِكُمْ وَجَدِّدُوا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ آدَابِ الطَّرِيقِ لِتَهْتَدُوا بأَنْوَارِ الهِدَايَةِ وَتَكُونُنَّ مِنَ الَّذِينَ هُمْ إِلَى مَنَاهِجِ الحَقِّ يُسْرَعُونَ.
أَنْ يَا حُكَمَاءَ المَدِينةِ وَفَلاسِفَةَ الأَرْضِ لا تَغُرَّنّكُمُ الحِكْمَةُ بِاللهِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ، فَاعْلَمُوا بِأَنَّ الحِكْمَةَ هِيَ خَشْيَةُ اللهِ وَعِرْفَانُهُ وَعِرْفَانُ مَظَاهِرِ نَفْسِهِ وَهذِهِ لَحِكْمَةٌ الَّتِي لَنْ يَنَالَهَا إِلاّ اَلَّذِينَ هُمْ انْقَطَعُوا عَنِ الدُّنْيَا وَكَانُوا فِي رِضَى اللهِ هُمْ يَسْلُكُونَ، أَأَنْتُمْ أَعْظَمُ حِكْمَةً أَمِ الَّذِي صَنَعَ القَمَرَ وَكَانَ أَنْ يَطْلُعُ مِنْ بِئرٍ وَيَغْرُبُ فِي جُبٍّ أُخْرَى وَيَسْتَضِيءُ مِنْهُ ثَلثَةُ فَرَاسِخَ مِنَ الأَرْضِ وَمَحَى اللهُ آثَارَهُ وَرجَّعَهُ إِلَى التُّرَابِ وَأَنْتُمْ سَمِعْتُمْ نَبَأَهُ أَوْحِينَئِذٍ تَسْمَعُونَ، وَكَمْ مِنْ حُكَمَاءَ كَانوُا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَمِثْلَكُمْ أَوْ فَوْقَكُمْ وَمِنْهُمْ آمَنُوا وَمِنْهُمْ أَعْرَضُوا وَأَشْرَكُوا وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا هُمْ فِي النَّارِ كَانُوا أَنْ يَدْخُلُونَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا هُمْ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ كَانُوا أَنْ يَرْجِعُونَ، إِنَّ اللهَ لا يَسْئَلُكُمْ عَنْ صَنَائِعِكُمْ بَلْ عَنْ إِيمَانِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ تُسْئَلُونَ، أَأَنْتُمْ أَعْظَمُ حِكْمَةً أَمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ السَّمَواتِ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا؟ سُبْحَانَ اللهِ مَا مِنْ حَكِيمٍ إِلاّ هُوَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ يُعْطِي الحِكْمَةَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَيَمْنَعُ الحِكْمَةَ عَمَّنْ يَشَاءُ مِنْ بَرِيَّتِهِ وَإِنَّهُ لَهُوَ المُعْطِي المَانِعُ الكَرِيمُ الحَكِيمُ، وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الحُكَمَاءِ مَا حَضَرْتُمْ عِنْدَنَا لِتَسْمَعُوا نَغَمَاتِ الرُّوحِ وَتَعْرِفُوا مَا أَعْطَانِي اللهُ بِفَضْلِهِ وَإِنَّ هذَا فَاتَ
عَنْكُمِ إِنْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَلَوْ حَضَرْتُمْ بَيْنَ يَدَيْنَا لَعَلَّمْنَاكُمْ مِنْ حِكْمَةٍ الَّتِي تَغْنَوْنَ بِهَا عَنْ دُونِهَا وَمَا حَضَرْتُمْ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَنُهِيتُ عَنْ إِظْهَارِهَا مِنْ بَعْدُ لِمَا نَسَبُونَا بِالسِّحْرِ إِنْ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَكَذلِكَ قَالُوا مِنْ قَبْلُ وَقَضَى نَحْبَهُمْ وَهُمْ حِينَئِذٍ فِي النَّارِ يَصْرُخُونَ، وَيَقْضِي نَحْبَ هؤُلاءِ وَهذَا حَتْمٌ مِنْ لَدُنْ عَزِيزٍ قَيُّومٍ، أُوصِيكُمْ فِي آخِرِ القَوْلِ بِأَنْ لا تَتَجَاوَزُوا عَنْ حُدُودِ اللهِ وَلا تَلْتَفِتُوا إِلَى قَواعِدِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ لأَنَّهَا لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِيكُمْ بَلْ بِسُنَنِ اللهِ أَنْتُمْ فَانْظُرُونَ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَتَّخِذْ هذَا النُّصْحَ لِنَفْسِهِ سَبِيلاً إِلَى اللهِ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى هَواهُ، إِنَّ رَبِّي لَغَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَعَنْ كُلِّ مَا هُمْ يَقُولُونَ أَو يَعْمَلُونَ، وَأَخْتِمُ القَوْلَ بِمَا قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ "لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنَاً" وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا مَلأَ المُسْلِمِينَ وَالحَمْدُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
صفحة خاليةتناول حضرة وليّ أمر الله شوقي ربّاني البحث بالتّفصيل حول ما جمع هذا الكتاب بين دفّتيه من الألواح والخطابات، وذلك في رسالة موجّهة إلى البهائيّين في ربوع الغرب(1)، ثمّ عاد وأجمل من النّاحية التّاريخيّة ذلك البحث المطوّل في كتابه القيّم "GOD PASSES BY" الّذي صدر من يراعته بمناسبة بداية القرن الثّاني من ظهور الأمر البهائيّ جامعاً فيه الوقائع المهمّة التّاريخيّة لهذا الأمر منذ إعلان حضرة الباب عن دعوته (23 أيّار 1844) حتّى نهاية القرن البهائيّ الأوّل.
وفي مستهلّ بحثه المستوفى عن ألواح الملوك والرّؤساء يقول حضرة وليّ أمر الله في رسالته إلى البهائيّين في الغرب ما تعريبه:
"لا ينبغي أن ننسى أنّ ملوك الأرض وأقطاب أديان العالم هم الّذين اتّخذهم حضرة الباب وحضرة بهاء الله فوق كلّ طوائف النّاس – أهدافاً مباشرة للرّسالة الّتي أعلناها، وكانوا هم الّذين خاطباهم خاصّة في ألواح عديدة تاريخيّة، ودعواهم للاستجابة لنداء الله، وإليهم اتّجهت مناشدات مظهرَيْهِ المضطهدَيْنِ ولومهما وإنذارهما في لهجة واضحة ملزمة. وكانوا هم الّذين يتمتّعون دون منازع بسلطان زمنيّ ودينيّ مطلق على رعاياهم وأتباعهم حين ولد هذا الدّين ثمّ حين أعلنت رسالته فيما بعد، وكانوا هم الّذين يتحمّلون المسؤوليّة العليا عن المظالم الّتي يرتكبها أتباعهم ممّن كان بيدهم توجيه مصائرهم – سواء أكانوا يرفلون في زخرف الملكيّة الّتي قلّما حدّت من طغيانها في تلك الأيّام حدود دستوريّة، أم كانوا متمكّنين من معاقل سلطة دينيّة كان يبدو أنّها لا تقاوم أو تقهر. ولن يكون من الإسراف والمبالغة في شيء إذا قلنا أنّ الاستبداد من ناحية، والخضوع التّامّ للنّظم الدّينيّة من ناحية أخرى كانا من أخصّ خصائص حياة الشّعوب السّياسيّة والدّينيّة في معظم أقطار أوروبا وآسيا، فسلبت هذه الشّعوب الذّليلة المقيّدة تلك الحرّيّة الضّروريّة الّتي بها تتمكّن من تقديم مطالب الرّسالة الّتي جاءت لهم وميّزاتها
أو تتمكّن من اعتناقها بلا تحفّظ، فلا عجب أن وجّه مؤسّس الدّين البهائيّ ومن قبله مبشّره إلى حدّ أقلّ، إلى حكّام الأرض وأقطابها الدّينيّين كلّ قوّة رسالتيهما، وجعلاهم أهدافاً لبعض من أسمى ألواحهما ودعواهم في لهجة واضحة ملحّة إلى أن يعيروا دعوتهما أسماعهم. ولا عجب أن كلّفا نفسيهما عناء الكشف عن حقائق ظهورَيْهما المتعاقِبَيْنِ أمام أعينهم وعناء تفصيل القول في متاعبهما وآلامهما. فلا عجب أنّ فيها على نفاسة الفرص السّوانح الّتي كان في مقدور هؤلاء الحكّام وأولئك الزّعماء اقتناصها، وعناء تحذيرهم وإنذارهم بجسامة التّبعات الّتي تقع على كواهلهم من جرّاء الإعراض عن رسالة الله، ثمّ كلّفا نفسيهما حين أغفلوهما وأعرضوا عنهما – عناء التنبّؤ بالنّتائج الوخيمة الّتي يتمخّض عنها مثل هذا الإغفال والإعراض. ولا عجب أن نرى ملك الملوك وخليفة الله نفسه ينطق بهذه النّبوءة العظيمة الجامعة حين نبذوه واحتقروا شأنه واضطهدوه قال: "رفعت العزّة عن طائفتين الأمراء والعلماء".
أمّا الملوك والأباطرة الّذين لم يرمزوا بذواتهم إلى جلال السّلطان الأرضيّ فحسب بل وتمتّع معظمهم فعلاً بسلطان لا يقبل التّحدّي ولا المناقشة على جموع شعوبهم فإنّ صلتهم بدين بهاء الله تكوّن قصّة من ألمع القصص في تاريخ عصر البطولة المجيد والعصر التّكويني للدّين. فتلك النّداءات الإلهيّة الّتي اتّسع نطاقها بأن شملت هذا العدد الضّخم من الرّؤوس المتوّجة في كلّ من أوروبّا وآسيا، وتلك الخطّة وهذه اللّغة الّتي كتبت بها الرّسالات والّتي جعلتهم يتّصلون اتّصالاً مباشراً بمنبع الوحي الإلهيّ وطبيعة استجابتهم لمثل هذا الوقع الجبّار، والنّتائج الّتي تلت – والّتي لا يزال في الإمكان مشاهدتها إلى يومنا هذا – هي أبرز ملامح موضوع لا أستطيع أن أقربه إلا قرباً غير كاف: موضوع سوف يعالجه المؤرّخون البهائيّون في المستقبل معالجة كاملة لائقة."
وأمّا في كتاب "GOD PASSES BY" عندما يسرد الوقائع التّاريخيّة الّتي حدثت إبّان وجود حضرة بهاء الله في أدرنه، يقول حضرة وليّ أمر الله ما ترجمته:
"بالرّغم من أنّ حضرة بهاء الله أمضه الحزن وأضناه، وحَنى ظهره الألم والكمد، وظلّ يعاني من آثار محاولة اغتياله، وبالرّغم من أنّه كان على علم باحتمال حدوث نفي آخر في القريب العاجل(2) إلاّ أنّه نهض بقوّة لا مثيل لها – وحتّى قبل أن تنتهي الأزمة – ليعلن كلَّ من جمعوا في قبضتهم زمام السّلطة في الشّرق والغرب بالرّسالة الّتي وكّلت إليه دون أن تعوّقه الضّربة الّتي تلقّاها أمره ولا الأخطار الّتي أحدقت به من كلّ جانب. وبهذا الإعلان قدّر لشمس ظهوره أن تتألّق في دارة المجد وقدّر لدينه أن يظهر جلال قوّته الإلهيّة..."
"وفي عنفوان الأزمة العصيبة – بل وقبل أن تبلغ ذروتها – انهمرت من قلم حضرة بهاء الله ألواح لا حصر لها فصَّل فيها مكنونات دعاويه الجديدة ومضامينها تفصيلاً كاملاً... منها سورة الملوك وهي أهمّ لوح خاطب فيه حضرة بهاء الله جماعة الملوك في الشّرق والغرب للمرّة الأولى كما خاطب فيه سلطان تركيّا ووزراءه وملوك العالم المسيحيّ والسّفير الفرنسيّ والسّفير الإيرانيّ لدى الباب العالي ورجال الدّين الإسلامي في الآستانة وحكماءها وسكّانها وأهل إيران وفلاسفة العالم كلاً على حدة... ومنها اللّوح الأوّل لنابليون الثّالث إمبراطور الفرنسيّين يختبر فيه مدى إخلاصه في اعترافاته، ومنها لوح السّلطان وهو خطابه المفصّل لناصر الدّين شاه الّذي يبسط فيه أهداف دينه وأغراضه ومبادئه، ويدلّل على صدق دعواه وصحّة رسالته، ومنها سورة الرّئيس... وكلّ هذه كتابات لا تعتبر أبرز الألواح العديدة النّازلة في أدرنة فحسب بل إنّها لتحتلّ مكانة عليا بين كتابات صاحب الظّهور البهائي..." (3)
وجاء أيضاً في الفصل الثّاني عشر من ذلك الكتاب القيّم البيانات التّالية:
"وإذا استعرضنا الميدان الفسيح الّذي انسحبت عليه كتابات حضرة بهاء الله أثناء تلك الفترة(4) اتّضح لنا أنّها تنقسم إلى ثلاث مجموعات متميّزة، تشمل أولاها الكتابات الّتي تعتبر نتائج إعلان رسالته في أدرنه وتتضمّن ثانيتها شرائع دورته وأحكامها الّتي سجّل معظمها في كتابه الأقدس،
أمّا ثالثتها فتندرج تحتها الألواح الّتي تعلن وتؤكّد العقائد الأساسيّة والمبادئ الجوهريّة الّتي تقوم عليها تلك الدّورة.
"كان إعلان رسالته موجّهاً – كما لاحظنا من قبل – إلى ملوك الأرض بصفة خاصّة، ذلك لأنّهم – بحكم ما لهم من قوّة وسلطان تقع على كاهلهم مسؤوليّة التّحكّم في مصائر شعوبهم – وهي مسؤوليّة فريدة لا مفرّ لهم منها. إلى هؤلاء الملوك وإلى رجال الدّين في الأرض – أولئك الّذين لا يقلّ تأثيرهم على جموع أتباعهم قوّة ونفاذاً – وجّه سجين عكّاء دعواته وإنذاراته ومناشداته في غضون السّنوات الأولى من حبسه في تلك المدينة، وقد أكّد ذلك فقال:
"إنّا لمّا وردنا السّجن أردنا أن نبلّغ إلى الملوك رسالات ربّهم العزيز الحميد، ولو أنّا بلّغنا أمرنا به في ألواح شتّى هذه مرّة أخرى فضلاً من الله." (5)
* * *نشرت نسخ من هذه الألواح المباركة مخطوطة ضمن مجموعات متعدّدة وبقلم نسَّاخ بهائيّين منذ صدورها من يراعة حضرة بهاء الله، ثمّ نشرت منها مطبوعة ما أورد من الصّفحة 8 حتّى الصّفحة 72 لأوّل مرّة وذلك في عام 1308 هجريّة (1891م) في الهند كما أنّ المقتطفات الواردة من الصّفحة 89 حتّى الصّفحة 104 والّتي نقلت من الكتاب الأقدس طبعت أيضاً لأوّل مرّة في عام 1308 هجريّة، وأمّا لوح عالي باشا الفارسيّ المدرج في الصّفحة 73 حتّى الصّفحة 87 طبع لأوّل مرّة عام 1310 هجريّة بخطّ الخطّاط المشهور جناب مشكين قلم عليه رضوان الله وبهاؤه ضمن مجموعة من الألواح المباركة باسم "اقتدرات".
ولعلّ أوّل من نشر سورة الملوك مطبوعة هو المستشرق الرّوسيّ بارون فيكتور روزين، وذلك ضمن مجموعة من الألواح المباركة تحت عنوان "المجموع الأوّل من رسائل الشّيخ البابيّ بهاء الله" وذلك في عام 1908 بمدينة بطرسبورغ.
ثمّ طبعت طبعات أخرى من كلّ لوح لسنا بصدد ذكرها في هذا المقال ولكن هذه المجموعة بهذه الصّورة طبعت لأوّل مرّة في عام 124 بديع الموافق لسنة 1967 بواسطة دار النّشر البهائيّة في طهران والآن يعاد طبعها ثانية إلا أنّ اللّوح الموجّه إلى البابا المنشور في تلك المجموعة لم يدرج في هذه الطّبعة وترك نشره لمجموعة أخرى خاصّة للألواح الّتي وجّهها حضرة بهاء الله إلى رؤساء الدّين.
وممّا تتميّز به هذه الطّبعة عن الأولى هو وضع التّرجمة العربيّة للقسم الفارسي من لوح ناصر الدّين شاه واللّوح الثّاني الموجّه إلى عالي باشا، وقد نقلت التّرجمة العربية للقسم الفارسي من لوح ناصر الدّين شاه من كتاب "مقالة سائح" طبع بيروت – مطبعة البيان عام (1967)، غير أنّ التّرجمة قورنت بالنّصّ ثانية قبل طبعها بواسطة لجنة مختصّة. وأمّا ترجمة لوح عالي باشا فقد تمّت مؤخّراً بواسطة اللّجنة ذاتها.
وفي نقل النّصوص المباركة طيّ هذه المجموعة اعتمدت النّسخة الّتي خطّها الكاتب المرموق المؤتمَن جناب زين المقرّبين عليه رضوان الله وبهاؤه وذلك من الصّفحة 7 حتّى الصّفحة 72 ولقد ذيَّل النّاسخ الشّهير بخطّ يده في نهاية المجموعة ما يلي:
فرغ من كتابته كاتبه المسكين حرف الزّآء في يوم العدال يوم العظمة من شهر الكمال من سنة الواحد من الواحد الثّاني من ظهور نقطة البيان روح ما سواه فداه مطابقاً للثّامن من شهر رمضان من شهور سنة 1298 ثمان وتسعين ومائتين بعد الألف من الهجرة النّبويّة على مهاجرها ألف سلام وتحيّة وهذه هي النّسخة الحادية والعشر الّتي وفّقني الله لكتابتها بهذا التّرتيب والحمد لله حمداً يليق لجمال قدسه وينبغي لجلال كرمه بدوام نفسه المهيمنة على العالمين وكنت ذلك الحين في الحدباء وأسأله تعالى بأن يوفّقني لما يحبّ ويرضى ولا يدعني بنفسي طرفة عين أبداً.
وأمّا النّصوص المنقولة من الكتاب الأقدس نقلت من الطّبعة الأولى الّتي تمّت في الهند عام 1308 هجريّة ولوح عالي باشا الفارسيّ نقل من مجموعة "اقتدرات" الّتي سبق ذكرها آنفاً.
وأمّا في طبع سورة الملوك فقد اعتمدت النّسخة الّتي نشرها المحفل الرّوحاني المركزي في باكستان عام 1963 والنّسخة الّتي نشرتها دار النّشر البهائيّة في طهران عام 1967.
________________(1) صدرت هذه الرّسالة من قلم حضرة شوقي أفندي وليّ أمر الله بتاريخ 28 آذار 1941 باللّغة الإنجليزيّة ونشرت تحت عنوان: THE PROMISED DAY IS COME
والمقتطف الوارد في هذا التّعريف مقتبس من الصّفحة 18-19 من طبعة عام 1967 دار النّشر البهائيّة في الولايات المتّحدة. نقل هذه الرّسالة إلى العربيّة الدّكتور السّيّد محمّد العزّاوي عليه رضوان الله والتّرجمة لم تنشر حتّى تاريخ نشر هذا الكتاب.
(2) وهو نفي حضرة بهاء الله من أدرنه إلى قلعة عكّا عام 1868.
(3) التّرجمة العربيّة ﻟGOD PASSES BY والمقتطفات الموجودة في الصّفحة 170-172 من النّصّ الإنجليزي طبعة عام 1974 بواسطة دار النّشر البهائيّة في الولايات المتّحدة.
نقل هذا الكتاب إلى العربيّة الدّكتور السّيّد محمّد العزّاوي عليه رضوان الله والتّرجمة لم تنشر حتّى تاريخ طبع هذا الكتاب.
(4) يعني فترة سجن حضرة بهاء الله في عكّا.ناصر الدّين شاه هو ابن محمّد شاه القاجاري، ولد في عام 1245 هجريّة وجلس على عرش إيران في عام 1264 هجريّة (1848م) وذلك بعد وفاة والده مباشرة، وكان جلوسه مقارناً وقائع قلعة الشّيخ طبرسي بمازندران حيث أدّت إلى استشهاد أصحاب حضرة الباب بمن فيهم جناب الميرزا محمّد علي الملقّب ﺑ"القدّوس" وجناب الملاّ حسين بشروئي الملقّب ﺑ"باب الباب" كما وقعت حوادث مؤلمة ومجازر متعدّدة إبّان حكم هذا الحاكم أهمّها استشهاد حضرة الباب ومجزرة طهران وحوادث نيريز وزنجان.
صدر اللّوح المبارك باسمه في أدرنه قبيل نفي حضرة بهاء الله إلى قلعة عكّا في عام 1868م، ثمّ أرسل اللّوح إلى الشّاه بعدما دخل حضرة بهاءالله سجن عكّا "السّجن الأعظم" وذلك بواسطة الميرزا بزرك الملقّب ﺑ"بديع" وهو ابن الميرزا عبد المجيد النّيشابوري الّذي كان من بين الّذين اشتركوا في حوادث الطّبرسي بقيادة جناب الملاّ حسين بشروئي ثمّ نجا من الموت وأدرك محضر حضرة بهاء الله وتشرّف بلقائه في سجن عكّاء.
جاء في كتاب "من مفاوضات عبد البهاء" البيان المبارك التّالي:
"أرسل حضرة بهاء الله توقيعاً لجلالة ناصر الدّين شاه، وفي هذا التّوقيع يتفضّل حضرته بقوله أحضرني وأحضر جميع العلماء واطلب الحجّة والبرهان حتّى يتبيّن الحقّ من الباطل، فأرسل جلالة ناصر الدّين شاه التّوقيع المبارك إلى العلماء وكلّفهم أن يبدوا رأيهم فيما عرض عليهم، غير أنّهم لم يجرءوا على ذلك فطلب من سبعة أشخاص من مشاهير العلماء أن يجيبوا على هذا التّوقيع، ولكن بعد مدّة أعادوا التّوقيع المبارك قائلين إنّ هذا الشّخص معارض للدّين وعدوّ للشّاه، فغضب جلالته من ردّهم وقال إنّ هذه المسألة مسألة الحجّة
والبرهان وقضيّة الحقّ والباطل، فما علاقتها بالعداء للحكومة؟ فيا للأسف كم نحن راعينا هؤلاء العلماء واحترمناهم وهم عاجزون عن جواب هذا الخطاب."(1)
ويصرّح جناب أبو الفضائل في كتاب "الحجج البهيّة" بما يلي:
"وقد بعث الكتاب الكريم إلى حضرة الملك بيد رسوله الشّاب البديع الذّي أدهش العالمين بقوّة إيمانه وعظيم إيقانه وجميل صبره واصطباره وعجيب سكونه وقراره وتحمّل الموت المريع ببشاشته ووقاره، فإن الأعوان القساة المردة الطّغاة كووا أعضاءه ثلاثة أيّام متوالية بالحديد المحمّر بالنّار حتّى انتثرت لحومه من عظامه وانفصل كلّ عضو من مقامه وهو لم يظهر أدنى تأوّه وتململ ولم يبدِ أقلّ انزعاج وتذلّل حتّى فاضت نفسه الطّيّبة وانتهت حياته المعجبة، فصعد إلى الرّفيق الأعلى والمنظر الأبهى بوجه مشرق بهيّ ضاحك مستبشر تتلألأ أنواره كالشّمس في رائعة الضّحى."(2)
اغتيل ناصر الدّين شاه على يد الميرزا رضا الكرماني أحد أتباع السّيّد جمال الدّين الأفغاني داعية توحيد المسلمين عندما كان يستعدّ لإقامة احتفال بمناسبة مرور خمسين عاماً على حكمه وذلك في عام 1313 هجريّة (1896م) ودفن في مزار حضرة عبد العظيم بالقرب من مدينة طهران العاصمة.
نابوليون الثّالثهو ابن شقيق نابوليون الأوّل بونابارت إمبراطور فرنسا الكبير. ولد جاركس الذي أخذ فيما بعد اسم نابوليون الثّالث في باريس عام 1808م وجلس على العرش عام 1853م ونصب نفسه إمبراطوراً على شعب فرنسا وأهمّ حوادث أيّام حكمه النّكسة الّتي أصيبت بها فرنسا إثر انهزامه أمام جيش بيسمارك في عام 1870م ثم أسره. توفّي نابوليون الثّالث في عام 1873م.
وجاء في كتاب "من مفاوضات عبد البهاء" البيان المبارك التّالي:
"حرّر حضرة بهاء الله خطاباً إلى نابوليون بمجرّد وروده السّجن وأرسل بواسطة سفير فرنسا ومضمونه أن تسأل عن جرمنا الّذي صار سبباً لهذا الحبس، فلم يجب نابوليون وبعده صدر توقيع ثانٍ وذلك التّوقيع مندرج في سورة الهيكل ومختصر الخطاب هو يا نابوليون حيث إنّك لم تجب ولم تصغِ للنّداء فعمّا قريب تذهب سلطنتك أدراج الرّياح ويحلّ بك الخراب، وأرسل ذلك التّوقيع بالبريد بواسطة قيصر كتفاكو وباطّلاع جميع المهاجرين، أرسلت صورة هذا الخطاب إلى جميع أطراف إيران لأنّ كتاب الهيكل كان قد نشر في جميع أنحاء إيران في تلك الأيّام، وهذا الخطاب من جملة ما درج في كتاب الهيكل، وكان ذلك سنة 1869 ميلاديّة ولمّا انتشرت سورة الهيكل في جميع جهات إيران والهند وقع في أيدي جميع الأحباب والكلّ كان ينتظر نتائج هذا الخطاب ولم يمضِ زمن طويل حتّى جاءت سنة 1870 ميلاديّة واشتعلت نار الحرب بين ألمانيا وفرنسا ومع أنّه لم تخطر ببال أحد غلبة الألمان أبداً فقد غُلب نابوليون وهُزم شرّ هزيمة ووقع أسيراً في يد الأعداء وتبدّلت عزّته بالذّلّة الكبرى.(3)
قيصر روسيا ألكساندر الثّانينقولاويج ألكساندر الثّاني الّذي خاطبه حضرة بهاء الله هو الابن الأرشد لنقولا الأوّل. ولد عام 1818م وكان يحكم على البلاد حكماً استبداديّاً، غير أنّه كان مهتمّاً بإصلاح الأمور الاجتماعيّة وكانت جمعيّة الأحرار والمثقّفين ساخطة على حكم هذه الأسرة الّتي طال أمد حكمها منذ أكثر من قرنين، بذلت محاولات عدّة لاغتياله وأخيراً قتل بانفجار قنبلة ألقيت على قدميه في مدينة سان بطرسبورغ وذلك في عام 1881م.
الملكة فكتورياولدت هذه الملكة عام 1819م وجلست على عرش الإمبراطوريّة البريطانيّة عام 1837م وحين أصبحت شبه القارّة الهنديّة بكاملها تحت حكمها لقّبت "إمبراطوريّة أنكلترا والهند" ومن خصائص عهدها إلغاء الرّقّ ومنع بيع العبيد في أنحاء مملكتها الأمر الّذي أخذ يجري في بلاد أخرى أسوة بحكومتها.
حكمت هذه الملكة بريطانيا العظمى مدّة أربعة وستّين عاماً وتوفّيت عام 1901م ونُقل عنها بأنّها بعد تسلّمها اللّوح المبارك قالت إنّه إذا كان هذا الأمر من جانب الله فسوف يبقى وإلاّ فلن يكون له أيّ ضرر.
ويلهلم الأوّلويلهلم الأوّل هو الملك البروسيّ الّذي توفّق بمساعدة رئيس وزرائه بسمارك إلى توحيد الدّويلات الألمانيّة الّتي كانت مستقلّة عن بعضها وكان لكلّ منها ملك. وعندما غلب نابوليون الثّالث عام 1870م توّج ويلهلم الأوّل في قصر فرساي من قبل جميع الملوك والأمراء الألمان تتويجاً رسميّاً اعتبروه إمبراطوراً لألمانيا. ساد حكمه وسلطانه جميع أنحاء المملكة، واستمرّ في الحكم حتّى عام 1888م ومات في سنّ الحادية والتّسعين. خاطب حضرة بهاء الله في كتاب الأقدس هذا الملك وثمّ في نفس الكتاب خاطب "نهر الرّين" وتفضّل قائلاً:
"يا شواطي نهر الرّين قد رأيناك مغطّاة بالدّماء بما سلّ عليك سيوف القضاء ولك مرّة أخرى ونسمع حنين البرلين ولو أنّها اليوم على عزّ مبين."
فرانسوا جوزيفإنّ ملك النّمسا الّذي خاطبه حضرة بهاء الله في الكتاب الأقدس هو فرانسوا جوزيف الّذي حكم النّمسا والمجر منذ عام 1848م حتى عام 1916م
والّذي فيه تقوّض أساس سلطنة هذه السّلالة، وكان فرانسوا جوزيف قد واجه تتابع الحوادث المؤلمة إبّان حكمه فابنه انتحر في عام 1889م عندما كان يتجوّل في غابات مايرلينك مع خطيبته فأصابته نوبة جنونيّة ثمّ ما لبث أن شهر مسدّسه وقتل أوّلاً خطيبته ثمّ قتل نفسه. وأمّا زوجته الملكة فقد سئمت قيود البلاط حيث لم تكن على وفاق مع الإمبراطور وكانت كثيرة الأسفار وأخيراً بينما كانت في مدينة جنيف عام 1898م تعبر جسر مون بلان مع أحد مرافقيها هاجمها أحد الفوضويّين المسمّى ﺑ(لوكجني) وقتلها بطعنة من خنجره. وابنه الآخر الّذي عيّن وليّاً للعهد قتل برصاص أحد الطّلاب الصّرب فأدّت الحادثة إلى اندلاع الحرب العالميّة الأولى عام 1914م.
السّلطان عبد العزيزخاطب حضرة بهاء الله هذا السّلطان في سورة الملوك وكذلك خاطبه بواسطة وزيره يوم كان منفيّاً في إسطنبول إثر إبلاغه فرمان النّفي إلى أدرنة. وُلد السّلطان عبد العزيز عام 1830م وجلس على عرش السّلطنة العثمانيّة عام 1861م ولم يلبث في هذه الدّنيا بعد خلعه إلاّ أربعة أيّام ثمّ مات في ظروف غامضة في قصر ﭼراغان بمدينة إسطنبول.
وفي الكتاب الأقدس الّذي صدر من يراعة حضرة بهاء الله بعد دخوله سجن عكّا يخاطب القلم الأعلى مدينة إسطنبول قائلاً:
"يا معشر الرّوم نسمع بينكم صوت البوم ءأخذكم سكر الهوى أم كنتم من الغافلين، يا أيّتها النّقطة الواقعة في شاطي البحرين قد استقرّ عليك كرسيّ الظّلم واشتعلت فيك نار البغضآء على شأن ناح بها الملأ الأعلى والّذين يطوفون حول كرسيّ رفيع، نرى فيك الجاهل يحكم على العاقل والظّلام يفتخر على النّور وإنّك في غرور مبين، أغرّتك زينتك الظّاهرة سوف تفنى وربّ البريّة وتنوح البنات والأرامل وما فيك من القبآئل كذلك ينبّئك العليم الخبير."
عالي باشاولد محمّد أمين الملقّب بعالي باشا في عام 1815م بمدينة إسطنبول، وتدرّج في الوظائف الحكوميّة منذ عهد شبابه نظراً لثقافته وإلمامه باللّغة الفرنسيّة حتّى وصل إلى مقام الوزير الأوّل.
كانت له ولمساعده فؤاد باشا وزير الخارجيّة يد في نفي حضرة بهاء الله من أدرنة إلى عكّا ولقد تنبَّأ حضرة بهاء الله بعزل عالي باشا في لوح صدر من يراعته باسم جناب الشّيخ كاظم سمندر(4)، ولم تمضِ فترة طويلة على صدور اللّوح المبارك حتّى عزل عالي باشا من منصبه ثمّ مات في عام 1871م أي بعد ثلاث سنوات من نفي حضرة بهاء الله إلى عكّاء.
أمّا مساعده فؤاد باشا فقد توفّي بمدينة باريس قبله بسنتين إثر مرض عضال وقد ذكر حضرة بهاء الله بالتّفصيل عن فؤاد باشا في اللّوح المبارك الصّادر باسم جناب سمندر.
ثبت بالمصادر:إنّ النّبذة الواردة في الصّفحات السّابقة مقتبسة من:
1- "خطابات القلم الأعلى" تأليف الأستاذ محمّد علي فيضي تعريب الأستاذ عزيز صبور والتّرجمة لم تنشر حتّى تاريخه.
2- "الواح نازله خطاب بملوك ورؤساء ارض" طبع عام 124 بديع (1967م).
3- THE ENCYCLOPAEDIA OF ISLAM E.J. BRIEL, LEIDEN, NETHERLANDS, 1971.
__________________(1) الصّفحة 36 من كتاب "من مفاوضات عبد البهاء"، طبع عام 1980، دار النّشر البهائيّة في بلجيكا.
(2) الصّفحة 226 من كتاب "مختارات من مؤلّفات أبو الفضائل" طبع عام 1980، دار النّشر البهائيّة في بلجيكا.
(3) الصّفحة 36 من كتاب "من مفاوضات عبد البهاء"، طبع عام 1980، دار النّشر البهائيّة في بلجيكا.
(4) راجع "آثار قلم اعلى" الجزء الأوّل الصّفحة 176 طبع عام 120 بديع دار النّشر البهائيّة في طهران.
مسرد الأعلام والأمكنةأدرنة 14، 37، 66، 69، 75، 76، 134، 135، 138، 139، 144
أرض السّرّ: راجع أدرنةبهاء الله (حضرة) 134، 135، 136، 137، 138، 139، 141، 142، 144
بيسمارك 140، 142عيسى عليه السّلام 10، 32، 33، 42، 44، 46، 53، 103، 110
ف* راجع كتاب "أسرار الآثار" الجزء الرّابع الصّفحة 386
كالمدينة (إسطنبول) 17، 115، 120، 124، 129، 130، 143
مرتضى (الشّيخ) 26الصفحة اللّوح المبارك الموجّه إلى ناصر الدّين شاه 7 اللّوح المبارك الموجّه إلى نابوليون الثّالث 43 اللّوح المبارك الموجّه إلى نقولا الثّاني 53 اللّوح المبارك الموجّه إلى الملكة فكتوريا 59 اللّوح المبارك الموجّه إلى عالي باشا باللّغة العربيّة 65 اللّوح المبارك الموجّه إلى عالي باشا باللّغة الفارسيّة 73 ما خوطب به ويلهلم الأوّل (مقتطف من الكتاب الأقدس) 91 ما خوطب به فرانسوا جوزيف (مقتطف من الكتاب الأقدس) 95 ما خوطب به ملوك أمريقا ورؤساء الجمهور فيها (مقتطف من الكتاب الأقدس) 99 ما خوطب به معشر الملوك (مقتطف من الكتاب الأقدس) 103 سورة الملوك 107 تعريف 133 نبذة عن سيرة من خاطبهم القلم الأعلى 139 مسرد الأعلام والأمكنة 145
1